استبعد بشار الأسد في مطلع العام 2011 وصول ثورات التغيير إلى
سورية، بعد أن انطلقت من تونس إلى مصر فبلدان عربية أخرى، استناداً إلى معطيات عديدة، كان منها نجاته من
الخضّات التي مر بها حكمه في سنوات سابقة وكادت أن تودي به (كالاحتلال الأميركي للعراق وما تبعه، وخروج
الجيش السوري من لبنان بعد اغتيال رئيس حكومته الأسبق رفيق
الحريري).
لكن الرياح جرت بما لم تشته سفن النظام. فبعد تظاهرات متفرّقة
في عدد من المدن السورية في 15 آذار 2011، وبسبب اعتقال مجموعة أطفال في درعا بتهمة كتابة شعارات ضد
النظام على الجدران وتعذيبهم والتعنت بعدم إطلاق سراحهم وعدم الرد على مطالب أهاليهم، خرجت تظاهرات في
درعا في 18 آذار 2011، مطالبةً بإصلاح النظام، ثم راحت تطالب بإسقاطه بعد العنف الشديد الذي ووجهت به.
ووصلت التظاهرات إلى مدن وبلدات سورية أخرى وعمّت على مدى أشهر مناطق واسعة من البلاد. ووجهت المظاهرات
والتجمّعات هذه التي بلغت ذروتها في شهري أيار وحزيران 2011 وشارك فيها مئات آلاف المواطنين بعنف شديد
استخدمته قوات النظام والشبيحة. وسقط واعتُقل وجرح عشرات الألوف من المتظاهرين والناشطين السلميين. ومع
صعوبة الاستمرار في التظاهر من دون حماية، بدأت مظاهر العسكرة في الثورة، ثم تزايدت وتحوّلت مع الوقت
الى كفاح مسلّح ثم صارت الثورة صراعاً عسكرياً تغيّرت مع الوقت معطياته وتوازناته والقوى الأبرز
المنخرطة فيه.
هذه المطبوعة هي
ورقة بحثية تصدرها "الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية" ضمن سلسلة "أوراق سياسات"، تهدف الى مواكبة
التطوّرات السياسية في الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية، والوقوف على بعض ما أفضت إليه
تلك الثورات من مسارات وتحوّلات وصراعات، بعد أربعة أعوام على
انطلاقها.
اياد العبد الله، كاتب سوري. خريج قسم الفلسفة في
جامعة حلب . عضو هيئة تحرير موقع "الجمهورية لدراسات الثورة السورية". نشر في بعض الدوريات العربية،
وساهم مع آخرين في عدد من الدراسات. |