الأحد, 06 فبراير 2011
القاهرة - أحمد رحيم
واصل آلاف المصريين تظاهراتهم في ميدان التحرير للمطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك، لكن الميدان في أول أيام «أسبوع الصمود» لم يجتذب ملايينه التي ضاق بها في «جمعة الرحيل»، ربما لأن المحتجين أعلنوا أن تظاهراتهم الحاشدة ستقتصر على أيام الأحد والثلثاء والجمعة من الأسبوع الجاري.
مداخل الميدان شهدت وجوداً كثيفاً لأفراد القوات المسلحة التي أخذت دوراً أكبر في تنظيم الدخول إليه مع تأمين المتظاهرين على بعد مسافات منه، لئلا يعتدي أحد عليهم. ولوحظ أن التكدس عند مداخل الميدان خفّت حدته، وانتظم «الغاضبون» في طابور واحد عند كل مدخل بانتظار دخول «ميدان الحرية»، وهي تسمية جديدة أطلقها بعضهم عليه. تضم ساحة الميدان بضعة آلاف من المحتجين في تجمعات منفصلة بعضها عن بعض، كما تتوزع فيها منصات للحديث في مكبرات الصوت تحيط بها مجموعات من الشباب. تقبع أكبر هذه المنصات أمام سور الجامعة الأميركية، ويلتف حولها أكبر عدد من المتظاهرين. «الخطاب الديني» يطغى على ما عداه هناك. فغالبية المتحدثين من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» أو نوابها السابقين في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، كما أن غالبية المنصتين من «أصحاب اللحى» و «سيّدات النقاب». الشعب هنا لا يطلب رحيل النظام بل محاكمته، فالعدل أساس الملك. الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تُلهب المشاعر فتعلو الهتافات اللاعنة للفتنة، في حين يشدد آخرون على أن المصريين، مسلمين وأقباطاً، «يد واحدة» ولا مجال للشقاق بين «الثوّار». الأم سمية تُثير خطبتها الحماسة، إذ تُذكّر الشباب بمآثر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تُذكّرهم بحسم وجسارة الخليفة عمر بن الخطاب. زخّات المطر التي تتساقط على رؤوس المتظاهرين تراها الأم سمية «علامة نصر قريب من عند الله». هذا الخطاب يُرضي بعض المستمعين لكن آخرين ينفرون منه ليجولوا في الميدان باحثين عن تجمع يُرضي آراءهم وأفكارهم.
صلاة العشاء في ميدان التحرير أول من أمس كانت مؤشراً على «بوادر شقاق»: إمامان وصلاتان، فما أن أقام شيخٌ آذان الصلاة وتراصت الصفوف خلفه، إلا وخرج شيخ آخر ليؤذن الأذان نفسه ويصلي ذات الصلاة، ولكن بقوم آخرين.
وكان المشهد اللافت في ميدان التحرير أمس انتشار مراسلي المحطات الفضائية الأجنبية يجولون بين المتظاهرين لإعداد التقارير الإعلامية. غالبية التجمعات والكتل البشرية في مركزها كاميرا وميكروفون ومراسل أجنبي يوجه أسئلته لإحدى الشخصيات العامة الموجودة في الميدان أو يسجّل صراخ أحد المتظاهرين من «ظلم النظام». الأولوية هنا للفضائيات الأجنبية، ربما تطبيقاً للمثل المصري المأثور «إكرام الضيف واجب». فمن ملّ الحديث للصحف والفضائيات المصرية ويعتذر بديبلوماسية لمندوبيها طالباً قسطاً من الراحة قبل أن يدلي بدلوه، يزول عنه الإجهاد ويتناسى إرهاقه أمام طلب مراسلي الفضائيات الأجنبية الحديث إليها!
|