الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: تشرين الثاني ٥, ٢٠١٢
المصدر: موقع عمون الاردني
عصـر الإعـلام المضلِّل! - باتر محمد وردم

منذ حوالي 20 سنة تقريبا أتابع الإعلام الأردني والعربي والعالمي بشكل أدعي أنه دقيق، وباستطاعتي القول وبكل تجرّد بأنني لم اشهد في حياتي مرحلة من التضليل الإعلامي أكثر من التي نمر فيها حاليا، ومنذ سنتين تقريبا.

 

لا أريد أن أحاول تحديد أسباب معينة لهذا التوجه لأنها تتفاوت حسب المكان والحدث، ولكن يمكن القول بأن هنالك 4 اسباب رئيسية لتزايد الكذب والتضليل في وسائل الإعلام المحلي والعربي والعالمي معا. السبب الأول هو انتشار وسائل الإعلام الحديثة مثل المواقع الإلكترونية والفيسبوك والتويتر وغيرها، وبالرغم من أن هذه الوسائل الإعلامية قد حققت نقلة نوعية في قهر احتكار السلطة للإعلام وقدمت روايات جديدة حول الأحداث فإنها لم تكن ابدا قادرة على ضبط المهنية بالطريقة السليمة فانزلقت إلى العديد من المحاذير والخطايا المهنية التي تضمنت الكذب والتضليل والأسوأ من ذلك التحريض المؤذي.

 

السبب الثاني هو حدة التنافس بين الوسائل الإعلامية المختلفة مما أدى إلى انتشار ظاهرة الأخبار الساخنة والمثيرة من أجل استقطاب القراء والمشاهدين والمتصفحين وهذا كله على حساب المصداقية والمهنية. السبب الثالث هو تراجع المهنية والحرفية لدى الممارسين للإعلام ودخول فئات يمكن تسميتها “مراقين طريق” في معادلة الإعلام تبحث فقط عن الشهرة والدور البارز وربما المكاسب الشخصية والشعبية عن طريق نشر المعلومات المثيرة وغير الدقيقة وبالتالي اصبحت المهنية الصحافية عنصرا قابلا للتضحية مقابل الانتهازية والنفاق والتضليل لدى بعض الدخلاء على المهنة. السبب الرابع هو انتشار تقنيات حديثة في النشر والاتصال مثل الفوتوشوب والتي ساهمت في التلاعب بالصور وتغيير وقائعها ونشر الكذب والخداع باستخدام صور مزيفة وغير حقيقية سواء عن طريق التصوير الفوتوغرافي العادي أو حتى مقاطع الفيديو المنشورة عبر اليوتيوب وغيره.

 

خلال تصفح بسيط للإنترنت لمدة لا تزيد عن نصف ساعة يمكن اكتشاف الكثير من الأخبار والمعلومات الكاذبة بالحد الادنى من الذكاء، وهذه أمثلة منها. حفل عبدة الشيطان في عمان (حفل هالوين يحدث في كل سنة)، إرسال 16 ألف دركي و100 قاضٍ من الاردن للكويت لقمع الانتفاضة الشعبية (أكثر من نصف أعداد الدرك والقضاة في البلد!)، الأمن الأردني يحاصر سكان الجفر الرافضين لبيع أرضيهم لإسرائيل (من إبداعات قناة الدنيا السورية!)، عشرات الصور المزيفة لنتائج إعصار ساندي وتشكيلات لرموز دينية على الغيوم باستخدام الفوتوشوب، صور لضحايا الأعاصير والحرائق والبراكين والزلازل في آسيا توضع في صفحات فيسبوك وتوصف بأنهالد للضحايا المسلمين في بورما (التطهير العرقي قائم وليس بهذه الفظاعة)، اعترافات تسيبي ليفني بطرقها الإبداعية في الحصول على معلومات لصالح الموساد (صحيفة مصرية يومية يفترض أنها ذات مصداقية) أما عن تغريدات التويتر المبالغ بها فحدث ولا حرج.

 

خلاصة الأمر عزيزي القارئ والمتصفح والمشاهد حكّم عقلك في كل ما يصلك من وسائل الإعلام وابحث عن المصدر الأصلي للخبر أو الصورة وأبحث في إرشيف الإنترنت للتأكد ولا تصدق فورا الأخبار المثيرة لأننا جميعا أصبحنا ضحايا لاحتراف التضليل والكذب الإعلامي من مختلف المستويات ووسائل الإعلام حتى أبسط مغرد مجهول الهوية ينشر الأكاذيب عبر تويتر. منحنا الله سبحانه وتعالى عقلا متطورا وعلينا أن نستخدمه في تمييز الحقيقة عن الكذب.



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
العاهل الأردني يكلف لجنة للإصلاح... ويتعهد تبني توصياتها ومنع التدخلات
الأردن: 18 موقوفاً بتهمة محاولة زعزعة استقرار البلاد في قضية «الفتنة»
مجلس النواب الأردني يقر موازنة البلاد بالأغلبية
العاهل الأردني: ليس مقبولاً خسارة أي مواطن نتيجة الإهمال
الأردن: توقيف 5 مسؤولين بعد وفاة مرضى بكورونا جراء انقطاع الأكسجين
مقالات ذات صلة
مئوية الشيخ المناضل كايد مفلح عبيدات
الأزمة اللبنانية والتجربة الأردنية - مروان المعشر
انتفاضة نيسان 1989: أين كنا وكيف أصبحنا ؟
حقوق المراة الاردنية 2019 - سليمان صويص
يوميات حياة تشهق أنفاسها في البحر الميت - موسى برهومة
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة