القاهرة - رحاب عليوة لم يكن الهجوم على متجر يملكه مواطن مسيحي في حي العمرانية في محافظة الجيزة (جنوب القاهرة) مفاجئاً، إذ يعتبر الحي الشعبي المكتظ بالسكان أحد معاقل جماعة «الإخوان المسلمين» المصنفة إرهابية، وجماعات سلفية متشددة، ما جعل التحول نحو وقائع أكثر دراماتيكية ودموية تحمل بصمات داعشية فيها متوقعاً، خصوصاً في ظل الطبيعة الديموغرافية للحي.
شارع رئيسي يُسمى الدكتور محمد فؤاد يمتد كيلومترات وعرضه نحو 25 متراً، شهد نصفه الأخير مقتل مسيحيين في هجوم مسلح أمس. وتلفت المتجول في الشارع عبارات «إخوانية» تغطي واجهات غالبية المحال التجارية والبنايات منها: «مرسي راجع» و «مرسي رئيسي» و «رابعة في القلب» و «مصر إسلامية»، وهي شعارات من مخلفات تظاهرات كانت شبه يومية في المنطقة إبان عزل الرئيس السابق محمد مرسي في تموز (يوليو) 2013.
الشارع نفسه شهد اعتقال عشرات من سكانه في حملات أمنية خلال السنوات الماضية على خلفية مشاركتهم في اعتصامي «الإخوان» في ميداني «رابعة العدوية» و «النهضة»، بعضهم أُطلق وآخرون ما زالوا موقوفين، فضلاً عن الفارين، إذ غالباً يسكن المنتمون إلى الجماعات الإسلامية في أماكن قريبة.
ولا يعد الشارع الذي لفت الأنظار مجدداً إلى الحي بعد سنوات من الهدوء النسبي منفرداً، وتشهد غالبية شوارع العمرانية الأجواء ذاتها، إذ أعاد الهجوم إلى الحي ذكرى مقتل طفل ما زالت صورته معلقه على بناية منزله بالقرب من المتجر الذي تعرض للهجوم أمس، وهو قتل برصاصة خلال مسيرة لـ «الإخوان» قبل سنوات.
وتنتشر في العمرانية زوايا (أماكن للدروس الدينية وصلاة الجمعة) ومساجد منذ عقود تسيطر عليها جماعة «الإخوان» والجماعات السلفية، المنتمون منهم إلى السلفية العلمية أو الجهادية أو حتى حركة «حازمون» التي أسسها حازم صلاح أبو إسماعيل الموقوف حالياً بتهم العنف والإرهاب.
واكتسبت «حازمون» تعاطفاً بين أبناء الحي، وغطت لافتات ضخمة حملت صورة الشيخ المتطرف واجهات معظم شوارعها إبان إعلان ترشحه في انتخابات الرئاسة العام 2012، والتي منع من خوضها لعدم انطباق شروط الترشح عليه. وأفادت معلومات أمنية بانخراط جزء كبير من قواعد الحركة في جماعات مسلحة، سواء اللجان المنبثقة عن الإخوان مثل «حسم» و «لواء الثورة» أو حتى لـ «داعش» سواء تنظيمياً أو فكرياً.
وعلى رغم جهود وزارة الأوقاف المصرية في السيطرة على المساجد ومنع اعتلاء غير الأزهريين منبرها، ومنع إقامة صلاة الجمعة في الزوايا، ما زال بعضها يعمل ويعتلي منابره شيوخ غير أزهريين.
ولا تعد القاعدة الكبيرة لـ «حازمون» و «الإخوان» وتحركاتهم في الحي إبان عزل مرسي المؤشر الوحيد على تنامي الأفكار المتطرفة بين معظم سكانه، بل العمليات النوعية التي استهدفت تمركزات أمنية في محيط قسم شرطة الطالبية الواقع إدارياً ضمن منطقة العمرانية.
وتعد العمرانية أحد العشوائيات الفقيرة في ضواحي العاصمة، وتشهد مناطق عدة منها انتشاراً للأسلحة النارية بين العائلات التي يتحدر بعضها من محافظات الصعيد حيث العادات القبلية الحاكمة. |