الخميس ٢١ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة

الملف: انتخابات
الأحلام الانتخابيّة للمجتمع المدني في لبنان - حسام عيتاني
تذهب التقديرات المتفائلة الى التنبؤ بفوز عشرة مرشحين عن لوائح المجتمع المدني في الانتخابات التشريعية اللبنانية في أيار (مايو) المقبل. يُرجع أصحاب التقديرات هذه تفاؤلهم الى احتواء القانون الانتخابي الجديد على المكون النسبي الذي يتيح للمستقلين وللمجموعات غير الحزبية الاستفادة من الهامش المتاح والانضمام الى الندوة البرلمانية اعتماداً على أصوات مواطنين بلغ استياؤهم من الوضع القائم مبلغه وباتوا على استعداد لتقبّل التغيير.

وفيما تركز برامج المجموعات المدنية على السمات «العصرية» و «الحديثة» و «البراغماتية» في تناولها رؤيتها للعمل العام، يحدد تحالف نشأ أخيراً ما يؤمن به بـ» دولة مدنية ديموقراطية عادلة وقادرة، وبالسيادة والاستقلال، وبسلطة الدستور وحكم القانون، بالإضافة الى التعددية والعدالة والحريات الفردية والعامة والتشاركية والشفافية والمساءلة والمحاسبة».

جيد. لكن كل كلمة من تلك الواردة أعلاه تحتاج الى شرح طويل للاتفاق على معانيها، وهذا ليس تفصيلاً عابراً في بلد أصيب بالشلل مرات عدة بسبب خلافات على كلمة واحدة في البيان الوزاري، على سبيل المثال. فماذا يعني «التغيير»؟ التغيير من أي حال نحو أي حال؟ ما هو تصور أصحاب البرامج هذه لدور النظام الطائفي الراسخ منذ قرن على الأقل في «الدولة المدنية» المرجوة؟ ما معنى الدولة «القادرة»؟ هل تتناقض «قدرة» الدولة مع الدستور وحكم القانون؟ وهل يتحمل حكم هذين الدستور والقانون وجود قوة مسلحة أهلية رديفة لقوة الدولة، ما يتعارض رأسياً مع أسس بناء الدولة الديموقراطية بوضعه إمكان اللجوء الى العنف والإكراه في يد فئة خارج أطر الدولة؟ وهل «التشاركية» ضمن الديموقراطية المطلوبة هي تَشَارُك الطوائف في السلطة على حساب الفرد؟.... ثمة شعور بأن هناك من فتح قاموس المنظمات غير الحكومية ونهل منه ثم رصف تلك المصطلحات قرب بعضها من دون أن يقدم تفسيراً وافياً لمعانيها أو أن يعود الى التجارب السياسية اللبنانية القديمة والحديثة والتي أوصل إخفاقها الى ما نشهد اليوم.

قبل ذلك، ما المقصود باستخدام كلمات «العصرية» و»الحداثة» من حزب يقدم نفسه كنقيض للعقائد التقليدية التي عفا عليها الزمن. ماذا يقصد هؤلاء الشباب بـ»البراغماتية»؟ هل هي مرادف للانتهازية التي تبرر التحالف مع أي جهة والتغاضي عن كل قضية شائكة من أجل إيصال نائب لا طعم ولا رائحة له الى البرلمان؟

نصل هنا الى لبّ المسألة: كيف يتصور هؤلاء الحداثيون والبراغماتيون مكافحة الفساد وعدم الارتهان للخارج؟ يبرز هنا انطباع بأن هؤلاء الشبان إما مفرطو السذاجة أو بالغو الخبث. ذلك أن المراقب العادي للشأن اللبناني يدرك أن الفساد، على سبيل المثال، عنصر مكون للنظام السياسي الطائفي، وأن محاولة لنقل الحرب عليه من حيز القتال ضد طواحين الهواء الى حيز السعي الى نتائج فعلية وملموسة سيعني حكماً الاصطدام بمصالح تبلغ قيمتها عشرات بلايين الدولارات تتقاسمها القوى السياسية. إن القوى هذه تستخدم الفساد ليس لإثراء قادتها فحسب، بل لإدامة حكم الزعامات السياسية الطائفية التي ستقاتل بأسنانها ومخالبها ضد كل سعي لتفكيك منظومة الفساد القائمة.

وإذا قررنا أن نؤيد قول مرشحي المجتمع المدني بأنهم يملكون ما يكفي ويزيد من الشجاعة والحكمة لخوض هذه المعارك، نصل الى السؤال الأخير: ما هو اتساع القاعدة الاجتماعية التي ستقبل بتدمير شبكات الأمان التي أنشأتها الأحزاب الطائفية لمؤيديها مقابل رهان على مؤسسات دولة ستنفق عائداتها على المدارس والمستشفيات وحل مشكلة النفايات والحفاظ على ما تبقى من جبال وغابات؟ القول بضرورة تعيين القاعدة الاجتماعية «للمنتج» التي يريد مرشحو المجتمع المدني التوجه إليها، قبل طرح أفكارهم على الجمهور، ينبغي أن يكون الدرس الأول في التسويق. أما الرهان على الهوامش وعلى حسن إدارة التحالفات فهو رهان على وهم.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
الملف: انتخابات
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
الانتخابات المقبلة وضعف النقاش السياسي في المغرب - لحسن حداد
الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة
النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية - فريد الخازن
حول شرعية الانتخابات اللبنانية - منى فياض
الجزائر كنموذج يخشى اختطافه - روزانا بومنصف
ولاية خامسة لبوتفليقة أو الفوضى!- رندة تقي الدين
"هيئة الإشراف" تُعاين في تقريرها "جروح" الانتخابات - رضوان عقيل
البحرين: أول رئيسة منتخبة للبرلمان - سوسن الشاعر
أسوأ المجالس البلدية - علي القاسمي
«انتخابات شو!» - مشرق عباس
«التطابق» لا ينزه الانتخابات - مشرق عباس
العراق: تدارك أزمة الانتخابات - مشرق عباس
حول اعادة صوغ «الكتلة الأكبر» - مشرق عباس
الاستبداد الناعم - عبد الحسين شعبان
الممتنعون عن الاقتراع في الانتخابات النيابية من يمثلهم؟ - جورج ابرهيم طربيه
الانتخابات تنهِك العراق بمزيد من الأزمات - كامران قره داغي
«تقبيطة الكيا»! - مشرق عباس
العلمانيون واليساريون بعد الانتخابات (اللبنانية): صِفْر - طلال خواجة
البرلمان اللبناني الجديد: الأكثريات التي انتخبت رؤساء جمهورية ليسوا منها - أسعد الخوري
البلوكات البرية بعد البحرية - فريد الخازن
الانتخابات العراقية تفتح ملف الصراع مع نظام طهران - خالد غزال
انتخابات الكومبارس مقابل سياسة الهامش في لبنان - سامر فرنجيّة
بدائل لا نصيب لها من اسمها - حسام عيتاني
عن يوم أحد أجريت فيه انتخابات نيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
قانون الانتخاب تشابك الاسوأ بين النسبي والاكثري - فريد الخازن
انتخابات لبنان لا طائل منها؟ أنطوان قربان
الانتخابات في لبنان والعراق ذات النتائج المعروفة - مرزوق الحلبي
ولي الفقيه العراقي - حازم الأمين
الانتخابات: عندما يصبح دراكولا بابا نويل - جهاد الزين
المشهد غداة الانتخابات اللبنانية - حسام عيتاني
خلفياتُ زّج النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في بازار الإنتخابات اللبنانية - مي الصايغ
الانتخابات اللبنانية «النووية» - وليد شقير
مدينتا بيروت: دُمّلةُ ما بعد الانتخابات - جهاد الزين
انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط - بوتان تحسين
«الشعب» أسوأ من مرشحيه - حازم الأمين
أنا المغترب، من أنتخب؟
علي الأمين واللائحة وإعلامنا - حازم صاغية
انتخابات فولكلورية لقانون النسبية سليم نصار
كساد فكرة التغيير في لبنان - حسام عيتاني
حول قانون العدد وما يُرجّحه في انتخابات 2018 - أحمد بعلبكي
اللجنة الأوروبية إذا شاءت، لا الدولة، هي مرجعية الانتخابات - جهاد الزين
نحتاج 161704 أشخاص لمراقبة اقتراع 82000 مغترب! - طنوس فرنسيس
الانتخابات العراقية: جيوش إلكترونية ومزاد لشراء أصوات الناخبين
إلى لجنة الرقابة الأوروبية على الانتخابات اللبنانية:كيف ستواجهين عمليات التزوير؟ - جهاد الزين
دفاعاً عن «الخرزة الزرقاء» - حازم الامين
لبنان 2018: ما الجدوى من الانتخابات العامة؟ - جوزيف مايلا
مقاطعة الانتخابات: الداخل والخارج - حازم صاغية
ماذا بعد الانتخابات المصرية؟ - مأمون فندي
انتخابات بلا معنى ولا فاعليّة - حازم صاغية
انتخابات لبنانية في رداء حرب أهلية - خالد غزال
الاستابلشمنت اللبناني المشوَّه والمشوِّه - أنطوان قربان
صاعقة الانتخابات - محمد صلاح
العراق: انتخابات أم مزاد علني للبيع والشراء؟ - حميد الكفائي
الانتخابات النيابية ترفع وتيرة التصعيد بين أهل الحكم - خالد غزال
الانتخابات اللبنانية:الزبائنية لحشد التأييد سامي عطاالله - زينة الحلو
مسودة قراءة في الانتخابات اللبنانية - منى الخوري
الانتخابات وقانونها: "الولايات اللبنانية المتحدة" - فريد الخازن
أداة تأديبية تدعى الانتخابات النيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
مراجعة متأخّرة لمقاطعة 92 المسيحيّة - حازم صاغية
هل سيكون للرأي العام من تأثير في الانتخابات المقبلة؟ - منى فياض
ورثة الطوائف في الانتخابات اللبنانية - حازم الامين
دعوة إلى مقاطعة الانتخابات غير «المدنية» في لبنان - حازم الامين
حرب أم انتخابات في لبنان؟ - حازم صاغية
انتخابات الرئاسة المصرية: تعظيم المشاركة عبر الفتاوى الدينيّة - كرم سعيد
الاستحقاق العراقي: انتخابات إشكالية ومشكلات بنيوية على وقع انقسامات جديدة - عبدالباسط سيدا
المشاركة في انتخابات الرئاسة على قمة تحديات السلطة المصرية
البلديات تعيد رسم المشهد المغربي - محمد الأشهب
«العدالة والتنمية» يستعد للانتخابات التشريعية - محمد الأشهب
استمالة الناخبين - محمد الأشهب
الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
محطة الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة