الجمعه ٦ - ١٢ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ١١, ٢٠١٩
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
سوريا

الملف: دستور
أنقرة تتهم واشنطن بتعطيل اتفاق «المنطقة الآمنة» شمال سوريا وانخفاض غير مسبوق لليرة
بوغدانوف يشدد على إتمام تشكيل اللجنة الدستورية هذا الشهر
أنقرة: سعيد عبد الرازق - واشنطن: إيلي يوسف
بينما يجري وفد عسكري أميركي مباحثات في تركيا بشأن المنطقة الآمنة المقترحة في شمال شرقي سوريا، اتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو واشنطن باتخاذ «خطوات شكلية في محاولة للمماطلة بشأن المنطقة؛ وهو أمر غير مطمئن» بالنسبة لبلاده.

وفي السياق ذاته، قال الرئيس رجب طيب إردوغان إن تركيا تتوقع من الولايات المتحدة الوقوف معها في محاربة الإرهاب، وتشكيل مناطق آمنة تتيح عودة اللاجئين السوريين. وأضاف إردوغان، في كلمة له خلال استقبال وفد أميركي برئاسة وزير التجارة ويلبر روس في أنقرة أمس (الثلاثاء)، أن تركيا لم يعد بإمكانها تحمل موجة لجوء جديدة من سوريا، وأن ما سماها «التنظيمات الإرهابية» تشكل أكبر عائق أمام عودة السوريين.

واتهم إردوغان «وحدات حماية الشعب» الكردية، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» بالقيام «بتطهير عرقي وتهجير السكان وتهديد أرواح وممتلكات المواطنين الأتراك، لذا تجب إزالتها من قائمة التهديدات».

وأضاف أن «تركيا منزعجة جداً من إرسال الولايات المتحدة نحو 50 ألف شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر إلى المجموعات الإرهابية بشمال شرقي سوريا. وما نتوقعه من الولايات المتحدة وقوفها إلى جانب جهودنا في مكافحة الإرهاب وتشكيل مناطق آمنة تتيح عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم».

ودعا إردوغان إلى إنشاء المنطقة الآمنة المقررة بشرق الفرات بأسرع ما يمكن، مضيفاً: «كما قال (صديقي) الرئيس الأميركي دونالد ترمب: مني تنظيم (داعش) بالهزيمة، ولم يعد هناك أي عائق أمام عودة السوريين سوى (وحدات حماية الشعب) الكردية».

في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن مواقف الولايات المتحدة حيال المنطقة الآمنة في سوريا لا تطمئن تركيا. وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية الجبل الأسود، سرديان دارمانوفيتش، في أنقرة أمس، أن الولايات المتحدة لم تلتزم بتعهداتها؛ وفي مقدمتها اتفاق «خريطة طريق منبج» بسبب انخراطها في علاقات مع «وحدات حماية الشعب» الكردية.

وعدّ جاويش أوغلو أن الخطوات المتخذة من قبل واشنطن أو التي قيل إنها اتخذت؛ هي خطوات شكلية، مضيفاً أن بلاده ترى من الولايات المتحدة محاولة للمماطلة في مسألة تشكيل المنطقة الآمنة. وأضاف أن تركيا لديها خطة جاهزة، وبمقدورها تطهير تلك المناطق، و«في حال لم نحصل على نتائج من التعاون مع واشنطن، فإننا سندخل هذه المناطق (شرق الفرات)».

إلى ذلك، قالت وزارة الدفاع التركية، أمس، إن وفداً عسكرياً أميركياً أجرى مباحثات، أمس، في مقر رئاسة الأركان التركية بهدف تنسيق الجهود لتأسيس المنطقة الآمنة في شرق الفرات. وأضافت الوزارة، في بيان، أن الوفد الأميركي، الذي يرأسه نائب قائد القوات الأميركية في أوروبا ستيفن تويتي ونائب قائد القوات المركزية الأميركية توماس بيرغسون، سيستكمل مباحثاته اليوم (الأربعاء)، في مركز العمليات المشتركة بقضاء أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا جنوب البلاد.

وذكر البيان أن جهود إنشاء المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا لا تزال مستمرة. وأجرى الجيشان التركي والأميركي، الأحد الماضي، الدورية البرية المشتركة الأولى، شمال سوريا، في إطار فعاليات المرحلة الأولى من إنشاء المنطقة الآمنة، بعدما اتفق الجانبان في 7 أغسطس (آب) الماضي، على إنشاء «مركز عمليات مشتركة» في شانلي أورفا جنوب تركيا لتنسيق وإدارة إنشاء المنطقة الآمنة، إلا إن تركيا أبدت انزعاجها من التوجه الأميركي بشأن المنطقة الآمنة واتهم إردوغان واشنطن بالعمل على إقامة منطقة آمنة للإرهابيين في شرق الفرات.

في سياق موازٍ، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، تناول التطورات في سوريا، خصوصاً في إدلب و«مسار آستانة» وتشكيل اللجنة الدستورية السورية.
وجاء الاتصال، الذي أجري مساء أول من أمس الاثنين، بعد يوم واحد من اتصال مماثل لجاويش أوغلو مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف تناول الموضوعات ذاتها.

وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الاتصالات تأتي في إطار التحضير للقمة الثلاثية التركية - الروسية - الإيرانية حول سوريا التي ستعقد يوم الاثنين المقبل.

هذا, وردت وزارة الدفاع الأميركية على الاتهامات والتهديدات التركية التي قالت بأن الولايات المتحدة تعطل تنفيذ الاتفاق لإقامة المنطقة الآمنة في سوريا.

وقال المتحدث باسم البنتاغون العقيد شون روبرتسون لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة اتخذت خطوات لتنفيذ أحكام آلية الأمن التي اتفق عليها مع تركيا بسرعة، وفي بعض الحالات قبل الموعد المحدد.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد اتهم واشنطن بأنها تقيم منطقة آمنة للإرهابيين وليس لتركيا، في حين قال وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، إن واشنطن تعطل تنفيذ الاتفاق.

وأضاف روبرتسون، أنه كانت هناك بعض مشكلات التنفيذ التي نناقشها مع نظرائنا الأتراك. وقال إن الحوار والعمل المنسق هو السبيل الوحيد لتأمين المنطقة الحدودية بطريقة مستدامة، وضمان استمرار الحملة في جهود التحالف الدولي لهزيمة «داعش»، والحد من أي عمليات عسكرية غير منسقة من شأنها تقويض هذا الاهتمام المشترك.

وكانت الولايات المتحدة قد اتفقت مع تركيا، حليفتها في الناتو، في أوائل الشهر الماضي على إقامة منطقة تدعوها أنقرة بـ«الآمنة»، (في حين تطلق عليها واشنطن منطقة الآلية الأمنية)؛ وذلك لإبعاد المقاتلين الأكراد، في وحدات حماية الشعب، العمود الفقري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» عن الحدود التركية.

وفي حين باشرت القوات الأميركية والتركية دورياتهما المشتركة منذ الأحد، والتي وصفتها أنقرة بالعملية الشكلية، مهددة بتنفيذ رؤيتها الخاصة لإقامة المنطقة، قال البنتاغون إن تلك الدوريات تأتي بعدما سيّر دوريات مشتركة مع «قوات سوريا الديمقراطية»، في مناطق حدودية مع تركيا، وإن وحدات حماية الشعب الكردي قد أزالت تحصينات ومواقع لها بشكل طوعي، وانسحبت من مواقع أخرى بحسب طلب الحلفاء الأتراك.

بوغدانوف يشدد على إتمام تشكيل اللجنة الدستورية هذا الشهر
نتنياهو يناقش غداً مع بوتين الوجود الإيراني في سوريا


موسكو: رائد جبر
أعرب نائب وزير الخارجية المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، عن أمل موسكو في أن يتم إنجاز تشكيل اللجنة الدستورية السورية قبل حلول نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي.

وأكد أن التحركات التي تجريها بلاده «تنطلق من أن تشكيل اللجنة الدستورية يجب أن ينجز هذا الشهر، وسيكون ممكناً تحديد موعد إطلاق عملها»، لافتاً إلى أن موسكو أجرت اتصالات هاتفية على مستوى وزراء الخارجية مع عدد من البلدان، بينها تركيا، لدفع مسار تشكيل «الدستورية».

كان وزير الخارجية سيرغي لافروف، أعرب، قبل يومين، عن ثقة بأن حسم موضوع تشكيل اللجنة «بات قريباً جداً»، وزاد أن التباينات «ما زالت قائمة حول اسم أو اسمين» في اللائحة الثالثة التي كان يجب أن تقدمها الأمم المتحدة، مبدياً استغراب بلاده لأن «يتم تعطيل إنجاز تشكيل لجنة تضم 150 شخصاً بسبب تباينات على اسم أو اسمين».

إلى ذلك، أعلن في موسكو، أمس، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سوف يجري محادثات تركز على الملف السوري مع الرئيس فلاديمير بوتين غداً في سوتشي.

كان مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أعلن الأسبوع الماضي أن نتنياهو سيقوم بزيارة عمل إلى روسيا في غضون أيام. فيما أفادت مصادر إعلامية عن مصادر متطابقة إسرائيلية وروسية بأن البحث سوف يتطرق إلى مسألة التنسيق الأمني في سوريا، خصوصاً على خلفية تحذيرات نقلتها وسائل إعلام روسية أخيراً، في شأن عدم التزام إسرائيل بتفاهمات سابقة في شأن إبلاغ موسكو بتفاصيل العمليات العسكرية التي تنفذها في الأجواء السورية «قبل فترة كافية».

من جانبه، مهد نتنياهو لزيارته بتأكيد أنه ينوي بحث ملف الوجود الإيراني في سوريا، وهو الملف الذي يكون حاضراً عادة في كل اللقاءات الروسية الإسرائيلية.

على صعيد آخر، نفت وزارة الدفاع الروسية صحة معطيات حول قيام الطيران الروسي بشن غارات على منطقة خفض التصعيد بإدلب.

ووصفت وزارة الدفاع ما نشر حول هذا الموضوع بـ«المزيف»، وأكدت أن القوات الجوية الروسية والسورية «لم تنفذا أي غارات منذ بدء نظام وقف إطلاق النار في إدلب يوم 31 أغسطس (آب) الماضي».

من جانب آخر، قلل نائب وزير الخارجية بوغدانوف، من أهمية تقارير إعلامية تحدثت عن تجاوز الديون الروسية على سوريا مبلغ 3 مليارات دولار. كانت وسائل إعلام غربية أوردت هذا الرقم في إشارة إلى «ديون روسية تراكمت على الحكومة السورية»، وقالت إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طلب من نظيره السوري، بشار الأسد، تسديد هذه الديون، لكن بوغدانوف وصف تلك المعطيات بأنها «هراء»، وقال إن دمشق مدينة لموسكو «لكن المبلغ المذكور لا علاقة له بحجم الدين الحقيقي».

في الأثناء، نقلت وسائل إعلام روسية عن وزير السياحة السوري محمد رامي مرتيني، الذي يزور موسكو حالياً، أن نقاشات تجري مع المسؤولين الروس لإطلاق نشاط سياحي من روسيا إلى سوريا. وزاد أن «سوريا تملك كل أنماط السياحة الثقافية والروحية والدينية والعلاجية والسياحة الترفيهية»، معرباً عن أمله في أن يبدأ الطرفان تنفيذ تفاهمات في هذا الشأن. والتقى وزير السياحة السوري في موسكو، رئيس الجمعية الإمبراطورية الفلسطينية الأرثوذكسية سيرغي ستيباشين، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا راوي عين الدين، وحثهما على دعم التوجه لتنشيط السياحة الروسية إلى بلاده، مشيراً إلى أهمية «إقامة مشروعات سياحية مشتركة». وأفاد في وقت لاحق بأن النقاشات تطرقت إلى «مشروعات تنفيذية لاستقطاب الزوار من الأصدقاء الروس»، مضيفاً أن الجانب السوري «طرح فكرة البدء بمشروعات تجريبية»، مشيراً إلى أن أجواء المباحثات كانت «مشجعة».

غارات في سوريا على منطقة وقف إطلاق نار

لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومتحدث باسم جماعة من مقاتلي المعارضة، أمس (الثلاثاء)، إن ضربات جوية أصابت جزءاً من شمال غربي سوريا للمرة الأولى منذ الإعلان عن وقف لإطلاق النار في المنطقة قبل عشرة أيام.

كانت قوات النظام السوري وحلفاؤها الروس قد اتفقت من جانب واحد، على هدنة يوم 31 أغسطس (آب) في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث جرى الاتفاق عن طريق الوساطة على إقامة «منطقة لخفض التصعيد» قبل عامين.

وتوقفت منذ ذلك الحين الضربات الجوية المكثفة التي تشنها طائرات روسية وسورية في إطار مسعى النظام السوري لاستعادة المنطقة رغم استمرار القصف والقتال على الأرض.

وقالت الولايات المتحدة إن قواتها نفّذت ضربات استهدفت منشأة تابعة لتنظيم «القاعدة» في إدلب يوم بدء سريان وقف إطلاق النار.

ونقلت «رويترز» عن المرصد السوري، أمس، أن طائرات نفّذت غارتين على منطقة جبل الأكراد الاستراتيجية قرب ساحل اللاذقية بغرب سوريا. وليس من الواضح إن كانت الغارات مؤشراً على العودة إلى حملة القصف الجوي العنيف بالطائرات الروسية والسورية. وقال محمد رشيد، وهو متحدث باسم جماعة جيش النصر المعارضة، إن الغارتين اللتين قال إن طائرات روسية نفّذتهما يمثلان سابقة منذ بدء وقف إطلاق النار.

والهدنة هي الثانية التي تعلَن في أغسطس الماضي في إدلب (آخر مساحة كبيرة من الأراضي السورية ما زالت تسيطر عليها المعارضة بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على اندلاع الحرب). وانهارت الهدنة السابقة التي أعلنت في أوائل أغسطس، بعد ثلاثة أيام، واستأنفت القوات المدعومة من روسيا هجومها وكسبت المزيد من الأراضي.

ويقيم في محافظة إدلب ملايين الأشخاص الذين فروا من الحرب في مناطق أخرى من البلاد. وقُتل مئات المدنيين منذ بدء الهجوم لاستعادة المنطقة في أبريل (نيسان).

والقوة المهيمنة في إدلب هي هيئة تحرير الشام، وهي تحالف جماعات متشددة كان يعرف سابقاً باسم جبهة النصرة وقطع صلاته بتنظيم «القاعدة» عام 2016، ولكن فصائل أخرى عديدة، وبينها جماعات تدعمها تركيا، لها وجود في المنطقة أيضاً.

انخفاض غير مسبوق في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار... والحكومة «عاجزة»
الثلاثاء 10 سبتمبر 2019 
دمشق: «الشرق الأوسط»

شهد سعر صرف الليرة السورية تراجعاً كبيراً أمام الدولار الأميركي خلال الأسبوع الحالي، ووصل إلى أدنى مستوى له في التاريخ، رغم «انتصارات» دمشق وحلفائها ميدانياً، مما أثار استياءً شعبياً كبيراً في مناطق سيطرة الحكومة بسبب ارتفاع حاد في الأسعار ضيّق سبل العيش على الناس، وزاد كثيراً من صعوبة الحياة.

وسجّل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في السوق السوداء بدمشق صباح أمس (683 مبيعاً - 680 شراءً)، بعد أن وصل أول من أمس الأحد إلى (691 مبيعاً - 690 شراءً)، في حين بقي على حاله في «مصرف سوريا المركزي» (438 مبيعاً - 435 شراءً).

ويقول كثير من العاملين في سوق الصيرفة لـ«الشرق الأوسط» إن هذا السعر «الأدنى على الإطلاق» في تاريخ البلاد، ويشيرون إلى أنه وبعد أن كان في عهد الاستقلال عام 1946، الدولار يساوي «ليرتين سوريتين»، حافظت الليرة على سعر ما بين 45 و50 مقابل الدولار في الفترة ما بين 2000 ونهاية 2010.

لكن ومنذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد منتصف مارس (آذار) 2011 ومن ثم تحولها بعد أشهر قليلة إلى حرب طاحنة وفرض دول عربية وغربية عقوبات اقتصادية على دمشق، شهد سعر صرف الليرة السورية تراجعاً تدريجياً أمام الدولار، ووصل إلى نحو 640 في عام 2016 عندما هدد الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما بضرب مواقع في دمشق، إلا إن سعر الصرف عاد وتحسن وحافظ على مستوى عند نحو 440 ليرة طوال عام 2017.

وبالترافق مع أزمة في توفر مواد الطاقة عصفت بمناطق سيطرة الحكومة السورية، في بداية الشتاء الماضي شهد سعر صرف الليرة تدهوراً تدرجياً أمام الدولار الأميركي، ووصل إلى نحو 550 في فبراير (شباط)، ومن ثم إلى 580، وصولاً إلى نحو 615، وصباح أمس (683 مبيعاً - 680 شراءً).

ويؤكد أحد العاملين في شركة صرافة مرخصة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك طلباً غير مسبوق على الدولار وبكميات كبيرة» في إشارة إلى أن معظم من يقبلون على شراء الدولار من شركات الصرافة هم تجار، بينما يشير عامل في شركة أخرى إلى أن هناك مواطنين عاديين أيضا يقومون بتحويل ما بقي من مدخراتهم بالعملة السورية إلى الدولار «خوفاً من تدهور أكبر في سعر الصرف ووصوله إلى 1000 ليرة».

باحث اقتصادي، فضل عدم ذكر اسمه، يعدّ لـ«الشرق الأوسط»، أن السبب الرئيسي في هذا التدهور في قيمة الليرة الذي وصل في عام ونصف إلى نحو 45 في المائة، هو العقوبات التي تفرضها دول غربية، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية على الحكومة السورية، وعجز الحكومة وعدم امتلاكها وسائل للحفاظ على سعر الصرف.

ويقول: «ما دام (مصرف سوريا المركزي) يقوم بتمويل التجار بالقطع الأجنبي بالسعر الرسمي 438 ليرة للدولار لأغراض تمويل مستورداتهم كما يدعي، فلماذا هذا الإقبال على السوق السوداء؟». ويضيف: «مع حدوث مثل هذه الحالة، يفترض أن يقوم (المركزي) بضخ الدولار في السوق، مما يؤدي إلى حالة من الاستقرار في سعر الصرف، ولكن في كل مرة يقف متفرجاً والسبب هو تراجع الاحتياطي من العملات الأجنبية الموجود لديه بشكل كبير؛ وربما نفاده نهائياً». وتؤكد تقارير انهيار احتياطي «مصرف سوريا المركزي» من العملات الأجنبية لديه، خلال سنوات الحرب، من 20 مليار دولار إلى 800 مليون دولار فقط حالياً.

موما يشير إلى إفلاس الحكومة السورية، ترافق التدهور الجديد غير المسبوق لسعر صرف الليرة مع أنباء عن أن الرئيس بشار الأسد، أمر بإجراءات ضد شركات ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف في سوريا، بما في ذلك حصته في «سيريتل» أكبر مزود لخدمة الهاتف الجوال في البلاد، و«السوق الحرة» العاملة في البوابات الحدودية لسوريا.

ويعد رامي، ابن محمد مخلوف شقيق والدة الرئيس بشار، أحد أبرز رجال الأعمال في سوريا. وأسس كثيراً من الشركات؛ بينها «شام القابضة». وهو الذي أعلن في منتصف 2011 التنازل عن ممتلكاته لـ«أعمال خيرية» في إطار استيعاب الاحتجاجات السلمية وقتذاك، لكنه أسهم لاحقاً في دعم قوات الحكومة عبر وسائل عدة بينها «جمعية البستان» وميليشيات قاتلت إلى جانبها.

وأفادت شبكة «كلنا شركاء» المعارضة، بأن روسيا طلبت من دمشق مبالغ كبيرة، وأن الرئيس الأسد اتصل بخاله الموجود في روسيا لهذا الغرض، لكن مخلوف لم يستطع توفير المبلغ، مما أدى إلى تكليف «هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالتحقيق مع أكبر 29 رجل أعمال سورياً؛ بمن فيهم مخلوف، لتأمين المبالغ».

وكالمعتاد منذ بداية الأحداث في سوريا، ترافق التدهور الحاد الجديد في سعر الصرف مع موجة تحليق جنونية في أسعار المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة وجميع المستلزمات المنزلية، مما أدى إلى تفاقم كبير في حالة سبل العيش للغالبية العظمى من الناس.

يصل سعر الكيلو غرام الواحد من لحم الخروف (العواس) مع التحليق الجديد للأسعار إلى نحو 9 آلاف ليرة، بعد أن كان قبل شهر بين 7 و8 آلاف، وكيلو الأرز الوسط إلى 450 ليرة بعد أن كان 350 ليرة، وكيلو اللبن إلى 300 بعد أن كان 250.

سيدة في العقد الرابع من العمر وأثناء تسوقها لبعض الحاجيات من «سوبر ماركت» بدمشق فوجئت عندما طلب منها البائع ثمن كيلو السكر 350 ليرة، وقالت بغضب بصوت عال: «اتقوا الله... هيك كتير... منذ يومين كان 250، أين الحكومة؟... أين التموين؟»، وتضيف: «الواحد صار بدو شنتة (حقيبة) مصاري ليشتري حاجيات يومين والراتب 30 ألفاً!».

وخلف انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار الأميركي والارتفاع الجنوني في أسعار السلع على مدار سنوات الحرب عواقب كارثية على التكاليف المعيشية للمواطنين، مع مراوحة متوسط الراتب الشهري لموظف حكومي بين 30 و40 ألف ليرة سورية، في حين لا يتعدى متوسط راتب موظفي القطاع الخاص 65 ألف ليرة سورية، مما أدى إلى اتساع شريحة الفقراء في البلاد، وبات، حسب بحث أجراه «المركز السوري لبحوث السياسات»، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت مؤخراً، أكثر من 93 في المائة من السوريين يعيشون في حالة «فقر وحرمان»، بينهم نحو 60 في المائة يعيشون في «حالة فقر مدقع».


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة