تونس - محمد ياسين الجلاصي لم تهدأ أمس، التظاهرات الشعبية في تونس المناهضة ارتفاع أسعار مواد أساسية وإجراءات تقشفية أقرتها الحكومة في موازنتها للعام الحالي، واصطدم محتجون ناهز عددهم المئات بقوات الأمن التي منعتهم من دخول مقر المحافظة في العاصمة. وأطلق متظاهرون لبوا دعوة حركة «فاش نستناو؟» (ماذا ننتظر؟) للنزول إلى الشارع، هتافات ضد الإجراءات الحكومية، ورفعوا «بطاقات صفراء» تُعدّ بمثابة تحذير لرئيس الحكومة يوسف الشاهد.
وصرح الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية خليفة الشيباني أمس، بأن «حوالى 780 شخصاً أوقفوا منذ بدء الاضطرابات الاجتماعية الإثنين الماضي». وقال أن اي أعمال عنف أو نهب لم تُسجل مساء الخميس في البلاد، مؤكداً أن الصدامات بين الشبان ورجال الشرطة كانت «محدودة» و «غير خطيرة». لكن محافظة سليانة شهدت تطوراً لافتاً في الليلة ذاتها، إذ أقدم مجهولون على حرق مقر «حزب العمال الشيوعي» أحد مكونات الجبهة الشعبية اليسارية (ائتلاف قوى يسارية وقومية)، التي يتهمها رئيس الحكومة بالوقوف وراء أعمال العنف.
واعتبر النائب القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي، أن حرق مقر «حزب العمال الشيوعي» في سليانة (وسط) يأتي في إطار «حملة تحريض ضد الجبهة ورموزها، انخرط فيها رئيس الحكومة نفسه».
وحذرت «الجبهة الشعبية» من أن عملية الحرق تُعدّ «رسالة» وتعزز تكهنات عن تهديدات باغتيال زعيمها حمة الهمامي، الذي يتحدّر من بلدة العروسة حيث أُحرق مقر حزب العمال الشيوعي.
وأذن قاضي التحقيق في محكمة «قفصة» (جنوب غربي) بالإفراج عن 3 قياديين محليين في الجبهة اعتُقلوا بتهمة التحريض على العنف، فيما طلبت منظمة العفو الدولية قوات الأمن بـ»عدم استخدام القوة المفرطة» و»الكف عن اللجوء إلى مناورات ترهيب ضد المتظاهرين السلميين». وأضافت في بيان نشرته أمس، أن «على السلطات التونسية ضمان أمن المتظاهرين غير العنيفين والعمل على ألا تلجأ قوات الأمن إلى القوة إلا في الضرورة القصوى وبشكل متكافئ».
في موازاة ذلك، دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الأحزاب والمنظمات الاجتماعية الموقّعة على «وثيقة قرطاج» (للوفاق الوطني)، إلى لقاء اليوم في القصر الرئاسي للبحث سبل الخروج من الأزمة. كما يُفترض أن يوجّه الرئيس التونسي خطاباً إلى الشعب غداً لمناسبة الذكرى السابعة للثورة، في حين تواصل المعارضة تعبئة الشارع للتظاهر الأحد، ضد إجراءات الحكومة.
والتقى السبسي الشاهد وناقش معه تطورات الوضع الأمني والاجتماعي في البلاد. وتناول اللقاء «الإجراءات المزمع تطبيقها في الأيام المقبلة لتحسين القدرة الشرائية لمحدودي الدخل والتحكم بالأسعار وتفكيك شبكات الفساد والاحتكار والتهريب».
وتستبعد الحكومة التراجع عن قرارها رفع أسعار البنزين والغاز وخدمات الاتصالات والرسوم الضريبية، كما أكد وزير التجارة عمر الباهي أمس، على رغم ضغط الشارع والمعارضة واتحاد الشغل الذي دعا إلى «إجراءات عاجلة» لامتصاص الأزمة.
وعاد الهدوء إلى مدن تالة والقصرين (وسط غربي) وسيدي بوزيد (وسط) وبلدة طبربة غرب العاصمة وفي ضواحيها (حي الانطلاقة وحي التضامن والياسمينات)، التي شهدت صدامات عنيفة ليلية منذ انطلاق موجة الاحتجاجات. |