الأربعاء ٢٧ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٣, ٢٠١١
لبنان
لبنان: ميقاتي يتريّث على وقع تمهُّل سوري في انتظار معرفة اتجاهات الريح... المصرية
«14 آذار» رمت الكرة في ملعب الرئيس المكلف المحاصَر بـ«نيران صديقة»

بيروت - من وسام أبوحرفوش |

 

غاب «الخبر اللبناني» عن «مانشيتات» الصحف اللبنانية واستهلاليات شاشات بيروت على مدار نحو اسبوع بعدما «احتلها» الشارع المصري الهائج، وما قد يفضي اليه طوفان الغضب في ارض الكنانة من تحولات في الدولة الاقليمية «المركزية» الاهم، وفي موقعها الاستراتيجي في المنطقة المصابة بـ «غليان» يتطاير على طول قوس الازمات وعرضه، من العراق وافغانستان وفلسطين وايران الى تونس ومصر وامكنة اخرى تحت المعاينة، مروراً بلبنان الذي لم يصح بعد من دلالات التطور الاكثر دراماتيكية في ازمته المتمادية منذ اغتيال رئيس حكومته السابق رفيق الحريري، والمتمثل بـ «قلب المعادلة» السياسية فيه.


وبدا «التحول المصري» الحليف الاقوى للرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، الذي جاء بـ «عملية قيصرية» نقلت لبنان من ضفة الى ضفة، فساهم الانتقال السريع للاهتمام بما يجري في القاهرة الى احتواء اسرع في بيروت لمضاعفات اقصاء رئيس حكومة تصريف الاعمال و«الزعيم السني» الابرز سعد الحريري عن السلطة بـ «كاسحة» من سورية و«حزب الله»، وافسح تالياً المجال لتطويل فترة السماح امام ميقاتي «المتمهل» لانضاج طبخته الحكومية على نار هادئة، وتفكيكه ما امكن من الغام في الطريق الى تشكيله حكومة ترضي الاكثرية الحالية («حزب الله» وفريقه) دون اغضاب المعارضة الجديدة (الحريري وفريقه)، والاتيان بوجوه توحي بالثقة للخارج.


وفي ظل هذا المناخ الاحتوائي المستجد بتضافر عوامل اقليمية ومحلية، يمضي الرئيس ميقاتي في مشاورات مفتوحة مع طرفي الصراع لانجاز «الرسم التشبيهي» لحكومة مقبولة وموسعة وسياسية مطعمة بتكنوقراط، تضم اوسع مروحة من القوى السياسية، وفي مهلة لا تتجاوز منتصف الشهر الجاري، وهي العملية التي افضت حتى الان الى الخلاصات الاتية:
? حوار تحالف «14 آذار» مع ميقاتي لمشاركة شرطها ضمان عدم فك لبنان ارتباطه بالمحكمة الدولية ومعالجة «الشق الداخلي» من سلاح «حزب الله»، وسط انطباع بان المعارضة الجديدة، التي من المرجح عدم مشاركتها بـ «الجملة والمفرق» ترمي الكرة في ملعب الرئيس المكلف.


? توحد موقف الاكثرية الحالية (8 آذار) حول عدم تمكين المعارضة الجديدة (14 آذار) من الامساك بـ «الثلث المعطل» وتمايز اطرافها في الموقف من مبدأ اشراك المعارضة، فرئيس البرلمان نبيه بري يدعم توجه ميقاتي لاشراك «14 آذار»، في الوقت الذي اعلن زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ميلاً واضحاً لحكومة «احادية» ومن طرف واحد.


? «النيران الصديقة» التي بدأت تنهمر على ميقاتي من «حلفائه الجدد» عبر ما يوصف في بيروت بـ «هجمة الاستيزار» التي يتعرض لها من اطراف «8 آذار»، خصوصاً العماد عون، الذي يريد تسمية العدد الاكبر من الوزراء المسيحيين والموافقة على الاخرين منهم، وسط معركة مبكرة بدأها لتقليص حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في الحكومة العتيدة.
? الانطباع السائد بان «تمهل» ميقاتي في حسم خياراته الحكومة مرده في جانب اساسي منه الى «تريث سوري» في ضبط ايقاع اللعبة السياسية في بيروت، في انتظار معرفة اتجاهات الريح في القاهرة، التي تشهد تغييراً لم تتضح بعد تداعياته على المسرحين الاقليمي والدولي.


ووسط هذا المناخ، استمرّ التدقيق في خلفيات موقف «النبرة العالية» للعماد عون الذي اعلن باسم «الأكثرية الجديدة» ان «من غير الممكن ان يكون طرف بالامس مع المحكمة ويطلب اليوم دخول الحكومة وهو لا يزال يؤيد هذه المحكمة»، مشترطاً ان «على من يريد ان يدخل الحكومة ان «يخلع ثوبه» السياسي (...) فلن نقبل ان يكونوا نواطير للمراقبة ونقل ما يحصل في الداخل الى جهات أخرى». واذ رفض منح «الثلث الضامن» لـ 14 آذار لان «هذا الثلث يؤدي الى الشلل»، اعتبر انّ القول بالاجماع في الحكومة «هدفه الخربطة»، متوجهاً الى الفريق الآخر بالقول: «الحكم الجديد (في لبنان) واضح، «حلّوا عنا.. وخلّصونا من المحكمة».


وفيما اعتبرت قوى الرابع عشر من آذار امس «ان اعلان عون ان أي فريق يريد دخول الحكومة يجب ان يلتزم مسبقا خط 8 آذار السياسي يشكّل حرب الغاء سياسية»، فان دوائر مراقبة قرأت بين سطور كلام زعيم «التيار الحر» رسالة اعتراض برسم ميقاتي وانعكاساً للتعقيدات التي تحوط تشكيل الحكومة واكمال «بازل» الحصص والحقائب، وهو ما استدعى عقد لقاء بين «جنرال الرابية» (حيث دارة عون) وشقيق الرئيس المكلف طه ميقاتي استكمل معه البحث في موضوع الحكومة، في ضوء المفاوضات التي أجراها ميقاتي خلال اليومين الماضيين مسيحيي 14 آذار.


في موازاة ذلك، وفيما دعت الأمانة العامة لقوى 14 آذار «الجمهور العريض للاستعداد لاحياء ذكرى 14 فبراير (اغتيال الرئيس رفيق الحريري) واسماع كلمته الى الداخل والخارج، وتأكيد خياراته، وتجديد تمسكه بثوابته الرافضة للحالة الانقلابية المستجدة وترجماتها السياسية كافة»، فان دوائر سياسية تعتبر ان الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس الحريري يمكن ان تشكّل سبباً اضافياً لفرْملة تشكيل الحكومة ولا سيما اذا كانت «من لون واحد» باعتبار ان من شان اخراجها الى النور قبل هذا التاريخ منح قوى الرابع عشر من آذار سلاح استنهاض لقواعدها بعدما اختارت احياء هذه المناسبة شعبياً في «ساحة الشهداء» كـ «اختبار قوة» تريده لتعديل الموازين التي اختّلت سياسياً منذ اسقاط حكومة الحريري.


وقال رئيس البرلمان نبيه بري امس بعد زيارته الرئيس سليمان انه «مع التعجيل في تشكيل الحكومة في ظل الاحداث المتسارعة في المنطقة»، متداركاً انه «لا يجوز ان نتسرع ولكن يجب ان نسرع، وأعتقد ان الرئيس ميقاتي يقوم بدوره بكل جد في سبيل الوصول الى حكومة انقاذ وطني وهذا الامر يتطلب بعض الوقت ولكن ليس الوقت الكبير»، ومشيراً الى «اننا مع المشاركة، وقلت حكومة انقاذ وطني، من دون تحديد الحصص او الدخول في مواضيع الحسابات باعتبار ان هذا الموقف أيضاً سمعته على لسان الرئيس ميقاتي، الذي يتحدث عن مشاركة حقيقية وليس عن حصص».
ولم يتأخّر رد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع على ما أعلنه رئيس مجلس النواب حيال المطالبة بحكومة تضمّ الجميع من دون تحديد حصص، فقال: «الرئيس بري «كل عمرو لبق»، وأتمنى ان تكون له كلمة وازنة في الطرف الآخر. ولكن أتصور ان من يحمل كلمة السر لدى 8 آذار هو العماد عون الذي كان واضحاً لجهة ان أي فريق سيشارك في الحكومة يجب ان يتبنى مبادئ وقناعات 8 آذار ليتمكن من المشاركة في الحكومة التي تبيّن بشكل واضح على لسان الجنرال ان المطلوب ان تكون حكومة من لون واحد تدين بالولاء لسورية من جهة وحزب الله من جهة ثانية ولمجموعة مبادئ وتصورات وسياسات 8 آذار».



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة