الجمعه ١٩ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تموز ١٧, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
سوريا

الملف: انتخابات
انتخابات برلمانية تتزامن مع عقدين على حكم الأسد
حضور إيراني وغياب روسي في الانتخابات
دمشق: «الشرق الأوسط»
تظهر الحملات الدعائية في مناطق سيطرة الحكومة السورية لانتخابات مجلس الشعب (البرلمان)، ارتباط عدد كبير من رجال الأعمال المرشحين بوصفهم مستقلين للانتخابات، بعلاقات وثيقة مع إيران، وقلة عدد من لهم علاقات مع روسيا، بعدما رفضت دمشق مطالب موسكو المتعلقة بهذه الانتخابات.

وبلغ عدد المرشحين للانتخابات التي ستجرى في 19 يوليو (تموز) الحالي، 8 آلاف و735 شخصاً، سيتنافسون على 250 مقعداً. واختار «حزب البعث»؛ الذي يفترض أنه لم يعد الحزب الحاكم مع تعديل «المادة الثامنة» من الدستور في 2012 بعد عملية «استئناس» أجراها لأعضائه، مرشحيه ومرشحي أحزاب «الجبهة الوطنية التقدمية» المتحالفة معه، وأصدر «قائمة الوحدة الوطنية»، التي ضمت 166 مرشحاً «بعثياً»، و17 مرشحاً من بقية الأحزاب، مما يعني أنه بقي في المجلس نحو 65 مقعداً يتنافس عليها المستقلون من رجال الأعمال وغيرهم. وبعد الإعلان عن «قائمة الوحدة الوطنية»، لوحظ أن أسماء كثيرة فازت في عملية «الاستئناس» لكنها لم ترد في القائمة.

- رجال أعمال
ويلاحظ أن هناك مشاركة واسعة في الترشح للانتخابات من قبل رجال الأعمال وكبار التجار، فأغلبية المرشحين المستقلين عن مدينتي دمشق وحلب من هؤلاء؛ وأبرزهم: محمد حمشو، وسامر دبس، وغزوان المصري، وفهد درويش محمود، وجميل مراد، وحسام قاطرجي، وحسان عزقول، وهمام مسوتي.

وتتنافس في دمشق 3 قوائم للتجار ورجال الأعمال، هي: «الياسمين»، و«دمشق»، و«شام». ويتزعم حمشو المدرج على قائمة العقوبات الغربية، «قائمة شام»، وتضم 7 مرشحين، بينما يتزعم مسوتي ودبس «قائمة دمشق»، فيما يتزعم عزقول «قائمة الياسمين».

واللافت أن رجل الأعمال سامر فوز الذي ظهر خلال سنوات الحرب لم يترشح، لكنه أكثر قرباً من «قائمة دمشق»، ويدعم مرشحين مستقلين في اللاذقية، بينما يدعم رجل الأعمال وسيم قطان «قائمة شام»، في وقت منح فيه التجار في سوق الحريقة والحميدية وسط دمشق دعمهم لحمشو.

وأطلقت «قائمة شام» شعار: «معاً نكمل الدائرة» على حملتها الدعائية، و«قائمة دمشق» شعار: «تصمد ولا تصمت»، بينما اختار رجل الأعمال قاطرجي في حلب شعار: «بخدمتكم»، وقام بتنفيذ حملة ضخمة في مدينة حلب.

- مال سياسي
ومما يدل على استثمار كبير لـ«المال السياسي»، يلاحظ أن الإعلانات الدعائية لقوائم رجال الأعمال وكبار التجار، حازت العدد الأكبر من اللوحات الطرقية الكبيرة واللافتات، في حين بدت الحملات لباقي المرشحين المستقلين خجولة؛ إذ اكتفوا بإلصاق صور شخصية في الشوارع. كما أن شركة «إيلا» المملوكة لرجل الأعمال خضر علي طاهر الملقب «أبو علي خضر» والذي ظهر أيضاً خلال سنوات الحرب وساهم مالياً وعبر ميليشيات في القتال إلى جانب الجيش النظامي، قامت بشراء اللوحات الإعلانية الطرقية كافة في مناطق سيطرة الحكومة، وتتحكم بظهور المرشحين وفقاً لمصالح مالكها.

وظهر اهتمام واضح بالـ«سوشيال ميديا» بين المرشحين؛ إذ استخدم بعضهم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر حملة عصرية متكاملة، مما لفت الأنظار إليه، بينما أسست قوائم «شام» و«دمشق» و«الياسمين» صفحات على «فيسبوك».
وفي ظل الأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها المواطنون في مناطق سيطرة الحكومة، (90 في المائة يعيشون تحت خط الفقر)، يجري الحديث في أوساط العاملين في الحملات الدعائية لرجال الأعمال وكبار التجار عن استعدادات لشراء الأصوات بالمال.

- مرشحون لإيران
وأكثر ما يلفت الانتباه، أن أبرز المرشحين من رجال الأعمال وكبار التجار، تربطهم علاقة قوية مع إيران التي دعمت النظام خلال الحرب المتواصلة منذ أكثر من 9 أعوام. ويعدّ حمشو من أبرز المرشحين الذين لهم علاقة مع إيران؛ إذ تربطه صلات تجارية واسعة معها، وقاتل مسلحون محسوبون عليه مع ميليشيات إيرانية، فضلاً عن دعمه الواسع سكان الأحياء في دمشق (الأمين، والجورة، وزين العابدين) وريفها، مثل «السيدة زينب» ونبل والزهراء بريف حلب، وكفريا والفوعة بريف إدلب. كما أن فهد درويش محمود، له صلات تجارية واسعة مع إيران، وكذلك الحال بالنسبة لمصان نحاس.

ويحتدم التنافس بين محمود ونحاس، خصوصاً أنهما على قائمتين مختلفتين؛ فالأول مع «قائمة شام» التي يتزعمها حمشو، والثاني مع «قائمة دمشق» التي يتزعمها دبس، فضلاً عن أن محمود اعترض بشدة على جولة انتخابية لـ«قائمة دمشق» نظمها نحاس في حي الأمين، مما أثار امتعاض درويش ودفعه إلى مفاتحة النظام بالأمر، وهو ما جعل الأخير يصدر بياناً أكد فيه وقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين والقوائم.

ودرويش الذي شارك في المجهود الحربي للميليشيات الإيرانية في دمشق، هو نائب رئيس «غرفة التجارة السورية - الإيرانية المشتركة»، ويترأس شركة «أرمادا» التي تعمل وكيلاً لـ«الشركة السورية الإيرانية لصناعة السيارات (سيفيكو)»، المنتجة لسيارة «سيبا»، كما يترأس اللجنة العليا للمستثمرين في «المناطق الحرة» ومدير عام مؤسسة «شركة البركة الدوائية» الذراع السورية لشركة «البركة» الإيرانية. وهو أيضاً أحد المشرفين على المركز الإيراني في «المنطقة الحرة» بدمشق والذي يضم 22 شركة إيرانية، ويستثمره «اتحاد غرف طهران»، ويعدّ من المقربين بشدة من المدير العام للمركز أصغر ميرزايي.

أما نحاس؛ فهو أمين سرّ الغرفة التجارية السورية - الإيرانية في دمشق، ومدير «الشركة الدولية للاستثمار» وشركتي «القيصر للاستثمار» و«مايكل آنجلو للإعلان» ووكيل شركة «إيرانول» النفطية، وعضو مجلس إدارة شركة «مدارات» لخدمات الدفع الإلكتروني، ويترأس «جمعية التنمية الخيرية» التي تقدم الدعم لآلاف الأسر «الشيعية» الوافدة إلى «السيدة زينب» من كفريا والفوعة ونبل والزهراء.

في المقابل، يبدو دور روسيا في هذه الانتخابات غير ظاهر، واقتصرت أسماء المرشحين من رجال الأعمال المقربين منها على حسام قاطرجي، وبروين إبراهيم المرشحة عن مدينة الحسكة بوصفها كردية.

- حرمان للاجئين
بحسب القانون «5» لعام 2014 وتعديلاته، «يتمتع بحق الانتخاب أو الاستفتاء كل مواطن أتم الثامنة عشرة من عمره ما لم يكن محروماً من هذا الحق أو موقوفاً عنه وفقاً لأحكام هذا القانون، وتتم عملية الانتخاب بالبطاقة الشخصية أو أي وثيقة ثبوتية أخرى».

وبموجب القانون، لا يحق للناخب السوري إجراء وكالة للتصويت عنه. كما أن سوريي الخارج الذين غادروا البلاد بشكل غير شرعي محرومون من التصويت؛ إذ إن القانون ينص على أن السوريين غير المقيمين يحق لهم أن يمارسوا حقهم في انتخاب رئيس الجمهورية من دون أن يشير إلى انتخابات مجلس الشعب.

وبحسب القانون؛ يجب على هؤلاء تسجيل أسمائهم في سفارة بلادهم لدى الدولة التي يقيمون فيها، كي يتمكنوا من الاقتراع، وأن يقترعوا «بجواز سفرهم السوري العادي ساري الصلاحية والممهور بختم الخروج من أي منفذ حدودي سوري».

وبذلك يخرج لاجئو سوريا في دول الجوار والدول الغربية الذين خرجوا من البلاد بطريقة غير شرعية من المعادلة الانتخابية، إذا لم يكونوا قد سجلوا أنفسهم لدى السفارات السورية بالخارج.

ويعدّ موظفو الدولة المصوت الأكبر؛ فعدد الموظفين في القطاع العام يقدر بنحو 1.6 مليون، فضلاً عن العسكريين في الجيش الذين يقدر عددهم بعدة مئات من الآلاف، وذلك بعد تعديل قانون الانتخاب الذي أقر في 2016، وأعاد الحق للعسكريين في التصويت في الانتخابات بعد أن كانوا ممنوعين بموجب القانون الأصلي الصادر عام 2014.

انتخابات برلمانية تتزامن مع عقدين على حكم الأسد

دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
يستعد سوريون في مناطق سيطرة النظام لانتخاب مجلس شعب (برلمان) جديد في استحقاق يتزامن مع مرور عشرين عاماً على تولي الرئيس بشار الأسد سدّة الرئاسة، وقد أمضى نحو نصف ولايته وسط نزاع دامٍ فاقمته عقوبات غربية وأزمات معيشية متلاحقة.

ويخوض 2100 مرشحّ، بينهم رجال أعمال بارزون مدرجة أسماؤهم على قائمة العقوبات الغربية، سباق الوصول إلى البرلمان، في استحقاق يجري كل أربع سنوات، ودائماً ما يفوز حزب البعث الحاكم الذي يترأسه الأسد بغالبية المقاعد.

وهذه ثالث انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع في ربيع 2011، وتم تأجيل موعدها مرتين منذ أبريل (نيسان) على وقع تدابير التصدي لفيروس كورونا المستجد.

ويتوجه الناخبون للإدلاء بأصواتهم في 7313 مركزاً في مناطق سيطرة الحكومة. وخصصت مراكز اقتراع للنازحين من مناطق لا تزال خارج سيطرة دمشق.

وقالت عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضية هبة فطوم «انتخابات هذه الدورة التشريعية تأتي في وقت ينتشر الجيش السوري على مساحات واسعة من البلاد، بعدما استعاد السيطرة على غالبية المناطق التي كانت تحت سيطرة المجموعات المسلحة». أضافت «هناك صناديق في الغوطة الشرقية وريف إدلب، ومناطق أخرى لم تكن فيها مراكز انتخابية في الدورة الماضية» وشكلت معقلاً للفصائل المناوئة لدمشق قبل طردها منها إثر هجمات عسكرية.

في شوارع دمشق وريفها، انتشرت وفق مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية» صور لمرشحين كثر بينهم عن محافظتي الرقة (شمال) الخاضعة لسيطرة فصائل كردية وإدلب (شمال غرب) الواقعة تحت سيطرة فصائل، بعدما أعلنت اللجنة القضائية فتح مراكز انتخابية لمواطني المحافظتين.

وخصّصت محافظة حلب على سبيل المثال سبعة مراكز انتخابية لأبناء إدلب، وثلاثة مراكز للنازحين من الرقة. كما خصّصت مراكز انتخابية مشابهة في محافظات حماة (وسط) وطرطوس واللاذقية (غرب) ودمشق.

ولا يمكن للسوريين خارج البلاد، وبينهم ملايين اللاجئين المشاركة في الاقتراع. ونقل موقع صحيفة «الوطن» عن عضو اللجنة القضائية العليا للانتخابات رياض القواس، أنه «لا يحق للمغتربين الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب إلا في المراكز الموجودة داخل البلاد بحسب قانون الانتخابات».

ويضم مجلس الشعب 250 مقعداً، نصفهم مخصص للعمال والفلاحين، والنصف الآخر لباقي فئات الشعب.

واحتلت صور رجال أعمال مرشحين مساحات كبيرة في العاصمة، أبرزهم النائب الحالي محمد حمشو والمدرج على لائحة العقوبات الأميركية. وورد اسمه إلى جانب رجل الأعمال خالد زبيدي في الرزمة الأولى من عقوبات قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي، وشملت 39 شخصاً وكياناً بينهم الأسد وزوجته أسماء.

وترى عبير ديبة (32 سنة)، مترجمة، أن «مطالب الناس دائماً هي ذاتها، وترتبط بالوضع المعيشي والخدمي». وتضيف «ربما خلال الحرب كانت الأولوية للأمان، لكن اليوم عادت الأولوية إلى الحالة الاقتصادية».

وتشهد سوريا منذ نحو عشر سنوات، أي نصف ولاية الرئيس الأسد تقريباً، أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية، تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.

وتولى الأسد الرئاسة في 17 يوليو (تموز) 2000 خلفاً لوالده حافظ الذي حكم البلاد طيلة 30 عاماً. وفي العقد الأول من ولايته، قاد الرئيس الشاب سياسة انفتاح اقتصادي، إلى أن واجه حركة احتجاجات عام 2011، تحولت إلى نزاع دامٍ خسر في سنواته الأولى السيطرة على محافظات بأكملها.

وبفضل دعم حليفين أساسيين، روسيا وإيران، استعاد الأسد تدريجياً الجزء الأكبر من مساحة البلاد، وبات اليوم يسيطر على أكثر من 70 في المائة منها وتضم غالبية المدن الرئيسية.

ومقابل التقدم الميداني، اشتدت على مر السنوات العقوبات الأميركية والأوروبية، آخرها قانون قيصر الذي يفرض عقوبات مالية على مسؤولين ورجال أعمال سوريين وكل أجنبي يتعامل مع دمشق، وينص على تجميد مساعدات إعادة الإعمار.
وتشترط واشنطن لرفع العقوبات إجراءات عدة، بينها محاسبة مرتكبي «جرائم الحرب» ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية صيف 2021، في استحقاق تشهده البلاد كل سبع سنوات، تكثر التحليلات عما إذا كانت سوريا تتجه نحو تسوية سياسية، بعد سنوات لم تحقق فيها جولات تفاوض عدة قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم.

وأعلن الموفد الدولي إلى سوريا غير بيدرسن الشهر الماضي عزمه استئناف محادثات اللجنة المكلفة مراجعة الدستور السوري في نهاية الشهر المقبل في جنيف.

ويقول المحلل السياسي السوري أسامة دنورة «التوافق الدولي موضوع طويل الأمد ومعقد، ومن الواضح أنه ما من تفاهم بين كل الدول التي كانت طرفاً في الحرب السورية». ويضيف «أعتقد أن الحكومة السورية منفتحة على الحل من دون ربط ذلك مع العقوبات، حتى لو تطلب الأمر التوصل إلى اتفاق يقتضي إعادة الانتخابات التشريعية، عندما يكون هناك تفاهم على دستور جديد».

وينتخب البرلمان المقبل في أول جلسة يعقدها رئيساً له، وتتحول الحكومة عندها إلى حكومة تسيير أعمال، إلى حين تعيين الأسد رئيساً جديداً للوزراء يكلف بتشكيل حكومة جديدة.

ويواكب البرلمان المنتخب الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويحتاج أي مرشح فيها، وفق دنورة، إلى «موافقة خطية من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب».

ولطالما كرّر مسؤولون سوريون آخرهم وزير الخارجية وليد المعلم الشهر الماضي، أن الأسد سيبقى رئيساً «طالما الشعب السوري يريده أن يبقى».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة