الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ١٧, ٢٠١٤
المصدر: www.naameshaam.org
خطاب جديد عن الثورة السورية والحرب في سوريا وتوصيات سياسية للولايات المتحدة وحلفائها
تستند التوصيات التالية إلى تقرير (نامه شام) "إيران في سوريا: من حليف للنظام إلى قوة احتلال"، الذي صدر في أيلول/سبتمبر 2014، والمشار إليه من الآن فصاعداً بـ "التقرير".
أ. خطاب جديد

1. سباه باسداران وحزب الله يخوضان ويوجّهان جميع المعارك الكبرى في سوريا

لم يعد من الدقيق وصف الحرب في سوريا بأنها "نزاع" بين متمردين سوريين من جهة وقوات نظام بشار الأسد "مدعومة" من قبل سباه باسداران (الحرس الثوري الإيراني) وحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية من جهة ثانية.

فجميع المعارك الكبرى في سوريا – على خطوط التماس مع المناطق التي يسيطر عليها النظام – يخوضها ويوجّهها اليوم سباه باسداران وحزب الله اللبناني، وليس قوات الأسد.

لقد نما الدور العسكري للنظام الإيراني في الحرب المستمرة في سوريا تدريجياً من تقديم دعم استراتيجي وتقني لقوات الأسد إلى التحكم الفعلي بالاستراتيجية العسكرية للنظام السوري وتوجيه جميع حملاته العسكرية الكبرى.


2. اقتصاد النظام السوري يستند بشكل أساسي على دعم النظام الإيراني 

لقد صرف النظام الإيراني حتى الآن مليارات الدولارات على الأسلحة والمقاتلين الذين أرسلهم إلى سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، بالإضافة إلى تمويل جزء كبير من اقتصاد المناطق السورية التي يسيطر عليها النظام عبر قروض مالية وخطوط ائتمان تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.

لا شك أن نظام الأسد كان سينهار اقتصادياً منذ زمن طويل لولا هذا الدعم الإيراني.


3. النظام الإيراني متورط في جرائم خطيرة في سوريا

لقد صدر العديد من التقارير عن هيئات ومنظمات دولية، بما فيها الأمم المتحدة، عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا من قبل قوات وميليشيات النظام السوري. لكن جلّ هذه التقارير لا يوجّه إصبع الاتهام لجميع المسؤوليين عن هذه الجرائم.

يقدّم تقرير (نامه شام) العديد من الأمثلة عن انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في سوريا لم تكن لتقع لولا التدخل العسكري المباشر للنظام الإيراني.

ثمة ما يكفي من الأدلة لفتح تحقيقات وحتى رفع دعاوى قضائية ضد القيادة العسكرية والسياسية الإيرانية لتورطها في العديد من هذه الجرائم على مستويات مختلفة، من "التحريض على" أو "تبنّي" أعمال جرمية وإرهابية معينة إلى "المساعدة والتحريض" على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.


4. سوريا ترزح جزئياً تحت احتلال عسكري إيراني

لقد أدى الدعم العسكري والاقتصادي الهائل الذي يقدمه النظام الإيراني لنظام بشار الأسد عملياً إلى احتلال عسكري من قبل النظام الإيراني للمناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام. إذ يتحكم سباه باسداران وجنوده (حزب الله اللبناني وغيره من الميليشيات الشيعية) بشكل كامل بهذه المناطق.

قائد سباه قدس، الجنرال قاسم سليماني، ومعه قادة آخرين من سباه باسداران، هم اليوم الحكام الفعليّون لـ "سوريا المحتلة من قبل النظام الإيراني". بشار الأسد ونظامه ليسوا سوى دمى في يدهم.

ولهذا الواقع الجديد نتائج سياسية وقانونية هامة. يفصّل التقرير في أسئلة قانونية تتعلق بمعاملة الحرب في سوريا على أنها نزاع دولي طرفاه احتلال عسكري أجنبي من قبل النظام الإيراني ونضال تحرري يخوضه الشعب السوري ضد هذا الاحتلال الأجنبي، وفقاً لاتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

كما أن الإقرار بأن الحرب في سوريا نزاع دولي يعني أن على إيران، باعتبارها قوة احتلال، "واجبات" معينة تجاه السكان السوريين الذين يرزحون تحت الاحتلال، تبعاً لاتفاقية جنيف الرابعة.

ثمة أدلة كافية على أن النظام الإيراني وقواته وميليشياته المختلفة التي تقاتل في سوريا قد انتهكت هذه الواجبات مراراً منذ آذار/مارس 2011. وتعدّ هذه الانتهاكات في القانون الدولي جرائم حرب أخطر من تلك المشار إليها أعلاه.


5. سياسة "الاستنزاف البطيء" التي تتبعها الولايات المتحدة وحلفاؤها تجاه إيران وحزب الله في سوريا

يعاين التقرير ويقيّم سياسة "الاستنزاف البطيء" التي تبنّتها الولايات المتحدة وحلفاؤها تجاه إيران وحزب الله في سوريا. ويبدو أن منبع هذه السياسة هو افتراض أن حرب وكالة مطولة مع النظام الإيراني في سوريا، رفقاً مع عقوبات اقتصادية تشلّ الاقتصاد الإيراني وأسعار نفط منخفضة، ستؤدي في النهاية إلى إضعاف النظام الإيراني وبالتالي إجباره على إيقاف برنامجه النووي العسكري وتغيير سياساته المزعزعة للاستقرار في المنطقة (أي "الفوز بالحرب السورية في شوارع طهران"). 

أفضل ما يمكن أن يقال في هذا المنطق أنه مجرد أمنيات. إذ سبق أن قيلت أشياء مشابهة عن النظام السوري في بداية الثورة السورية عام 2011. لقد أظهر سباه باسداران والباسيج – تماماً كنظرائهم السوريين – أنهم قادرون ومستعدون لسحق أي احتجاج داخلي بقسوة، كما أظهروا أنهم قادرون على "النزف" لوقت طويل.

علاوة على ذلك، تُطبّق سياسة "الاستنزاف البطيء" على حساب الشعب السوري والمنطقة عموماً، كما أنها تؤدي شيئاً فشيئاً إلى المزيد من انعدام الاستقرار والتطرّف في الشرق الأوسط والعالم عموماً. 


6. مصالح الولايات وحلفاؤها المتحدة القومية والإقليمية

لقد أدت سياسة "الاستنزاف البطيء" هذه ورفض الإدارة الأميركية تقديم دعم جديّ للمعارضة السورية المسلحة المعتدلة إلى تقوية مجموعات متطرفة مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ومجموعات أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة.

إن مواجهة جدية بين الغرب والنظام الإيراني، سواء كانت سياسية أم عسكرية، تُؤجّل وحسب، بينما يستمر ملايين الناس على الأرض في الموت والتهجير، أو ينضمون إلى مجموعات متطرفة. وهذه ليست فقط مأساة للشعوب السورية واللبنانية والعراقية، بل تشكل كذلك تهديداً جدياً لأمن المنطقة والعالم.

علاوة على ذلك:
ليس من مصلحة الولايات و حلفؤها المتحدة أن يسود بين الجماعات السنية في سوريا والعراق اعتقاد أنهم يُتركون ليموتوا أو يُتركون لرحمة الأنظمة الطائفية المدعومة إيرانياً في هذين البلدين، بينما يركز الغرب على محاربة داعش.
ليس من مصلحة الولايات المتحدة و حلفؤها أن تزداد المعارضة السورية ضعفاً أكثر فأكثر وقد تُهزم في النهاية فقط لأن إسقاط نظام الأسد "ليس أولوية حالياً".
ليس من مصلحة الولايات المتحدة و حلفؤها أن يُترك النظام الإيراني لتعزيز هيمنته في المنطقة من خلال ميليشيات شيعية عقائدية مدججة بالسلاح لا تقلّ خطراً عن داعش.


7. النظام الإيراني والحرب على داعش

يوثّق التقرير العلاقة بين النظامين السوري والإيراني من جهة وداعش ومجموعات أخرى مرتبطة بالقاعدة من جهة أخرى. ويخلص التقرير إلى أن كلا النظامين قد اخترق وتعاون مع واستخدم هذه المجموعات الإرهابية من أجل حرف الثورة السورية عن مسارها باتجاه العسكرة والطائفية ولتبرير أعمالهما العسكرية ضد المتظاهرين والثوار السوريين.

وهذه القضية من الأهمية بمكان إذ يحاول كلا النظامين اليوم أن يسوّق نفسه كـ "شريك" في الحملة الدولية ضد التنظيمات الإسلامية المتطرفة ، خاصة بعد صدور قرار مجلس الأمن بخصوص داعش وجبهة النصرة في آب/أغسطس 2014 وإعلان الرئيس الأميركي الحرب على داعش في العراق وسوريا في أيلول/سبتمبر 2014.

من المؤسف أن أياً من هذين القرارين لم يشر صراحة إلى صلات هاتين المجموعتين بالنظامين الإيراني والسوري. 

تقاتل المعارضة السورية المعتدلة اليوم في الوقت نفسه: 
- ضد نظام الأسد والقوات والميليشيات المختلفة التي تقاتل إلى جانب النظام أو بالنيابة عنه (حزب الله والميليشيات العراقية وسباه باسداران)؛
- و ضد مجموعات متطرفة مثل داعش.

لقد  أثبت اقتصار الدعم المقدم للثوار السوريين على واحدة فقط من هذه الجبهات (محاربة داعش) فشله وقصر نظره على الأمد الطويل.

كما أن رفض العمل مع مجموعات المعارضة السورية المسلحة الموجودة على الأرض ورفض استهداف النظام السوري والقوى والميليشيات الإيرانية الأخرى التي تقاتل في سوريا لن يؤديا سوى إلى إضعاف المعارضة السورية المعتدلة وهزيمتها في نهاية المطاف.

ومن المؤكد تقريباً ان من سيملأ الفراغ الذي سيتركه ذلك هو القوى والميليشيات المتطرفة، السنية والشيعية على حد سواء. تقدّم الخسائر الكبيرة التي مني بها الجيش الحرّ في حلب وإدلب وغيرها من المناطق السورية في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2014 على يد القوات والميليشيات المدعومة إيرانياً من جهة وداعش وجبهة النصرة من جهة أخرى، تقدم مثالاً واحداً فقط على هذا السيناريو. 


8. إنقاذ نظام الأسد بأي ثمن للحفاظ على إمكانية إرسال السلاح لحزب الله في لبنان

لا تتعلق مغامرة النظام الإيراني في سوريا فقط بإنقاذ بشار الأسد ونظامه. إن ما يحرّك  التدخل الإيراني في سوريا هو مصالح النظام الإيراني الاستراتيجية الخاصة.

في مقدمة هذه المصالح الحفاظ على إمكانية إرسال شحنات الأسلحة إلى حزب الله عن طريق سوريا، من أجل إبقاء حزب الله رادعاً قوياً ضد أي هجوم على برنامج إيران النووي العسكري.

من المرجح أن نفوذ النظام الإيراني في سوريا سيستمر حتى بعد سقوط نظام الأسد لأنه يُمارس اليوم بشكل أساسي من خلال ميليشيات تقاتل في سوريا نيابة عن النظام يدعمها ويتحكم بها النظام الإيراني.

من المرجح أن العديد من هذه الميليشيات، المحلية منها والأجنبية، سيعيش أطول من بشار الأسد ودائرته الضيقة، وأنها ستحاول الحفاظ على نفوذها على الأرض وخدمة مصالح النظام الإيراني، أي تأمين وصول شحنات السلاح إلى حزب الله في لبنان عن طريق سوريا.

توضيح: منذ حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل، تقف السفن التابعة للأمم المتحدة في البحر المتوسط عائقاً أمام وصول الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عن طريق الموانئ اللبنانية (تطبيقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701 بتاريخ 1 آب/أغسطس 2006). ومنذ ذلك الحين يرسل النظام الإيراني الأسلحة الثقيلة والذخيرة إلى حزب الله في لبنان عير الموانئ السورية، ومن هناك يتم نقلها بشكل غير قانوني إلى لبنان. تشكل سوريا منذ عام 2006 حبل النجاة لجيش إيران في لبنان، أي حزب الله.


9. "خطوط الدفاع" الإيرانية لحماية المنشآت النووية الإيرانية

يصرّ المفاوضون المشاركون في المحادثات النووية الإيرانية على رفض الحديث عن تدخل النظام الإيراني في سوريا والعراق وإبقاء هذه القضية "ملفاً منفصلاً". لكن القضيتين مرتبطتان لأسباب داخلية.

إن السبب الرئيسي لإصرار النظام الإيراني على إنقاذ نظام الأسد بأي ثمن هو الحفاظ على إمكانية تسليح حزب الله في لبنان عن طريق سوريا، من أجل إبقاء حزب الله رادعاً قوياً ضد أي هجوم محتمل من قبل إسرائيل و/أو الغرب على منشآت إيران النووية. 

وتضم "خطوط الدفاع" الإيرانية الأخرى المجموعات الفلسطينية التي يدعمها النظام الإيراني، حماس والجهاد الإسلامي، في قطاع غزة، على الحدود الجنوبية لإسرائيل، والميليشيات الشيعية الحوثية في اليمن، على الحدود الجنوبية للسعودية، ثاني أهم حليف للغرب في المنطقة.

إذا ما سقط نظام الأسد، من المرجح أن تتوقف شحنات الأسلحة الإيرانية لحزب الله ولن يعود هذا الأخير الرادع القوي ضد إسرائيل الذي يشكّله اليوم. سيشعر النظام الإيراني آنذاك بالضعف ولن يستطيع التفاوض من موقع قوة خلال المحادثات النووية مع القوى الكبرى، كما يفعل الآن. لذا فقد تم تسخير كل الموارد المتاحة (البشرية والاقتصادية والعسكرية) من أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.

حزب الله هو سباه باسداران في لبنان والتدخل الإيراني في لبنان وسوريا يتعلق بشكل أساسي بالردع وخلق أفضل التوازنات الممكنة بالنسبة للنظام الإيراني حتى يستطيع بناء قنبلته النووية يوماً ما من أجل ضمان بقائه على قيد الحياة. ولن يتخلى النظام الإيراني، ممثلاً بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وسباه باسداران، بسهولة عن هذا الحلم، إن تخلى عنه أصلاً. 

عليه، فإن موافقة الغرب على رفع العقوبات عن إيران مقابل تنازلات طفيفة ومؤقتة من قبل النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي، ودون أية تعهدات جدية بإنهاء تدخله في سوريا – وكذلك في العراق ولبنان واليمن – يعطي النظام الإيراني عملياً الضوء الأخضر للاستمرار في سياساته في هذه البلدان. كما أنه يسمح للنظام الإيراني بكسب الوقت لتعزيز هيمنته في المنطقة.

تقع على عاتق الولايات المتحدة وحلفائها مسؤولية أخلاقية وسياسية لوقف حمّام الدم في سوريا ولضمان الاستقرار في العراق ولبنان بأسرع وقت ممكن. من دون تدخل عسكري مباشر، أحد الطرق الفعالة لتحقيق ذلك هو ربط المحادثات النووية الإيرانية بتدخل النظام الإيراني في سوريا والعراق ولبنان.

يشكّل ذلك الفرصة الوحيدة حالياً للدفع باتجاه وفرض تغيير جذري في سياسة إيران الخارجية. عدم فعل ذلك سيُفسّر من قبل شعوب المنطقة – ومعهم كل الحق في ذلك – على أنه متاجرة من قبل الغرب بسوريا والعراق ولبنان مقابل القنبلة النووية الإيرانية.

في الوقت الذي لا يجب أن يقف أحد ضدّ تحسين العلاقات الاقتصادية بين إيران وأية دولة أخرى، لا يمكن للمرء تجاهل حقيقة أن جزءاً كبيراً من المكتسبات المترتبة على ذلك ضمن الشروط الحالية سيُهدر على تمكين المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في إيران والمزيد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا والعراق.


10. الإنكار الغربي بشأن الوضع في سوريا لتجنب مواجهة مباشرة مع إيران

لا تريد الولايات المتحدة وحلفاؤها بعد الاعتراف بأن حربها في سوريا والعراق هي حرب وكالة ضد النظام الإيراني بشكل أساسي. وسبب ذلك غالباً هو أنها لا تريد مواجهة ضغوط لاتخاذ خطوات سريعة وملموسة لإنهاء حمام الدم في سوريا والعراق ولفرض الاستقرار في لبنان، ما من شأنه أن يدفعها باتجاه مواجهة مباشرة مع إيران.

ترفض الولايات المتحدة وحلفاؤها حتى الآن التدخل في سوريا بشكل جدي وحاسم ضد نظام الأسد وسباه باسداران وحزب الله. وقد تُرجمت سياسة "الاستنزاف البطيء" هذه (انظر أعلاه) إلى تقديم مساعدات محدودة للثوار السوريين بما يكفي لأن لا تخسر الحرب، لكن بما لا يكفي لتربحها كذلك.

ويقتصر القرار الأميركي في أيلول/سبتمبر 2014 بدعم المعارضة السورية المعتدلة على محاربة داعش. ليس هناك أي ذكر لسباه باسداران وحزب الله. عواقب هذه السياسة على سوريا والشعب السوري كارثية. ولايزال الثوار السوريون المعتدلون ينتظرون تبلور الوعود الأميركية بدعمهم.

لا شك أن التنسيق مع النظام الإيراني والتعاون معه في الحرب على داعش في العراق وسوريا، سواء كان ذلك سراً أم علانية، سيؤجج مشاعر العداء عند الأغلبية السنية في المنطقة. 

بالفعل، يتزايد يوماً بعد يوم عدد السنّة في العراق وسوريا ولبنان وليبيا وغيرها من دول المنطقة الذين يناصرون داعش وجبهة النصرة ويلتحقون بصفوفهما. لكن ذلك ليس بالضرورة لأنهم يؤمنون بإيديولوجيا هذه المجموعات، بل بسبب السنوات الطويلة من التهميش والقمع الذي عانوا منه في العراق على يد الجيش والميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً، وفي سوريا على يد نظام بشار الأسد المدعوم إيرانياً.

إن الاعتقاد السائد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها "غير معنيين" بوقف أو مجابهة الهيمنة الطائفية المتزايدة للنظام الإيراني في المنطقة لن تؤدي سوى إلى زيادة شعبية مجموعات متطرفة كداعش وستزيد من صعوبة هزيمتها، إن لم تجعلها مستحيلة. لا يُعقل أن يصبّ ذلك في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها.


ب. توصيات سياسية

1. معاملة المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام على أنها أراض محتلة من قبل إيران

- على الولايات المتحدة الأميركية وحلفئها أن يقرّا علناً أن الحرب في سوريا هي، قبل كل شيء، حرب مع النظام الإيراني والميليشيات التي يتحكم بها (حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية).

- يجب أن تُعامل الحرب في سوريا على أنها نزاع دولي طرفاه الأساسيان احتلال أجنبي من قبل النظام الإيراني ونضال تحرري يخوضه الشعب السوري ضد هذا الاحتلال الأجنبي.

- يجب أن يتحمل النظام الإيراني المسؤولية عن الانتهاكات المتكررة لواجباته كقوة احتلال في المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام، وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.


2. التحقيق في الدور الإيراني في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا

- على الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة أن تحقق في التورط المحتمل للنظام الإيراني، ولا سيما سباه قدس وقائده الجنرال قاسم سليماني، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مختلفة ارتُكبت في سوريا منذ آذار/مارس 2011.

- على هذه التحقيقات أن تشمل هجوم الغوطة الكيميائي في آب/أغسطس 2013 وغيره من المجازر الكيميائية؛ استخدام البراميل المتفجرة ضد المدنيين في حلب وغيرها من المدن والبلدات السورية؛ واغتيال أعضاء "خلية الأزمة" في النظام السوري في تموز/يوليو 2012.

- يجب إضافة جميع المسؤولين الإيرانيين والهيئات الإيرانية المتصلة بالأعمال الإرهابية المرتكبة في سوريا إلى قوائم الإرهاب الأميركية والأوروبية ويجب فرض العقوبات المناسبة عليهم. وعلى هؤلاء أن يشملوا سباه باسداران وذراعه الخارجية سباه قدس، قوات الباسيج الإيرانية، حزب الله اللبناني، لواء أبو الفضل العباس وغيره من الميليشيات العراقية التي تقاتل في سوريا.


3. إنهاء سياسة "الاستنزاف البطيء" تجاه إيران وحزب الله

- على الولايات المتحدة وحلفائها إنهاء سياسة "الاستنزاف البطيء" التي يتبعونها مع النظام الإيراني وحزب الله اللبناني في سوريا وتتبني سياسة تنهي الحرب و القتل و التهجير بأسرع وقت ممكن (انظر أدناه).

- لا ينطلق هذا المطلب من اعتبارات سياسية وأخلاقية وحسب، بل يصب كذلك في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة على الأمد الطويل.


4. محاربة داعش ونظام الأسد في الوقت نفسه

- لا يمكن الفصل بين محاربة داعش ومحاربة الأنظمة التي تتلاعب به وتستخدمه بشكل منهجي ضد شعوبها، وفي مقدمتها النظامان السوري والإيراني.

- على الولايات المتحدة وحلفائها  ن يصرّحوا علناً أن النظامين السوري والإيراني سهّلا نشاطات مجموعات إرهابية مثل داعش واستخدماها لمصلحتهما. وتخوّل القرارات التي سبق ذكرها أعلاه للولايات المتحدة وحلفائها  تخاذ خطوات ضد هذين النظامين لدعمهما لهذه المجموعات.

- لا يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يستهدفوا داعش وجبهة النصرة ويغضّوا الطرف عن استهداف قوات الأسد للمدنيين بالطائرات والمدافع والبراميل المتفجرة على بعد بضعة أميال. الطرف الوحيد المستفيد من هذه الاستراتيجية المحدودة هو النظامان السوري والإيراني.


5. أسس التفاوض مع إيران

- يجب ربط أية محادثات مع مسؤولين إيرانيين بخصوص التجارة أو برنامج إيران النووي مع تدخل النظام الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

- يجب ربط توسيع العلاقات التجارية مع إيران مع الاستقرار في المنطقة والإصلاحات الديمقراطية وضمان حقوق الإنسان في إيران.

- يجب أن لا تُرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران إذا لم يكفل النظام الإيراني حقوق الإنسان الأساسية في إيران وإذا لم يوقف دعمه العسكري والاقتصادي للنظام السوري وللميليشيات التي تقاتل في سوريا نيابة عنه. وعلى ذلك أن يشمل سحب سباه باسداران وحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية من سوريا.

- يجب أن لا يتم تمديد المفاوضات النووية إلى ما لا نهاية، لأن ذلك يُكسب النظام الإيراني المزيد من الوقت لتعزيز هيمنته في سوريا والعراق ولبنان واليمن. 

- يجب أن يبقى النظام الإيراني تحت ضغط سياسي واقتصادي كبير ليس فقط حتى يتخلى عن برنامجه النووي العسكري بشكل كامل، بل كذلك حتى ينهي سياساته المزعزعة للاستقرار في المنطقة. المتاجرة بالقنبلة النووية الإيرانية على حساب العراق وسوريا ولبنان واليمن ليس من مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها. 


6. اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء حمّام الدم في سوريا والمنطقة بشكل عام

على الولايات المتحدة وحلفائها  عطاء النظام الإيراني إنذارا نهائيا لا يتجاوز أربعة إلى ستة أشهر لاتخاذ الخطوات التالية أو مواجهة  عواقب جدّية:
- سحب قوات سباه باسداران وحزب الله اللبناني وبقية القوات والميليشيات التابعة له من سوريا؛
- وقف دعمه المالي والعسكري للنظام السوري، وإلا فإنه سيواجه؛
- أمر حزب الله اللبناني بحلّ جناحه العسكري ودمج مقاتليه بالجيش اللبناني؛
- السماح بتشكيل حكومة وجيش عراقيين يمثّلان بحق جميع أطياف المجتمع العراقي وحلّ الميليشيات العراقية التي يسيطر عليها النظام الإيراني (حزب الله العراقي، عصائب أهل الحق، إلخ)؛
- إنهاء سياسته المزعزعة للاستقرار في اليمن وقف كل أشكال الدعم للميليشبات الحوثية؛
- وقف الدعم المالي والعسكري للفصائل الفلسطينية المتطرفة في قطاع غزة (حماس والجهاد الإسلامي).

خلال هذه المدة التي لا تتجاوز أربعة إلى ستة أشهر، 
- على الولايات المتحدة وحلفائها دعم الثوار السوريين المعتدلين بكل ما يلزم لتمكينهم من تولي زمام المبادرة في ساحات القتال ضد داعش وجبهة النصرة من جهة والقوات والميليشيات التي يتحكم بها سباه باسداران من جهة أخرى .
- على الولايات المتحدة وحلفائها إلقاء كامل ثقلهم وراء مساعدة المعارضة السورية المعتدلة لتتطور وتصبح ممثلاً مهنياً وفاعلاً للشعب السوري الذي يناضل من أجل دولة حرة ديمقراطية يسود فيها حكم القانون.
- على هذا الدعم السياسي والعسكري أن يُقدّم عير قناة موحدة تشرف عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بدلاً من تركه في يد لاعبين إقليميين ودوليين مختلفين وذوي أجندات متضاربة.

إذا انتهت هذه المدة، التي لا تتجاوز أربعة إلى ستة أشهر، ووفشل النظام الإيراني بتنفيذ المطالب المذكورة أعلاه، على الولايات المتحدة وحلفائها أن يضوعوا على الطاولة مشروع قرار لمجلس الأمن تحت الفصل السابع يفرض وصول المساعدة الإنسانية بشكل آمن ودون أي عائق إلى جميع مناطق النزاع وجميع المدنيين المنكوبين في سوريا. 

وإذا قامت روسيا والصين باستخدام حق الفيتو لإعاقة القرار، فعلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفائهما أن يتحركوا وحدهم لضمان أمن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة وفرض مناطق حظر جوي وحماية المدنيين السوريين من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

وفي هذه الخطوة أحادية الجانب على الولايات المتحدة وحلفائها أن يتحركوا تبعاً لعرف “مسؤولية الحماية”:
   
1) تقع على الدولة مسؤولية حماية سكانها من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
2) تقع على المجتمع الدولي مسؤولية مساعدة الدول في حماية سكانها.
3) بناء عليه، إذا فشل نظام الأسد وداعموه الإيرانيون بوضوح في حماية السكان السوريين من الأعمال الوحشية الجماعية، وإذا فشلت جميع المحاولات الدبلوماسية في ذلك، فإن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية التدخل من خلال إجراءات قسرية مثل العقوبات الاقتصادية والتدخل العسكري.
4) “مسؤولية الحماية" عرف وليس قانوناً، لكن له أسس متينة في القانون الدولي، وخاصة في القوانين المتعلقة بالسيادة، الحرب والسلم، حقوق الإنسان والنزاعات المسلحة.

الولايات المتحدة الأميركية هي القوة العالمية الوحيدة القادرة على قيادة تحالف دولي ضد سياسات النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار وضد المجموعات المتطرفة مثل داعش وجبهة النصرة. لا يمكن لأي بلد آخر أن يعبّئ الموارد اللازمة ويمارس الضغط السياسي المطلوب لتحقيق ذلك. على الإدارة الأميركية تطوير استراتيجية واضحة وطويلة الأمد وإبداء إرادة قوية لقيادة تحالف كهذا.


ملاحظات:

تجدون النص الكامل للتقرير بالإنكليزية على الرابط: http://www.naameshaam.org/report-iran-in-syria 
تجدون الملخص التنفيذي للتقرير بالعربية على الرابط: http://www.naameshaam.org/ar/%D9%85%D9%84%D8%AE%D8%B5 

تجدون الملخص التنفيذي للتقرير بالفارسية على الرابط: http://www.naameshaam.org/fa/%DA%86%DA%A9%DB%8C%D8%AF%D9%87 
تجدون البيان الصحفي بالإنكليزية على الرابط: 
تجدونالبيانالصحفي بالفارسية على الرابط: http://goo.gl/31ZlX1



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة