على "14 آذار" أن تعترف بأن هناك أزمة تعصف بها، وان الضربات القاسية التي تعرضت لها نجحت في إحداث صدوع جوهرية في جسمها السياسي والاجتماعي.
الاعتصامان أمام السرايا الحكومية في بيروت وأمام منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في طرابلس يؤشران إلى ذلك، لكن المؤشر الأوضح هو خلل القيادة الذي تكابده الجماعة، أو الجماعات المنضوية في الحركة.
"14 آذار" تخوض اليوم معركة إسقاط حكومة على قدر كبير من الهشاشة والضعف، رئيسها ضعيف الخيال ومحاصر في طائفته ومدينته، وهي مصابة بخلل كبير في التمثيل نتيجة عدم ضمها أكثر من 90 في المئة من السنّة ونحو 50 في المئة من المسيحيين. والحكومة هذه متهمة بتغطية قتلة اللواء وسام الحسن، وتُعاني من ضعف النظام السوري الذي أنتجها، وعاجزة عن ادارة أزمة اقتصادية خانقة وغير مسبوقة جراء فشل الموسم السياحي. وفي عهدها وُضعت المصارف اللبنانية تحت رقابة دولية جراء ريبة من دور لها في تبييض أموال "حزب الله". أما الفساد فمن المرجح أن يكون في عهدها قد صار أصل الإداء وجوهره، ذاك أن اقتصادنا الوطني صار في عهدة "حزب الله" الذي أُعفي من الضرائب في خدمة اقتصاد المقاومة ورفاهها.
"14 آذار" عاجزة عن إسقاط حكومة هذه حالها! الاعتصامان في بيروت وفي طرابلس جوابها الوحيد، أما لحظة الذروة في المواجهة فكانت في المحاولة غير المفهومة والمرتجلة لـ"اقتحام السراي" في يوم تشييع اللواء الحسن! أما فكرة الحكومة الحيادية، والتي يبدو أنها المضمون السياسي الوحيد الذي قدمته "14 آذار" بديلاً من الحكومة الحالية، فلم يُرفق اقتراحها ببرنامج يُفضي إلى تشكيلها.
الاعتصامان ومقاطعة أعمال الحكومة في البرلمان خطوتان ناقصتان إذا ما كانا البرنامج الوحيد لإسقاط الحكومة، ذاك أن على "14 آذار" ان تحسم علاقاتها مع أطراف الحكومة وان تُقدم في الوقت نفسه عرضاً للشراكة، طالما أنها عاجزة عن تشكيل حكومة وعن أن تكون غالبية.
المشكلة الكبرى هي مع "حزب الله" وسلاحه، لكن الحزب نجح حتى الآن في تأمين غالبية لحكومته في البرلمان. أدار خلافه مع وليد جنبلاط، وامتص الميول المستجدة لرئيس الجمهورية في الابتعاد عن دمشق، وأقنع ميقاتي بالاستمرار عبر وجبات من التعيينات ومن الصمت.
لا يمكن أن تبقى العلاقة مع وليد جنبلاط محكومة بجانبها الشخصي لا السياسي، فـ"14 آذار" تبتعد وتقترب منه تبعاً لكيمياء العلاقة الشخصية مع آل الحريري، والثأر من خيانة ميقاتي لا يجدي إذا لم يكن ذا مردود سياسي.
نعم يجب إسقاط الحكومة بسرعة ... ونعم إنها حكومة التغطية على قتلة وسام الحسن، أو على الأقل القبول بقتله، وقبل ذلك هي حكومة بشار الأسد في لبنان.
"14 آذار" عاجزة وحدها عن تشكيل حكومة بديلة، فهل هي قادرة على تقديم عرض لنجيب ميقاتي على وقع تصعيد الاعتصام أمام منزله؟ وهل يمكنها حسم المسافة السياسية وغير الشخصية مع وليد جنبلاط؟
|