الدكتور عصام الحداد، مساعد رئيس الجمهورية للشئون الخارجية، وعضو مكتب الإرشاد لجماعة «الإخوان المسلمون»، أصدر بيانا باللغة الإنجليزية الفصحى، حافلا بأقوال حكيمة تنضح تسامحا فيما يتعلق بموقف الدين الإسلامى الحنيف من أتباع الديانات السماوية الأخرى، وبالتبعية موقف الرئيس محمد مرسى من «أهل الكتاب».
أما مناسبة إصدار هذا البيان فهى نبش صحف أمريكية فى الخطب السياسية والدينية التى دأب الرئيس مرسى على إلقائها فى السابق، عندما كان عضوا فى برلمان حسنى مبارك، وتسليط الضوء على عبارات «غير ودية» تجاه غير المسلمين، وبالذات تجاه اليهود، جاءت على لسانه فى تلك الأزمان الغابرة.
ورغم أن الإتجاه العام لبيان «الحداد» جيد جدا، ويعبر عن الموقف النموذجى للإسلام بهذا الصدد، فإن الملفت للنظر صدوره باللغة الإنجليزية، أى أنه بيان موجه للخارج، ومعد لـ«التصدير» ومخاطبة الأجانب، وبالذات الأمريكيون واليهود.
والمسألة هنا ليست متعلقة باللغة فى حد ذاتها، وإنما تتعلق بالمضمون الذى يتم التعبير عنه بهذه اللغة، والبيان من هذه الزاوية نموذج متكرر لازدواجية الخطاب، الخطاب الموجه للداخل والخطاب الموجه للخارج، بالضبط مثل السلع الممتازة التى كان يتم إنتاجها للتصدير ونظيرتها الرديئة المنتجة للمصريين!
لكن هذه الإزدواجية لم تعد تنطلى على أحد فى عصر ثورة المعلومات، حيث كل شاردة وواردة مسجلة بالصوت والصورة، وكان أحد التطبيقات الجارحة لذلك يوم أصدر المهندس خيرت الشاطر بيانا باللغة الإنجليزية(أيضا) أثناء المظاهرات ضد السفارة الأمريكية فى أعقاب الفيلم المسىء للرسول، فردت عليه السفارة بالشكر على كلماته المثالية لكنها ذكرته بأنها قد قرأت أيضا تصريحاته العكسية الناطقة بالعربية!
***
ويعلم الدكتور الحداد أن نفس الموقف ينطبق على بيانه الإنجليزى أيضا، ولذلك فإن أقصر الطرق هى أكثرها استقامة، وهذا يعنى فى هذه الحالة الاعتراف بأن لدينا خطابات متعصبة، ليس ضد اليهود فقط، بل أيضا ضد المواطنين المصريين المسيحيين الذين «يفتى» بعض الأقطاب التى شاركت فى كتابة دستور مصر الجديد بتحريم تحيتهم فى أعيادهم، ناهيك عن البهائيين الذين تمنع وزارة التربية والتعليم إلحاق أبنائهم بالمدارس الحكومية، وغير ذلك الكثير من صور التعصب، والأهم - وطالما أنك فى السلطة - يجب عليك أن تقول ماذا «فعلت» لإنهاء هذه الأمور التى ترفضها بالإنجليزى وتسكت عليها بالعربى.
|