مع استمرار القلق الدولي من الاحداث التي تهز مصر منذ 25 كانون الثاني الماضي، أفادت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ان باريس علّقت اعتبارا من 25 كانون الثاني الماضي مبيعات الاسلحة ومعدات الحفاظ على الامن من مصر بسبب حركة الاحتجاج التي تهز البلاد، فيما قالت وزارة الخارجية الروسية ان موسكو دعت المعارض المصري محمد البرادعي إلى البحث عن مخرج للأزمة من طريق حوار بنّاء مع القيادة المصرية.
وفي ما يتعلق بالعتاد الحربي، أفادت اوساط فيون ان القرار "اتخذ اثناء اجتماع خاص في 27 كانون الثاني"، مؤكداً معلومات وردت على الموقع الالكتروني لصحيفة "الموند" الفرنسية. أما بالنسبة الى معدات حفظ الامن وخصوصاً قنابل الغاز المسيل للدموع، فقد أوضح المصدر ان مصلحة الجمارك علقتها في 25 كانون الثاني.
موسكو وفي موسكو، نسبت وكالة أنباء "نوفوستي" الروسية الى مصادر في وزارة الخارجية انه "استكمالاً للموقف الروسي حيال الأحداث في مصر والذي استعرضه الرئيس دميتري ميدفيديف في اتصال هاتفي مع نظيره المصري حسني مبارك في الثالث من شباط الجاري، وجهت دعوة من خلال سفارتنا في القاهرة إلى أحد زعماء المعارضة محمد البرادعي للبحث عن مخرج للأزمة من طريق إجراء حوار بناء". وكان ميدفيديف أمل في اتصاله بمبارك أن تتخطى مصر المرحلة الصعبة التي تمر بها سلمياً، ومن خلال حل المشاكل القائمة بالأطر القانونية.
اجلاء رعايا الى ذلك، اكدت وزارة الخارجية الروسية توصيات الوكالة الفيديرالية الروسية للسياحة "روستوريسم" ونصحت رعاياها في مصر باستخدام الرحلات المنتظمة ورحلات "التشارتر" لشركات الطيران الروسية للعودة الى البلاد.
وكانت الوكالة دعت السياح الروس الـ28 الفاً الذين يمضون العطلة في مصر الى العودة الى البلاد بسبب الاخطار الناجمة عن حركة الاحتجاج. وأفادت في بيان أوردته على موقعها الالكتروني: "نظراً الى تفاقم الوضع السياسي الداخلي في مصر الذي يترافق مع أعمال عنف في المدن الكبرى، نلفت انتباه جميع السياح الروس الى أنه يتحتم عليهم العودة الى ديارهم"، طالبة منهم تقصير فترات عطلهم.
واستناداً الى أرقام الوكالة في الرابع من شباط، فان نحو 28 الف سائح روسي موجودون حاليا في مصر، احدى الوجهات السياحية المفضلة لدى الروس، وتقيم الغالبية الساحقة منهم في منتجعات الغردقة وشرم الشيخ. وفي عمان، قال سفير الاردن في مصر هاني الملقي انه تم حتى الان نقل ستة آلاف مواطن اردني من مصر الى المملكة. وفي صنعاء، أجلت الخطوط اليمنية نحو 6 آلاف من 30 ألفاً من الرعايا اليمنيين، غالبيتهم من الطلاب الذين كانوا يدرسون في المحافظات المصرية . وفي كوالالمبور، قررت الحكومة الماليزية اجلاء نحو عشرة آلاف طالب ماليزي من الدارسين في جامعة الأزهر إلى بلادهم عبر سبع رحلات يوميا ولمدة أسبوع. وص ف، رويترز، أب، أش أ، ي ب أ
أحداث مصر تهيمن على مناقشات مؤتمر ميونيخ كلينتون تؤيد الإصلاح وتحذر من "عاصفة" في المنطقة هيمن الوضع في مصر على مناقشات مؤتمر السياسات الامنية المنعقد في مدينة ميونيخ الالمانية، وايدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جهود مصر لصياغة منظمة لاصلاحات تسمح باجراء انتخابات ديموقراطية.
وقالت كلينتون، في واحد من أوضح التصريحات الاميركية حتى الآن في شأن كيف يجب ان تمضي مصر قدما وسط تظاهرات حاشدة ضد الرئيس حسني مبارك، ان محاولة ايجاد آلية انتقالية قد تكون أفضل أمل للمستقبل. واضافت أمام مؤتمر ميونيخ: "من المهم دعم عملية الانتقال التي أعلنتها الحكومة المصرية والتي يتزعمها فعليا نائب الرئيس عمر سليمان". واكدت انه بينما تؤيد واشنطن بشدة نداءات من متظاهرين مصريين بديموقراطية أكبر، فانها ستستغرق وقتا لارساء العمل التمهيدي "الذي سيسمح باجراء انتخابات منظمة من المقرر ان تجري في ايلول". وحض الرئيس الاميركي باراك اوباما مرارا مبارك على بدء نقل فوري للسلطة، واعربت كلينتون امس عن اعتقادها ان هذه العملية تجري فعلا ويجب ان يسمح لها بوقت حتى تتكشف. واضافت: "المبادئ واضحة جدا والتفاصيل التنفيذية تمثل تحديا كبيرا". وذكرت بأن "الرئيس مبارك أعلن انه لن يترشح في الانتخابات المقبلة ولن يترشح نجله جمال"، مشيرة الى ان الحكومة تعهدت اجراء اصلاحات دستورية والسماح بمشاركة سياسية أكبر. وخلصت الى "هذا ما كانت الحكومة تقول انها تحاول عمله وهذا هو ما ندعمه ونأمل في ان نراه يتحرك بطريقة منظمة لكن بأسرع ما يمكن في ظل هذه الظروف". ودعت قطاعات المجتمع المصري الى ان تتحلى بالصبر وان تسهم في الحل، آملة في ان "يمضي ذلك سلميا وان تجري انتخابات في وجود مراقبين دوليين وبأعداد كافية وأداء ينظر اليه على انه حر ونزيه وله صدقية عندما تجري (الانتخابات) في النهاية".
وطغت أحداث مصر على جدول أعمال كلينتون في مؤتمر ميونيخ حيث استخدمت كلمتها في التحذير من ان الشرق الاوسط الاشمل يواجه "عاصفة" قوية من الاضطرابات اذا لم يطبق زعماء المنطقة اصلاحات سياسية. وقالت: "تجتاح المنطقة عاصفة بكل معاني الكلمة ذات تيارات قوية.. هذا هو ما دفع المتظاهرين الى الشوارع في تونس والقاهرة ومدن في مختلف أنحاء المنطقة". ورأت ان"الوضع القائم حاليا لا يمكن أن يستمر"، وشددت على أن عدم وجود اصلاحات سياسية وتزايد أعداد الشباب وتكنولوجيا الانترنت الحديثة تهدد النظام القديم في منطقة مهمة لأمن الولايات المتحدة. وطالبت زعماء المنطقة بالوفاء بتعهداتهم وعدم استغلال تهديد التطرف كذريعة لتأخير التغيير. واعتبرت ان "الانتقال إلى الديموقراطية سيكون مجديا فقط إذا كان مدروسا وشاملا وشفافاً، مضيفة أن الاصلاحات غير الكاملة يمكن أن تؤدي إلى حركات احتجاجية "يخطفها شموليون جدد يلجأون الى العنف والخداع والانتخابات المزورة للبقاء في السلطة أو طرح جدول أعمال يدور حول التطرف". وحذرت من انه يجب ألا تعتبر أي حكومة في المنطقة نفسها في منأى عن موجة التغيير.
ثم قالت: "بعض الزعماء يعتقدون بصراحة أن بلادهم استثناء وأن شعوبهم لن تطالب بفرص سياسية أو اقتصادية أكبر و وانه يمكن استرضاؤهم بأنصاف الاجراءات. على المدى القصير قد يكون ذلك صحيحا ولكن كما تثبت الأحداث الأخيرة فانه على المدى البعيد لا يمكن الاستمرار في ذلك". وافادت مصادر ديبلوماسية أن كلينتون أكدت على موضوع الانتقال المنظم للسلطة خلال اجتماعاتها الثنائية في ميونيخ مع كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وعدد من القادة الآخرين. واعلن مصدر أن الوزيرة الاميركية ابلغت نظراءها الأوروبيين أن مبارك صار فعليا خارج السلطة ولكن مصر في حاجة الى وقت للإعداد لانتخابات في وجود حكومة انتقالية.
بان كي مون وتحدث الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون عن الازمة المصرية، مشيرا الى ان الامم المتحدة "طالبت دائما بالتغيير" نحو مزيد من الديموقراطية منذ 2002 "خصوصا في البلدان العربية". وقال امام المؤتمر ان حركات الاحتجاج في مصر وتونس "قد اججها انعدام الامن والفقر والاستياء والفساد ونقص الديموقراطية". الا انه اعتبر ان "الاضطرابات في العالم العربي تشكل نوعا من عالم مصغر في عالم اوسع" وخصوصا التحديات الكبيرة للامن على الصعيد العالمي مثل الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والكائنات البشرية "التي زادت منها التكنولوجيات الجديدة وضعف الدول".
أوروبا وحضت بريطانيا وألمانيا مصر على تغيير القيادات بسرعة وأن تتمهل في إجراء الانتخابات، قائلتين إنه لا بد من إرساء تقاليد التسامح والانصاف كي تنجح الديموقراطية. وكررت المستشارة الألمانية ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي المطالبة بتحقيق "انتقال" سريع في مصر وهي عبارة أصبحت مصطلحاً ديبلوماسياً يعني استقالة الرئيس المصري. وقال كاميرون: "لا أظن أننا نحل مشكلات العالم بإحداث تغيير بالضغط على زر وإجراء انتخابات. ومصر حالة كلاسيكية في هذا الصدد". وأشار إلى أن بناء الديموقراطية في بريطانيا نفسها استغرق مئات السنين لفرض قيم التسامح، مما يوضح أن تطور الديموقراطية عملية مستمرة وليس حدثاً. واعربت ميركل عن اعتقادها أن "إجراء انتخابات سريعة في بداية عملية للتحول الديموقراطي سيكون خطأ". وأضافت: "إذا أجريت انتخابات أولا فلن تكون هناك فرصة لتطوير هياكل جديدة (للحوار السياسي واتخاذ القرارات)". ويقول محللون سياسيون إن الحذر الذي تبديه أوروبا إزاء إجراء انتخابات حرة في مصر سيعتبره كثيرون في الشرق الأوسط دليلا على القلق الغربي من احتمال أن يتمكن الإسلاميون من الوصول إلى السلطة في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان.
روسيا من جهته، اعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تأييده "للحوار" بين مختلف الاطراف للخروج من المازق في مصر. واعتبر ان على "كل المجموعات الفاعلة" على الساحة الدولية ان تشارك في الجهود للخروج من "المأزق" وتشجيع التوصل الى حل.
الأطلسي وتطرق الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندريس فوغ راسموسن الى الازمة في مصر لحض الاوروبيين على الانفاق بـ"ذكاء" على دفاعهم من اجل مواجهة التغييرات العالمية. وقال امام المؤتمر: "في الوقت الذي اتوجه اليكم، تتسارع الاحداث في مصر وفي تونس وفي اماكن اخرى في الشرق الاوسط وفي شمال افريقيا ولا نعرف كيف ستكون النهاية". واضاف ان "الصفائح البنيوية تتحرك. والتحدي ليس فقط الاقتصاد ولكن النظام العالمي". واشار الى ان الدول الاوروبية في حلف الاطلسي تخشى ان يؤدي الافراط في نزع الاسلحة بسبب الازمة المالية الى جعلها "عاجزة عن الدفاع عن امنها".
"ستارت" الجديدة في غضون ذلك، دخلت المعاهدة الجديدة الاميركية الروسية للحد من الاسلحة النووية "ستارت" التي وقعت في الثامن من نيسان، حيز التطبيق بعد تبادل "آليات المصادقة" بين وزيري خارجية البلدين. وتشكل المعاهدة حجر الاساس في "اعادة انطلاق" العلاقات بين واشنطن وموسكو بعد توترات ظهرت في نهاية ولاية الرئيس الاميركي السابق جورج بوش، سلف الرئيس باراك اوباما. وكان وقعها الرئيسان الاميركي باراك اوباما والروسي دميتري ميدفيديف في براغ في نيسان 2010 بعد مفاوضات طويلة. وهذه المعاهدة التي يسري مفعولها لعشر سنين والقابلة للتجديد لخمس سنوات تنص على ان كلا من الدولتين يمكن ان تنشر 1550 رأساً نووياً حداً اقصى، اي خفض ما نسبته 30 في المئة مقارنة بعام 2002.
|