Date: Jun 8, 2011
Source: جريدة الحياة
اختطاف مدونة سورية شابة في دمشق: لا أريد الرحيل أو الاستشهاد.. أريد أن أعيش حرة

مع احتدام المواجهات الأمنية وحملة الجيش على العديد من المدن وصعوبات التواصل وانقطاع الإنترنت، يتجه الكثير من الناشطين والشباب السوريين إلى مغادرة البلاد إلى تركيا أو لبنان أو أوروبا في محاولة لمواصلة أنشطتهم السياسية في أماكن أخرى، خصوصاً مع تزايد الأخطار الأمنية لمن يبقى في سورية من الناشطين. وذكرت محطة تلفزيون «أيه بي سي» الاسترالية أن المدونة والناشطة السورية -الأميركية الشابة أمينة عبد الله اختطفت على يد ثلاثة رجال في دمشق. وقال احد أقاربها إنها اختطفت يوم الاثنين خلال توجهها إلى اجتماع مع ناشطين، موضحاً أنها صرخت وقالت لأحد معارفها أن يطلب والدها، إلا أن الرجال الثلاثة كتموا صوتها وأخذوها في سيارة مدينة.
وقالت أبنة عمها وتدعي رانيا إنها تعتقد أن الرجال الثلاثة ينتمون إلى قوى الأمن، وأن أمينة اختطفت بسبب ما تكتبه في مدونتها حول الأوضاع في سورية، موضحة أن العائلة لا تعرف إلى أي سجن اقتيدت أمينة.
وتابعت:»نأمل بأن تكون في السجن وأن لا يحدث لها شيء أسوأ من هذا».


ولدى أمينة الكثير من المتابعين لمدونتها التي تروي فيها مصاعب الحياة والآمال السياسية والشخصية لجيلها. وفي إحدى المدونات تروي كيف كان رد فعل والدها عندما حضر رجال الأمن إلى منزلهم لاتهامها بـ «التآمر ضد الدولة والتحريض على الانتفاضة المسلحة والعمل مع عناصر أجنبية».
وتصف كيف دافع والدها عنها وأقنعهم بالرحيل قائلاً لرجال الأمن «إنها ليست من عليكم أن تخافوه بل يجب أن تكيلوا المديح لها ولأمثالها».
وتقول أمينة تعليقاً على ما حدث «إن والدي هزمهم لا بالسلاح بل بالكلمات.... والدي بطل. وكنتُ دائماً اعلم ذلك.... لكني الآن متأكدة».
وكانت مجلة «تايم» الأميركية قد نقلت عن أمينة أن والدها قال انه لن يرحل حتى تأتي الديموقراطية أو يموت، وهو نفس العهد الذي قطعته على نفسها.
وقالت أمينة في مدونة بعنوان «الانتقال تحت الأرض» إن والدها الشيخ قرر أن تهرب من البيت. وقال لها «انهم عادوا يسألون عنك. وهذه المرة لا استطيع شيئاً. ارحلي إلى مكان آخر ولا تقولي لي أين تكونين. مع السلامة. محبتي». أخذت أمينة بنصيحة والدها وانتقلت إلى مكان آخر. وكتبت مؤخراً: «لا أريد الاستشهاد، حتى من أجل قضيتي. لذا سأفعل ما بوسعي كي أبقى حرة». وأضافت: «أُريد أن أعيش في بلد حر، ولا أُريد الرحيل».


لكن تدهور الوضع الأمني اجبر آخرين على الرحيل، خصوصاً إلى تركيا ولبنان. وقال مصدر دبلوماسي تركي إن نحو أربعين سورياً لجأوا إلى تركيا نهاية الأسبوع الماضي هرباً من تفاقم أعمال العنف، مشيراً إلى وفاة احدهم متأثراً بجروحه خلال نقله. وأفاد مصدر إنساني بأن نحو تسعين جريحاً سورياً دخلوا تركيا منذ العشرين من أيار (مايو) فيما سجلت ثلاث وفيات. وأوضح المصدر الدبلوماسي لوكالة «فرانس برس» أن «رجلاً مصاباً بالرصاص فارق الحياة في سيارة الإسعاف التي كانت تنقله نحو مستشفى في تركيا بعد عبوره الحدود في حالة خطيرة» في محافظة هتاي جنوب البلاد. وأضاف أن بين الأشخاص الواحد والأربعين الذين عبروا الحدود تمت معالجة نحو عشرين منهم لإصابات مختلفة لمشاركتهم على ما يبدو في حركة الاحتجاج ضد النظام السوري في شمال غربي سورية. وأكد المصدر «اليوم هناك في المجموع 259 لاجئاً سورياً في تركيا 35 منهم في المستشفى».


وأفاد مصدر إنساني قريب من «مؤسسة الإنقاذ الإنسانية» الجمعية الخيرية الإسلامية بأن 88 جريحاً سورياً وصلوا إلى محافظة هتاي التركية منذ العشرين من أيار على دفعات منهم 45 الأحد واثنان الاثنين، مؤكداً أن «ثلاثة جرحى توفوا اول امس (الأحد) وامس (الاثنين)» وأن معظم الجرحى رجال تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين أصيبوا في الساق أو الذراع أو البطن. وأوضح المصدر أن المصابين بجروح خطيرة لم يتمكنوا من الوصول إلى الحدود التركية». وقد وصلت دفعة أولى من اكثر من 200 لاجئ سوري إلى تركيا في نيسان (أبريل). ونقلوا إلى مخيم إقامة الهلال الأحمر التركي في يايلاداجي في محافظة هتاي.


غير أن معظم أفراد تلك الدفعة الأولى كانوا من التركمان، من ذوي الأصل التركي وفق السلطات التي أوضحت انهم جاؤوا بحثاً عن حياة افضل في تركيا بدلاً من الهرب من أعمال العنف.
وأعلن حاكم هتاي محمد جلال الدين لكيسيز لوكالة «أنباء الأناضول» أن سيارات الإسعاف جاهزة عند الحدود لنقل أي جرحى آخرين قد يصلون إلى الحدود. وألغت تركيا وسورية اللتين تتقاسمان حدوداً يبلغ طولها 800 كلم، التأشيرة مؤخراً.
وتخشى تركيا انهياراً سياسياً في سورية المجاورة وما قد يترتب عنه من عدوى في تركيا ولا سيما مع تدفق اللاجئين على أراضيها.