بعد انتصار العراق بقيادته على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وإنهاء محاولة الانفصال الكردية، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي (65 سنة) ليل السبت - الأحد ترؤسه ائتلافاً سياسياً جديداً في الانتخابات النيابية المرتقبة في أيار المقبل، في مواجهة سلفه ومنافسه نوري المالكي (67 سنة).
عندما وصل هذا السياسي الشيعي إلى رأس السلطة في العراق قبل ثلاث سنوات، كان مغموراً، إلا أنه حمل مسؤولية إعادة إعمار بلد وجيش على شفير الانهيار، ففاجأ أكثر المتفائلين بإعلان انتصارات متتالية.
وفي ظل حكم سلفه، ورفيقه في حزب الدعوة، اجتاح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) العراق وسيطر على ما يقارب ثلث مساحته. وقبل شهر فقط، أعلن رئيس الوزراء بصوته الرخيم "النصر الكبير" و"انتهاء الحرب" ضد الجهاديين.
وخلال ثلاث سنوات من المعارك المتواصلة، برزت قوة جديدة في البلاد، هي "الحشد الشعبي" الذي يضم فصائل شيعية غالبيتها تدعمه إيران، وتأسست بدعوة من المرجعية الشيعية في البلاد لمواجهة تقدم الجهاديين.
وبعدما فرضت نفسها قوة حاسمة في أرض المعركة، تسعى تلك القوات إلى أن تجد لنفسها مكاناً في قلب مؤسسات السلطة.
وتتنافس أحزاب عدة رشحت قيادات من الحشد كانت أعلنت تخلّيها رسمياً عن المنصب العسكري، للانتخابات النيابية المرتقبة في 12 أيار.
وقرر هؤلاء الانضمام إلى "ائتلاف النصر" الذي وصفه العبادي في بيان بأنه "عابر للطائفية والتفرقة والتمييز".
وأكد أحمد الكناني، عضو المكتب السياسي لـ"حركة صادقون" التي ستمثل "عصائب أهل الحق" في الانتخابات، إنه "تم الاتفاق، بعد مفاوضات مطولة، بين ائتلاف الفتح و ائتلاف النصر ... على تشكيل ائتلاف واحد باسم +نصر العراق+".
ويضم ائتلاف "الفتح" 18 كياناً سياسياً، أبرزها "منظمة بدر" بزعامة هادي العامري و"حركة الصادقون" التي يرأسها قيس الخزعلي.
وأوضح العبادي، الذي يعتبر من السياسيين الشيعة القلائل الذين يحظون بشعبية بين الأقلية السنية في البلاد، أن ائتلافه "سيمضي قدماً بالحفاظ على النصر وتضحيات الشهداء والجرحى والوفاء لمواقف الابطال في ساحات القتال".
وشدد في بيانه أيضا على "محاربة الفساد والمحاصصة بجميع اشكالها"، إضافة إلى "تعزيز وحدة البلاد"، وهما ساحتان لمعركتين سياسيتين أمام العبادي الذي سبق له أن أرسل قواته لاستعادة مناطق متنازع عليها من الأكراد، بعد رفضه استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق رفضاً قاطعاً.
أما الأحزاب الكردية، التي يمثلها حاليا نحو 60 نائباً في مجلس النواب الاتحادي، فتعاني انقساماً في الصفوف تحضيرا للانتخابات المقبلة. وشكل كل من الحزبين التاريخيين في كردستان العراق، الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، لائحتين منفصلتين، فيما توحدت أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة في قائمة واحدة.
ولم يشر أي من هؤلاء حتى الآن إلى تحالفاتهم المرتقبة، ولكن اذا تمكنوا من حشد أصوات كافية، فقد يصيرون محط تودد لمعسكري العبادي والمالكي.
ويشار الى أن عدداً كبيراً من القادة الأكراد يعربون عن رفضهم ومعارضتهم العلنية لقوات "الحشد الشعبي".
وترشح العبادي في مواجهة المالكي، يمثل انقساماً غير مسبوق في حزب الدعوة، المعارض التاريخي لنظام الرئيس الراحل صدام حسين الذي أطاحه الأميركيون خلال اجتياح العراق عام 2003، والذي ينتمي إليه العبادي والمالكي.
ويدخل المالكي الانتخابات بائتلاف "دولة القانون"، التحالف السياسي الذي فاز في الانتخابات السابقة. ولكن في عام 2014، فشلت محاولات المالكي للبقاء رئيساً للوزراء لولاية ثالثة، بعيد انهيار القوات العراقية أمام اجتياح "داعش".
وصرح الناطق باسمه عباس الموسوي، بأن "الخروج بلائحتين لا يعني أنها مواجهة بين شخصين، بل هي مواجهة بين مشروعين ورؤيتين وتحالفات مختلفة". وأضاف أن "حزب الدعوة تبنى القائمتين، ولم يمارس علينا أي ضغط إقليمي، لا إيراني ولا أميركي".
وعلى رغم ذلك، أكد المحلل السياسي عصام الفيلي أن "إيران سيكون لها الدور الكبير، ولن تسمح للكيانات الشيعية أن تتشرذم"، مشيراً إلى أنه "حتى اطراف سنين سيدعمون التحالفات الشيعية" بتأثير من ايران.
|