Date: May 27, 2011
Source: جريدة النهار اللبنانية
مجموعة الثماني تحضّ سوريا وليبيا على وقف العنف
وتلتزم علاقة "دائمة" مع مصر وتونس لتطوير حكم القانون

باريس - سمير تويني والوكالات 

 

لم تكد قمة مجموعة الثماني تفتتح أعمالها في مدينة دوفيل في شمال غرب فرنسا أمس في حضور زعماء كبرى الدول الصناعية في العالم، حتى نشر على نطاق واسع مشروع البيان الختامي، كاشفاً جدول أعمال فضفاضاً للقمة السابعة والثلاثين للمجموعة، من "الربيع العربي" والنزاع الاسرائيلي - الفلسطيني، وصولاً الى خلافة دومينيك ستروس - كان على رأس صندوق النقد الدولي، ودور الحكومات في نشر الانترنت والعبر الواجب استخلاصها من الكارثة النووية في فوكوشيما.

وضعت قمة دوفيل ما بات يعرف بـ"الربيع العربي" في مقدم جدول أعمالها، بعد مقتل الالاف في احتجاجات شعبية في ليبيا وسوريا اعقبت الثورات الشعبية التي اطاحت النظامين التونسي والمصري.
ومن المنتجع البحري على ساحل النورماندي والمعروف بقصوره وكازينواته، حاول زعماء الولايات المتحدة وروسيا والمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وكندا واليابان زيادة الضغط على الرئيس السوري بشار الاسد والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي اللذين يهددان الزخم الديموقراطي الذي يشهده العالم العربي، وإن يكونوا ظلوا منقسمين حيال سبل الرد إذا لم يذعن الجانبان.


ووزعت فرنسا، التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة، مشروع بيان ختامي يشكل حداً أدنى لصيغة توافقية، نظرا الى الخلافات بين البلدان الثمانية ويدعو النظام الليبي الى "الوقف الفوري لاستخدام القوة ضد المدنيين... ودعم التوصل الى حل سلمي يعكس ارادة الشعب الليبي".
وفي موقف منفصل، قال نائب مستشار الامن القومي في البيت الابيض بن رودس ان واشنطن لا تعتبر احدث عرض من ليبيا لوقف النار ذا صدقية لأنه ليس مصحوبا بأفعال. ولاحظ ان ليبيا لا تلتزم مطالب الامم المتحدة، ولذلك ستواصل الولايات المتحدة الحملة العسكرية.
وفي ما يتعلق بسوريا، ناشدت المجموعة" القيادة السورية الكف عن استخدام العنف والترهيب ضد الشعب السوري وبدء حوار واصلاحات اساسية، في استجابة للتعبير الشرعي عن مطالب الشعب".
وسبق للاوروبيين والاميركيين أن فرضوا عقوبات على نظام الاسد. وأفاد مسؤول أوروبي أنه يمكن البحث في تشديد هذه العقوبات في قمة دوفيل.

 

"شركة دوفيل"
ويريد الغرب بأية طريقة تجنب إخراج العملية الديموقراطية في العالم العربي عن سكتها، بعد الثورتين التونسية والمصرية. ومن المقرر أن يلتقي الزعماء اليوم رئيسي الوزراء المصري عصام شرف والتونسي الباجي قائد السبسي.
واستناداً الى مسودة البيان الختامي، يلتزم الزعماء علاقة "دائمة" يطلقون عليها اسم "شركة دوفيل"، مع هذين البلدين اللذين تقدر حاجاتهما بعشرات المليارات من الدولارات. ولم يستبعد مسؤول أوروبي أن تعلن القمة مبلغاً اجمالياً للمساعدات.
وقال الزعماء في مسودة البيان: "قررنا اطلاق شركة دائمة مع هاتين الدولتين (مصر وتونس) اللتين بدأتا عمليتي انتقال ديموقراطي... هدفنا المشترك هو تطوير حكم القانون ومشاركة المواطنين وتعزيز الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لكي تلبي تطلعات الشعوب".


ويكتسب البيان أهمية من الثقل الديبلوماسي لموقعيه أكثر منه من التعابير التي استخدمت فيه، وتحديداً في ما يتعلق بسوريا التي تشكل خصوصاً نقطة التوازن الصعبة بين الغرب الذي فرض أصلاً عقوبات على دمشق، والروس الذين يواصلون دعمهم لها.
ويفترض أن يكون "الربيع العربي" شكل محور محادثات الزعماء في عشائهم مساء أمس، بعدما بدأوا اجتماعاتهم بغداء عمل خصص للاقتصاد العالمي والامن النووي، واستمعوا الى رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان يعرض وضع محطة فوكوشيما النووية المتضررة، ويعلن أن طوكيو تريد تنظيم قمة دولية في شأن السلامة النووية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية السنة المقبلة في اليابان.


النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي
وفي الملف الفلسطيني - الاسرائيلي، بدا الزعماء مقتنعين بان "التغييرات التاريخية في المنطقة لا تجعل تسوية النزاع الاسرائيلي- الفلسطيني من طريق التفاوض اقل اهمية بل اكثر اهمية"، ودعوا "الجانبين الى بدء مناقشات جوهرية من دون تأخير من أجل التوصل الى اتفاق اطار على كل القضايا المرتبطة بالوضع النهائي".
وعلى هامش القمة، اشاد الاميركيون والروس باعتقال القائد العسكري السابق لصرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش.


أوباما - ميدفيديف
وفي اللقاءات الجانبية، خرج الرئيس الاميركي باراك أوباما ونظيره الروسي دميتري ميدفيديف من محادثاتهما غير قادرين على اظهار احراز تقدم في المسألة المثيرة للجدل المتعلقة بالدفاع الصاروخي، الامر الذي يبرز استمرار الريبة في العلاقات بين الجانبين على رغم ذوبان الجليد تدريجاً.
واستبعد ميدفيديف التوصل الى حل نهائي للخلاف الطويل الامد في هذا الشأن قبل سنة 2020.
وقبل القمة، حذر من حرب باردة جديدة في اوروبا اذا بنت واشنطن نظاماً صاروخياً من دون موافقة الكرملين، على رغم أن مسؤولين روساً قللوا أهمية هذا الخلاف.
ولئن أكد الزعيمان ان العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، والتي "تعدلت" في ظل ادارة اوباما، في حال جيدة، فان التصريحات الروسية المتشددة وقرار موسكو تجربة صاروخين نوويين في نيسان الماضي تبرد المخاوف الروسية من ان ادارة اوباما لا تعني ما تقول عن تحسين العلاقات الذي أعلنته  في 2009.


ميدفيديف - ساركوزي
كذلك، التقى ميدفيديف نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، وأعلن الجانبان عزمهما على توقيع اتفاق على تسليم باريس موسكو حاملات طائرات مروحية من طراز "ميسترال" الفرنسية منتصف حزيران المقبل.
وخلال لقاء أوباما رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان، أبلغ الرئيس الاميركي الصحافيين أن اليابان ستخرج "أقوى من أي وقت" بعد الزلزال والمد البحري اللذين أوديا بالآلاف في آذار الماضي.


الإنترنت
وخصصت جلسة العمل الاولى للقمة بعد ظهر أمس للانترنت، وانضم الى الزعماء بعض عمالقة الشبكة العنكبوتية، وبينهم رئيس شركة "غوغل"اريك شميت ومؤسس "فايسبوك" مارك زوكربرغ.
وكانت فرنسا اقترحت على شركائها اعلاناً يقر للحكومات بدور في مرافقة تطور الانترنت، الى جانب القطاع الخاص والمستخدمين.
وقبل ذلك، أعرب زعماء مجموعة الثماني عن تضامنهم مع اليابان في كارثة فوكوشيما.
ومن المتوقع أن يعقد زعماء مجموعة الثماني اليوم اجتماعا تشاوريا مع  زعماء افارقة، بينهم ثلاثة رؤساء انتخبوا أخيراً في عمليات اعتبرتها باريس ديموقراطية، وهم  رئيس ساحل العاج الحسن وتارا وغينيا الفا كوني والنيجر محمدو يوسوفو.


لاغارد
 وفي باريس، قدمت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خلال مؤتمر صحافي لاختتام المنتدى في الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية جرعة دعم لوزيرة المال الفرنسية كريستين لاغارد المرشحة لتولي منصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، إلا أنها قالت إن واشنطن لم تتخذ بعد "رسميا" موقفا من الترشيحات. وقالت: "نؤيد تولي نساء يتمتعن بكفاية وخبرة مؤسسات كبيرة مثل صندوق النقد الدولي"، ولكن "حتى الآن لم تتخذ الولايات المتحدة موقفاً لدعم أي مرشح... رسمياً ستدرس الولايات المتحدة (الترشيحات) قبل اعلان مرشحها المفضل".
وقالت جنوب افريقيا بعد اعلان ترشح لاغارد، ان المدير الجديد للصندوق يجب ان يكون من دولة نامية.
 وأبلغ وزير المال الهندي براناب مخرجي الصحافيين في نيودلهي انه على اتصال بنظرائه في دول عدة ناشئة لدعم مرشح مشترك لتولي منصب المدير العام لصندوق النقد.