السبت ٢٣ - ١١ - ٢٠٢٤
بيانات
التاريخ:
تموز ٢٩, ٢٠٢٠
المصدر :
جريدة الشرق الأوسط
هل جازف الرئيس التونسي باستبعاد مرشحي الأحزاب لرئاسة الحكومة؟
تونس: «الشرق الأوسط»
من خلال تعيين شخصية مستقلة في منصب رئيس الوزراء، قام الرئيس التونسي قيس سعيّد بتهميش البرلمان والأحزاب، التي فقدت الكثير من مصداقيتها بسبب الخلافات السياسية المتواصلة، لكن ما فعله يعد، بحسب عدد من المراقبين، مجازفة في بلد لا يزال يتعين عليه توطيد الديمقراطية بعد عشر سنوات من سقوط الديكتاتورية.
وكلف السعيّد، وهو مستقل سياسياً أيضاً، وزير الداخلية المستقل هشام المشيشي بتشكيل الحكومة، مساء السبت، مستبعداً الأسماء التي اقترحتها الأحزاب الرئيسية. وأمام الترتيبات الحزبية غير الشفافة والصراعات المتواصلة على السلطة، التي شلت مجلس نواب الشعب، لقي قراره ترحيباً على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث احتفى الكثير من مستخدمي الإنترنت بخياره، وقالوا إنه فعل «عين الصواب» بتجاهل مقترحات الأحزاب. لكن البعض الآخر عارض هذه الخطوة، واعتبر القرار مجازفة غير محسوبة العواقب.
يقول سليم خراط، المسؤول عن مرصد «البوصلة» المستقل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن حركة النهضة، الحزب الرئيسي في البرلمان الذي دفع حكومة إلياس الفخفاخ إلى الاستقالة لتشكيل ائتلاف جديد أكثر ملاءمة له، «فقدت السيطرة» على الأمور.
لكن عضواً في حركة النهضة، الإسلامية التوجه، انتقد محاولة «شيطنة البرلمان»، محذراً من أنها ترقى إلى «قيادة البلاد نحو ديكتاتورية جديدة»، وهي تهمة ذات مغزى في بلد ما زال فيه عهد زين العابدين بن علي (1987 - 2011) ماثلاً في الأذهان.
من جهتها، كتبت صحيفة «لابرس» اليومية، عن أن الرئيس سعيد بقراره هذا سحب «البساط من تحت أقدام برلمان تسوده الفوضى».
والمشيشي، رجل قانون، سبق أن شغل منصب المستشار القانوني للرئيس بعد أن كان مسؤولاً في وزارات عدة، وعُين وزيراً للداخلية في نهاية فبراير (شباط) 2020 في حكومة الفخفاخ الذي قدم استقالته.
لكن إذا لم تحصل الحكومة الجديدة على ثقة النواب بحلول نهاية أغسطس (آب)، فقد يلجأ سعيّد إلى حل مجلس النواب المنتخب في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والذي يتوقع أن يطرأ تعديل كبير على تشكيلته إذا نُظمت انتخابات جديدة، وفق استطلاعات الرأي.
وكانت تونس قد تبنت في 2014 بعد الثورة، التي أنهت الديكتاتورية في 2011، نظاماً مختلطاً يُنتخب فيه رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب في انتخابات عامة، مع إعطاء البرلمان صلاحيات واسعة، وهو نظام يتعرض باستمرار لانتقادات.
يقول المحلل السياسي التونسي صلاح الدين الجورشي، إن الرئيس نقل بقراره تونس «من نظام برلماني معتدل إلى نظام رئاسي، دون إجراء التغييرات اللازمة (في الدستور)، أو محاولة إقناع الأغلبية». مبرزاً أن سعيّد «يريد تغيير سياسة البلد، ويريد رئيس حكومة لا يعارضه».
ويرى الجورشي أن قرار الرئيس، مثل خطر حل مجلس النواب، «ستكون له انعكاسات خطيرة على استقرار الحياة السياسية، وهذا سيؤثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية» في بلد تضرر بالفعل جراء تداعيات وباء «كوفيد – 19».
واتفقت حركة النهضة (54 نائباً من أصل 217)، وحزب قلب تونس الليبرالي (27 مقعداً)، برئاسة رجل الأعمال نبيل القروي، الذي أوقف بتهمة غسل الأموال، على اسمي مرشحين مستقلين. وفي هذا السياق، يقول خراط، إن الرئيس فعل «جيداً بوضع الأحزاب في مكانها». مضيفاً أن نهج الرئيس، وتمشياً مع انتقاداته للسياسات الحزبية، يمنع «إجراء ترتيبات تصب في مصلحة قادة» الأحزاب، «التي قلما تعتمد النهج الديمقراطي»، و«ليس لها تمثيل واسع».
ومع ذلك، يبقى معرفة كيف سيتمكن المشيشي من حشد غالبية تمنحه الثقة في برلمان منقسم على نفسه، علماً بأنه ليس لديه برنامج يدافع عنه، ويمتلك القليل من الخبرة السياسية، بحسب منتقدي قرار سعيد.
وكرد فعل على قرار سعيد، قالت كل من حركة النهضة وقلب تونس، إنهما لا يعارضان من حيث المبدأ تعيين المشيشي، لكن من المتوقع أن تكون المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة شائكة. خاصة أنه ليس في يد الحزبين سوى القليل من الأوراق؛ ذلك أن تنظيم انتخابات مبكرة في نهاية 2020، بعد سنة من الانتخابات الأخيرة، قد يشهد تراجع تمثيل «النهضة» وتقدم أشد خصومها، الحزب الدستوري الحر. كما أنهما سيخاطران بزيادة العداء المتنامي لدى الرأي العام، الذي مل المهاترات السياسية التي تعوق الإصلاحات المنتظرة من أجل محاربة البطالة، وتحسين الخدمات العامة المتداعية.
ترحيب «متحفظ» من أحزاب تونس بتكليف المشيشي
الثلاثاء 28 يوليو 2020
تونس: «الشرق الأوسط»
أبدت غالبية الأحزاب السياسية الأساسية في تونس، ترحيباً متحفظاً بقرار الرئيس قيس سعيّد تكليف وزير الداخلية هشام المشيشي تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة إلياس الفخفاخ المستقيل.
ورشح الرئيس سعيّد أول من أمس المشيشي، وهو من الكفاءات المستقلة من الإدارة التونسية، من خارج دائرة الترشيحات التي قدمتها الأحزاب والكتل البرلمانية في قائمة مقترحاتها إلى الرئاسة.
وبخلاف حزب «حركة الشعب» الشريك في الحكومة المستقيلة والداعم للرئيس سعيّد الذي أبدى موافقته الرسمية على تعيين المشيشي والاستعداد للتعاطي الإيجابي مع المشاورات، فإن باقي الأحزاب أبدت ترحيباً مع بعض التحفظ.
وقال حزب التيار الديمقراطي الشريك في الحكومة المستقيلة أيضاً، إنه سيعلن موقفه رسمياً بعد لقائه بالمشيشي. وصرح القيادي في حزب «حركة النهضة» الذي يملك الأغلبية في البرلمان، خليل البرعومي، لصحيفة محلية أمس، بأن «النهضة» تدعم من حيث المبدأ رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، لكنها ستحدد موقفها النهائي بحسب طريقة إدارة المشاورات.
أما الحزب الثاني في البرلمان «قلب تونس» فإنه لم يبد اعتراضاً على تكليف المشيشي. وقال رئيس كتلة الحزب في البرلمان أسامة الخليفي «سنتابع هذا التحول على رأس الحكومة الذي جاء خارج مسار ما يسمى بالمشاورات، ليس لدينا أي تحفظ على شخص السيد هشام المشيشي. نتمنى أن يحقق الاستقرار السياسي اللازم للانصراف فيما ينفع الناس وما يضمن تماسك الدولة واستمرارية مؤسساتها الشرعية». ويتعين على المشيشي (46 عاماً) تشكيل حكومة في مدة أقصاها شهر قبل عرضها على البرلمان لنيل الثقة. ويأمل التونسيون أن يضع اختيار المرشح الجديد المشيشي حداً لأزمة سياسية تعصف بتونس في ظل وضع اقتصادي خطير مع توقعات بنسبة انكماش في حدود 6.5 في المائة وزيادة متوقعة لنسبة البطالة إلى أكثر من 20 في المائة.
وسيكون اختيار الرئيس سعيّد موضع اختبار في البرلمان؛ إذ يحتاج المشيشي المستقل إلى غطاء سياسي واسع لنيل الأغلبية المطلقة، وفي حال لم يتحصل عليها، فإن البرلمان يخاطر بالانتقال إلى الخطوة التالية دستورياً، وهي الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وكان رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ قدم استقالته في منتصف الشهر الحالي إثر ضغوط في البرلمان بشأن شبهة تضارب مصالح ضده لامتلاكه أسهماً في شركات لها تعاملات مع الدولة، ويحقق القضاء في الشبهة.
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك
اطبع الكود:
لا تستطيع ان تقرأه؟
جرب واحدا آخر
أخبار ذات صلة
احتجاجات ليلية قرب العاصمة التونسية ضد انتهاكات الشرطة
البرلمان التونسي يسائل 6 وزراء من حكومة المشيشي
البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»
الولايات المتحدة تؤكد «دعمها القوي» لتونس وحزب معارض يدعو الحكومة إلى الاستقالة
«النهضة» تؤيد مبادرة «اتحاد الشغل» لحل الأزمة في تونس
مقالات ذات صلة
أحزاب تونسية تهدد بالنزول إلى الشارع لحل الخلافات السياسية
لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟ - حازم صاغية
محكمة المحاسبات التونسية والتمويل الأجنبي للأحزاب...
"الديموقراطية الناشئة" تحتاج نفساً جديداً... هل خرجت "ثورة" تونس عن أهدافها؟
حركة آكال... الحزب الأمازيغيّ الأوّل في تونس
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة