وسط تصاعد ملحوظ للتحركات والاستعدادات الحزبية والسياسية المتصلة باستحقاق الانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل، برزت أمس للمرة الاولى منذ نشوء ازمة مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994 ملامح مرونة حيال احتمال التوصل الى مخرج ممكن لهذه الازمة يحفظ ماء الوجه لجميع المعنيين بها. ومع انه يبدو مبكراً الحديث عن تقدم المساعي نحو ايجاد مخرج للازمة من شأنه ان يحظى بموافقات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء سعد الحريري، فان ذلك لم يحجب محاولة متقدمة بدأت تثير اهتماما في الساعات الاخيرة في انتظار رصد المواقف الاولية منها في الايام القريبة. وعلمت "النهار" ان مشروع الحلّ الذي طرحه الرئيس بري وارسله الى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، نقله النائب وائل بو فاعور الى الرئيس الحريري، الا انه لم يصل بعد الى الرئيس عون في بعبدا، لأن رئيس الحكومة سافر الى باريس بعد جلسة مجلس الوزراء الاخيرة.
وفيما تكتمت أوساط جنبلاط على مضمون مشروع الحلّ، علم من أوساط عين التينة ان المبادرة تقوم على دمج مرسوم منح الاقدمية لضباط دورة ١٩٩٤ومراسيم منح الترقية لكل ضباط الأسلاك العسكرية في مرسوم واحد يوقّعه الوزراء المختصون، أي الدفاع والداخلية والمال، قبل ان يرفع الى رئيس الوزراء ثم الى رئيس الجمهورية، فيوقع وينشر في الجريدة الرسمية وفق الاصول. وبذلك تنتهي الازمة باعطاء الجميع حقوقهم بطريقة قانونية من غير ان يكسر فريق أو يستبعد فريق. وفي حين نقل عن الرئيس الحريري ترحيبه بصيغة الحلّ المقترح والذي رآه جديراً بالنقاش والمتابعة مع رئيس الجمهورية، لا تزال بعبدا تتحفّظ عن كل ما يدور حول مضمونه، قبل أن يسلّم رسمياً الى الرئيس عون. وأفاد زوار بعبدا، أن كل ما وصلها حتى الان عناوين وتسريبات اعلامية لا يمكن الركون الى مضمونها قبل ان تعرض بتفاصيلها وبصفة رسمية على رئيس الجمهورية.
ورداً على سؤال عن آخر التطورات في ازمة مرسوم الاقدمية وما نقله النائب أبو فاعور الى الرئيس الحريري وفق المخرج الذي وضعه الرئيس بري، اكتفى الاخير بالقول لـ"النهار" مساء أمس إنه "لن يقول فول حتى يصير في المكيول لا أكثر ولا أقل".
ونفت أوساط عين التينة أي علاقة لما شهدته جلسة مجلس الوزراء الاخيرة بأزمة المراسيم وقالت ان ما جرى لا يعدو كونه ردة فعل موضعية لوزيري "امل " غازي زعيتر وعلي حسن خليل على اداء يتعلّق بمكوّن حكومي له حجمه السياسي ووزنه الشعبي وله مطالب في العمل الحكومي، كأي مكون آخر.
واستغربت هذه الأوساط عملية التضخيم لموضوع انتهى في زمانه ومكانه من غير ان يترك أي تداعيات على العلاقة مع رئيس الحكومة الذي عاد على الفور الى قاعة مجلس الوزراء وأدرك ان لا ربط بين ازمة المراسيم والموقف المقتصر في مجلس الوزراء على طريقة ادراج بنود محددة على جدول الاعمال.
وقالت أوساط عين التينة إن وزراء "أمل" مستمرون في الحكومة وليس في حسابهم لا تعليق مشاركة ولا اعتكاف ولا غيرهما متسائلة لماذا الأقدام على مثل هذه الخطوات ما داموا مرتاحين الى وضعهم، والى موقع المتلقي الذي اتخذه رئيس المجلس نبيه بري لنفسه ولفريقه في الازمة القائمة؟
في غضون ذلك، برز موقف لافت للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عقب زيارته للرئيس عون بدا بمثابة دعم لموقف الاخير في ازمة المرسوم. واذ رأى الراعي ان "لا داعي لهذا الخلاف الكبير في شأن المرسوم" اعتبر مرسوم الاقدمية "لا علاقة له بالمال اما مرسوم الترقية فيحتاج الى توقيع وزير المال وبهذا نطبق الدستور".
"المستقبل" وجنبلاط
على صعيد آخر، برز سجال اعلامي مفاجئ بين "تيار المستقبل" والنائب جنبلاط على خلفية انتقادات للمملكة العربية السعودية وردت في حديث جنبلاط الاخير الى "تلفزيون المستقبل". واصدر "تيارالمستقبل " بياناً أسف فيه "لطريقة ومضمون المخاطبة التي توجه بها السيد وليد جنبلاط الى المملكة العربية السعودية وهو اسلوب لا يتوافق مع تاريخه وتاريخ الحزب التقدمي الاشتراكي وعلاقته الشخصية مع دولة شقيقة كانت دوماً الى جانب لبنان وقضاياه". ودعا البيان جنبلاط "الى تصحيح موقفه".
وسارع جنبلاط على الاثر الى التغريد على صفحته متهكماً "ان وكالة السفر المعروفة Samana بالاشتراك مع وكالة السفر المشهورة Tour du Monde تقدمان أفضل العروض للسفر الى جزر القيامة او جزر الفصح وذلك للاستفادة من كبار العلماء هناك والفلاسفة الضالعين في علم النأي بالنفس. ان وفداً من قيادة الحزب الاشتراكي في طريقه الان للغرف من معرفتهم". وكان غرّد في وقت سابق "انه وسط الضجيج الذي اثير حول قسم من كلامي وفسّر انه تدخل في الشأن السعودي الداخلي واحتراماً لسياسة عدم الانحياز التي ارساها الرئيس سعد الحريري مع جميع الافرقاء اعلن التزامي هذا النهج تفادياً لتفسيرات مغلوطة".
وفد التحقيق
وسط هذه الاجواء سجل تطور غداة قرار القضاء الاميركي انشاءَ وحدة خاصة للتحقيق في قضية "حزب الله" الذي تصنّفه واشنطن "منظمة ارهابية" وتتهمه بالحصول على تمويل عبر الإتجار بالمخدرات، اذ كشفت "وكالة الانباء المركزية" ان وفداً يصل الى بيروت اليوم ويضم اعضاء من وحدة التحقيق (اكثر من 10 اشخاص) تترّكز مهمتهم على جمع معلومات عما تعتبره واشنطن "شبكات تجارة المخدرات التي يستفيد منها "حزب الله" لتمويل نشاطاته"، على ان يرفع في ضوئها تقريراً الى القضاء الاميركي لاتّخاذ الاجراءات المناسبة. وتأتي زيارة اعضاء الوحدة الخاصة لتؤكد مدى جدّية الادارة الاميركية في تطبيق قرار ملاحقة منابع تمويل المنظمات الارهابية، وتحديداً "حزب الله"، لكونها تُشكّل مصدراً اساسياً في توسيع رقعة نشاطاته في لبنان وخارجه"، ولتعكس السرعة الاميركية "في القضاء على المنظمات الارهابية" التي ترى واشنطن انها تُهدد الاستقرار العالمي وتؤثّر على المصالح الاميركية وعلاقتها مع حلفائها وشركائها الدوليين.
|