عاشت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طيلة السنوات الأربعة
الماضية، وخاصة في ما عرف ببلدان «الربيع العربي »، مسارات مختلفة في عملية الانتقال من حكم استبدادي
إلى أنظمة تكرّس إرادة الشعوب التي عبَّرت عنها «موجة انتفاضات وثورات أواخر عام 2010 وبداية
2011.
لقد عرفت التجربة التونسية على مدى السنوات الأربع التي تلت «ثورة
الحرية والكرامة » تطورات سياسية واجتماعية هائلة جعلتها مجال اهتمام دائم من قبل المراقبين والمحللين
السياسيين لثورات «الربيع العربي » رغبة منهم في معرفة أسباب نجاح تجربة الانتقال بصورة
سلمية.
تحاول هذه الورقة تحليل أبرز التطورات التي عاشتها تونس في السنوات
الأخيرة، مع التركيز على الظاهرة الرئيسية وهي مسألة الاستقطاب السياسي الحادّ الذي سيطر على مختلف
مراحل الانتقال من حكم نظام استبدادي ساد عقودا إلى إرساء نظام سياسي يستند لإرادة شعبية تجسّدت في
انتخابات حرة وديمقراطية.
وتقدّم الورقة أيضا مقترحات لبعض السيناريوهات
الممكنة في المرحلة القادمة بعد الانتهاء من استحقاقات المرحلة التأسيسية من صياغة لدستور جديد وانتخاب
السلطتين التشريعية والتنفيذية. |