إن السؤال الذى يردده كل مصرى بمناسبة الاحتفال بمرور سنتين على ثورة 25 يناير 2011 هو ماذا جنينا من هذه الثورة ولماذا قامت هذه الثورة أساسا؟ ويبدو أن الإجابة أصعب من السؤال.. فمن المنطقى أن تقوم ثورة حين يشتد القمع ويسود الظلم والفساد فيفيض الكيل ويهب الشعب ينادى بسقوط الطغاة وينادى بالحرية والعيش بكرامة، وهذا ما فعله الشعب المصرى، خاصة الشباب الذين كانوا يعانون البطالة والتهميش وتكميم الأفواه والاضطهاد، فماذا كانت النتيجة، وهل يا ترى تغيرت أحوال الناس، خاصة الشباب، وحصدوا ثمار ما زرعوه وتكبدوه فى سبيل الحصول على الحرية؟!
إن حال البلد وحال شباب الثورة لا يرضى عدوا ولا حبيبا، فقد تدهورت الأحوال وازداد ثقل الهموم على الشعب كله، وبالأخص على الشباب الذين لا يجدون فرص عمل على الإطلاق بسبب هروب المستثمرين من مصر، وتوقف كثير من المشروعات الاستثمارية وإغلاق كثير من الفنادق والملاهى، ومن ثم الاستغناء عن كثير من الشباب الذين كانوا يعملون فى قطاع السياحة، خاصة فى المدن السياحية الكبرى مثل الأقصر وأسوان، وحتى شرم الشيخ والغردقة، التى كانت تعج بالسياح الأجانب فى فصل الشتاء، والتى أصبحت شبه خالية خلال هذا الموسم الشتوى وخوف الأجانب من الحضور لقضاء إجازة الكريسماس ورأس السنة والتمتع بشمس مصر المشرقة كالمعتاد كل سنة، ليه يا ترى؟!.
إن الذى يطلع على أحوال البلد والشباب حاليا فى مصر بعد مرور سنتين على الثورة لا يسعه إلا التحسر على الشهداء من الشباب، الذين فدوا البلد بدمائهم، ولم يحصل أهاليهم حتى على حق الشهيد فى القصاص من الذين استحلوا دمه بدون وجه حق.. إن القائمين على البلد نسوا أو تناسوا حق شباب الثورة، فلولاهم لما وصلوا هم إلى سدة الحكم، لقد وزعوا كل المناصب على «الأهل والعشيرة»، وأهملوا الذين أتوا بهم إلى الحكم.. أى شباب الثورة الذين تحملوا برد يناير، ووقفوا وقفة رجل واحد يهتفون: «الشعب يريد إسقاط النظام» ولم يبالوا باستنشاق دخان القنابل المسيلة للدموع، ولم يحتموا من خراطيم المياه التى تنهال عليهم، ولا بالخرطوش الذى حصد أرواح زملائهم، ولم يهنوا ولم يرجعوا عن عزمهم لمدة 18 يوما، وهم يرددون «ارحل.. ارحل»، ونجحوا فى أن يجعلوه يرحل، وترك لكم زمام البلد، فماذا فعلتم بالبلد وبالشباب؟
لقد سمعت أحد شباب الثورة من السكندريين الجدعان وهو يصرخ مستغيثا «واإسلاماه»، يوجهها لمن يتكلمون باسم الإسلام، ويقولون إن «الإسلام هو الحل»، ويسألهم هل من الإسلام أن تستولوا على كل «الأنفال»، ولا تعطوننا نصيبنا منها، وهل من العدل الذى هو أساس الملك والحكم ألا يكون من حقنا نحن شباب الثورة سوى الاستشهاد، ودفن إخوتنا وزملائنا الذين استشهدوا حتى تصلوا أنتم إلى سدة الحكم، وتستولوا على البلد الذى حررناه بدمائنا؟!.
إن الكل يتساءل: إلى متى سيستمر تدهور الأحوال، وإلى أين ستقودون البلد، وإلى متى سيظل شباب الثورة مهمشين وخارج نطاق الخدمة؟! ونحن نحتفل بمرور سنتين على ثورة 25 يناير 2011 نوجه نداء للقائمين على البلد ونقول لهم: ردوا الجميل لشباب الثورة، فلولاهم لما توصلتم إلى «رغد العيش»، الذى تنعمون به الآن.
|