الجمعة, 04 فبراير 2011 القاهرة - أحمد مصطفى
يعرف المصريون «البلطجة» والبلطجية، لكنها المرة الأولى التي يرون فيها بلطجية يمارسون «مهنتهم» وهم يمتطون الخيل والجمال. هكذا أثارت الأحداث الملتهبة على الساحة السياسية في مصر الحديث مجدداً عن ظاهرة «البلطجة»، خصوصاً بعد استخدام هؤلاء الفتية المفتولي العضلات والمسلحين بأسلحة متنوعة الأشكال والأحجام في تفريق المتظاهرين. كما أن هروب المئات منهم من السجون جعل بعض المصريين يعيش في أجواء من الرعب والهلع طيلة الأيام الماضية.
و «استئجار» تلك العصابات من الفتيان جزء لا يتجزأ من المشهد السياسي في مصر. وقد بات لهم اليوم «قائمة أسعار»، بحسب قوتهم العضلية وسجلّهم الإجرامي. وتنتشر الظاهرة على نطاق واسع عند أي تنافس سياسي يطرأ على الساحة لا سيما خلال الانتخابات البرلمانية. واتُهم الحزب الوطني في مصر مراراً باستخدام البلطجية لتحقيق أغراضه، سواء للفوز بمقاعد البرلمان في الانتخابات أو لمواجهة المتظاهرين المحتجين على سياساته في السنوات الماضية.
وقُتل خمسة أشخاص بينهم جندي في الجيش إضافة إلى أكثر من 800 جريح في اشتباكات دموية بين بلطجية موالين للسلطة ومطالبين برحيل مبارك في ميدان التحرير. والبلطجية عموماً هم مجموعات من العاطلين من العمل والمسجلين بوصفهم يمثّلون «خطراً أمنياً» والذين يُعتبر موسم الانتخابات بالنسبة إليهم «مصدراً للرزق الكبير». وكان يتعيّن على المصريين الراغبين في الذهاب إلى صناديق الانتخابات أن يأخذوا في حسبانهم خطر المشاجرات التي قد تصل إلى حد تبادل إطلاق النار، إذ أن استئجار البلطجية يُعد سلوكاً انتخابياً متعارفاً عليه بين المرشحين لكنه شائع على نطاق واسع بين مرشحي الحزب الوطني خصوصاً من رجال الأعمال. كما اتُهمت أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية بالتعامل مع البلطجية واستخدامهم ضد قوى المعارضة في مناسبات مختلفة.
وبرزت ظاهرة الاستعانة بـ «البلطجية» إلى السطح مع الانتخابات البرلمانية عام 2000. وتزايدت أعدادهم وتنوعت اختصاصاتهم في انتخابات عام 2005. ومع تلاحق الأحداث السياسية في مصر بات الحديث عن البلطجية أشهر من الحديث عن نجوم المجتمع بسبب كثرة الطلب عليهم. وساعد على انتعاش هذه الظاهرة تزايد أعداد المتعطلين وارتفاع معدلات الفقر والبطالة إضافة إلى غض الشرطة النظر أحياناً عن أعمال هؤلاء لجهة اتهام أجهزة الأمن باستخدامهم لمصلحتها في ضرب المتظاهرين من الرجال والتحرش بالنساء لتطويق أي تظاهرات احتجاجية.
وبحسب دراسة خرجت قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة فإن أسعار استئجار البلطجي تبدأ من 800 جنيه (140 دولاراً) وقد تصل إلى 40 ألف جنيه، بحسب نوع المهمة. وتبدأ مهمة البلطجية في الانتخابات بـ «الهتاف» للمرشحين وحشد الجماهير في السرادقات الدعائية، وتمتد إلى المساعدة في تزوير الانتخابات أو ما يسمونه «تقفيل الصناديق» لمصلحة هؤلاء المرشحين وضرب أنصار المنافسين وتهديد الناخبين ما لم يصوتوا لمصلحة المرشح الذي تعاقد معهم لإنجاحه.
|