الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيار ٨, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة

الملف: انتخابات
ولي الفقيه العراقي - حازم الأمين
العراق كله كان ينتظر رسالة المرجع الديني علي السيستاني في شأن الاستحقاق الانتخابي في الثاني عشر من الشهر الجاري. السيستاني ليس الولي الفقيه، وعلى رغم ذلك كان انتظار رسالته مفصلاً انتخابياً رئيساً بالنسبة لكل الجماعات العراقية. الشيعة انتظروها بوصفها مؤشراً سيقترعون وفقه، والسنة انتظروها عساها تحمل ما يُخفف عنهم عناء الهزائم، والأكراد انتظروها بوصفها شرحاً لحال الشريك الأكبر في بلدهم.

السيستاني ولي فقيه على رغم انتفاء الصفة. هو الرجل الأقوى في العراق. رسالته في شأن الانتخابات لم تحمل جديداً، وعلى رغم ذلك، شكلت الحدث الأبرز في الأسبوع الذي يسبق الانتخابات. هاجم السيستاني الفساد والفاسدين ودعا العراقيين إلى عدم انتخاب من اختبروا فسادهم. خصوم نوري المالكي اعتبروا هذا الكلام موجهاً ضده، وهو اعتبر نفسه غير معني به، ورحب بالرسالة. رئيس الحكومة حيدر العبادي رحب بها أيضاً على رغم حيادها تجاهه.

كان انتظار الرسالة مؤشراً يفوق الرسالة أهمية، ذاك أن الانتظار كشف عن أن للمرجعية القول الأخير في المحطات الرئيسة. وهذا افتراض إذا ما صح فهو يعني أن ولاية فقيه عراقية تلوح في أفق ذلك البلد. وعلينا هنا أن نستعيد حقيقة أن قرار إنشاء الحشد الشعبي في أعقاب تدفق «داعش» على المدن العراقية اتخذته المرجعية أيضاً عبر قرار «الجهاد الكفائي» الذي أصدره السيستاني أيضاً، والحشد اليوم هو المؤسسة شبه الرسمية والممولة من الحكومة، والتي ينضوي في صفوف فصائلها مئات آلاف من المقاتلين، وترشح عشرات من وجوهها إلى الانتخابات، وهم اليوم ينافسون السياسيين العراقيين في مختلف الدوائر الانتخابية، وهم ممولون من الحكومة، والمرجعية لم تعلن قراراً بحل الحشد على رغم انتهاء المهمة.

السيستاني ولي فقيه عراقي. ثمة فروق بين الولايتين الإيرانية والعراقية، لكن أوجه الشبه كثيرة أيضاً. موقع المرجعين (الوليين) من المحطات السياسية الكبرى شديد التشابه. وحين نراجع مثلاً رسائل علي الخامنئي في المحطات الانتخابية الإيرانية فسنجد شبهاً كبيراً. الحياد والحديث العام عن الفساد وتجنب الإفصاح عن الجهة التي يرغب المرجع في دعمها. ثم أن الحرس الثوري بصفته أداة الولي الفقيه يمكن أيضاً أن يذكرنا بالحشد بصفته ثمرة فتوى المرجعية العراقية. ولاية الفقيه الإيرانية هي الدولة بظاهرها وباطنها، ويجري الفرز على هذا الأساس. ثمة معارضون للحكومة هناك من داخل عباءة الدولة والولاية، ومعارضون من خارجها. المرجعية في العراق هي السلطة في باطنها. هي الدولة العميقة. حين تُغالي الجماعات الشيعية في حروبها على الجماعات الأخرى، تنتظر الجماعات المغلوبة نجدة المرجعية، والأخيرة أحياناً تفعل وأحياناً لا تفعل. وحين يشعر سياسي شيعي بالضيق يتوجه من فوره إلى النجف، وينتظر خطبة الجمعة التي تلي زيارته، عساها تحمل بعض ما يسعفه في التقاط أنفاسه. والسيستاني، إذ لا يظهر بنفسه في خطبه المنتظرة، يبدو أقرب إلى «ظل للإمام» منه إلى مرجع.

أطلق معلقون وسياسيون عراقيون على رسالة السيستاني الأخيرة عبارة «الولاية المدنية»، في إشارة إلى رغبة عراقية بالتمايز عن «ولاية الفقيه» الإيرانية. والرغبة العراقية بالابتعاد عن العبارة الإيرانية هي جزء من مزاج عراقي قديم ينحو إلى تظهير الفارق بين نوعي التشيع العراقي والإيراني. لكن هذه الرغبة لا تكفي لإلغاء خطوات تقارب كبرى بين الجماعتين، بحيث صارت الفوارق شكلية. فالفارق التاريخي بين «المرجع» و «الولي» يضعف يوماً بعد يوم، والمرجعية في العراق لا تملك قرار الابتعاد عن إدارة شؤون الرعية طالما أن الأخيرة لا ترغب بابتعادها. المرجعية بهذا المعنى مرغمة على أن تكون «ولاية» طالما أنها الولاية الفعلية، وطالما أن السياسيين وأحزابهم وخصومهم سيلجأون إليها كلما حانت ساعة الضيق.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
الملف: انتخابات
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
الانتخابات المقبلة وضعف النقاش السياسي في المغرب - لحسن حداد
الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة
النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية - فريد الخازن
حول شرعية الانتخابات اللبنانية - منى فياض
الجزائر كنموذج يخشى اختطافه - روزانا بومنصف
ولاية خامسة لبوتفليقة أو الفوضى!- رندة تقي الدين
"هيئة الإشراف" تُعاين في تقريرها "جروح" الانتخابات - رضوان عقيل
البحرين: أول رئيسة منتخبة للبرلمان - سوسن الشاعر
أسوأ المجالس البلدية - علي القاسمي
«انتخابات شو!» - مشرق عباس
«التطابق» لا ينزه الانتخابات - مشرق عباس
العراق: تدارك أزمة الانتخابات - مشرق عباس
حول اعادة صوغ «الكتلة الأكبر» - مشرق عباس
الاستبداد الناعم - عبد الحسين شعبان
الممتنعون عن الاقتراع في الانتخابات النيابية من يمثلهم؟ - جورج ابرهيم طربيه
الانتخابات تنهِك العراق بمزيد من الأزمات - كامران قره داغي
«تقبيطة الكيا»! - مشرق عباس
العلمانيون واليساريون بعد الانتخابات (اللبنانية): صِفْر - طلال خواجة
البرلمان اللبناني الجديد: الأكثريات التي انتخبت رؤساء جمهورية ليسوا منها - أسعد الخوري
البلوكات البرية بعد البحرية - فريد الخازن
الانتخابات العراقية تفتح ملف الصراع مع نظام طهران - خالد غزال
انتخابات الكومبارس مقابل سياسة الهامش في لبنان - سامر فرنجيّة
بدائل لا نصيب لها من اسمها - حسام عيتاني
عن يوم أحد أجريت فيه انتخابات نيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
قانون الانتخاب تشابك الاسوأ بين النسبي والاكثري - فريد الخازن
انتخابات لبنان لا طائل منها؟ أنطوان قربان
الانتخابات في لبنان والعراق ذات النتائج المعروفة - مرزوق الحلبي
الانتخابات: عندما يصبح دراكولا بابا نويل - جهاد الزين
المشهد غداة الانتخابات اللبنانية - حسام عيتاني
خلفياتُ زّج النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في بازار الإنتخابات اللبنانية - مي الصايغ
الانتخابات اللبنانية «النووية» - وليد شقير
مدينتا بيروت: دُمّلةُ ما بعد الانتخابات - جهاد الزين
انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط - بوتان تحسين
«الشعب» أسوأ من مرشحيه - حازم الأمين
أنا المغترب، من أنتخب؟
علي الأمين واللائحة وإعلامنا - حازم صاغية
انتخابات فولكلورية لقانون النسبية سليم نصار
كساد فكرة التغيير في لبنان - حسام عيتاني
حول قانون العدد وما يُرجّحه في انتخابات 2018 - أحمد بعلبكي
اللجنة الأوروبية إذا شاءت، لا الدولة، هي مرجعية الانتخابات - جهاد الزين
نحتاج 161704 أشخاص لمراقبة اقتراع 82000 مغترب! - طنوس فرنسيس
الانتخابات العراقية: جيوش إلكترونية ومزاد لشراء أصوات الناخبين
إلى لجنة الرقابة الأوروبية على الانتخابات اللبنانية:كيف ستواجهين عمليات التزوير؟ - جهاد الزين
دفاعاً عن «الخرزة الزرقاء» - حازم الامين
لبنان 2018: ما الجدوى من الانتخابات العامة؟ - جوزيف مايلا
مقاطعة الانتخابات: الداخل والخارج - حازم صاغية
ماذا بعد الانتخابات المصرية؟ - مأمون فندي
انتخابات بلا معنى ولا فاعليّة - حازم صاغية
انتخابات لبنانية في رداء حرب أهلية - خالد غزال
الاستابلشمنت اللبناني المشوَّه والمشوِّه - أنطوان قربان
صاعقة الانتخابات - محمد صلاح
العراق: انتخابات أم مزاد علني للبيع والشراء؟ - حميد الكفائي
الانتخابات النيابية ترفع وتيرة التصعيد بين أهل الحكم - خالد غزال
الانتخابات اللبنانية:الزبائنية لحشد التأييد سامي عطاالله - زينة الحلو
مسودة قراءة في الانتخابات اللبنانية - منى الخوري
الانتخابات وقانونها: "الولايات اللبنانية المتحدة" - فريد الخازن
أداة تأديبية تدعى الانتخابات النيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
مراجعة متأخّرة لمقاطعة 92 المسيحيّة - حازم صاغية
ورثة الطوائف في الانتخابات اللبنانية - حازم الامين
هل سيكون للرأي العام من تأثير في الانتخابات المقبلة؟ - منى فياض
دعوة إلى مقاطعة الانتخابات غير «المدنية» في لبنان - حازم الامين
حرب أم انتخابات في لبنان؟ - حازم صاغية
الأحلام الانتخابيّة للمجتمع المدني في لبنان - حسام عيتاني
انتخابات الرئاسة المصرية: تعظيم المشاركة عبر الفتاوى الدينيّة - كرم سعيد
الاستحقاق العراقي: انتخابات إشكالية ومشكلات بنيوية على وقع انقسامات جديدة - عبدالباسط سيدا
المشاركة في انتخابات الرئاسة على قمة تحديات السلطة المصرية
البلديات تعيد رسم المشهد المغربي - محمد الأشهب
«العدالة والتنمية» يستعد للانتخابات التشريعية - محمد الأشهب
استمالة الناخبين - محمد الأشهب
الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
محطة الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة