تشاطرت الأطراف اليمنية "المتباعدة" والدولية "المتحدة" عميق الأسف على عدم انتهاء مشاورات السلام المنعقدة في سويسرا برعاية أممية، إلى إنهاءٍ تام للمعاناة اليمنية، بعد مضي تسعة شهور على "احتراق" اليمن في "الأخدود" الجديد.
سرى الظن خلال الشهور التسعة بأنها مدة كافية لإنجاز اتفاق إطفاء "الأخدود" وردمه، لكنهالم تَلِد طياً ناجعاً ليمن 2015، مع أن إعلاناً عن "هدنة مؤقتة ووقف إطلاق النار" سبق المفاوضات التي شرعت مع "خرق الهدنة" من جانبي القتال الداخلي والخارجي، ثم تبادل كل
طرف مع الآخر اتهام "الخرق" وإفشال المحادثات بـ"محاولة فرض واقع جديد" يلائم كل طرف على حِدة. وبكل الأسف والقلق من الخرق، مضت الأمم المتحدة على مذهب "لا يلم بعضكم على (الخرقِ) بعضاً، أيها القوم كلكم أبرياءُ".
الأنواء والأجواء اليمنية والحدود السعودية لم تكن وحدها ميدان "الخرق" المشترك، فالمحادثات "اليمنية" اعترضتها "طوابير" سياسية ووسائل إعلام ومواقع تواصل الأطراف "المتنافرة"، مُحرِقةً في "الأخدود" الضوابط الموضوعة لسيرِ المحادثات، فكثرت التقولات والشائعات ونُسِبت مواقف ولُفِّقت تصريحات لا تخدم السلام البتة.
أكد المبعوث الأممي أن الجانبين اليمنيين "أحرزا تقدماً جدياً" عبر: تقرير تشكيل لجنة عسكرية (توفر مجال نشاط جديد لمستشار أممي عسكري). تمرير المساعدات الإنسانية للمحافظات المتضررة، منها "تعز"، كما تم "اتفاق على عقد اتفاق" أثناء محادثات، منتصف كانون الثاني 2016، بمدينة أخرى (هكذا تحظى الأزمة السياسية اليمنية -بممثلي أطرافها- بجولة سياحية تجوب قارات العالم). إضافةً إلى تصوير رؤساء الوفود يتصافحون... دون صفحٍ نفسي!
من البيِّنِ أن عملية ردم "أخدود اليمن الجديد" تجري وفق بديهيات متفق عليها يمنياً وإقليمياً ودولياً، نصّ عليها القرار الأممي 2216 وغيره من المرجعيات (الكثيرة!) المتوافق عليها بين الأطراف و"الأضداد" العائدين إلى ضفافهم المطلة على "الأخدود" بخلاف آمال وتصورات ووعود مسبقة بأنهم ذاهبون لاتفاق على ردمه قريباً. وبديهي أن إرجاء وقف القتال لا يلغي حتمية انتهاء الحرب للمضي إلى مستقبل اليمن الأفضل وتجاوز عوائق السير إليه.
تأجيل إنهاء الحرب يثير التساؤل عن سُبُل تحديد أوان ردم "الأخدود" وإحباط مساعي السلام. من بعد التدابير الإلهية بالطبع، تتضح بصمات المؤثرين الحقيقيين على أمورٍ لا تحددها وفودُ تصوير وبعثاتُ تشويش تحمل صكوكَ وطنيةٍ يهبها كلٌ لنفسه متغافلاً عن جلاء موقعه وصراحة تبعيته (...). فالقتال لا يوقفُه ذهابُ وفدٍ وَقَد "مُنِح كل صلاحيات التوصل إلى سلام" بينما أيسر ما يكون على "مانحي الصلاحيات" نزعها (...).
وأسبابُ وقف إطلاق النار، ليست المآسي الإنسانية ومنغصات حياة المواطنين، وخسائر مادية واقتصادية وأضرارا صحية، وعدد القتلى الأطفال ظلماً وعدواناً، والأرامل والثكالى واليتامى، بسبب حرب الكبار وأطماعهم. كما لا يردم "الأخدود" اليمني سريعاً حرارة جهود الأمم المتحدة، وبرود تفاعل الجامعة العربية.
إن إنهاء المأساة، من بعد أمر الله، بيد مَن يكترثون لأرباح الحرب ويتجاهلون خسائره البشرية، وللإنصاف، نقول: يتباكون على ضحاياه (...). فبأولئك "مأساتنا طالت وليست تبرحُ" حسب الأديب اليمني صالح السلفي. أولئك الذين لم يتعبوا بعد، وإن تعب البسطاء. فمن أصغر "مقاول حرب" إلى أكبر "أمير حرب" دائماً متى امتلأت جيوبهم، توقفت حروبهم... مؤقتاً.
|