الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيار ٢١, ٢٠١٥
المصدر: موقع ساسة بوست - مصر
إعدامات قضية «عرب شركس»: ثورة القضاء المصري على العدالة؟
في صباح اليوم (17 مايو) كانت ستّ عائلات مصريَّة على موعد مع حادث أليم لم يكونوا يتوقعونه ـ حسب كلامهم في الإعلام. فقد أعدمت السلطات المصرية 6 من الشباب المصريين المتهمين في قضية إرهابية وقعت في العام الماضي. الإعدامات حدثت دون إبلاغ أهالي المتهمين ودون أن يُسمح لهم بمقابلتهم قبل تنفيذ الأحكام. انتشرت صور الأهالي وهم يحتضنون ملابس الإعدام الخاصة بأبنائهم بعد وصول الجثث لمشرحة زينهم.
 
في هذا التقرير محاولة لفهم ما حدث، بناءً على المعلومات والتحقيقات المُتاحة.
 
1- ما هي القضية بالتحديد؟
 

أصدرت محكمة عسكرية العام الماضي حكمًا نهائيًا في أكتوبر 2014 بإعدام 6 من الشباب المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “عرب شركس” كانت المحكمة العسكرية قد انعقدت على مدار  ستّ جلسات، أحيطت بالسرية التامَّة. وتشمل الاتهامات الموجهة إلى الشباب، التالي:
 1.تنفيذ هجوم مسلَّح استهدف حافلة نقل جنود من الجيش بالقاهرة. أسفرت العملية عن مقتل مساعد بالقوات المسلحة. هذه القضية في 13 مارس 2014.
 2.قتل 6 جنود من الجيش في كمين للشرطة العسكرية في منطقة مُسطرد بالقاهرة في  15 مارس 2014 (بعد الحادثة السابقة بيومين).
 3.قُتل ضابطا جيش من ضباط سلاح المهندسين، وهما خبيرا مفرقعات، قتلا أثناء محاولتهما إبطال مفرقعات كان المتهمون قد زرعوها في المخزن المهجور قبل القبض عليهم في منطقة عزبة شركس في محافظة القليوبية. كان هذا يوم 19 مارس 2014.  القضايا المسؤول عنها تنظيم أنصار بيت المقدس.
 رسم كاريكاتوري للفنان كارلوس لاتوف تعليقًا على أحكام الإعدام في أكتوبر 2014
 
بُعيد التصديق على الحكم بالإعدام ـ وإحالة الأوراق للمفتي والذي أيَّد الحُكم. تقدم المحكوم عليهم بالطعن على الحُكم، لكنه قوبل بالرفض. وأيدت المحكمة العسكرية العليا الحكم الصادر بإعدام سبعة من المتهمين. أحدهم هارب. والمؤبد لاثنين آخرين.
 
يشار إلى أنَّ القانون يكفل لأهالي المحكوم عليهم بالإعدام أن يتم إبلاغهم بالحكم على الأقل قبله بـ 48 ساعة، كذلك يمنحهم الحقّ في لقاء ذويهم قبل التنفيذ. ولكنّ هذا لم يحدث بالطبع، فقد علم أهالي المحكوم عليهم بالحدث من خلال الأخبار.
 
إضافةً إلى ما سبق؛ واجه المعدومون اتهامات في محاكمة أخرى مدنية في نفس الوقت الذي يحاكمون فيه أمام قضية عسكرية! وهو الحدث غير  القانوني. الاتهامات الأخرى قائمة طويلة ضمن مجموعة متهمين (200 مُتهم) أحالهم النائب العام في مايو الماضي إلى محكمة جنايات مدنية. الاتهامات تتلخص في: المسؤولية عن العديد من الهجمات البارزة التي تبناها تنظيم أنصار بيت المقدس. أبرز هذه التفجيرات تفجيري مديرية أمن القاهرة ومديرية أمن الدقهلية. واغتيال عدد من قيادات وضباط الشرطة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق في سبتمبر 2013 والتي باءت بالفشل.
 

ووفقا لقرار الاتهام الصادر بحق المتهمين، كان أربعة منهم قد تواصلوا مع قيادات أنصار بيت المقدس في شمال سيناء واتفقوا معهم على تأسيس خلية تابعة للتنظيم في محافظات أخرى بالقاهرة الكبرى والدلتا وضموا إلى عضويتها باقي المتهمين. ويضيف القرار أن المتهمين استهدفوا من وراء هجماتهم على القوات المسلحة “التأثير في الروح المعنوية للقوات ومن ثم في كفاءتها القتالية بما ينتج عنه إضعاف القدرة على ضبط الأوضاع بالبلاد” *من التحقيق الاستقصائي للصحفي حسام بهجت
 
2- ما هو الخط الزمني للقضية؟

 ◦مارس 2014: بدأت الحوادث الثلاثة التي حوكم عليها المتهمون (13و15و19 من شهر مارس).
 ◦يونيو 2014: بدأت المُحاكمة العسكرية.
 ◦26 أغسطس 2014: المحكمة تصدر قرارًا باستطلاع رأي المفتي في القضية.
 ◦23 سبتمبر 2014 تاريخ الحكم بالإعدام.
 ◦
21 أكتوبر 2014: المحكمة العسكرية في مصر تصدر حكمًا نهائيًا بالإعدام على سبعة (أحدهم هارب) في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية عرب شركس. وحسب موقع صحيفة الأهرام فقد وجهت النيابة للمتهمين عدة تهم، من بينها:
 
– التخطيط لعمليات إرهابية وتلقي تدريبات مُسلَّحة.
 
– إطلاق نيران وصواريخ على سفن بحرية.
 
– استهداف حافلة جنود والهجوم على كمين أمني.

 ◦24 مارس 2015: وزير الدفاع صدقي صبحي يُصدِّق على أحكام الإعدام جميعًا.
 ◦2 أبريل 2015: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصدِّق على حكم الإعدام.
 ◦4 أبريل 2015: منظمة هيومن رايتس ووتش تدعو السلطات المصرية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وإعادة محاكمتهم أمام محكمة مدنية، وأشارت المنظمة إلى الانتهاكات التي حدثت للمتهمين، كما أشارت إلى أن بعض المتهمين تمت إدانتهم في القضية وهم داخل السجن من قبل الحادث المتهمين به أصلًا.
 ◦17 مايو 2015: تنفيذ حُكم الإعدام، دون إبلاغ أهالي المحكومين.
 
3- هل حقًا تم القبض على بعض المعدومين قبل الحادث؟! أعطني بعض المعلومات عن المتهمين؟
 

أحد السَّقطات في الحكم الذي تمّ تنفيذه اليوم، والذي أدانه العديد من المنظمات العالمية والإعلاميون والنشطاء السياسيون بمصر وخارجها، أنَّ الحُكم المُنفَّذ اليوم على الشباب الستة، كان بعضهم مسجونًا قبل وقوع القضية التي يُحاكمون عليها. وإليك بعض المعلومات عن المعدومين.
 
1-هاني عامر

حسب المعلومات المُتاحة؛ فإن هاني يبلغ 32 عامًا فقط، يعمل في مجال البرمجة منذ العام 2011، متزوج وله طفلان، في أقواله أمام المحكمة أكد أنه تم القبض عليه من مقر رئاسة حي ثالث بالإسماعيلية في 16 ديسمبر 2013. أي قبل وقوع الحادث المُتهم فيه بثلاثة أشهر كاملة. قامت والدته بإرسال تلغرافات لكلٍ من وزير الداخلية ومدير أمن الإسماعيلية والمحامي العام في 17 ديسمبر 2013، كما تقدَّمت ببلاغ رسمي للنائب العام لكن ابنها لم يخرج من المعتقل. لم يُسمح لأهل هاني بزيارته سوى مرتين فقط طوال الفترة من ديسمبر 2013 وحتى إعدامه صباح اليوم. كلتا المرتين كانت لدقائق معدودة.
 
2- محمد بكري هارون

يبلغ من العمر 31 عاما، مُحاسب تخرج من كلية تجارة (إنجليزي)، يعمل في شركة فودافون ولديه طفلان كذلك. في نوفمبر 2013 تمّ القبض عليه، تمّ إدراج اسم هارون في قضية تفجير مديرية أمن الدقهلية بتاريخ 24 يناير 2014، ثم في بقية القضايا والتي حدثت في مارس 2014، أي بعد أربعة أشهر كاملة من اعتقاله. الجدير بالذكر  أنَّ هارون قبض عليه بينما كان في مصلحة حكومية يستصدر ترخيصًا لشركته العاملة في مجال تقنية المعلومات. كما أنَّ زوجته وأطفاله تم احتجازهم كذلك، ثم أفرج عنهم لاحقًا. بالطبع هذه التصريحات وفقًأ لمحامِيّ الدِّفاع.
 
3- محمد علي عفيفي

تم القبض عليه في نوفمبر 2013 كذلك، ثمّ تم إدراج اسمه في القضية بعد سجنه بأربعة أشهر.
 
التعذيب في سجن العزولي بالإسماعيلية
 

المعدومون الثلاثة السابقون لهم قصَّة مؤلمة. كالتالي:
 
تمّ القبض عليهم قبل ثلاثة أشهر من وقوع الحوادث التي أدينوا بها. حسب مرافعات موكِّليهم وحسب إفاداتهم فقد تمّ احتجازهم في سجن العزولي العسكري وتعذيبهم بمحافظة الإسماعيلية قبل أن يتمّ نقلهم لسجن العقرب للتحقيق معهم في 20 مارس 2014 (أي بعد وقوع حادثة عرب شركس بيوم واحد). حسب تقارير مواقع صحفية أجنبية ومنظمات حقوقية دولية هناك سجن يسمى العزولي في الإسماعيلية ملحق بمعسكر الجلاء العسكري. تتحدث التقارير عن احتجاز المئات من المشتبه فيهم بشكل سري وغير قانوني في هذا السجن وممارسة أقسى أنواع التعذيب عليهم. تتحفظ الدولة وترفض الرد على الاتهامات بجرائم الاختفاء القسري والتعذيب في هذا السجن.
 
ليس هناك إلا شاهد واحد في القضية، هو ضابط في الأمن الوطني؛ وأثناء المحاكمة أصر الضابط في إجاباته على إنكار  احتجاز  بعض المتهمين قبل وقوع الحادث، ظل يشدد على أن المتهمين جميعا أُلقي القبض عليهم داخل مخزن عرب شركس.
 
بعض المعلومات الأخرى
 
ربما هي الصورة الأشهر التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي؛ سيدة منتقبة تحمل ملابس ابنها البرتقالية (بذلة الإعدام) وهي تنتحب. كانت هذه والدة الشاب الذي أُعدم صباح اليوم، عبد الرحمن سيد رزق. عبد الرحمن تمّ القبض عليه يوم 16 مارس 2014 حسب والدته، هو واثنين من الذين أعدموا من مدينة 6 أكتوبر، في هذا التاريخ لم تكن واقعة عرب شركس قد حدثت بالفعل، لأن الواقعة بتاريخ 19 مارس. عبد الرحمن طالب ثانوي بالأساس. حسب والدته فإن القاضي قد أبدى لهم، حسب موقع الجزيرة نت، قناعته ببراءة المتهمين جميعًا، وأن المسألة مسألة إجراءات ووقت فقط حتى يخرجوا براءة، ولكنها فوجئت بحكم الإعدام.

أحد المعدومين يُدعى خالد فرج مُحمَّد، حسب تصريحات والده لـ “هيومن رايتس ووتش” فإنَّ ولده أخبره أنه تم اعتقاله يوم 16 مارس 2014 في منطقة غمرة برمسيس في القاهرة، وتمَّ تعصيب عينيه وتعذيبه من قبل المحققين بعد اعتقاله. حسب حسام بهجت الذي قام بإعداد تحقيق استقصائي عن القضيَّة وقد حضر إحدى الجلسات كان خالد قد حضر الجلسة وهو على كرسي متحرِّك، التحقيقات والتقارير وتصريحات أهله تقول بأنّ خالد قد تعرض لكسر في الفخذ اليُسرى وكسر خطير في الرُّكبة اليُسرى تطلبت جراحة بشريحة ومسامير في فخذه وأسلاك في ركبته.
 
* المعلومات الواردة في هذا الجزء مصدرها تقارير وتحقيقات صحفية مُعتمدة وأهالي المعدومين.

يشار إلى أن نحو ثلاثة آلاف مصري أحيلوا للمحاكم العسكرية منذ نوفمبر2014، بينهم ثلاثمائة طالب وأكثر من عشرين فتاة.
 
4- هل اعترف المعدومون بالاتهامات الموجهه إليهم؟
 
حسب النيابة فقد اعترف بعض المتهمين بالانتماء لتنظيم أنصار بيت المقدس الذي وجهت إليه أصابع الاتهام في قضية عرب شركس وأعلن هو مسؤوليته عنها، لكنّ الذين اعترفوا تراجعوا عن اعترافاتهم لأنها صدرت تحت التعذيب حسب محامِيّ الدفاع. الجدير بالذكر أن جميع المعدومين رفضوا الحديث أمام المحاكمة العسكرية لاحقًا لأنَّها محاكمة عسكرية وليس من اختصاصها النظر في قضيتهم.
 
*(حسب التحقيق الاستقصائي سابق الذكر رفض بعض المعدومين التحدث للمحاكمة العسكرية لأنهم لا يحتكمون لقوانين وضعيَّة).
 
الثلاثة معدومين الذين تمّ القبض عليهم قبل وقوع الحادث بثلاثة أشهر وتم تعذيبهم في سجن العزولي، كانوا ضمن الذين اعترفوا اعترافات تدينهم بالفعل، لكنّ محامِيّ الدفاع طالبوا المحكمة العسكرية بتنحية اعترافاتهم جميعًا نظرًا لانتزاعها منهم نتيجة التعذيب. حسب أحد محاميّ الدفاع فإن سجن العزولي تحوَّل إلى “المخزون الاستراتيجي لوزارة الداخلية” ويقصد بهذا أنَّ الشرطة تقوم بتلفيق قضايا لمسجونين عندها بالفعل حتى من قبل وقوع الحوادث الإرهابية.
 

لقد اعتادت المحاكم المصرية التخلي عن سلامة الإجراءات، لكن إذا تم تنفيذ أحكام الإعدام هذه فسوف تشكل دركًا جديدًا من التدني. لا ينبغي للمدنيين أن يواجهوا محاكمات أمام محاكم عسكرية أو يواجهوا الإعدام نتيجة لهذا-
 
سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بهيومن رايتس ووتش.
 
5- ما هو اختصاص المحاكم العسكرية؟

من المشين أن يواجه هؤلاء الرجال الستة الإعدام في مصر بعد إجراءات قضائية تشوبها كل تلك المثالب- *سارة ويتسن
 
حسب مُراقبين فإن المحاكم العسكرية في مصر ما هي إلا أداة في يد السلطة، ولا تتمتع بأي استقلال أو حياد، الأمر الذي قد يدعم هذه الفرضية وهذا الرأي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قام بتوسيع اختصاصات المحاكم العسكرية في أكتوبر 2014 في محاكمة المدنيين، عن طريق مده اختصاصها إلى أية جريمة ترتكب بقصد الاعتداء على الممتلكات الحيوية والعامة والحكومية في مصر. منذ أكتوبر  الماضي أحيل ما يقرب من 2000 مدني إلى المحاكم العسكرية.
 
نداء منظمة العفو الدولية لوقف العقوبة، من هنا.
 
تقرير هيومان رايتس ووتش عن القضية: على مصر وقف تنفيذ أحكام الإعدام بحق ستة رجال.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
منظمة حقوقية مصرية تنتقد مشروع قانون لفصل الموظفين
مصر: النيابة العامة تحسم مصير «قضية فيرمونت»
تباينات «الإخوان» تتزايد مع قرب زيارة وفد تركي لمصر
الأمن المصري يرفض «ادعاءات» بشأن الاعتداء على مسجونين
السيسي يوجه بدعم المرأة وتسريع «منع زواج الأطفال»
مقالات ذات صلة
البرلمان المصري يناقش اليوم لائحة «الشيوخ» تمهيداً لإقرارها
العمران وجغرافيا الديني والسياسي - مأمون فندي
دلالات التحاق الضباط السابقين بالتنظيمات الإرهابية المصرية - بشير عبدالفتاح
مئوية ثورة 1919 في مصر.. دروس ممتدة عبر الأجيال - محمد شومان
تحليل: هل تتخلّى تركيا عن "الإخوان المسلمين"؟
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة