الأربعاء ٩ - ٧ - ٢٠٢٥
 
التاريخ: تشرين الثاني ٢٢, ٢٠١٢
المصدر: موقع عمون الاردني
لا تركنوا إلى الهدوء! - باتر محمد وردم

ربما تكون حدة المسيرات والاعتصامات والنشاطات الشعبية التي أعقبت قرار رفع الدعم عن المحروقات قد خفت في الأيام الماضية إلى أن باتت شبه منتهية إلا من بعض “المناوشات” المعزولة، فإن هذه الفترة تعد مناسبة جدا للدولة والحكومة لكي تعيد النظر وتستخلص الدروس والعبر مما ظهر من تغيرات في نوعية وحجم النشاطات الشعبية المعارضة في الفترة الماضية.

 

ربما عادت الغالبية العظمى من المواطنين المشاركين في المسيرات إلى منازلهم نتيجة تجاوز بعض الجماعات في الحراك الشعبي للسقوف الحكيمة في المعارضة، أكثر من وجود قناعة من الرأي العام بالأسباب الموجبة لرفع الدعم.

 

لا بد من أن نتذكر جميعا أن الحراك الشعبي بدأ قبل عامين والأسباب الجذرية لذلك كانت الشعور بغياب العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص مقابل نمو الفساد وتراجع الخدمات الحكومية. لم يخرج الناس من أجل الانتخابات والتعديلات الدستورية والتي تم استخدامها من قبل الأحزاب والتيارات المسيسة لفرض رؤيتها الخاصة بالإصلاح السياسي. في نهاية الأمر العامل الرئيس المؤثر على قرار المجموعات الأكبر من المشاركين يتعلق بالمعادلة الحساسة ما بين المطالبة بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وما بين حماية الاستقرار والأمان في الأردن.

 

الحراك الشعبي هو الذي وجه لنفسه الضربة القاصمة من خلال سلوكيات وشعارات خارجة عن الإجماع العام بخاصة أن المناخ السياسي الحالي ليس رومانسية الثورات في مصر وتونس بل الدمار والمآسي التي نجمت عن الثورات في ليبيا وسوريا.

 

الشعب الأردني أثبت مستوى عاليا جدا من الوعي ووضع استقرار بلده في موقع الأولوية مقارنة بمطالب الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد وحماية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ولكن لا يمكن ابدا الركون بطريقة مغرورة إلى هذا الوعي بدون القيام بأية إجراءات جذرية تعالج مشاكل هدر المال العام والفساد وانعدام المساواة.

 

الانتخابات المزمع عقدها لن تحقق حلا سحريا إلا في حال تمت استعادة ثقة المجتمع بالدولة عن طريق إجراءات حقيقية في مكافحة الفساد أو في “تحمل مسؤوليات وطنية” من قبل شخصيات سياسية واقتصادية استفادت من الدولة في السنوات الماضية ويمكنها الآن أن تقدم في المقابل بعض الدعم لخزينة الدولة طوعا وهذا سيوجد روحا إيجابية مناسبة تزيل الكثير من التوتر الحالي.

 

هنالك الكثير من مظاهر الهدر في المال العام والتي قد يكون من الصعب تصنيفها ضمن “الفساد” ولكنها ممارسات ضمن سياق القانون ويتم تجاهلها ومنها الرواتب العالية لرؤساء مجالس إدارة المؤسسات العامة وكذلك مكافآت اللجان ومكافآت نهاية الخدمة العالية جدا في بعض المؤسسات وكلها تتطلب إجراءات تقشفية واضحة.

 

الكثير من الدول الأوروبية قامت بإجراءات قاسية منها قيام إسبانيا بتخفيض رواتب موظفي القطاع العام 10% وقيام فرنسا برفع الضرائب بخاصة على الأثرياء وهذا ما يعتزم أوباما القيام به في السنة القادمة.

 

في هذه الدول يعترض الرأي العام ويتظاهر لكنه في نهاية اليوم يدرك أن السبب هو الازمة الاقتصادية العالمية فيتحمل العبء الذي تضعه حكومات منتخبة. في الأردن علينا التحول بسرعة نحو حكومات منتخبة تتحمل مسؤولية القرارات الصعبة وكذلك على الجميع أن يدركوا أن الرأي العام يميز ما بين أزمة اقتصادية تسبب بها انقطاع الغاز المصري أو ارتفاع سعر البترول وبين عجز موازنة متراكم نتيجة هدر المال العام والإنفاق الزائد والفساد. الاستجابة يجب أن تكون ضد الأسباب الجذرية الداخلية والخارجية معا، ونرجو بكل مشاعر الحرص على الوطن أن لا يعتقد أحد أن الهدوء الحالي هو مبرر للتراخي في مكافحة الفساد أو وقف هدر المال العام ..فاحذروا.

 

 

الدستور



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
العاهل الأردني يكلف لجنة للإصلاح... ويتعهد تبني توصياتها ومنع التدخلات
الأردن: 18 موقوفاً بتهمة محاولة زعزعة استقرار البلاد في قضية «الفتنة»
مجلس النواب الأردني يقر موازنة البلاد بالأغلبية
العاهل الأردني: ليس مقبولاً خسارة أي مواطن نتيجة الإهمال
الأردن: توقيف 5 مسؤولين بعد وفاة مرضى بكورونا جراء انقطاع الأكسجين
مقالات ذات صلة
مئوية الشيخ المناضل كايد مفلح عبيدات
الأزمة اللبنانية والتجربة الأردنية - مروان المعشر
انتفاضة نيسان 1989: أين كنا وكيف أصبحنا ؟
حقوق المراة الاردنية 2019 - سليمان صويص
يوميات حياة تشهق أنفاسها في البحر الميت - موسى برهومة
حقوق النشر ٢٠٢٥ . جميع الحقوق محفوظة