تزامنا مع أعنف قصف لقوات حلف شمال الأطلسي لمجمع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في باب العزيزية بطرابلس، دعا مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان "المجلس الوطني الانتقالي" في بنغازي إلى فتح مكتب في واشنطن باعتباره "ممثلاً شرعياً ذا صدقية" للشعب الليبي، وإن يكن ذلك لا يرقى إلى حد الاعتراف به.

سمع دوي 20 انفجاراً في محيط باب العزيزية فجر امس. وعرض التلفزيون الليبي مشاهد للدمار الذي أحدثه "العدوان الصليبي" وجثث "عشرات القتلى والجرحى". لكن الناطق الحكومي الليبي موسى ابرهيم صرح بأن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا وان 150 آخرين اصيبوا، مشيراً إلى أن الغارات استهدفت ثكنة خالية للحرس، ومعظم الضحايا من المدنيين منازلهم قريبة من المكان.

وروى أحد السكان ان الانفجارات "أحدثت اهتزازات أدت إلى سقوط بعض سقوف المساكن وتدمير العشرات من السيارات المتوقفة". وخاطب آخر المراسلين الأجانب بغضب قائلا: "كنتم في الفندق (ريكسوس) وأرعبكم الاهتزاز الذي أحدثه دوي الانفجارات، فما بالكم بنا نحن، في بيوت الصفيح... كأن القيامة قامت. بصراحة، كانت لدينا مشاكل مع (النظام). ولكن اليوم كلنا (الزعيم الليبي) معمر القذافي".
وفي المقابل، أفاد الحلف أن طائراته اغارت على أحد مستودعات الآليات العسكرية في المنطقة، وذلك "باستخدام أسلحة ذات توجيه دقيق". وهذه المنشأة "كانت ناشطة في بداية قمع النظام لشعبه في شباط 2011، وبقيت كذلك مذذاك، وهي تعيد تزويد قوات النظام التي تشن هجمات على مدنيين أبرياء".

مسار العملية العسكرية
وفي واشنطن قدم السناتوران الديموقراطي جون كيري والجمهوري جون ماكين مشروع قرار إلى الكونغرس يؤيد عملية عسكرية أميركية محدودة في ليبيا، وذلك في تحرك اول في الكونغرس يتعلق بالعملية العسكرية التي انطلقت في آذار، غير أنه لا يمنح الرئيس باراك أوباما تفويضاً لتدخل عسكري أميركي في ليبيا.
وفي باريس، توقع وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه أمام الجمعية الوطنية أن تحقق حملة الأطلسي أهدافها خلال أشهر معدودة.
ورد وزير القوات المسلحة البريطاني نيك هارفي على تصريح وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه عن استخدام طائرات هليكوبتر من طراز "أباتشي" في الحملة العسكرية في ليبيا، بأن القرار لم يتخذ بعد، لكنه، اذا تم، لا يعني تغييراً في أهداف العملية، الا انه "سيكون في أيدينا سلاح ادق في قصف الأهداف المتحركة واحتمال أقل لوقوع خسائر جانبية".

"المجلس الوطني"
وفي بنغازي، معقل الثوار الليبيين، قال فيلتمان: "سلمت باسم الرئيس أوباما المجلس الوطني الانتقالي دعوة رسمية لفتح ممثلية في واشنطن. نحن مسرورون بأنهم قبلوا الدعوة. هذه مرحلة مهمة في علاقتنا". وأضاف أن المكتب الخاص بالولايات المتحدة في طرابلس اقفل، كما اقفلت واشنطن المكاتب الخاصة بنظام القذافي لديها، "وهناك علاقة ديبلوماسية وسياسية جارية، وحوار مع اعضاء المجلس الذين يعتبرون ممثلين شرعيين ذوي صدقية للشعب الليبي"، بينما "القذافي فقد أي شرعية لقيادة البلاد، وعليه ان يتخلى عن السلطة فوراً"، وإن تكن "الولايات المتحدة لا تملك عصا سحرية للحصول على رحيله سريعاً”.

واعلن ان واشنطن تدرس قرار صرف جزء من الأموال المجمدة لديها لمساعدة المجلس، ولسد الحاجات الضرورية.
وعلق الناطق باسم المجلس عبدالحفيظ غوقا بأن "الاعتراف بنا غير كاف وكذلك زيارة المناطق المحررة. حاولنا أن نشرح لهم أننا نحتاج الى سلاح وتمويل".
وفي واشنطن، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً أكدت فيه ان "الزيارة (لفيلتمان) دليل آخر على دعم الولايات المتحدة للمجلس الوطني الانتقالي، المحاور الشرعي عن الشعب الليبي وذي الصدقية".

وفي عمان قال وزير الخارجية الاردني ناصر جودة في اتصال هاتفي مع رئيس اللجنة التنفيذية في المجلس المكلف العلاقات الخارجية محمود جبريل ان "الاردن يعتبر المجلس ممثلاً شرعياً للشعب الليبي والمحاور الشرعي الذي يعبر عن تطلعاته المشروعة"، وان عمان "في صدد تعيين مبعوث دائم في مدينة بنغازي".
وأفاد المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى ليبيا الأردني عبد الإله الخطيب انه سيجري في العاصمة القطرية الدوحة محادثات مع ممثلين للمجلس.
وفي موسكو صرح وزيرالخارجية الروسي سيرغي لافروف: "التقيت (أول من) أمس ممثل المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبد الرحمن شلقم. وخلال المحادثات أكد شلقم أن المجلس لا يطلب الاعتراف به ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الليبي، بل يطلب الاعتراف به شريكاً شرعياً في المحادثات في شأن مستقل ليبيا"، وان اللقاء تم على هذا الأساس.
وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو بأن باريس تعمل "بنشاط" مع المجلس الذي "سيعين قريباً ممثلاً له لديها".

شكري غانم
في غضون ذلك، أفادت مصادر في شركات غربية ان أمين اللجنة الشعبية العامة للنفط رئيس المؤسسة الوطنية للنفط شكري غانم لم ينشق عن النظام الليبي، وانه يعمل سرا لمصلحة القذافي للحفاظ على العلاقات مع كبرى شركات النفط.
وأفاد مصدر في المعارضة الليبية وآخر في شركة عالمية كبرى ان غانم دعا ممثلي شركات للنفط للاجتماع معه الاسبوع الماضي في تونس للبحث في عقود نفطية. وأكد مصدر ثالث في شركة غربية اخرى للنفط أن التقارير عن انشقاقه غير صحيحة.
(و ص ف، رويترز، أ ب، ي ب أ، أ ش أ)