طيران بشار الأسد يرتكب مجزرة في الغوطة. وبعض مصادر مجلس الأمن تهلل بالبيان الرئاسي في المجلس لتأييد الحل السياسي في سورية ودعم عمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بأنه إنجاز تاريخي في حين أن لا صفة إلزامية لأي بيان في مجلس الأمن. فمثل هذا الوصف سوريالي. إذ إن الموقف العالمي إزاء ما يجري في سورية مأسوي لشلله أمام ما يرتكبه الأسد وجماعته بمساعدة «حزب الله» وإيران ضد شعبه. الرئيس باراك أوباما بذل جهده لمنع إيران من الحصول على القنبلة الذرية. ولكنه لا يبالي بما يرتكبه الأسد (بمساعدة إيران) من مجازر ببراميل طيرانه على شعبه وذلك منذ بداية الحرب السورية في ٢٠١١.
بشار الأسد ترك يقتل ويهجر الملايين من شعبه وينشئ عناصر «الدولة الإسلامية» التي أصبحت تهديداً عالمياً وعلى أولوية القوى الدولية. وطالما لا يهدد الأسد إسرائيل مثلما تهددها قنبلة إيران تبقى المجازر في الغوطة وقصف دوما والمدن السورية بالطيران مجرد مشاهد مؤلمة. وبما أنها لا تمس المصلحة الأميركية فلا تقتضي بحسب عقيدة أوباما أي تدخل عسكري ولو بقصف قواعد الطيران السوري. فمنطق أوباما أن التدخل العسكري ينبغي أن يكتفي بقصف قواعد «الدولة الإسلامية» لأنها الخطر الأكبر على العالم، في حين أن مجازر النظام بالبراميل لا تهدد العالم وإن قتلت وهجرت الملايين. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فهو يحلم بالعودة إلى أيام الاتحاد السوفياتي عندما كان يتم التفاوض حول شؤون العالم بين واشنطن وموسكو. فهو مصر على بقاء الأسد وقد أصدر وزير خارجيته سيرغي لافروف موقفاً أكثر تشدداً إذ إنه قال إن مغادرة الأسد في نهاية المسار السياسي الانتقالي للحل في سورية شرط غير مقبول. فروسيا بوتين تريد بقاء الأسد للاستفادة من ضعف ولامبالاة رئيس أميركي له أولويات غير مأساة المدنيين السوريين ومشاكل الدول المجاورة من التهجير السوري المستمر. أما فرنسا فتتحرك للعمل في مجلس الأمن لمكافحة استخدام النظام السوري للبراميل وهي أسلحة توازي وحشية استخدام الكيماوي. ولكن نظام الأسد لا يبالي بمواقف فرنسا طالما أن الإدارة الأميركية لا تتحرك بحزم للحل في سورية ولمفاوضة أشد مع بوتين. فروسيا على رغم حلم بوتين لم تعد الاتحاد السوفياتي. ولها مصالح كبرى مع الولايات المتحدة ومع أوروبا. ومبعوث الأمم المتحدة في سورية ستيفان دي ميستورا هو شخصية دولية مرموقة ولكنه عاجز بفعل الموقف الأميركي الضعيف والروسي المتشدد. والمسكين دي ميستورا تنهال عليه انتقادات النظام لأنه يدين قصف الغوطة وسابقاً انتقادات المعارضة لمبادرته الفاشلة في تجميد القتال في حلب. فدي ميستورا لن يصل إلى أي حل طالما هناك شلل في مجلس الأمن إزاء ضرورة خروج الأسد من السلطة.
إن الحل في سورية مع هذه المواقف المعطلة لا يمكن أن يكون سياسياً. بل سيكون عسكرياً ومن الداخل لا من الخارج لأن الأسد لن يذهب طالما هو محمي من بوتين والمرشد الإيراني علي خامنئي و»حزب الله». ولكن حمايتهم قد تصطدم يوماً بحدث غير متوقع من الداخل. فلا أحد يعرف ماذا يجري وسط الأسد وجماعته. وكثر في هذا الوسط قتلوا أو تمت تصفيتهم. وربما ينتهي عهد الأسد بهذا الشكل تبعاً للمثل الذي يقول من حفر حفرة لأخيه وقع فيها. ولكن بانتظار ذلك سنشهد المزيد من القتلى والمجازر والتهجير والكوارث الاجتماعية والإنسانية. وأثناء ذلك ستستمر الأسرة الدولية بتداولات عقيمة وعاجزة مع رئيس أميركي لا يرى خطورة بقاء الأسد الذي ساهم بقوة في بناء «الدولة الإسلامية» التي أصبحت الآن تهدده وتجعل البعض ومن بينهم أوساط مصرية تفضل بقاء الأسد.
|