باريس، أنقرة، بيروت - رندة تقي الدين، «الحياة»، رويترز كثفت تركيا تنسيقها مع روسيا وإيران لاستخدام المجال الجوي السوري لتنفيذ ضربات على مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية في منطقتي عفرين ومنبج شمال سورية، بعدما فشلت تأكيدات الإدارة الأميركية في إقناع الجانب التركي بأن لا نية لديها لتشكيل «جيش كردي» في المنطقة. ولم يحل التطور العسكري دون استكمال أطراف النزاع السوري استعداداتها للمشاركة في محادثات فيينا بعد أيام.
وأقرّ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بحاجة تركيا إلى التنسيق مع روسيا لتفادي أي صدام في عفرين. وأكد أن تركيا «تدافع دائماً عن وحدة» الأراضي السورية، وأنه «ينبغي على روسيا ألا تعارض أي عملية تركية» في عفرين، على رغم اعترافه بضرورة أن تأخذ بلاده في الحسبان وجود بعض المراقبين الروس في المنطقة. وزاد: «عندما ننفذ تدخلاً نحتاج إلى تنسيق في هذا الشأن، ولا ينبغي أن يؤثر ذلك في المراقبين الروس»، وأضاف: «علينا أن ننسّق معاً في شأن التدخل الجوي، كما فعلنا في تأسيس نقاط المراقبة في إدلب، ضمن اتفاق آستانة».
وحلّت مسألة التنسيق الجوي بنداً أساسياً خلال لقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو برئيسَي الأركان والاستخبارات التركيين خلوصي أكار وهكان فيدان في موسكو التي احتفظت بالصمت تجاه فحوى الاتصالات التركية معها.
وبرز دخول النظام السوري على خطّ التصعيد، محذراً تركيا من اجتياح عفرين ومهدداً بـ «تدمير» طائراتها. وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس، إن دمشق «ستواجه أي تحرك تركي عدواني وأي عمل عسكري يطاول الأراضي السورية بتصدٍ ملائم». وحذر «القيادة التركية من بدء أي عمل عسكري في منطقة عفرين»، مؤكداً أن «قوات الدفاع الجوي السورية استعادت قوتها الكاملة، وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجوية التركية في السماء السورية».
وردّت دمشق على إعلان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أن إبقاء قوات أميركية لفترة غير محددة في سورية هي مسألة حاسمة بالنسبة إلى استراتيجية واشنطن في هذا البلد، بهدف مواجهة نفوذ إيران ودفع الرئيس السوري بشار الأسد خارج السلطة. وأكدت وزارة الخارجية السورية أن الوجود العسكري الأميركي «غير شرعي ويشكل خرقاً سافراً للقانون الدولي واعتداء على السيادة الوطنية»، مضيفة أنه «يهدف إلى حماية تنظيم داعش الذي أنشأته إدارة (الرئيس السابق) باراك أوباما».
وفي المسار السياسي، يستعدّ طرفا النزاع السوري للمشاركة في محادثات فيينا يومي 25 و26 الجاري.
وأبلغت عضو «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة بسمة قضماني «الحياة» بأن مفاوضات جنيف ستستأنف في فيينا «لأسباب لوجيستية فقط». وأشارت إلى احتجاج المعارضة على قُصر مدة المفاوضات، كونها «لا تعطي وقتاً لاختبار جدّية النظام السوري وروسيا». وأضافت: «إذا تعاون الروس وضغطوا على النظام لجعل جنيف مساراً مجدياً، فتصبح سوتشي داعمة جنيف. أما إذا واصل النظام تعطيل جنيف بهدف إحضارنا إلى سوتشي فهذا مرفوض».
وواصلت روسيا الحشد لمؤتمر «سوتشي» عبر إعلان عزمها على دعوة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن إلى حضور المؤتمر بصفة «مراقب»، فيما لا تزال تنتظر الردّ التركي النهائي على لائحة مدعوين أعدتها موسكو، لتبدأ بعد ذلك بتوجيه دعوات الحضور إلى الأطراف السورية.
ونفى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف تأجيل انعقاد المؤتمر، وأكد أن موعده لا يزال قائماً في 29 و30 الجاري، وكشف عن عقد لقاء روسي– إيراني– تركي على مستوى نواب وزراء الخارجية غداً السبت في سوتشي، للتباحث في الاستعدادات للمؤتمر.
|