كثّفت القوات التركية قصفها المدفعي على مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية في مدينة عفرين في محافظة حلب، وأطلقت أكثر من 40 قذيفة أمس، في اتجاه قرى باصوفان وجنديريس وراجو ومسكنلي التابعة لعفرين. تزامن ذلك مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدء عملية عسكرية في المدينة «خلال الأيام المقبلة».
وقال أردوغان خلال حضوره مؤتمراً لـ «حزب العدالة والتنمية» الحاكم أمس، إن بلاده «ستواصل في عفرين خلال الأيام المقبلة عملية تطهير الحدود الجنوبية من الإرهاب التي بدأناها مع انطلاق عملية درع الفرات». وتابع: «نعرف جيداً الارتباط بين الإرهابيين في سورية وتركيا، وكما أكدنا سابقاً، سنأتي في أي لحظة للانقضاض على الإرهابيين، وسوف نتحرك ضدهم في حال تعرّض بلادنا لأي تهديد منهم».
وشدّد على أن أنقرة تأمل من «بلدان صديقة تجنّب الوقوع في خطأ الظهور إلى جانب التنظيمات الإرهابية خلال العملية المرتقبة على عفرين»، مضيفاً: «نؤمن أنه يمكننا التحرك مع الولايات المتحدة من أجل إحلال السلام والقضاء على الإرهاب في المنطقة. وفي عملية عفرين نأمل أن لا تقف الولايات المتحدة إلى جانب الإرهابيين».
وأفادت وكالة «الأناضول» أمس، بأن القوات التركية المتمركزة على الحدود مع سورية في ولاية هاتاي، جدّدت قصفها مواقع «وحدات حماية الشعب» للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة. وأشارت إلى أن القصف المدفعي التركي لعفرين، بدأ منذ أول من أمس، وأن أصوات الانفجارات سُمعت من المناطق التركية المتاخمة للحدود السورية.
وقال الناطق باسم «الوحدات» في عفرين روجهات روج: «إن اشتباكات اندلعت ليل السبت- الأحد مع القوات التركية قرب الحدود». ولفت إلى أن القصف المدفعي التركي أمس، أدّى إلى مقتل عنصر من «الوحدات» وإصابة مدنيين إثنين.
وأكد روج أن المقاتلين الأكراد سيقاتلون القوات التركية في عفرين «دفاعاً عن مكاسبنا وأراضينا». واعتبرت القيادية الكردية هدية يوسف في تغريدة عبر «تويتر» أن العملية التركية المرتقبة في عفرين تشكّل «انتهاكاً» للشعب السوري وتقوّض المساعي الدولية للتوصل إلى حلّ سياسي في سورية.
في غضون ذلك، تقاطعت معلومات ميدانية في شأن تحضيرات عسكرية متسارعة تجريها القوات التركية تجهيزاً لعمل عسكري في عفرين. ونقل موقع «سمارت» المحسوب على المعارضة عن مصدر عسكري قوله إن «الجيش السوري الحر» المنضوي في عملية «درع الفرات» شمال حلب، «رفع الجاهزية الكاملة استعداداً لإطلاق معركة السيطرة على عفرين». ولفت إلى أن القوات التركية أرسلت تعزيزات إلى المناطق المتاخمة لعفرين وتجهيزات عسكرية لقواعدها في الداخل السوري خلال الساعات الماضية، شملت دبابات وناقلات جند وعربات مدرعة إضافة إلى رشاشات متوسطة وثقيلة.
في المقابل، أفادت إذاعة «صوت عفرين» المقرّبة من «الوحدات» بأن الأخيرة شهدت استنفاراً أمنياً كبيراً في صفوفها في كفر جنة شرق عفرين، استعداداً لأي هجوم تركي.
المعارضة السورية ترى الانتشار التركي ضماناً لـ «التهدئة» في إدلب
أكّد رئيس اللجنة القانونية في وفد المعارضة السورية إلى محادثات «آستانة» ياسر الفرحان، أن الهجوم الذي تشنّه القوات النظامية في منطقة «خفض التوتر» في إدلب هي خروق للاتفاق بين الدول الثلاث الضامنة، أي روسيا وتركيا وإيران، ولا يرتبط بأي تفاهمات نتجت من محادثات «آستانة 8».
وأوضح الفرحان في تصريحات إلى وكالة «الأناضول» التركية أمس، أن خلال محادثات آستانة رُسمت الخرائط «في شكل صريح وواضح» من دون تحديد مناطق المعارضة، مضيفاً أن الأخيرة «شُملت على أنها منطقة واحدة، وكان الاتفاق ينص أن لا يدخل عليها النظام».
وأشار إلى أن منطقة المعارضة كما جاء في الاتفاق «تديرها مجالس محلية منزوعة السلاح الثقيل»، فيما «يبقى السلاح الخفيف بيد قوات الأمن والدفاع المدني، لتأمين خدمات الناس». ولفت إلى أن «الاتفاق يقضي بعدم دخول الميليشيات الإيرانية ولا قوات النظام بل مجموعة من القوات الروسية حصراً، كقوات مراقبة تتموضع بثلاث نقاط أو نقطتين، تشرف على حسن تطبيق الاتفاق». أما القوات التركية فتتموضع «خلف الخط الفاصل بين الطرفين» وتنتشر «لضمان حماية المنطقة، وعدم تنفيذ أي خروق ضدها».
واعتبر أن ما يُشاع عن «اتفاق» روسي- إيراني على الاعتداء على هذه المناطق هو «جزء من الحرب النفسية التي تبثها جهتان متضررتان من الاتفاق». وأضاف أن «كلا الطرفين المتضررين لا يرغبان في احترام التهدئة، وانتشار القوات التركية في هذه المنطقة»، مؤكداً أن «الوفد المعارض يدرك أن ما من شيء يحمي من الأخطار، سواء كان قصفاً جوياً أو اجتياحاً برياً، إلا الانتشار التركي».
وفي ما يتعلّق بأسباب هجوم النظام على إدلب وخروق «وقع التوتر»، اعتبر الفرحان أن ذلك يعود إلى «خلاف روسي- تركي على شكل الحل السياسي» في سورية. وأضاف أن موسكو تسعى إلى الضغط على المعارضة لإنجاح «مؤتمر الحوار الوطني» المرتقب في سوتشي نهاية الجاري، خصوصاً بعد محلاحظتها رفضاً واسعاً للمؤتمر من جانب الفصائل المنتشرة في إدلب.
في السياق ذاته، اعتبر عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف السوري» المعارض محمد يحيى مكتبي، أن روسيا تحاول «تشكيل تصوّر» عن مؤتمر «سوتشي»، غير أن ملامحه لم تتضح حتى الآن. وأضاف في تصريحات إلى شبكة «روداو» الكردية أمس، أن «لا معلومات واضحة عن المؤتمر، إن لجهة أجندة الأعمال أو المشاركين وكيفية توجيه الدعوات أو العدد النهائي للمدعّوين»، وأشار إلى أرقام تتراوح بين 1000 إلى 1700 مدعّو، مضيفاً: «هذا ليس مؤتمراً بل عبارة عن تظاهرة».
وأكد أن «الائتلاف» كان له قرار سابق برفض المشاركة في «سوتشي» لأسباب عدة، أبرزها مشاركة روسيا في العمليات العسكرية في إدلب وحماة وغوطة دمشق الشرقية، ما اعتبره «خرقاً واضحاً لاتفاق خفض التوتر».
وشدّد على أن مفاوضات جنيف برعاية الأمم المتحدة «هي المكان الطبيعي» لمسار الحلّ السياسي. واعتبر «سوتشي» محاولة روسية للالتفاف على «جنيف» ومحاولة سحب الملف السوري «في اتجاهات أخرى من أجل إرغام قوى الثورة والمعارضة على تقديم تنازلات وفرض الرؤية الروسية» للحل في سورية. |