FRI 20 - 9 - 2024
 
Date: Jun 1, 2011
Source: جريدة الراي الكويتية
لبنان: حروب صغيرة لإبقاء «الحديقة الخلفية» لسورية جاهزة للاستخدام... «عندما تقتضي الحاجة»
جنبلاط لمس من أمير قطر رفضاً حاسماً للحوار مع القيادة السورية

| بيروت - من وسام أبو حرفوش |

 

يكاد لبنان المسكون بـ «الفوضى المدوزنة» ان يتحول «حديقة خلفية» لسورية التي يخوض فيها نظام الرئيس بشار الاسد «حرب وجود» في مواجهة الداخل والخارج على حد سواء، وتالياً لا يمكن «فهم» ما يجرى في بيروت بمنأى عما يحدث في دمشق.
حروب سياسية صغيرة وكأنها تحضر المسرح لـ «شيء ما»، وضع قوات «اليونيفيل» كـ «بنك اهداف» عندما تقتضي الحاجة الاقليمية، تلويح بالتوجه الى الحدود مع اسرائيل في ذكرى النكسة (الخامس من الشهر الجاري)، اضافة الى مفاجآت من النوع غير المفاجئ ايضاً.
ولم يكن ادل على تلك «الحروب الصغيرة» من انفجار ملف الاتصالات الذي يوحي بالمزيد من التفاعلات مع إحالة رئيس الجمهورية ميشال سليمان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي على «القضاء والقدر» لامتناعه عن تنفيذ تعليمات وزير الداخلية «المعتكف» زياد بارود.
ومن غير المستبعد ان تشهد البلاد مزيداً من تلك الحروب الكلامية، التي انضم اليها رئيس البرلمان نبيه بري بهجومه «من دون مناسبة» على «ثورة الارز»، في الوقت الذي يحتاج لـ «تطبيع» العلاقات معها لضمان نصاب دستوري لجلسة تشريعية «مشكوك في شرعيتها» لانعقادها في ظل حكومة تصريف اعمال.
وتعتقد اوساط واسعة الاطلاع في بيروت ان ابقاء البلاد من دون حكومة للشهر الخامس والنفخ «المدوزن» في مظاهر الفوضى لا يعدو كونه محاولة لإبقاء «الحديقة الخلفية» لسورية جاهزة لـ «الاستخدام» في اللحظة التي يشتد الخناق على الاسد ونظامه.


وذكرت هذه الاوساط أن الغبار الذي نجم عن استهداف الوحدة الايطالية في قوات «اليونيفيل» في الاسبوع الماضي لم يخف التصريحات التي كان يطلقها حلفاء لسورية في لبنان، ويعتبرون فيها «اليونيفيل» مجرد «رهائن» وعرضة لـ «تصفية الحساب» مع المجتمع الدولي.
ورغم استمرار التحقيقات في الاعتداء على «اليونيفيل»، فإن الانظار تتجه الآن الى «الشريط الشائك» على الحدود مع اسرائيل، وسط توقع تكرار ما جرى في ذكرى النكبة وأدى الى مقتل 11 فلسطينياً، في ذكرى النكسة، وربما على نحو اكثر إثارة.
وعُلم في هذا الاطار ان المناقشات بين «المعنيين» تحضيراً لـ «ذكرى النكسة» تدور حول اقتراحين، إما اطلاق «مسيران العودة» الى «الشريط الشائك»، وإما نصب «خيم العودة» على تخوم الشريط على غرار مخيم «مرج الزهور» في البقاع الغربي عام 1992.
واذا صحت المعلومات عن اتجاه لإقامة مخيم حدودي شبيه بـ «مرج الزهور» الذي نجم يومها عن طرد اسرائيل لعشرات الفلسطينيين قبل اضطرارها لإعادتهم تحت وطأة الضغط، فإن الامر سيكون بمثابة «قنبلة موقوتة» يصعب معرفة لحظة انفجارها.


وكان جرى في بيروت الربط بين ما جرى في ذكرى النكبة، يوم توجهت وللمرة الاولى مسيرة فلسطينية الى الشريط الشائك مع اسرائيل، وتصريحات احد اركان النظام في سورية رامي مخلوف، الذي لوّح بأن استقرار اسرائيل من استقرار سورية، في موقف اعتبر بالغ الدلالة.
هذا الانكشاف السياسي - الأمني الذي يعاينه لبنان دفع بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط الى اطلاق صرخة تلو الاخرى، خصوصاً وانه يقارب الوضع في البلاد من زاوية التحديات المتعاظمة التي تواجه سورية وتضعها على كف المجهول.


فجنبلاط، الذي علم انه يعتزم زيارة تركيا بعدما زار قطر وفرنسا والتقى الديبلوماسي الاميركي جيفري فيلتمان، بدا وكأنه يبحث عن «كوة» لإنقاذ الرئيس الاسد من «خياراته المستحيلة»، وهو يواظب على «نصحه» بالاصلاح قبل فوات الآوان.
واللافت ان جنبلاط استكمل إطلاق مواقف تعبّر عن تمايُز مع «الأكثرية الجديدة» التي كان أكمل «نصابها» بتصويته ضد الرئيس سعد الحريري في 24 يناير الماضي، فيما استوقفت الدوائر المراقبة الزيارة المفاجئة و«الخاطفة» التي قام بها اول من امس للدوحة حيث التقى امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.


واذا كانت هذه الزيارة جاءت في إطار «جس النبض» حيال موقف الدوحة من الاحداث في سورية، فان ما عاد به جنبلاط لم يكن مُطَمْئناً، اذ نقلت عنه صحيفة «السفير» انه عاد محمَّلاً بهواجس أكثر من تلك التي عاد بها من فرنسا «بعدما لمس اتجاهاً قطرياً حاسماً برفض استئناف الحوار والتواصل مع القيادة السورية»، وذلك رداً على دعوة رئيس «جبهة النضال» الى عدم القطيعة مع الرئيس بشار الأسد بدافع الحرص على سورية وما تمثله في قلب المعادلة العربية.
كما نُقل عن جنبلاط ان أمير قطر لم يكتف بذلك، بل قدّم جردة حساب مع السوريين «ضمّنها إشارة الى أن الرئيس السوري يتحمّل مسؤولية نقض اتفاق الدوحة في لبنان وعدم التجاوب مع المساعدة التي قدّمتها قطر اليه بفتح الأبواب له فرنسياً وأميركياً».


وفي موازاة ذلك، أكمل الزعيم الدرزي «على الموجة» نفسها التي كان انتقل اليها عندما اعلن قبل ايام ان «الحلفاء في «حزب الله» لا يريدون حكومة وهم يضعون زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في الواجهة»، فأكد «أنا محبط و«مقهور»، وقررتُ رفع العشرة، والاستسلام لما هو أقوى مني»، مضيفاً: «لا أحد يريد أن يسمع، وكأنهم يعيشون في عالم آخر فيما البلد يذوب وينهار (...) «حزب الله» يستطيع أن يفعل شيئا، خصوصا مع عون، فمن الخطأ ان يقال ان نجيب ميقاتي هو المعطل، لأنه على ما يبدو استسلم مثلي، وهو ايضا محبط».
واذ قال: «سبق وتموضعنا و«علقنا على الدبق»، عندما كنا في «14 آذار»، والآن علقنا على الدبق ولا نستطيع أن تتحرّك، ومع ذلك «مش مخلصين» (...) أفضل شيء هو السكوت».


في موازاة ذلك، تواصلت امس الاتصالات لتجاوُز «القطوع» السياسي الجديد المتمثل بالدعوة التي وجّهها رئيس البرلمان نبيه بري لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب في 8 الجاري وسط تحفظ نواب 14 آذار عن هذه الخطوة التي يعتبرونها غير دستورية اذ لا يجوز عقد جلسة في ظل حكومة تصريف أعمال، فيما توقفت دوائر مراقبة عند تزامُن دعوة بري مع الهجوم الاول من نوعه الذي شنّه على «ثورة الارز» معتبراً أنها «اعادت لبنان 60 عاماً الى الوراء واستهلكت الأموال العامة وأمنت المناخ للمزيد من التدخل الأجنبي وهذا سبب فشلها»، متحدثاً عن «استخدام بلدنا قاعدة ارتكاز لإسقاط سورية».


وجاء هذا الموقف والردود التي صدرت عليه لتُضفي المزيد من «الحماوة» على عملية «ليّ الأذرع» الجارية على تخوم ملف إشكال مبنى الاتصالات بين الوزير شربل نحاس (المحسوب على عون) والمدير العام لهيئة اوجيرو عبد المنعم يوسف ومعه اللواء ريفي (المحسوب على «تيار المستقبل») والذي سرعان ما استدرج دخولاً من رئيس الجمهورية على خط احتواء هجوم عون عليه وعلى وزير الداخلية المحسوب عليه (اعتكف عن تصريف الاعمال) من خلال الاندفاع لملاحقة المدير العام لقوى الامن الداخلي الموضوع منذ فترة طويلة هو وفرع المعلومات في «مرمى النار» من زعيم «التيار الوطني الحر» وقوى 8 آذار.


وفي حين لفت امس استقبال رئيس الجمهورية لرئيس «كتلة المستقبل» البرلمانية فؤاد السنيورة والنائب في الكتلة أحمد فتفت على وقع تساؤل مصادر في تيار المستقبل «إذا كان يحق لسليمان أن يطلب من وزير العدل محاسبة ريفي فضلاً عن غياب أي ملف قانوني في حقه»، لفت ردّ اللواء ريفي على طلب رئاسة الجمهورية اتخاذ الاجراءات القضائية في شأن عدم تنفيذه مضمون كتاب وزير الداخلية باخلاء الطبقة الثانية من مبنى الاتصالات اذ اعلن «لم أطلع على الكتاب ولا أعرف على ماذا بني. في اعتقادي أن الرئيس لم يتبلغ التفاصيل لذلك أوضحت انه ليس هناك شيء اسمه رفض قرار لوزير الداخلية أو أي شيء من هذا القبيل».
وعن مطالبة عون بإحالته على القضاء العسكري بعد كف يده، قال ريفي: «الأمر لا يستحق إشغال الناس وينطبق عليه المثل الشعبي أن الجنازة حامية والميت كلب»، متمنياً «أن يتحرك القضاء ليضع حداً للافتراءات القائمة على الكذب والتلفيق».


في هذه الاثناء، قطع رئيس الهيئة التنفذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الطريق على التقارير التي اشارت الى تمايُز مسيحيي 14 آذار عن «المستقبل» في الموقف من اللواء ريفي وما حصل في مبنى الاتصالات، اذ عقد مؤتمراً صحافياً دافع فيه عن المدير العام لقوى الامن الداخلي سائلاً «هل يريدون محاكمته وهو الضابط الاكثر اخلاقية ومسلكيّة لأنه لا يُرسل بريده للخارج أو لأن قوى الأمن الداخلي هي الجهاز الأمني الوحيد العاصي على الاختراقات من «حزب الله» أو لأنه ليس تحت تأثير ونفوذ الشقيقة الكبرى سورية؟»، مشيراً الى ان «قوى الأمن الداخلي هي القلعة الأمنية العسكرية الوحيدة المتبقية والتي لا تتأثر بأحد».


وفي حين دعا «الى ضرورة سحب موضوع اللواء ريفي من التداول لأنه لن يؤدي الى اي مكان بل في حال استمراره سيهدم آخر موقع حر في لبنان»، قال رداً على سؤال ان «رئيس الجمهورية هو حكم بين كل اللبنانيين وهذا الأمر ينسحب على كل الادارات والمؤسسات ومن هنا اذا كان لدينا مدير عام من أحسن الموجود في الوقت الحاضر فلماذا ننكّل به؟». وردّ على كلام بري عن «ثورة الارز» فاشار الى «ان «ثورة الارز» اعادت رئيس البرلمان وحلفاءه 60 سنة الى الوراء ولكنها طورت اللبنانيين 60 سنة الى الامام».

 



 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Long-term recovery for Beirut hampered by lack of govt involvement
Lebanon to hold parliamentary by-elections by end of March
ISG urges Lebanese leaders to form govt, implement reforms
Lebanon: Sectarian tensions rise over forensic audit, election law proposals
Lebanon: Adib faces Christian representation problem in Cabinet bid
Related Articles
The smart mini-revolution to reopen Lebanon’s schools
Breaking the cycle: Proposing a new 'model'
The boat of death and the ‘Hunger Games’
Toward women-centered response to Beirut blast
Lebanon access to clean drinking water: A missing agenda
Copyright 2024 . All rights reserved