Date: May 29, 2011
Source: جريدة النهار اللبنانية
 
مساومات الدقائق الأخيرة في دوفيل لم تحل دون نجاح قمة الثماني

باريس - سمير تويني

 

في قراءة لما حدث خلال اليومين الماضيين في قمة دوفيل لمجموعة الثماني، يمكن القول إنه على رغم مساومات الدقائق الأخيرة في شأن الملفات السورية والليبية والفلسطينية، كانت قمة مجموعة البلدان الأكثر تصنيعا ناجحة. ولم تمنع التناقضات في بعض المواقف من حصول توافق في الرؤية حول أهم المواضيع التي كانت مطروحة على القمة. غير ان موسكو أحبطت فكرة تهديد سوريا باللجوء المعلن إلى مجلس الأمن في البيان الختامي وحذفت من الفقرة 66 العبارة الآتية: "اذا لم تستجب السلطات السورية لهذا النداء لوقف العنف ضد المتظاهرين والقيام بإصلاحات جذرية، فإننا نتطلع الى عمل ضد سوريا في مجلس الأمن". واستبدلت بالآتي: "إذا لم تأخذ السلطات السورية في الاعتبار هذا النداء فسننظر في تدابير أخرى".
فما هي هذه التدابير؟
المقصود بالتدابير الأخرى، بحسب مصادر ديبلوماسية شاركت في المؤتمر، الوصول في النهاية الى مجلس الأمن، غير ان روسيا فضلت استعمال تعبير مبهم اقل حدة.
ويمكن الاستنتاج انه في حال عدم استجابة الرئيس السوري بشار الأسد لمطالب الإصلاح واستمرار العنف، فان التدابير التي ستتخذ في حقه ستكون تصاعدية، في انتظار ما ستؤول اليه المناقشات في مجلس الأمن وعدم توافر الحصول على الأصوات التسعة الضرورية وموقف الصين. غير ان المواقف قابلة للتغيير في ضوء استمرار عمليات القمع ورفض الرئيس الأسد التجاوب مع الأسرة الدولية، على ما أفادت مصادر ديبلوماسية.


ليبيا
من جهة أخرى، وتعبيراً عن التوافق داخل المجموعة، ليّن الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف موقفه من الملف الليبي ووافق على الاعتراف بان القذافي "فقد شرعيته، وتاليا عليه الرحيل". كما أيدت روسيا وضع القرارين الصادرين عن مجلس الأمن 1970 و1973 حيز التنفيذ الكامل، والتي كانت قد امتنعت عن التصويت عليهما.
وفيما كانت موسكو تشير الى وساطة تقوم بها مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بناء على طلب أميركي - فرنسي، أوضح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال المؤتمر الصحافي موقفه قائلا: "لا وساطة ممكنة مع القذافي وعلى جنوده العودة الى ثكنهم وعلى القذافي الرحيل . بعد ذلك يمكننا ان نناقش كيفية رحيله". كما أعلن زيادة الضغط العسكري على قوات القذافي لحمله على التنحي والرحيل. غير انه اعتبر ان "الغربيين في حاجة الى مساعدة من الرئيس ميدفيديف". من دون الإشارة إلى أية وساطة بل الى تفاهم حول الملف.


مبادرة السلام
اما في ما يتعلق بملف السلام في الشرق الأوسط، فلم تصدر اية مبادرات جديدة عن المؤتمر. وقد عبرت مجموعة الثماني عن دعم لافت لرؤية الرئيس الأميركي باراك اوباما للسلام في الشرق الأوسط. وشددت على اعتبار المفاوضات "الوسيلة الوحيدة " للتقدم على طريق التسوية، ودعت إسرائيل والسلطة الفلسطينية الى عدم اتخاذ اية تدابير أحادية تمنع التقدم."


الربيع العربي
وتعهدت القمة دعم الديموقراطيات الناشئة وتقديم حزمة مساعدات وقروض لمساعدتها على تخطي المصاعب الناتجة من تراجع مداخيلها. وأسست "شركة دوفيل" لبرنامج اقتصادي يلبي تطلعات الشعوب، غير انه على المدى القصير يبقى هدف هذه الشركة تجنب عدم الاستقرار الذي يمكنه ان يزعزع نهج الإصلاح السياسي ويوقف عملية الانتقال نحو مجتمع حر ديموقراطي ومتسامح.
والهدف من إعلان مساعدات تتخطى الأربعين مليار دولار هو بناء شركة على المدى البعيد لتحديث الاقتصاد وفتح مجالات عمل جديدة للنساء والشباب.
وتشكل هذه الشركة رغم عدم وضوح كيفية توزيع المساعدات والقروض إشارة سياسية من شقين، الاول: التعبير للبلدان التي اجتازت عتبة التغيير السياسي نحو الديموقراطية والحريات أنها ليست وحيدة وسيتم دعمها بجميع الطرق المتوافرة لان فشل الثورة المصرية والتونسية يعني القضاء على "الربيع العربي". وثانيا الإعلان عن مدى أهمية المساعدات وإبراز قيمة "الجائزة" أمام الشعوب التي تنادي بالإصلاح في العالم العربي لتشجيعها على التحول نحو الديموقراطية والحرية.