الأثنين ٢٥ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٢١, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
سوريا
تصاعد الانتقادات الروسية للأسد... وتباين في موسكو إزاء تفسيرها
موسكو: رائد جبر
لم تكد تهدأ الضجة التي أثيرت بعد نشر استطلاع للرأي أعدته مؤسسة روسية وأظهر تدهوراً في شعبية الرئيس السوري بشار الأسد وفقدانه القدرة على إصلاح الوضع في البلاد، حتى برز عنصر جديد عزز مواقف أطراف في روسيا تحدثت عن توجيه إشارات ورسائل حازمة للقيادة السورية حول ضرورة تغيير سلوكها السياسي وانتهاج سياسة إصلاحات جادة، في وقت استقبل فيه الأسد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في دمشق أمس.

ونشرت مواقع روسية مقربة من مركز صنع القرار في موسكو مقالة لافتة حملت انتقادات لاذعة جديدة، وكتبها السفير الروسي السابق ألكسندر اكسينيوك الذي يعمل حالياً مستشاراً لدى المجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز يقدم استشارات لوزارة الخارجية. واللافت أن مقالته نشرت بالتزامن على موقع المركز وعلى الموقع الإلكتروني لـ«نادي فالداي للحوار» الذي أسسه الرئيس فلاديمير بوتين وبات يعد أرقى منتدى للحوار الاستراتيجي في روسيا.

ووجه الدبلوماسي انتقادات لاذعة للنظام، وقال: «دمشق لا تبدو مهتمة بعرض نهج يتمتع بالمرونة وبعد النظر وتواصل الاعتماد على الحل العسكري القائم على دعم من حلفائها إلى جانب حصولها على مساعدات مالية واقتصادية غير مشروطة مثلما كان يحدث خلال المواجهة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة».

وقال إنه على مدى سنوات الحرب كان «من الصعب أن نميز في أغلب الأحيان بين هدف مكافحة الإرهاب والعنف الذي تمارسه الحكومة ضد مناوئيها». ورأى أن هذا بين أسباب «تصاعد التوتر مجدداً في المناطق الجنوبية الغربية من سوريا التي تم تحريرها بموجب اتفاقيات وقعت مع قسم من المعارضة المسلحة حول تقاسم سلطة محلية شبه مستقلة في تلك المناطق. ثم كثرت عمليات القتل والتهديد والخطف في ظروف غامضة على خلفية الاعتداءات التي قامت بها المخابرات السورية».

وتطرق إلى استناد النظام إلى «خطاب الانتصار» ومواصلة تلويحه باستكمال أعمال القتال، ورأى أنه «يتحدث بلغة منفصلة عن الواقع»، لافتاً إلى أنه «رغم النجاح التكتيكي الذي حققته الحملة العسكرية على إدلب بدعم من القوات الجوية الروسية، فإنها كشفت عن حدود ما هو ممكن. فخلال سنوات الحرب، تكبد الجيش السوري خسائر كبيرة في العدة والعتاد. وخارت صلابة قوات النخبة القادرة على القتال». وزاد أن «البيانات والخطابات الصادرة عن أعلى وأرفع المستويات فيما يتصل باستخدام القوة في حال عدم رحيل القوات التركية والأميركية عن سوريا، تبدو منفصلة عن الواقع». وخلص إلى أن «حديث النظام عن استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية لا يتناسب مع قدراته الاقتصادية ولا توجهات حلفائه ولا مع الوضع على الأرض».

وفي حصيلة للحرب، أورد الدبلوماسي أن «الناتج المحلي السوري هبط خلال 9 سنوات من 55 مليار دولار إلى 22 ملياراً، وتحتاج سوريا على الأقل إلى 250 مليار دولار لإعادة الأمور إلى نصابها، و50 في المائة من المنازل دمرت ونصف المرافق الصحية و40 في المائة من المدارس والجامعات، وارتفع معدل الوفيات 3 أضعاف، ووصل مستوى الرازحين تحت خط الفقر إلى 80 في المائة من السكان وانخفض معدل الأعمار بين السوريين 20 سنة».

ورأى أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها سوريا الآن أخطر من تلك التي عانت منها خلال مرحلة الأزمة. وتطرق الكاتب بالتفصيل إلى الوضع الاقتصادي وملف الفساد، مشيراً إلى أن «الحكومة المركزية في دمشق فشلت في استعادة السيطرة على الحياة الاقتصادية في المحافظات والرشاوى والإتاوات التي تفرض على الشحن في حال التجارة أو النقل أو العبور، وكذلك على القوافل الإنسانية تذهب لسلسلة تضم قطعات في الجيش تتمتع بامتيازات، أو لفروع الأمن، أو لوسطاء وسماسرة تجاريين، ومن يرتبط بهم ويواليهم من كبار رجال الأعمال وأصحاب المشاريع، وهاتان الفئتان ترتبطان بشكل أساسي بعائلة الرئيس وكل من أثرى خلال فترة الحرب». وانتهى إلى أنه «لا يمكن للواقع أن يستمر دون إعادة بناء الاقتصاد ودون تطوير المنظومة السياسية التي لا بد أن تقوم على نهج شامل وموافقة دولية، ويعتبر ذلك غاية بالأهمية، لأن الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2021 باتت على الأبواب».

وتباينت ردود الفعل داخل أوساط روسية حول الحملة القوية على «تقاعس النظام وعجزه وغرقه في الفساد» بين فريقين رأى أحدهما أن موسكو «ضاقت ذرعاً لعدم استماع دمشق لنصائحها حول آليات التحرك الممكنة، خصوصاً أن تصرفات النظام باتت تهدد تحركات موسكو السياسية»، في حين رأى فريق آخر أن وراء الحملات قطاع الأعمال الروسي الذي يتذمر لأنه يواجه «عراقيل تضعها أوساط سورية أمامه برغم كل الجهود التي بذلتها روسيا لإنقاذ النظام». وقالت مصادر روسية إنه لا يجب التسرع بإطلاق أحكام حول تغيير في السياسة الروسية تجاه الأسد، لكن هذا الفريق الذي يحظى بحضور قوي ومقرب من الكرملين يمارس ضغوطاً جدية لمواجهة تصاعد الفساد الذي بات يهدد ليس فقط الاستثمارات الروسية بل وأي خطوة سياسية يمكن أن تقوم بها موسكو.

إلى ذلك، أعلن أمس، أن الأسد استقبل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وأعلنت دمشق أن البحث تطرق إلى جهود مكافحة «كورونا». وشن الأسد حملة على واشنطن خلال اللقاء، وقال إن رفضها رفع العقوبات في ظروف تفشي الوباء يظهر أنها «لا إنسانية». وقال الأسد إن أزمة كورونا فضحت فشل الأنظمة الغربية.

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن مقاتلة روسية اعترضت طائرة استطلاع تابعة للقوات الأميركية حلقت قرب قاعدة «حميميم» الروسية.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
تقرير لوزارة الخارجية الأميركية يؤكد حصول «تغييرات طائفية وعرقية» في سوريا
انقسام طلابي بعد قرار جامعة إدلب منع «اختلاط الجنسين»
نصف مليون قتيل خلال أكثر من 10 سنوات في الحرب السورية
واشنطن تسعى مع موسكو لتفاهم جديد شرق الفرات
دمشق تنفي صدور رخصة جديدة للهاتف الجوال
مقالات ذات صلة
سوريا ما بعد الانتخابات - فايز سارة
آل الأسد: صراع الإخوة - فايز سارة
نعوات على الجدران العربية - حسام عيتاني
الوطنية السورية في ذكرى الجلاء! - اكرم البني
الثورة السورية وسؤال الهزيمة! - اكرم البني
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة