السبت ٢٠ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ٢٧, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة

الملف: انتخابات
حول اعادة صوغ «الكتلة الأكبر» - مشرق عباس
عندما شرعت المحكمة الاتحادية في العراق عام 2010، فتوى «الكتلة الأكبر» باعتبارها تتشكل داخل البرلمان، وليست «الكتلة الفائزة في الانتخابات» التي بات عليها خوض السباق ذاته بالقواعد ذاتها مع الخاسرين لتشكيل الحكومة، أصبحت عملية جمع تلك الكتلة، بمثابة لعبة مساومات وشراء وبيع مناصب وامتيازات حزبية، أكثر من كونها ترجمة لإرادة الناخبين إلى آليات تنفيذية، والأهم أنها سمحت بتكريس خيارات الخارج فوق الخيارات الوطنية.

وعلى ذلك، فإن كل التكهنات عن الكتلة الأكبر التي يحاول السيد مقتدى الصدر جمعها باعتباره يقود القائمة الفائزة في الانتخابات الأخيرة، لا تعدو أن تكون مراوحة في المكان نفسه، فالصدر نفسه يواجه حسابياً احتمال الذهاب إلى المعارضة، مثلما أن زعيم «دولة القانون» نوري المالكي الذي جاء خامساً في ترتيب الفائزين يواجه بدوره خيار تشكيل تلك الكتلة وحتى تزعمها.

يجب الإقرار بأن الخريطة التي أنتجتها الانتخابات الأخيرة تمنح الجدال حول الكتلة الأكبر زخماً إضافياً، وتفتح باب الاحتمالات على مصراعيه، فالخريطة تفرض إعادة صوغ المعايير لتشكيل الكتلة المنتظرة، عما كانت عليه في التجارب السابقة، لكن المعيار الأجنبي ما زال يمثل الثقل الأكبر، وسوف يستمر كذلك حتى تتغير فتوى المحكمة أو يعاد صوغ الدستور العراقي ذاته.

كان الصدر في لحظة إعلان نتائج الانتخابات، وضع فرضيات الشارع العراقي حول شكل الكتلة ضمن متبنياته، فهي عابرة للطوائف، وبذلك فإنه رفض ابتداء إعادة تشكيل كتلة «التحالف الوطني» الشيعية، ما أطلق التكهنات بأنه فتح على نفسه باب المواجهة ليس مع القوى الشيعية الداخلية فحسب، بل مع إيران ومندوبها السامي الدائم الجنرال قاسم سليماني.

وبعيداً من البكائيات الوطنية التي يرددها زعماء الأحزاب الشيعية والسنية والكردية معاً، فإنهم جميعاً متفقون على أن المواجهة مع سليماني، قد تدفع بهم إلى المعارضة وربما إلى خارج العملية السياسية، لهذا ترددوا في الاندفاع خلف دعوات الصدر، وماطلوا، وفتحوا حوارات جانبية بانتظار أن يدلي سليماني بدلوه.

ولم يتأخر الجنرال، لكن تدخله كان مختلفاً عن توقعات الزعماء العراقيين الذين فزعت قلوبهم ترقباً ووجلاً، فليس لإيران مصلحة بفرض المقربين منها على رأس الحكومة الحالية ولن تجازف بذلك، وليست لديها مصلحة في وصول الصراع الشيعي - الشيعي في العراق إلى مرحلة الحرب الأهلية، كما أن ليس من مصلحتها التصعيد مع الصدر الذي بدا أنه يقود التيار العراقي الأكثر نقمة على سياسات إيران، وهي السياسات التي تواجه للمرة الأولى، قناعات متنامية بأنها تقف خلف منع إنتاج حكم رشيد وناجح في العراق يقوده شيعته.

قبلت إيران بمطلب عدم تشكيل «التحالف الشيعي»، لكنها رفضت في الوقت ذاته أن يكون هناك تحالف عابر يختار رئيس الوزراء، فتلك سابقة، قد تنتج على المدى البعيد حكومات خارج السيطرة.

وكان الحل سطحياً، يلعب على الشكليات، ولا يغوص في الصميم، فأن تجتمع الكتل الإسلامية الشيعية لاختيار ثلاث شخصيات لرئاسة الوزراء لعرضها على «الفضاء الوطني» السني والكردي، وأن يتم إشراك هذا «الفضاء» في «كتلة عابرة» مهمتها الحصرية الاختيار بين المرشحين الثلاثة، مجرد «حيلة شرعية» من النوع المكرر والمجرب، تماماً كمفهوم «التكنوقراط الحزبي» الذي حل محل «التكنوقراط المستقل».

بعض المطلعين يعتبرون تحالف الصدر المفاجئ مع «الفتح» ومن ثم مع «النصر» وقبل ذلك مع «الحكمة» و «الوطنية» ترجمة لكل ما سبق، وأن الصدر يفهم جيداً صعوبة المواجهة مع سليماني وأخطارها، كما يفهم أن إنهاء «التحالف الوطني» خطوة في الاتجاه الصحيح يجب عدم إهدارها، فيما العبادي الذي ما زال يعد المرشح الأكثر أولوية لدى الصدر، سيجد في «خلطة العطار الجديدة» فرصة مضاعفة لتجديد ولايته، وأن ذلك سيدفع الأميركيين إلى تشجيع الحل الإيراني، ودعم الحوارات حوله.

في الغالب ستنجح جهود إنتاج «كتلة الفضاء الوطني» الجديدة، وسيتم تجاوز الخلافات حولها، لكنه سيكون نجاحاً موقتاً فقط، فما زالت الأسئلة حول الأزمات الوطنية الكبرى التي قادت إليها التجارب السابقة غير مجاب عنها، ولا نتوقع أن تكون الإجابات قريبة.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
الملف: انتخابات
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
الانتخابات المقبلة وضعف النقاش السياسي في المغرب - لحسن حداد
الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة
النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية - فريد الخازن
حول شرعية الانتخابات اللبنانية - منى فياض
الجزائر كنموذج يخشى اختطافه - روزانا بومنصف
ولاية خامسة لبوتفليقة أو الفوضى!- رندة تقي الدين
"هيئة الإشراف" تُعاين في تقريرها "جروح" الانتخابات - رضوان عقيل
البحرين: أول رئيسة منتخبة للبرلمان - سوسن الشاعر
أسوأ المجالس البلدية - علي القاسمي
«انتخابات شو!» - مشرق عباس
«التطابق» لا ينزه الانتخابات - مشرق عباس
العراق: تدارك أزمة الانتخابات - مشرق عباس
الاستبداد الناعم - عبد الحسين شعبان
الممتنعون عن الاقتراع في الانتخابات النيابية من يمثلهم؟ - جورج ابرهيم طربيه
الانتخابات تنهِك العراق بمزيد من الأزمات - كامران قره داغي
«تقبيطة الكيا»! - مشرق عباس
العلمانيون واليساريون بعد الانتخابات (اللبنانية): صِفْر - طلال خواجة
البرلمان اللبناني الجديد: الأكثريات التي انتخبت رؤساء جمهورية ليسوا منها - أسعد الخوري
البلوكات البرية بعد البحرية - فريد الخازن
الانتخابات العراقية تفتح ملف الصراع مع نظام طهران - خالد غزال
انتخابات الكومبارس مقابل سياسة الهامش في لبنان - سامر فرنجيّة
بدائل لا نصيب لها من اسمها - حسام عيتاني
قانون الانتخاب تشابك الاسوأ بين النسبي والاكثري - فريد الخازن
عن يوم أحد أجريت فيه انتخابات نيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
انتخابات لبنان لا طائل منها؟ أنطوان قربان
الانتخابات في لبنان والعراق ذات النتائج المعروفة - مرزوق الحلبي
ولي الفقيه العراقي - حازم الأمين
الانتخابات: عندما يصبح دراكولا بابا نويل - جهاد الزين
المشهد غداة الانتخابات اللبنانية - حسام عيتاني
خلفياتُ زّج النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في بازار الإنتخابات اللبنانية - مي الصايغ
الانتخابات اللبنانية «النووية» - وليد شقير
مدينتا بيروت: دُمّلةُ ما بعد الانتخابات - جهاد الزين
انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط - بوتان تحسين
«الشعب» أسوأ من مرشحيه - حازم الأمين
أنا المغترب، من أنتخب؟
علي الأمين واللائحة وإعلامنا - حازم صاغية
انتخابات فولكلورية لقانون النسبية سليم نصار
كساد فكرة التغيير في لبنان - حسام عيتاني
حول قانون العدد وما يُرجّحه في انتخابات 2018 - أحمد بعلبكي
اللجنة الأوروبية إذا شاءت، لا الدولة، هي مرجعية الانتخابات - جهاد الزين
نحتاج 161704 أشخاص لمراقبة اقتراع 82000 مغترب! - طنوس فرنسيس
الانتخابات العراقية: جيوش إلكترونية ومزاد لشراء أصوات الناخبين
إلى لجنة الرقابة الأوروبية على الانتخابات اللبنانية:كيف ستواجهين عمليات التزوير؟ - جهاد الزين
دفاعاً عن «الخرزة الزرقاء» - حازم الامين
لبنان 2018: ما الجدوى من الانتخابات العامة؟ - جوزيف مايلا
مقاطعة الانتخابات: الداخل والخارج - حازم صاغية
ماذا بعد الانتخابات المصرية؟ - مأمون فندي
انتخابات بلا معنى ولا فاعليّة - حازم صاغية
انتخابات لبنانية في رداء حرب أهلية - خالد غزال
الاستابلشمنت اللبناني المشوَّه والمشوِّه - أنطوان قربان
صاعقة الانتخابات - محمد صلاح
العراق: انتخابات أم مزاد علني للبيع والشراء؟ - حميد الكفائي
الانتخابات النيابية ترفع وتيرة التصعيد بين أهل الحكم - خالد غزال
الانتخابات اللبنانية:الزبائنية لحشد التأييد سامي عطاالله - زينة الحلو
مسودة قراءة في الانتخابات اللبنانية - منى الخوري
الانتخابات وقانونها: "الولايات اللبنانية المتحدة" - فريد الخازن
أداة تأديبية تدعى الانتخابات النيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
مراجعة متأخّرة لمقاطعة 92 المسيحيّة - حازم صاغية
ورثة الطوائف في الانتخابات اللبنانية - حازم الامين
هل سيكون للرأي العام من تأثير في الانتخابات المقبلة؟ - منى فياض
دعوة إلى مقاطعة الانتخابات غير «المدنية» في لبنان - حازم الامين
حرب أم انتخابات في لبنان؟ - حازم صاغية
الأحلام الانتخابيّة للمجتمع المدني في لبنان - حسام عيتاني
انتخابات الرئاسة المصرية: تعظيم المشاركة عبر الفتاوى الدينيّة - كرم سعيد
الاستحقاق العراقي: انتخابات إشكالية ومشكلات بنيوية على وقع انقسامات جديدة - عبدالباسط سيدا
المشاركة في انتخابات الرئاسة على قمة تحديات السلطة المصرية
البلديات تعيد رسم المشهد المغربي - محمد الأشهب
«العدالة والتنمية» يستعد للانتخابات التشريعية - محمد الأشهب
استمالة الناخبين - محمد الأشهب
الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
محطة الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة