الأربعاء ٢٤ - ٤ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: حزيران ١, ٢٠٢١
المصدر: جريدة الشرق الأوسط

الملف: انتخابات
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
تبدو نتائج التقديرات في الانتخابات السورية التي جرت قريبة من نتائج الانتخابات السابقة في العام 2014، ونسبتها تقارب نتائج الاستفتاء على الرئاسة الذي جرى في دورتين سابقتين؛ الأولى عام 2000، عندما نفذ النظام وصية مؤسسه حافظ الأسد بتولية ابنه مكانه، والثانية، عندما جدد الأسد الوريث رئاسته لفترة ثانية في العام 2007. وفي كل الحالات حصل الأسد الابن على الأغلبية شبه المطلقة من أصوات السوريين، رغم تباين واختلاف الظروف المحيطة بكل حالة من الحالات، الأمر الذي يعني أن إدارة العملية الانتخابية ليست لديها صلاحية تغيير النتائج، بل تأكيدها فحسب وبأي طريقة كانت، وهذا ما حصل هذه المرة وفي المرات السابقة.

الآن وبعد أن أُجريت الانتخابات، وفاز رأس النظام بفترة رئاسية رابعة، فإن السؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه، يتصل بما يمكن أن تشهده المرحلة المقبلة من تطورات تحيط بالواقع السوري من جهة، والمحيط الخارجي للقضية السورية من جهة ثانية.

وإن كانت التقديرات المتعلقة بالاحتمالات السورية تؤكد أن من المستبعد حصول تطورات مهمة وقريبة في الواقع السوري، فإن الانتخابات لن يكون لها أي تأثير على السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ومن المؤكد أنه لن يكون لها تأثير إيجابي في مناطق سيطرته حتى إذ من غير المنتظر حصول تبدل في سياسات النظام، ولا في طبيعة تعامله مع السوريين أينما كانوا، ولن تغير نتائج الانتخابات قدرات النظام المنهارة على تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مناطق سيطرته، والعكس هو المتوقع بسبب استمرار عجز النظام والأطراف السورية الأخرى عن إحداث خرق واضح أو تبدل في التوازنات القائمة، وخرائط سيطرتها الحالية مع استمرار انسدادات أفق الصراع السوري سواء لجهة عدم القدرة على حسم عسكري أو لجهة الانخراط في حل سياسي، وكلاهما مرتبط بالقوى الخارجية التي تسيطر على جميع الأطراف السورية، وتتحكم في حركاتها وقراراتها.

ويتوازى الوضع السوري مع انقسام في القوى الخارجية المتدخلة وذات العلاقة بالقضية السورية، خاصة لجهة أن حلفاء النظام أيدوا الانتخابات، وكان من المهم عندهم تجديد رئاسة الأسد. ورغم المشتركات الإيرانية - الروسية في الاستفادة منها، فإن روسيا هي الأكثر احتفاءً بتجديد رئاسة الأسد، الذي يجدد شرعية استمرار وجودها وتحكمها في سوريا، كما يجدد مراهنتها على الاستفادة من فوزه في مساعي تأمين مشاركة دولية في تمويل إعادة إعمار سوريا، الذي يشكل أحد أهم ما يشغلها في الموضوع السوري، لأنه يفتح الباب باتجاه الحصول على ديونها المتراكمة على النظام من المشاركة في إعادة الإعمار ونتائجها، ويتيح لها تشغيل ما حصلت عليه من استثمارات وعقود بطريقة أفضل مما هي عليه الآن.

غير طموحات حلفاء الأسد في تغييرات تعقب تجديد رئاسته، يقابلها صد دولي وإقليمي واسع تقوده الولايات المتحدة، التي أكدت وحلفاؤها مسبقاً أنها لن تعترف بالانتخابات، بل إن اثنين من حلفائها، هما تركيا وألمانيا وفيهما نحو 5 ملايين سوري تمثلان أكبر تجمعين للاجئين السوريين في الشرق الأوسط وأوروبا، ذهبتا عملياً إلى منع فتح مراكز انتخابات في البلدين، قبل أن تعلن الولايات المتحدة وشريكاتها الأوروبية من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا رفض الانتخابات، التي اعتبرتها أنها غير شرعية، ولا تمثل الشعب السوري، نظراً لظروف إقامتها في ظل غياب البيئة الآمنة والمحايدة، وعدم مشاركة نحو 13 مليون سوري، ما يجعلها غير «حرة ولا نزيهة».

وكما هو واضح، فإن نتائج انتخابات الأسد، لن يكون لها أي تأثير، ولن تؤدي إلى حصول أي تغييرات في واقع القضية السورية في المستويين الداخلي والخارجي، حسب المعطيات الراهنة والمواقف المعلنة للأطراف المتدخلة في سوريا.

ومما لاشك فيه أن تأكيدات موقف الولايات المتحدة والأوروبيين الحاد حيال الانتخابات ونتائجها، وما سيتركه ذلك من أثر على مواقف بعض الدول ومنها دول عربية كانت موسكو تتوقع منها ليونة في مواقفها من نظام الأسد، واستعداداً أكبر لمشاركتها في إعادة إعمار سوريا، سيدفع موسكو للتفكير بما يمكن عمله خارج المخطط الروسي المعلن، خاصة إذا تأكد أمران؛ أولهما تأكيد الأميركيين والأوروبيين جدية موقفهما وتصعيده بصورة عملية، والثاني إعلان الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح سياستها في الموضوع السوري، الذي قالت وكررت واشنطن أن إدارة بايدن تعيد دراسته.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
الملف: انتخابات
الانتخابات المقبلة وضعف النقاش السياسي في المغرب - لحسن حداد
الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة
النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية - فريد الخازن
حول شرعية الانتخابات اللبنانية - منى فياض
الجزائر كنموذج يخشى اختطافه - روزانا بومنصف
ولاية خامسة لبوتفليقة أو الفوضى!- رندة تقي الدين
"هيئة الإشراف" تُعاين في تقريرها "جروح" الانتخابات - رضوان عقيل
البحرين: أول رئيسة منتخبة للبرلمان - سوسن الشاعر
أسوأ المجالس البلدية - علي القاسمي
«انتخابات شو!» - مشرق عباس
«التطابق» لا ينزه الانتخابات - مشرق عباس
العراق: تدارك أزمة الانتخابات - مشرق عباس
حول اعادة صوغ «الكتلة الأكبر» - مشرق عباس
الاستبداد الناعم - عبد الحسين شعبان
الممتنعون عن الاقتراع في الانتخابات النيابية من يمثلهم؟ - جورج ابرهيم طربيه
الانتخابات تنهِك العراق بمزيد من الأزمات - كامران قره داغي
«تقبيطة الكيا»! - مشرق عباس
العلمانيون واليساريون بعد الانتخابات (اللبنانية): صِفْر - طلال خواجة
البرلمان اللبناني الجديد: الأكثريات التي انتخبت رؤساء جمهورية ليسوا منها - أسعد الخوري
البلوكات البرية بعد البحرية - فريد الخازن
الانتخابات العراقية تفتح ملف الصراع مع نظام طهران - خالد غزال
انتخابات الكومبارس مقابل سياسة الهامش في لبنان - سامر فرنجيّة
بدائل لا نصيب لها من اسمها - حسام عيتاني
قانون الانتخاب تشابك الاسوأ بين النسبي والاكثري - فريد الخازن
عن يوم أحد أجريت فيه انتخابات نيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
انتخابات لبنان لا طائل منها؟ أنطوان قربان
الانتخابات في لبنان والعراق ذات النتائج المعروفة - مرزوق الحلبي
ولي الفقيه العراقي - حازم الأمين
الانتخابات: عندما يصبح دراكولا بابا نويل - جهاد الزين
المشهد غداة الانتخابات اللبنانية - حسام عيتاني
خلفياتُ زّج النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في بازار الإنتخابات اللبنانية - مي الصايغ
الانتخابات اللبنانية «النووية» - وليد شقير
مدينتا بيروت: دُمّلةُ ما بعد الانتخابات - جهاد الزين
انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط - بوتان تحسين
«الشعب» أسوأ من مرشحيه - حازم الأمين
أنا المغترب، من أنتخب؟
علي الأمين واللائحة وإعلامنا - حازم صاغية
انتخابات فولكلورية لقانون النسبية سليم نصار
كساد فكرة التغيير في لبنان - حسام عيتاني
حول قانون العدد وما يُرجّحه في انتخابات 2018 - أحمد بعلبكي
اللجنة الأوروبية إذا شاءت، لا الدولة، هي مرجعية الانتخابات - جهاد الزين
نحتاج 161704 أشخاص لمراقبة اقتراع 82000 مغترب! - طنوس فرنسيس
الانتخابات العراقية: جيوش إلكترونية ومزاد لشراء أصوات الناخبين
إلى لجنة الرقابة الأوروبية على الانتخابات اللبنانية:كيف ستواجهين عمليات التزوير؟ - جهاد الزين
دفاعاً عن «الخرزة الزرقاء» - حازم الامين
لبنان 2018: ما الجدوى من الانتخابات العامة؟ - جوزيف مايلا
مقاطعة الانتخابات: الداخل والخارج - حازم صاغية
ماذا بعد الانتخابات المصرية؟ - مأمون فندي
انتخابات بلا معنى ولا فاعليّة - حازم صاغية
انتخابات لبنانية في رداء حرب أهلية - خالد غزال
الاستابلشمنت اللبناني المشوَّه والمشوِّه - أنطوان قربان
صاعقة الانتخابات - محمد صلاح
العراق: انتخابات أم مزاد علني للبيع والشراء؟ - حميد الكفائي
الانتخابات النيابية ترفع وتيرة التصعيد بين أهل الحكم - خالد غزال
الانتخابات اللبنانية:الزبائنية لحشد التأييد سامي عطاالله - زينة الحلو
مسودة قراءة في الانتخابات اللبنانية - منى الخوري
الانتخابات وقانونها: "الولايات اللبنانية المتحدة" - فريد الخازن
أداة تأديبية تدعى الانتخابات النيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
مراجعة متأخّرة لمقاطعة 92 المسيحيّة - حازم صاغية
ورثة الطوائف في الانتخابات اللبنانية - حازم الامين
هل سيكون للرأي العام من تأثير في الانتخابات المقبلة؟ - منى فياض
دعوة إلى مقاطعة الانتخابات غير «المدنية» في لبنان - حازم الامين
حرب أم انتخابات في لبنان؟ - حازم صاغية
الأحلام الانتخابيّة للمجتمع المدني في لبنان - حسام عيتاني
انتخابات الرئاسة المصرية: تعظيم المشاركة عبر الفتاوى الدينيّة - كرم سعيد
الاستحقاق العراقي: انتخابات إشكالية ومشكلات بنيوية على وقع انقسامات جديدة - عبدالباسط سيدا
المشاركة في انتخابات الرئاسة على قمة تحديات السلطة المصرية
البلديات تعيد رسم المشهد المغربي - محمد الأشهب
«العدالة والتنمية» يستعد للانتخابات التشريعية - محمد الأشهب
استمالة الناخبين - محمد الأشهب
الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
محطة الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
سوريّا والتاريخ الممنوع دائماً - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة