الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيلول ١٣, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة

الملف: انتخابات
«العدالة والتنمية» يستعد للانتخابات التشريعية - محمد الأشهب
أن يترتب على الانتخابات المحلية في المغرب انفراط جزء من التحالف الحكومي، الأمر ليس مفاجئاً، بالقدر الذي يمكن استبعاده، طالما أن نهاية ولايته لا تزيد عن سنة وبضعة أشهر، يتحملها الخصوم، وبالأحرى السائرون في مركب واحد. وفي حال صمدت تجربة الائتلاف أمام ضغوط وإكراهات تحالفات من خارج سقف السلطة التنفيذية، سيكون ذلك مكسباً لفائدة رئيسها عبدالإله بن كيران وحزب «العدالة والتنمية» الذي وضع رجليه على ركاب فرس اشتراعيات العام القادم، مطمئناً إلى تحقيق نصر أكبر، أبرز معالمه أنه اخترق جدار انتخابات البلديات والجهات، وصار في حكم الوارد تأمين حضوره في مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان التي لم يكن يتوفر فيها على أي مقعد.

ليست تحالفات تشكيل مجالس البلديات والنظام الجهوي، ومجلس المستشارين أكثر من شجيرات تخفي الغابة. ذلك أن حيازة المراتب الأولى في الاقتراع الشعبي، لا تكتمل من دون الحصول على ثقة «الناخبين الكبار» الذين يورثون في خرائط مجالس التدبير، بخاصة أن القوانين الإجرائية سارية المفعول تحتم الظفر بالغالبية لرئاستها. وما دام أن الأصوات موزعة على مجموع البلديات والجهات، يصبح التحالف اختياراً لا بديل منه، أكان بين شركاء الائتلاف الحكومي في الغالبية، أو في اتجاه الانفتاح على المعارضة التي لا يمكنها بدورها أن تمضي قدماً من دون إسناد أصوات من الغالبية.

تكريس واقع أن أي حزب أو تكتل لا يستطيع تأمين الغالبية المطلوبة لإطلاق اليد في مجالات تدبير الشأن العام شيء، والضرورات التي تحتم قيام تحالفات شيء آخر، وحين يقع تجاذب بين مكونات الغالبية الحكومية حول الظفر برئاسيات محلية وجهوية، يصب ذلك في خانة المعارضة، والحال أن الأخيرة التي وضعت خطاً أحمر أمام احتمالات التحالف مع الغالبية، وتحديداً مع «العدالة والتنمية» وجدت نفسها مضطرة لمعاودة النظر في مواقف متسرعة، تماماً كما بدا لرئيس الحكومة أن مسايرة تجمع الأحرار عبر إرضائه في بعض المناطق يفرضه واقع آخر، يتمثل في حفظ الائتلاف الحكومي من الانهيار. وهو يدرك أن الخلاف لا يطاول مجلس بلدية أو جهة أكثر منه تعطيل آليات الائتلاف الحكومي في الهزيع الأخير من الولاية الاشتراعية.

في أكثر من مناسبة، قال بن كيران إنه لا يمانع في ترجيح اقتراحات حلفائه في السلطة التنفيذية، على حساب حزبه الذي حاز الصدارة في اشتراعيات العام 2011. وفهم من كلامه أن الضرورة تبيح المحظور سياسياً، ما يعني أن وصفة التنازلات التي يقدمها اليوم، من تسهيل تشكيل مجالس البلديات والجهات، إنما تروم التلميح إلى أنه قد لا يواصل المسعى نفسه في حال حيازة غالبية مريحة في الاستحقاق الاشتراعي القادم. لكنه في الوقت ذاته يرغب في توجيه رسائل محددة، محورها أنه «زاهد» في الاستئثار بتدبير بلديات استحقها عن جدارة.

باستثناء همسات حول التشوهات الانتخابية التي اعترت البلديات، عبر الإفراط في استخدام المال للتأثير واستمالة الناخبين، نجح رئيس الحكومة في كسب رهان كان محفوفاً بالمخاطر، يتمثل في أنه رعى العملية الانتخابية من بدايتها إلى إعلان النتائج. وبينما كان رهان خصومه يسعى لاستغلال أي ثغرات للقول إن الرعاية السياسية لرئيس الحكومة حادت عن ضمانات النزاهة والحياد، استطاع «العدالة والتنمية» عبر إدارة معارك سياسية نزع هذا الفتيل. كونه يرمي بصره بعيداً على الاستحقاقات الاشتراعية التي قد تخلق بدورها مفاجأة صادمة لخصومه.

في بعض مؤشرات التحالف التي ذهبت إلى عدم استبعاد أي شريك آخر، وإن كان فصائل المعارضة، يضرب بن كيران عصفورين بحجر واحد، إذ إنه لا يمكن أن يخضع للسقف العالي لطلب تجمع الأحرار، والحال أن الإيحاء بتحالفات محلية على مستوى البلديات والجهات يمكن أن ينسحب على الأوضاع المرتقبة لتحالفات حكومية بعد اشترعيات العام 2016. وقد لا يعني التلويح بالذهاب إلى انتخابات مبكرة سوى أن كل شيء وارد من الآن إلى حين إجراء الاستحقاقات الاشتراعية، والتداخل الحاصل بين الاشتراعيات والبلديات إنما يخفي جوهر التحديات القادمة.


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
الملف: انتخابات
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
الانتخابات المقبلة وضعف النقاش السياسي في المغرب - لحسن حداد
الفلسطينيون يترقبون ترشح البرغوثي لمعركة الرئاسة
النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية - فريد الخازن
حول شرعية الانتخابات اللبنانية - منى فياض
الجزائر كنموذج يخشى اختطافه - روزانا بومنصف
ولاية خامسة لبوتفليقة أو الفوضى!- رندة تقي الدين
"هيئة الإشراف" تُعاين في تقريرها "جروح" الانتخابات - رضوان عقيل
البحرين: أول رئيسة منتخبة للبرلمان - سوسن الشاعر
أسوأ المجالس البلدية - علي القاسمي
«انتخابات شو!» - مشرق عباس
«التطابق» لا ينزه الانتخابات - مشرق عباس
العراق: تدارك أزمة الانتخابات - مشرق عباس
حول اعادة صوغ «الكتلة الأكبر» - مشرق عباس
الاستبداد الناعم - عبد الحسين شعبان
الممتنعون عن الاقتراع في الانتخابات النيابية من يمثلهم؟ - جورج ابرهيم طربيه
الانتخابات تنهِك العراق بمزيد من الأزمات - كامران قره داغي
«تقبيطة الكيا»! - مشرق عباس
العلمانيون واليساريون بعد الانتخابات (اللبنانية): صِفْر - طلال خواجة
البرلمان اللبناني الجديد: الأكثريات التي انتخبت رؤساء جمهورية ليسوا منها - أسعد الخوري
البلوكات البرية بعد البحرية - فريد الخازن
الانتخابات العراقية تفتح ملف الصراع مع نظام طهران - خالد غزال
انتخابات الكومبارس مقابل سياسة الهامش في لبنان - سامر فرنجيّة
بدائل لا نصيب لها من اسمها - حسام عيتاني
عن يوم أحد أجريت فيه انتخابات نيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
قانون الانتخاب تشابك الاسوأ بين النسبي والاكثري - فريد الخازن
انتخابات لبنان لا طائل منها؟ أنطوان قربان
الانتخابات في لبنان والعراق ذات النتائج المعروفة - مرزوق الحلبي
ولي الفقيه العراقي - حازم الأمين
الانتخابات: عندما يصبح دراكولا بابا نويل - جهاد الزين
المشهد غداة الانتخابات اللبنانية - حسام عيتاني
خلفياتُ زّج النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في بازار الإنتخابات اللبنانية - مي الصايغ
الانتخابات اللبنانية «النووية» - وليد شقير
مدينتا بيروت: دُمّلةُ ما بعد الانتخابات - جهاد الزين
انتخابات العراق ولبنان ومآلات الصراع في الشرق الأوسط - بوتان تحسين
«الشعب» أسوأ من مرشحيه - حازم الأمين
أنا المغترب، من أنتخب؟
علي الأمين واللائحة وإعلامنا - حازم صاغية
انتخابات فولكلورية لقانون النسبية سليم نصار
كساد فكرة التغيير في لبنان - حسام عيتاني
حول قانون العدد وما يُرجّحه في انتخابات 2018 - أحمد بعلبكي
اللجنة الأوروبية إذا شاءت، لا الدولة، هي مرجعية الانتخابات - جهاد الزين
نحتاج 161704 أشخاص لمراقبة اقتراع 82000 مغترب! - طنوس فرنسيس
الانتخابات العراقية: جيوش إلكترونية ومزاد لشراء أصوات الناخبين
إلى لجنة الرقابة الأوروبية على الانتخابات اللبنانية:كيف ستواجهين عمليات التزوير؟ - جهاد الزين
دفاعاً عن «الخرزة الزرقاء» - حازم الامين
لبنان 2018: ما الجدوى من الانتخابات العامة؟ - جوزيف مايلا
مقاطعة الانتخابات: الداخل والخارج - حازم صاغية
ماذا بعد الانتخابات المصرية؟ - مأمون فندي
انتخابات بلا معنى ولا فاعليّة - حازم صاغية
انتخابات لبنانية في رداء حرب أهلية - خالد غزال
الاستابلشمنت اللبناني المشوَّه والمشوِّه - أنطوان قربان
صاعقة الانتخابات - محمد صلاح
العراق: انتخابات أم مزاد علني للبيع والشراء؟ - حميد الكفائي
الانتخابات النيابية ترفع وتيرة التصعيد بين أهل الحكم - خالد غزال
الانتخابات اللبنانية:الزبائنية لحشد التأييد سامي عطاالله - زينة الحلو
مسودة قراءة في الانتخابات اللبنانية - منى الخوري
الانتخابات وقانونها: "الولايات اللبنانية المتحدة" - فريد الخازن
أداة تأديبية تدعى الانتخابات النيابية في لبنان - سامر فرنجيّة
مراجعة متأخّرة لمقاطعة 92 المسيحيّة - حازم صاغية
هل سيكون للرأي العام من تأثير في الانتخابات المقبلة؟ - منى فياض
ورثة الطوائف في الانتخابات اللبنانية - حازم الامين
دعوة إلى مقاطعة الانتخابات غير «المدنية» في لبنان - حازم الامين
حرب أم انتخابات في لبنان؟ - حازم صاغية
انتخابات الرئاسة المصرية: تعظيم المشاركة عبر الفتاوى الدينيّة - كرم سعيد
الأحلام الانتخابيّة للمجتمع المدني في لبنان - حسام عيتاني
الاستحقاق العراقي: انتخابات إشكالية ومشكلات بنيوية على وقع انقسامات جديدة - عبدالباسط سيدا
المشاركة في انتخابات الرئاسة على قمة تحديات السلطة المصرية
البلديات تعيد رسم المشهد المغربي - محمد الأشهب
استمالة الناخبين - محمد الأشهب
الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
محطة الانتخابات البلدية في المغرب - محمد الأشهب
أخبار ذات صلة
المغرب: زعيم حزبي يعد بعدم رفع الضرائب إذا تولى الحكومة المقبلة
المغرب: لجنة نيابية تصوّت اليوم على «تقنين» القنب الهندي
المغرب يعلن عن «استقبال استثنائي» لجاليته في الصيف
سياسي مغربي: الحزب المتصدر للانتخابات لن يتجاوز 80 مقعداً برلمانياً
«النواب» المغربي يناقش «تقنين زراعة القنب الهندي»
مقالات ذات صلة
الانتخابات المقبلة وضعف النقاش السياسي في المغرب - لحسن حداد
استياء مغربي من «تهجم على الملك» في قناة جزائرية
الجميع مستاء وسؤال المستقبل مطروح على المغرب - انتصار فقير
عن أزمة النخب السياسية في خطاب العاهل المغربي - بشير عبد الفتاح
الحركات الاحتجاجية المُطالبة بالتنمية تُوحَّد بين البلدان المغاربية - رشيد خشانة
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة