الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تموز ٢٢, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
الحدود المفتوحة بين "داعش" و"حماس" - ماجد كيالي
يبدو أن"داعش" لم تتأخّر في تنفيذ تهديدها "حماس" في غزة، عبر شريط الفيديو الذي وزعته قبل ثلاثة اسابيع (6/30)، كما بيّنت التفجيرات التي استهدفت أخيراً مواقع تخص قيادات في "كتائب القسام" (التابعة للحركة)، و"سرايا القدس" (التابعة لـ"الجهاد الإسلامي"). وربما ان هدف هذه التفجيرات، التي جرت بشكل متزامن، وضد قيادات عسكرية، وفي مناطق سيطرة الأجهزة الأمنية لـ"حماس"، بعث رسالة مفادها أن "داعش" موجودة في غزة، وانها تستطيع الوصول إلى الأهداف التي تريد، وقت ما تريد.
 
في الواقع لا شيء ينفي أن "داعش" وراء تلك التفجيرات، فهي موجودة في سيناء، وتثبت تواجدها في اكثر من منطقة، ومع معرفتنا أن "داعش" هي فكرة، أكثر من كونها تنظيما يشبه التنظيمات الحزبية التي تعرفنا عليها في العقود السابقة.

أيضا، وهو ما يجدر بقيادات "حماس" والتيارات الإسلامية الوسطية إدراكه، فإن فكرة "داعش" تجد تربتها الخصبة في إطار الحركات الإسلامية ذاتها، التي لا تبدو محصّنة ازاءها، بحكم التماثل في الخلفيات الفكرية، واستمرائها استغراق منتسبيها في التماهي مع ما يمكن تسميته الاسلام الأول، وهو بمثابة إسلام متخيّل، ما يخلق وضعا من التشويش والتناقض والاغتراب بين كثير من الاسلاميين وواقعهم.

ما يعزّز هذه المخاوف مسألتان: اولاهما، ان التيارات الإسلامية لم تبذل جهدا مناسباً لدحض، ونزع شرعية، الأفكار المتطرّفة والارهابية أو "الجهادية"، وضمنها افكار "داعش"، لأن المصادر الفكرية تبدو واحدة، او متشابهة، ولأن نقد فكرة "داعش"، سيؤدي حتماً الى تفكيك المرتكزات الفكرية للتيارات الإسلامية جملة وتفصيلا، وهو ما لا تريده ولا تملك الجرأة على الاقدام عليه، مع انه بات ضرورة لها لتمييز ذاتها واستعادة شرعيتها، وللتصالح مع الواقع والعصر والعالم.

وثانيتهما، أن "داعش"، كما بينت التجربة، تستمد مواردها البشرية من بيئة الاحزاب والتيارات الإسلامية ذاتها، إذ ان الحدود بين هذه التنظيمات مفتوحة، وسهلة. هكذا يمكن للإسلامي من الخليج او تونس او اليمن او سوريا، مثلا، ان يكون في "جيش الإسلام"، أو "أحرار الشام"، وغدا في "جبهة النصرة" وبعده في "داعش"، وبالعكس؛ وهذا يمكن ان يحصل في غزة، أيضاً، مع وجود قطاعات في "حماس" اميل الى السلفية الجهادية، او الى التطرف، واستخدام العنف مع المجتمع، ولا ننس الاصوات التي ارتفعت من داخل "حماس"، قبل سبعة اعوام، معتبرة انهاء "فتح" في غزة، وانزال علم فلسطين، بمثابة انتصار على العلمانية، وبداية نهضة اسلامية.

القصد ان التطرف لا حدود له، وكل جماعة متطرفة وتكفر غيرها ستجد من هو متطرف اكثر منها، ويكفرها، وأن "حماس" معنية بتمييز نفسها، بخاصة باستعادة اعتبارها لذاتها كحركة وطنية.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
وقف نار غير مشروط في غزة بوساطة مصرية
تل أبيب ترفض التهدئة وتستدعي قوات الاحتياط
مصير الانتخابات الفلسطينية يحسم اليوم
استطلاع: «فتح» تتفوق على «حماس» والبرغوثي يفوز بالرئاسة
المقدسيون مدعوون للانتخابات عبر مراكز البريد
مقالات ذات صلة
حرب غزة وأسئلة النصر والهزيمة! - أكرم البني
أيضاً وأيضاً: هل يتوقّف هذا الكذب على الفلسطينيّين؟ - حازم صاغية
لا قيامة قريبة لـ«معسكر السلام» - حسام عيتاني
إعادة اختراع الإسرائيليّة والفلسطينيّة؟! - حازم صاغية
... عن مواجهات القدس وآفاقها المتعارضة - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة