هل يستفيد إخوان الأردن من دروس مصر في السنوات الأخيرة وبعد الانقلاب العسكري الذي يحظى حتى الآن بقبول وتأييد شعبي كبير لا يمكن تجاهله؟ موقف الاخوان في الأردن منسجم مع مطالب مؤيدي الرئيس المخلوع رغم ان اللحظة التاريخية قد استحقت وانتهت وصار عهد محمد مرسي الخلافي جزءا من التاريخ. وبالنظر الى ما يحدث في تونس الآن فان حزب النهضة الذي يحكم من خلال ائتلاف يواجه ايضا معارضة شعبية متنامية وقد يرغم هو الآخر على التخلي عن السلطة في ظروف مغايرة.
بات من الضروري أن تراجع حركة الإخوان في الأردن مواقفها، خاصة تلك الرافضة لدخول المعترك السياسي والعمل من داخل المؤسسات الدستورية. رهانات البعض على لّي ذراع النظام من خلال التظاهرات والاعتصامات لم تعد تجدي الآن بعد الزلزال السياسي في مصر والذي خلط الاوراق وغير من اتجاه الرياح. ندخل مرحلة جديدة من الربيع العربي تختلف كليا عن ظروف ومعطيات 2011 والهزيمة التي لحقت بحكم الاخوان في مصر لا يجب ان ينظر اليها من زاوية ضيقة تنحصر في احداث 30 يونيو وانقلاب العسكر الذي تلاها.
على عقلاء الإخوان أن يراجعوا خطابهم في ضوء تجربة الإسلام السياسي في مصر، وعلى الأخص إستراتيجية الحركة وحزب الحرية والعدالة بدءا من التحالفات التي عقدت مع المجلس العسكري وقرار الحركة الزج بمرشح رئاسي وانقلاب ذلك المرشح على اتفاقات ووعود «فيرمونت» بعد انتخابه. كذلك ينبغي النظر بعقل منفتح الى تجربة الرئاسة والقرارات الخلافية التي اتخذها الرئيس مرسي، والتي اعترف بأنه أخطأ في بعضها، ورفضه الاستماع الى مطالب المعارضة وحتى حلفاء الحركة من الاسلاميين.
انقلاب الجيش لم يأت من فراغ، وبغض النظر عن موقفنا منه، فان واقعا سياسيا جديداً قد انبثق في مصر قد لا ينهي الأزمة التي تعيشها البلاد. وفي كل الاحوال فان الإخوان يظلون جزءا فاعلا من النسيج الاجتماعي والسياسي في مصر.
لكن الاسلام السياسي لا يتمتع بهالة من القدسية، وتجربة الحكم في مصر كانت خلافية رغم كل ما يقال عن دور الدولة العميقة والفلول والعسكر. لم يقدم الإخوان برنامجا عمليا للمصالحة الوطنية بعد ثورة جمعت المصريين وفرقتهم ايضا. استئثار السلطة وتجاهل الآخر والإصرار على الخطأ والسماح للمؤيدين بتهديد القضاء وترويع الإعلاميين وغير ذلك كله جزء من ارث حكم الاسلام السياسي القصير في مصر.
كيف يتعامل إخوان الأردن مع كل ذلك؟ ينبغي على عقلاء الحركة ان ينتبهوا الى تلك الدروس وأن ينظروا بموضوعية الى تجربة مرسي والى المتغيرات الخطيرة التي حدثت في الاسابيع الأخيرة. الأردن له خصوصيته والربيع العربي في فصله الأول انتهى ولا يجوز التعامل بمفرداته في عالم اليوم.
في الأردن نظام ملكي دستوري مستقر وضع رؤيته للاصلاح السياسي وألزم الحكومة بتنفيذها. لا ننتظر تدخل الجيش كما أننا لا نتوقع أن يمسك الاسلاميون يوما بمقاليد الحكم بسبب طبيعة المجتمع الاردني. على حركة الإخوان في الأردن ان تدرك أن دعوتها للإصلاح السياسي ليست خاصة بها وحدها، وأن هناك قوى سياسية أخرى، يسارية وقومية وليبرالية، تشاركها تلك الدعوة. الاسلاميون في الأردن هم جزء من المشهد السياسي وعليهم أن ينخرطوا فيه من خلال برامج عمل واضحة. لا مجال للمقارنة بين مصر والأردن، لكن دروس وعبر العامين الفائتين تستحق مراجعة موضوعية تنعكس على موقف إخوان الأردن الآن وفي المستقبل.
|