دعا "المؤتمر السوري للتغيير" المنعقد في مدينة انطاليا التركية في بيانه الختامي مساء امس، الرئيس السوري بشار الاسد الى "الاستقالة الفورية" والى "تسليم السلطة الى نائبه"، مؤكدا عزمه على العمل على "اسقاط النظام". لكن قوى الامن واصلت قمع الاحتجاجات وقتل 15 مدنيا بالرصاص في محافظة حمص عشية فصل جديد من تظاهرات الجمعة.

جاء في البيان الختامي الذي تلي في ختام اعمال المؤتمر ان المجتمعين "يلتزمون رحيل بشار الاسد واسقاط النظام ودعم الحرية ويدعونه الى الاستقالة الفورية من جميع مناصبه وتسليم السلطة حسب الاجراءات المرعية الى نائبه".

ولم يتطرق البيان الى مرسوم العفو الذي اصدره الرئيس السوري مساء الثلثاء وشمل سجناء سياسيين. ودعا "الى انتخاب مجلس انتقالي يضع دستورا ثم تتم الدعوة الى انتخابات برلمانية ورئاسية خلال فترة لا تتجاوز العام ابتداء من استقالة الرئيس". واكد "الاستمرار في دعم ثورة شعبنا حتى تحقيق اهدافها، مصرين على اركانها الوطنية الحفاظ على وحدة التراب الوطني ورفض التدخل الاجنبي مشددين على ان الثورة لا تستهدف اي فئة معينة". ولفت الى ان "الشعب السوري يتكون من قوميات عدة عربية وكردية وكلدو اشورية وشركس وارمن، ويؤكد المؤتمر تثبيت الحقوق المشروعة والمتساوية لكل المكونات في دستور سوريا الجديدة"، داعيا "الى الدولة المدنية القائمة على ركائز النظام البرلماني التعددي" ومتجنبا بذلك الدخول في الجدل حول العلمانية او فصل الدين عن الدولة. وتعهد ان "سوريا المستقبل ستحترم حقوق الانسان وستكون دولة مدنية تقوم على مبدأ فصل السلطات وتعتمد الديموقراطية والاحتكام الى صناديق الاقتراع". وناشد "الشعوب العربية وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي تحمل مسؤولياتهم القانونية والاخلاقية لوقف انتهاكات حقوق الانسان".
وانتخب المؤتمر "هيئة استشارية مهمتها اختيار هيئة تنفيذية تقوم بوضع خطة عملية لحشد الدعم للداخل".
وقبيل تلاوة البيان، تنافست قائمتان فازت بنهاية الانتخابات قائمة تضم ممثلين لكل شرائح المشاركين باكثرية 80 في المئة مقابل 20 في المئة لقائمة "مستقلين" اي 203 اصوات في مقابل 50 صوتا.

واوضح القيمون على اللائحة الاولى التي فازت انها تضم اربعة اشخاص من "الاخوان المسلمين" واربعة من "اعلان دمشق" واربعة من الاكراد واربعة من العشائر، في حين خصصت بقية المراكز الـ15 للشبان الذين اكدوا في مداخلاتهم في المؤتمر انهم لا ينتمون الى اي حزب او تنظيم.
وكانت الجلسة الصباحية للمؤتمر شهدت جدلا حول تضمين او عدم تضمين البيان الختامي دعوة الى فصل الدين عن الدولة، وانتهى الامر الى صيغة توفيقية وردت في البيان الختامي دعت الى "الدولة المدنية القائمة على ركائز النظام البرلماني التعددي".
وعقد مشاركون في المؤتمر ينتمون الى التيار العلماني مؤتمرا صحافيا على هامش المؤتمر اعلنوا خلاله ولادة "ائتلاف القوى العلمانية السورية" الذي يصر على تضمين الدستور السوري الجديد اشارة الى فصل الدين عن الدولة.

وتكلم الطبيب السوري المقيم في الولايات المتحدة هاشم سلطان باسم هذا الائتلاف. واوضح ان "الائتلاف يضم ثمانية احزاب عربية وكردية علمانية واتفقنا على اهمية الثنائية بين الديموقراطية والعلمانية كاساس للحكم في منطقة متعددة الطائفة والمذهب". واعتبر ان العلمانية هي التي تؤمن "المساواة الفعلية بين الجميع والمواطنة الحقيقية".
كما ناقش المؤتمرون في الجلسة الصباحية توصيات عملية فتلا احد المشاركين ما توصلت اليه لجنة الاغاثة في المؤتمر وهي "انشاء صندوق الاغاثة السوري وتمويله من سوريين مقيمين في الخارج على الا تقبل معونات حكومية غربية، والهدف مساعدة الجرحى واهالي الشهداء واللاجئين والذين فقدوا وظائفهم".
ودعت لجنة التوعية الثورية "الى استخدام خطاب تفاؤلي من دون افراط كي لا نقع في الاحلام الوردية، كما اتفق على تجنب اي لفظ مسيء الى اي طائفة او مذهب".
وامام عودة المشاركين الى اطلاق هتافات حماسية تقاطع الكلمات، قال عبد الكريم عيد رئيس المجلس الوطني لـ"اعلان دمشق" في المهجر ان المؤتمر تلقى رسائل الكترونية تدعو "الى وقفها لانها تذكر بهتافات انصار النظام امام الرئيس بشار الاسد" في مجلس الشعب السوري، فتوقفت الهتافات في قاعة المؤتمر.
وتجمع على مقربة من الفندق عدد من السوريين المؤيدين للنظام احتجاجا على عقد المؤتمر ورفعوا صورا للرئيس الاسد ولافتات تندد بالمعارضة.

مقتل 15 مدنيا
في غضون ذلك، قتل 15 مدنيا برصاص قوى الامن في سوريا ليرتفع الى 62 عدد الذين قتلوا منذ الاحد غالبيتهم في منطقة حمص التي تشهد تظاهرات معادية للنظام.
وسقط القتلى الـ15 في بلدة الرستن بمحافظة حمص، كما افاد ناشط حقوقي قال انه يملك لائحة باسماء القتلى. واوضح ان القتلى "مدنيون سقطوا برصاص رشاشات ثقيلة استهدف المدينة". واضاف ان "قوى الامن تمنع دخول اي مساعدة الى المدينة".
وفي وقت لاحق سمع اطلاق نار في تلبيسة جنوب الرستن، استنادا الى الشاهد ابو طلال التلاوي.
وقال: "يقوم رجال امن بزي الجيش بعمليات تفتيش. وهم يكسرون كل ما تقع عليه ايديهم، من برادات واجهزة تلفزيون وسيارات".
ويحاصر الجيش وقوى الامن بلدتي الرستن وتلبيسة منذ الاحد. وقتل 43 شخصا على الاقل بين الاحد والاربعاء في هاتين البلدتين الواقعتين في محافظة حمص، بحسب رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن الذي مقره لندن. وقال ان تلاميذ المعاهد والثانويات الذين تراوح اعمارهم بين 13 و17 سنة، ساروا في مناسبة نهاية السنة الدراسية في احد شوارع حمص ورددوا شعارات تدعو الى الحرية ورفعوا اعلاما سورية. واضاف ان "قوات الامن فرقت المتظاهرين واوقفت اربعة منهم لفترة قصيرة".
وخرجت تظاهرات في مناطق اخرى من البلاد مساء الاربعاء في دير الزور والقامشلي وادلب وجسر الشغور واللاذقية وفي بلدتي دوما وحرستا في ضواحي دمشق.

"جمعة اطفال الحرية"
ودعا المحتجون الى تظاهرات جديدة الجمعة في ما سموه يوم "اطفال الحرية"، في اشارة الى اولاد اضحوا من رموز الاحتجاجات امثال حمزة الخطيب الذي كان في الـ13 و"عذّب حتى الموت" على ايدي اجهزة الاستخبارات في درعا، كما تقول المعارضة.
وجاء في صفحة "الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011" عبر موقع "فايسبوك" وهي من ابرز منابر حركة الاحتجاج: "من اجل دمائكم البريئة، وروحكم الطاهرة، ثورتنا مستمرة حتى اسقاط النظام، جمعة اطفال الحرية".
ونشرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" الاربعاء تقريرا بعنوان "لم نر فظاعة كهذه من قبل" نددت فيه بما سمته "جرائم ضد الانسانية" في درعا وعمليات قتل ممنهجة وتعذيب.
والثلثاء، اعلن اطلاق "حوار وطني" بين كل التيارات السياسية مع عفو عام. وتحدث ناشطون عن الافراج عن مئات السجناء السياسيين بينهم القيادي في الحزب الشيوعي المحظور في سوريا محمود عيسى.
ولم يشمل العفو كما يبدو المدونة الشابة طل الملوحي التي حكم عليها بالسجن خمس سنوات في وقت سابق السنة بتهمة كشف معلومات لبلد أجنبي على رغم نداءات الولايات المتحدة للافراج عنها.

أردوغان
■ في انقرة، صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة مع قناة "تي جي أر تي" بان أبواب تركيا مفتوحة أيضا لمؤيدي الأسد كما هي مفتوحة لمعارضيه. وقال: "الأسد لم يسألني لماذا تجتمع المعارضة السورية في تركيا، ولو كان سألني فإن إجابتي كانت ستأتي واضحة وهي أن أبواب تركيا ستكون مفتوحة لمؤيديه أيضا إن هم أرادوا عقد لقاء في تركيا". وأشار إلى أن اهتمام تركيا بما يجري فى سوريا يختلف عن اهتمامها بما جرى في مصر أو تونس، لأن الوضع بالنسبة الى سوريا مختلف تماما، وتركيا تعتبر ما يجري في سوريا مسألة تخص تركيا لأن سوريا دولة مجاورة وهناك حدود تمتد لمسافة 850 كيلو مترا.
وأفاد أن هذا هو السبب الذي يجعله دائم الاتصال بالرئيس السوري، مذكرا بأنه أجرى اتصالا هاتفيا معه منذ اربعة أيام، وطلب منه اتخاذ خطوات حاسمة على طريق الإصلاحات، وأكد له ضرورة اتخاذ خطوة شجاعة. ولاحظ أن الأسد أصدر بعد يومين من هذا الاتصال قرارا بالعفو العام عن السجناء السياسيين بمن فيهم "الإخوان المسلمون"، واصفا القرار بأنه خطوة شجاعة من الرئيس السوري.

لافروف
■ في موسكو، جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف موقف بلاده الرافض للتدخل الخارجي في شؤون سوريا. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البلغاري نيكولاي ملادينوف إن محاولات زعزعة استقرار سوريا، وهي دولة محورية في منطقتها، ستكون لها عواقب كارثية، مشددا على ضرورة أن يرى المجتمع الدولي حقيقة ما يجري في سوريا بما في ذلك "محاولات تغيير النظام" وضرورة "قطع دابر هذه المحاولات".
و ص ف، ي ب أ، رويترز، أ ش أ