الأثنين ٢٥ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آذار ٣١, ٢٠١٣
المصدر: جريدة الحياة
تحوّلات في الإقليم - حازم صاغية
أظهرت ثورات «الربيع العربي» والمضاعفات التي تمخضت عنها، بعضاً من المعطيات التي كانت خافية أو مستترة‎.‎

فمن جهة، وهذا ما شد ويشد انتباه الكثيرين في العالم العربي وسائر العالم، تبدت أولوية الأهلي والمحلي على الوطني. وإذا ‏بدا أن حقيقة كهذه لا تزال قابلة للنقاش في حالتي مصر وتونس، فإنها غدت موضع تسليم بعيد وواسع في ما خص اليمن ‏وسورية وليبيا، فضلاً عن بلدان أخرى لا صلة لها بـ «الربيع العربي» كالعراق ولبنان والسودان‎.‎

لكنْ، من جهة أخرى، يتبين أيضاً أن الجغرافيا السياسية استعرضت تفوقها على الأيديولوجيا، بقدر ما استعرض الشرق ‏الأوسط تفوقه على العروبة‎.‎

ففي «بلاد الشام»، حيث تخاض حروب عدة تنضوي في الأزمة السورية، يتضح بلا أي لبس، كم أن التأثيرين التركي ‏والإيراني متفوقان على التأثير المصري، ناهيك عن المغاربي أو السوداني. وهذا فيما لا يكاد يظهر أثر لأي تأثير سوري ‏أو عراقي على مصر، ناهيك عن البلدان المغاربية أو السودان‎.‎

أما الدور الخليجي الذي بلغ ذروته في قمة الدوحة الأخيرة، فيحضر أساساً بوصفه عنصراً مضاداً للدور الإيراني. وهذا ‏البُعد الاستراتيجي الذي ينطوي عليه الدور المذكور هو ما فاقمه توسع رقعة النفوذ الإيراني في العراق الذي هو الحد ‏الشمالي للخليج. ولا نزال نذكر عمق التأثر الخليجي بما يجري في القوس العراقي–الإيراني، كما استظهر نفسه في درجة ‏التأييد التي حظي بها صدام حسين إبان حربه مع إيران. فكيف حين نضيف درجة التورط الإيراني المتسع في اليمن، الذي ‏هو -وفق هذا التصنيف- جنوب الخليج الغربي، أو قدرة طهران على التحكم بالبوابة الوحيدة المتبقية لـ «النزاع العربي ‏الإسرائيلي» من خلال «حزب الله»؟

هكذا يتضح كم أن الحرب التي تجري اليوم في المربع السوري (اللبناني–الأردني) –العراقي–التركي–الإيراني، ‏تستدعي تعديلات جراحية تكاد تكون شروطاً شارطة لتحسين شروط المواجهة. من ذلك مثلاً محاولة التوصل إلى تسوية ‏تركية–كردية افتتحتها رسالة عبد الله أوجلان النوروزية، أو الاعتذار الإسرائيلي من تركيا في موازاة زيارة باراك أوباما ‏المنطقة، أو دفع الأردن (وربما لبنان؟) إلى حسم موقفيهما في صراع يحض على الفرز والوضوح‎.‎

وما من شك في أن هدف الأهداف، من وجهة نظر الدول الداعمة للثورة السورية، هو ألا يتكرر اصطفاف سوري–‏إيراني كالذي عرفته الثمانينات، عقد حرب الخليج الأولى، حين وقفت دمشق خارج الإجماع العربي القائم يومها، ولا سيما ‏الإجماع الخليجي. وإذا كنا هنا تحديداً نعثر على مصدر الجهود التي أحلت المعارضة السورية في مقعد سورية في الأمم ‏المتحدة، فإننا نعثر، هنا أيضاً، على مصدر التفاني الإيراني في دعم «العلماني» بشار الأسد ونظامه‎.‎

طبعاً ستبقى «الأمة العربية» عنوان القمة العربية، وستبقى فلسطين مسماة «قضية العرب الأولى». لكنْ في ما عدا ذلك، ‏تلوح معالم عالم جديد لم يبق من قديمه إلا القليل، أما أحكام القيمة فشأن آخر يقع خارج هذه العجالة‎.‎



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة