الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: أيار ١٩, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
"اليمننة" والتنابز بالوطنية - لطفي نعمان
تُعدّ الحالة اليمنية أو حالة "اليمننة" ظاهرة عربية جديدة استثارت اهتمام العالم لا للمساهمة في معالجة مشاكله، بل في توليد مشاكله (...) لها عناصر تكوّن ظاهرة "اليمننة"، منها العناصر البشرية والكائنات السياسية التي تخلق من حل المشكلة أو الأزمة القديمة مشكلة أو أزمة جديدة!
 
بتتبع مظاهر "اليمننة" أمكن تلمس احدها وهو "التنابز بالوطنية". على غرار "التنابز بالألقاب". فيَكيلُ كلُ طرفٍ يمني للطرف اليمني الآخر تهماً تمس وطنية أي مواطن يختلف في الرأي والموقف مع الطرف الآخر ما لم يُقِرّ الأخيرُ وطنيةَ الأول حال تطابق موقفهما ورأيهما. فنصب أتباع كل طرف أنفسهم مانحين لـ"صكوك الوطنية"، مثلما كان الرهبان والكهنة يمنحون "صكوك الغفران"!

ظاهرة "التنابز بالوطنية" ليست بجديدة، خصوصاً وقد تشابكت الأطراف المحلية المعنية في اليمن مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية باليمن، وانضم هذا اليمني إلى معسكر، وارتمى ذاك اليمني أيضاً في صف مضاد للمعسكر الآخر. لقد توزع اليمنيون خلال ستينات القرن العشرين - مثلاً - بين المعسكر المصري والمعسكر السعودي بردائَي "الجمهورية" و"الملكية" وغطائَي "شعبية" الجمهورية و"شرعية" الإمام البدر (...). فكانت الرياض مقصد الملكيين والقاهرة قِبلة الجمهوريين، رغم أن كلا الطرفين كان يمنياً، كما كان كلٌ وطنياً بطريقته، وإن تنابزوا بتهمة العمالة لمصر وللسعودية حتى قيل إنه "لا يوجد عملاء (لليمن)"!

رحلة انتهاء الاستقرار في اليمن - البادئة عام 2011 م - جددت تلك الحالة بتصنيف كل مُخْتَلِفٍ بالعمالة والخيانة. وازداد تفريغ مخزون العداء التقليدي والتاريخي بين بعض الأطراف وسط هذا الهياج العاصف باليمن، حتى قالوا لبعضهم سوءاً. عكس المنهج القرآني "قولوا للناس حُسناً" (83 البقرة).

حالة إخصاب التنابز بتأثير "فقر الوعي المزمن" و"أنيميا التعايش" تغدو مدعاةً للسخرية، بالنظر إلى طبيعة التشابك الجيوسياسي وسط إقليم الجزيرة العربية، والترابط العميق بين أتباع هذا المذهب أو ذاك – باقتناع أصيل أو مصطنع - أو بالاستناد على أرضيةٍ فكرية مشتركة. خصوصاً أن ما من طرف سياسي يمني إلا واعتز بروابطه السياسية الخارجية يرجع إليها متى حَزَب الأمر، لتتدافع القوى الفاعلة في المجتمع، وتبلغ مستوىً من التوازن على الساحة، كما يقولون. وإذ يمضي كل طرف سياسي إلى تكريس "اليمننة" بمواصلة حالة "التنابز بالوطنية" فحريٌ به التخلي عن علاقاته بالخارج لئلا يكون هو الآخر "منبوزاً"! وليكن الجميع لليمن، واليمن فقط ما استطاعوا!



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الحوثيون يطردون آخر الأسر اليهودية من اليمن
الحكومة اليمنية تقر برنامجها بانتظار ثقة البرلمان
التحالف يقصف معسكرات للحوثيين بعد أيام من الهجوم على أرامكو
الأمم المتحدة: سوء تغذية الأطفال يرتفع لمستويات جديدة في أجزاء من اليمن
الاختبار الأول لمحادثات الأسرى... شقيق هادي مقابل لائحة بالقيادات الحوثية
مقالات ذات صلة
هل تنتهي وحدة اليمن؟
عن المبعوث الذابل والمراقب النَّضِر - فارس بن حزام
كيف لميليشيات الحوثي أن تتفاوض في السويد وتصعّد في الحديدة؟
الفساد في اقتصاد الحرب اليمنية
السنة الرابعة لسيطرة قوى الأمر الواقع: عناصر لحل سياسي في اليمن - حسّان أبي عكر
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة