MON 25 - 11 - 2024
 
Date: Dec 23, 2017
Source: جريدة النهار اللبنانية
بصاروخ واحد... "الرياض مقابل صنعاء"
مجد بو مجاهد
"الرياض مقابل صنعاء". شعار صاخب أطلقه عبد الملك الحوثي "ليؤدي ثمناً كبيراً"، على قول خبراء استراتيجيين. حتى الساعة، لا حلول ملموسة بين الجانبين السعودي والحوثي. ذلك أن الوساطات العمانية والجزائرية والكويتية لم تُجدِ نفعاً. الطرفان يبحثان عن انتصار. ولا يمكن محمد بن سلمان أن يتنازل "من دون أن يحقق نصراً استراتيجياً، وكذلك الحوثيون"، في قراءة الخبراء. ما مفاده أن المرحلة مفتوحة على مواجهة شرسة لا عودة فيها إلى الوراء، أو هدنة. على الأقل، أي تسوية قد تحاك خلف ستارة الكواليس. لكن المؤشرات لا تشي بذلك. الحرب لا تزال مستمرة، وقد تتحول استنزافية. من يستطيع الصمود هو من سيفوز. وتحقيق مكاسب إستراتيجية على الأرض، خطوة تسبق أي هدنة أو بوادر حل. 

"الصاروخ الحوثي" الذي يفرض نفسه في المعادلة، له وقعه السياسي أكثر منه العسكري. ويقول المتابعون لمسارالحرب اليمنية إنها بمثابة الورقة الأخيرة في يد "أنصار الله". فهل تستطيع السعودية إحراق هذه الورقة؟ 

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء الدكتور فايز الدويري في إطلاق الصاروخ الحوثي رغبة في استهداف قصر اليمامة تطوراً مستجداً. بل إنه في رأيه السيناريو نفسه تكرر منذ أسابيع مع الصاروخ الذي أطلق على مطار الملك خالد، وذلك الذي وجه باتجاه المفاعل النووي في منطقة حضرموت في الإمارات العربية المتحدة. وهي بمثابة "استراتيجية حوثية تتمثل بإطلاق صاروخ على أحد الأهداف التي ترسمها. وقد تم اطلاق 93 صاروخاً حتى الساعة، سقط قسمٌ منها داخل اليمن. ورغم أن تنديداً عربياً ودولياً استنكر إطلاق الصواريخ الحوثية على السعودية، إلا أن "أوراق الضغط على الحوثي لن تجدي نفعاً، ذلك أننا لا نتعامل مع دولة معترف بها رسمياً، بل مع جماعة انقلابية"، يقول الدويري.

وهل يأخذ التهديدات الحوثية للرياض على محمل الجد؟ يجيب الدويري أنها "ليست مجرد حركات صبيانية، بل إنها تهديدات حقيقية يجب على السعودية أن تقاربها جدياً. وهي ورقة ضغط بيد الحوثي، سواء أصاب الصاروخ قصر اليمامة أو سقطت شظاياه في أقسامٍ من الرياض بعد اعتراضه".

ومن وجهة نظر الخبير في الشؤون اليمنية طارق ابراهيم فإن "عبد الملك الحوثي يقول للقيادة السعودية إنه يستطيع أن يطالها في مركز القيادة. وهي مسألة تشبه أن يقول كيم جونغ أون لدونالد ترامب إنه سيقصف البيت الأبيض. وهذا يعني أن التحدي وصل إلى أعلى قممه. وهو يعبر عن نية في الوصول إلى قمة الصدام مع السعودية، والنيل من القرار المركزي السعودي في المقام الأول".

وهل تتأثر السعودية جوهرياً نتيجة إطلاق الصواريخ الحوثية على أراضيها؟ يقول ابراهيم إنه "ومن الناحية العسكرية لا قصف، بل مجرد صاروخ لا يشكل تدميراً كبيراً. بيد أنه يشكل تحدياً بعد انطلاقه بمسافة 1400 كلم من دون أن يتم إسقاطه سوى فوق الرياض. ما يعني أن "الصاروخ استطاع اختراق المنظومات الدفاعية السعودية كلها. وهي مسألة معنوية ولا تُؤخذ مقارنةً بالطبيعة التكتية ومعايير التدمير. بل ندرك تماماً أن قوة صاروخ أميركي واحد يطلق من طائرة ف15 التدميرية تعادل قوة 50 من صواريخ سكود على الأقل. كما تستطيع مجموعة من طائرات ف15 والتورنادو والتايسون السعودية تدمير صنعاء بمئة صاروخ جو أرض".

الاستراتجية السعودية

رغم أن التحالف يسيطر على ما يقارب 85% من الأرض اليمنية، الا أن الدويري يرى أنه لا بد من "تعديل في الاستراتيجية العسكرية السعودية لترتكز على بنك معلومات محدد يشمل المستودعات التي تخبئ فيها الصواريخ". ويجب في رأيه "التحرك سريعاً من خلال رد فعل سريع على الصواريخ الحوثية، سواء في الجو أو من خلال منظومة دفاع جوي فاعلة". ويقول إن "السعودية بالغت في الوصف في بدايات الحملة عندما قالت انها دمرت 90% من الصواريخ". ذلك أن الحديث بات اليوم عن "تقديم مساعدات ايرانية كبيرة وتهريب أسلحة مفككة من الحدود العمانية وإعادة تركيبها في اليمن. فيما القدرة العسكرية الحوثية إلى تزايد، لا إلى تناقص. إذ إنه وفي بداية الحرب اليمنية، كان الحوثيون يطلقون صواريخ سكود تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وهم باتوا اليوم يستخدمون صواريخ ذات الرأس المتفجر التي تعتبر أكثر دقة وقوة".

وهل لدى السعودية القدرة على تعديل استراتيجيتها في اليمن؟ "السعودية تمتلك القدرات وعليها تعديل الاستراتيجية العسكرية من أجل إنهاء الحرب وحسمها. ولا أعني هنا هزيمة كاملة للحوثيين، اذ إنهم باتوا حالة اجتماعية لا يمكن محوها عن الخارطة، بل لا بد من أن يبنى الحل السياسي على الانتصارات العسكرية التي يحققها التحالف بقيادة السعودية"، يجيب الدويري شارحاً انه "لا يمكن حسم الحرب بصيغة عسكرية أكان من قبل الحوثيين ووراءهم ايران، أو من قبل التحالف بقيادة السعودية. والمطلوب ترويض الضبع الحوثي من خلال انجازات ومكاسب عسكرية تحققها السعودية على الأرض".

وفي حال استمر ايقاع عزف طبول الحرب اليمنية على ما هو عليه اليوم، على قول الدويري، فان "المواجهات العسكرية قد تمتد سنوات، ولن تنتهي في سنة 2018، بل علينا الانتظار حتى سنة 2019 على سبيل المثال. ذلك اننا دخلنا اليوم في ما يشبه حرب الاستنزاف التي تنهك الحوثيين وقوات التحالف على حدٍّ سواء، فيخرج الجميع منهزمين كما لو أنها معادلة صفرية".

الاستراتيجية الحوثية

عنوان الاستراتيجية الحوثية اليوم هو ما عبّر عنه عبد الملك الحوثي بالفم الملآن، مستخدماً عبارة: "الرياض مقابل صنعاء". هذا الشعار الرنان يفسّره ابراهيم على انه يترجم في 3 عناوين: "وقف الحرب وفك الحصار وتفعيل حوار مباشر مع السعودية بإشراف الأمم المتحدة". وهو بمثابة "السلاح الأخير الذي يستخدمه الحوثيون لمواجهة القصف السعودي والإماراتي اليومي".

ما مفاده في رأي ابراهيم أن المسألة لا تقارن بقوة التدمير بل بقوة السياسة. ذلك أن "الحوثيين لا يزالون يمتلكون المبادرة الميدانية ويطورون من قدراتهم العسكرية. وهم أسقطوا أبرز أهداف السعودية من الحرب، ألا وهو تدمير القوة الصاروخية الحوثية في غضون أسابيع".

وعن الأسباب الكامنة وراء صمود الحوثيين لسنوات في الحرب، يقول انهم "اكتسبوا تجربة قوية في الحروب الست التي خاضوها منذ سنة 2004 ضد الجيش اليمني بقيادة علي صالح وصولاً إلى السعوديين. فقد اكتسب "أنصار الله" تجربة حرب العصابات. ولا يغيب عن الظن أنهم أحفاد اولئك الذين قاتلوا الجيش المصري في ستينيات القرن الماضي بشراسة، ولا يزال المصريون يحتفظون بذاكرة صعبة جدا في قتال أبناء الشمال اليمنيين الذين كانوا يقفون آنذاك إلى جانب السعودية".

وعن معنى سيطرة السعودية على 85% من الأراضي اليمنية، يقول إن "مساحات جغرافية كاملة ليس لها أي معنى عسكري. وعندما نتحدث عن 85% من السيطرة اليمنية، نقارب مسألة نظرية. ذلك أن اليمن الجنوبية تعيش صراعات داخلية، والهيمنة السياسية في عدن هي للإمارات. اما الحوثيون فلا يزالون يسيطرون على الجزء الأكبر من الأراضي الشمالية من صنعاء إلى تعز والمحافظات الشمالية الحوثية. فيما التأثيرات الفعلية السعودية تكمن في حال استطاعوا السيطرة على الساحل الغربي".


 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
UN warns of mass famine in Yemen
War turning Yemen into broken state, beyond repair: UN
UN Yemen envoy says Houthi assault on Marib 'must stop'
Yemen rebels mark 2,000 days of 'resistance' with stacks of cash
More than 20 killed in clashes in northern Yemen
Related Articles
If Paris cash went to Yemen women
Yemen war can be breaking point in EU arms sales to Gulf
The Houthi-Tribal Conflict in Yemen
Yemen peace hanging on fragile truce
Diplomats strive to forge peace in Afghanistan, Yemen
Copyright 2024 . All rights reserved