انتهت الانتخابات المهنية بالمغرب يوم الجمعة7غشت 2015 مفرزة
نتائج اختلف المحللون في قراءتها، وإذا كانت هذه الانتخابات هي بداية مسلسل انتخاب مستشاري الغرفة
الثانية للبرلمان، فإن بعض المتخصصين اعتبر نتائجها بمثابة تقييم لأداء الفرقاء الحزبيين الذين
يشكلون الأغلبية، وخلص إلى كونها نوع من التعبير عن التذمر من السياسة الحكومية المتبعة؛ في الوقت الذي
اعتبر فيه آخرون أن تراجع أحزاب المعارضة خاصة حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، هو المدخل الصحيح
لقراءة النتائج، مفسرين تراجعهما على أنه ليس مكسب لأحزاب الأغلبية بقدر ما هو نوع من الحيرة
والتردد التي غلبت على الكتلة الناخبة ، و قامت أطراف أخرى بقياس هذه الانتخابات على نتائج اقتراع
2011 واعتبرت أنه مادام أن حزب العدالة والتنمية لم يحصل في هذه الانتخابات على المرتبة الأولى
فمعنى ذلك أن التصويت كان عقابيا لهذا الحزب، وأظن أن هذا الطرح كان سيكون صحيحا لو كان هذا الحزب تبوأ
المرتبة الأولى في هذه الانتخابات سنة 2009 والتي جرت في مناخ وسياق آخر
.
قبل مقاربة النتائج من الناحية الكمية، يجدر بنا التعرف على طبيعة هذه
الانتخابات المهنية، وأهميتها بالنسبة لهيكلة المؤسسة التشريعية، إذ كما هو معروف أن هذه الانتخابات
التي تهم مجلس المستشارين الذي يشكل الغرفة الثانية للبرلمان، والذي لأول مرة يتم انتخابه وفق ما يفرضه
دستور 2011 حيث أصبح يتكون من 120 عضوا يوزعون على الشكل التالي:
الهيئات الناخبة |
عدد الأعضاء |
ممثلو الجماعات الترابية الذين ينتخبون على صعيد
مجالس الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات | 72 | الغرف المهنية | 20 | المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر
تمثيلية | 8 | ممثلي المأجورين | 20 |
إذا فانتخابات الغرف
لن تحسم إلا في 20 مقعدا برلمانيا موزعة على الشكل التالي:
الغرف
المهنية | عدد المقاعد المخصصة
لها | الفلاحة | 7 | التجارة والصناعة والخدمات
| 6 | الصناعة التقليدية | 5 | الصيد البحري | 2 |
ولهذا يمكن القول بأن 20 مقعدا لن تكون
لوحدها هي الحاسمة في تحديد من سيحصل على الأغلبية، وحتى لو أضفنا إليها المنظمات المهنية للمشغلين
وممثلي المأجورين، فإن العدد يبقى أقل من عدد ممثلي الجماعات الترابية، وهو ما قد يستخلص منه على أن
الأحزاب السياسية لا تعتبر الغرف المهنية أولوية، وأنها تنتظر انتخابات الرابع من شتنبر الخاصة
بالجماعات الترابية لتقييم حصيلتها الحقيقية و تموقعها الجديد داخل الغرفة الثانية، سواء بالنسبة لأحزاب
الأغلبية أو المعارضة، أو تلك التي تدخل غمار هذه الانتخابات لأول مرة. ولكن ومع ذلك، فإن نتائج هذه
الانتخابات تدعو إلى التأمل خاصة إذا قارنا بين سنتي 2009 و 2015، بالنسبة لخمسة أحزاب سياسية
يوضحها الجدول التالي:
2015 | 2009 |
السنة |
408 |
392 | الأصالة
والمعاصرة | 163 | 237 | الاتحاد
الاشتراكي | 351 | 379 | الاستقلال | 326
| 331 | التجمع الوطني
للأحرار | 196 |
81 | العدالة
والتنمية |
لعل أول ملاحظة يمكن تقديمها على هذا المستوى، هي أن
الحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية وإن كانت مرتبته قد تحسنت، فإنه لم يحصل على الأغلبية، بالرغم من أن
رئيسه الذي هو رئيس الحكومة يعتبر هو المشرف على تنظيم الانتخابات، وهذا مؤشر صحة بالنسبة للديمقراطية
بالمغرب، من خلاله قد يتأكد أن نزاهة الانتخابات وتدخل الإدارة لم تعد موضع شك مما قد يعزز أكثر الثقة
في المسار السياسي بالمغرب، وفي المؤسسات التي قد تفرزها صناديق الاقتراع. خاصة وأن منطقة المغرب
الكبير لازالت الديمقراطية فيها تتلمس طريقها، وتعمل فيها الدول من أجل مقاومة الفكر المتطرف، غير أن
مقارنة بسيطة بين انتخابات 2009 و2015 تبين من من الأحزاب استطاع أن يتقدم بشكل ملحوظ ومن تراجع وهو ما
يوضحه المبيان المرفق.
لقد حدثت تحولات كثيرة على مستوى هذه الانتخابات،
وأخضعها منطق دستور 2011 لعملية تكييف مع متغيرات مجتمعية أساسية تمثلت في انخراط النساء و الشباب وإن
كان الأمر لازال لم يعكس المكانة الحقيقية لهذين العنصرين على مستوى البنية الديمغرافية للساكنة، حيث
شكلت نسبة الشباب المرشحين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة حوالي 10% بينما شكلت نسبة النساء المرشحات 6% ،
ولمعرفة التحولات الحقيقية والنهائية على مستوى هذه الانتخابات يجب انتظار انتخاب العشرين عضوا، وربط
ذلك بمختلف التحولات التي يشهدها النسق الاجتماعي برمته.
|