الأثنين ٢٥ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٢٤, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
 
العرب يحطمون الأصنام ولبنان يدخل حكم الديكتاتورية والفاشية ؟ - علي حماده

مقارنة بما يشهده العالم العربي من حراك ثوري يبدو الصراع السياسي في لبنان متخلفا عن ركب التاريخ ان لم نقل انه خارج الحراك التاريخي. ففي حين تشتعل الشوارع العربية من المحيط الى الخليج نرى لبنان عالقاً في عنق زجاجة تشكيل حكومة جديدة هي نتاج تزاوج بين ديكتاتورية عربية وفاشية دينية. وفي حين يخرج الملايين من العرب الى الشوارع لاسقاط الاصنام والانظمة من دون اي اعتبار للشعارات التي كانت ترفعها طوال اربعة عقود ونيف، ها هو لبنان يكاد يسقط في قبضة أسوأ ما عند العرب والعجم وهو يسقط هناك ويوشك ان يحكم السيطرة على لبنان اولى ساحات ربيع العرب.


ان الرسالة العربية الخارجة من ميادين تونس الى مصر وليبيا لا تميز بين نظام "تقدمي" واخر "رجعي" ومفادها ان زمن التوتاليتارية انتهى. فكيف يكون لها السبق في ارض رواها احرار لبنان بدمائهم وكانت السباقة الى اعلان قدوم ربيع العرب؟ كيف تسقط ديكتاتوريات امنية مخابراتية دموية قبلية هناك ويأتي هنا من يتوهم انها ستجد في لبنان ساحتها؟


ويأتي بعض اللبنانيين كالرئيس نجيب ميقاتي محمولين بأوهام تجعلهم يصدقون انه يكفي الاعتماد على قوة منظمة ملاحقة في معظم ارجاء الارض، وعلى دعم نظام يكاد مع ما يحصل في العالم العربي يصير حالة غريبة مثل كوبا وكوريا الشمالية كي يحقق حلمه في بلوغ منصب بأي ثمن! ولعل ما حصل للبنك اللبناني الكندي يمثل اشارة واضحة الى ان لبنان تحت المجهر، وان القوة والسلاح وترهيب اللبنانيين لا تمنح الانقلابات الشرعية التي تبتغيها. كما ان الرسائل التي تبلغ الرئيس المكلف محذرة من مغبة التذاكي مع الشرعية الدولية في موضوع المحكمة او قرارات مجلس الامن. إن لعبة توزيع الابتسامات العريضة، واغراق البلاد بالكلام المعسول لا يفيدان لحظة اقتراب ساعة الحقيقة والاستحقاقات الكبرى: لا يمكن نجيب ميقاتي ان يكون رئيسا حقيقيا للحكومة، لان بلوغه الموقع كان له ثمن باهظ يتجاوزه والفريق الذي اتى به اكان محليا ام خارجيا.


وفي الختام نتوقف عند تصريح لصديقنا تمام بك سلام يعلن فيه ان "الرئيس ميقاتي لم يغلط فلم مقاطعته ومناكفته؟" ويضيف: "الا يكفيه ما ينهال عليه من شروط ومطالب من كل حدب وصوب؟". ونبدي تعجبنا لقول تمام بك ان نجيب لم يغلط! ونقول له: نعم لقد ارتكب نجيب خطأ كبيراً يوم قَبِل بأن يكون واجهة حكم "حزب الله" والوصاية السورية في لبنان. وارتكب خطأ عندما اعتبر انه يمكنه تجاوز الاكثرية في بيئته، وان يتحدى مشاعرها تحديدا بأن يكون مرشح "حزب الله" وحركة "أمل" قبل ان يكون مرشح بيئته في مرحلة من ادق المراحل ينقسم فيها لبنان عموديا، ويبرز الانقسام الكبير في موضوعي العدالة المتمثلة بالمحكمة الدولية التي تشبث بها المجلس الشرعي الاسلامي واعتبرها خطاً أحمر في حين رفضها المجلس الشيعي الاعلى معتبرا انها مؤامرة. فهل يقف نجيب على ارض تحرسها بندقية الوصايتين يا تمام بك؟


يستطيع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ان يلملم اسماء من هنا وهناك ليغطي بها طبيعة حكومته، ولحرف الانظار عن سيطرة "حزب الله" والوصاية السورية على مقدرات الحكم في لبنان، ولكنه حتى لو شكل الحكومة ونال "ثقة" اكثرية مجلس النواب لن يكون اكثر من رئيس لحكومة تمثل المطلوبين للعدالة... وهذا ما لا نتمناه لعدو. فكيف اذا كان صديقا قديما لنا مثل نجيب ميقاتي؟



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة