الأربعاء ٢٧ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: نيسان ٤, ٢٠٢٠
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
تونس
البرلمان التونسي يعقد جلسة لحسم الخلاف مع الحكومة
مصادرة ممتلكات لرموز النظام التونسي السابق
تونس: المنجي السعيداني
عقد البرلمان التونسي أمس جلسة عامة «عن بعد»، خصصت لتجاوز الخلاف الحاد الذي احتدم بين البرلمان والحكومة حول تفويض «صلاحيات استثنائية» لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.

وتمخض الاجتماع الذي ضم رؤساء الكتل البرلمانية وممثلي الحكومة، عن إقرار بعض التغييرات على مشروع القانون الذي ناقشته لجنة النظام الداخلي في البرلمان. وتمثلت هذه التغييرات في تمديد آجال سريان مفعول التفويض لمدة شهرين، وإسقاط الفصل المتعلق بمراقبة دستورية المراسيم من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.

وسيمكن هذا التوافق حكومة الفخفاخ من تفعيل 13 مرسوماً حكومياً كقوانين، وهي تتعلق بتطبيق الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي أعلنتها الحكومة في إطار خطة إنقاذ، تبلغ كلفتها 2.5 مليار دينار تونسي، وتستهدف مساعدة أكثر من 250 ألف عائلة معوزة، و630 ألفاً من العائلات التي تعيش تحت خط الفقر، ليرتفع بذلك عدد الذين سيحصلون على مساعدات حكومية إلى نحو 1.3 مليون مستفيد.

على صعيد آخر، أكد غازي الشواشي، وزير تونس لأملاك الدولة، أن لجنة الأملاك المصادرة (لجنة حكومية) قررت تفويت 15 عقاراً مختلفاً من الأملاك التي تمت مصادرتها من رموز نظام بن علي السابق، والتي تتوزع بين شقق وأراضٍ وقصور وشركات كبرى ومؤسسات إعلامية، وفي مقدمتها مؤسستا «شمس إف إم» (إذاعة مصادرة) و«دار الصباح» (مؤسسة إعلامية تصدر صحيفتين).

وقال الشواشي إن جميع الأملاك المصادرة سيتم تفويتها لضمان توفير موارد إضافية لخزينة الدولة، معتبراً أن دقة وخطورة المرحلة الاستثنائية التي تمر بها تونس بسبب تفشي وباء «كورونا» المستجد، تتطلب تضافر كل الجهود من أجل مواجهة تبعات الوباء الداهم.

في السياق ذاته، أكد رئيس الحكومة في حوار تلفزيوني، بثته القناة الوطنية الأولى (حكومية)، أن تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد حول ضرورة مساهمة رجال الأعمال في تعزيز جهود الدولة، لتجاوز الشلل الاقتصادي الذي تعرفه البلاد خلال هذه الفترة «فهم بشكل خاطئ». وقال إن الرئيس سعيد «لم يتحدث عن مصادرة أموال رجال الأعمال؛ بل كان فقط يأمل ألا تضطر الدولة إلى اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، ولم يتحدث عن مصادرة للمؤسسات أو الثروات».

وأوضح الفخفاخ أن مقاومة الفساد في تونس «لن تستثني أحداً»؛ مشيراً إلى أن أجهزة الدولة تعيش اليوم «حرباً ضد فيروس (كورونا)، مما يستدعي تعبئة موارد مالية من الخارج، أو من الشركات والمؤسسات التونسية، القادرة على المساهمة»، وأن الحكومة تحتاج لحوالي مليار دولار (نحو 2.8 مليار دينار تونسي) من التمويلات الداخلية والخارجية لمواجهة تداعيات الأزمة، داعياً الشركات إلى دعم جهود الدولة. وأوضح في هذا السياق أن طلب الدولة من رجال الأعمال التضامن والمساهمة، هو مجرد «طلب وليس تهديداً»، مبرزاً أن رجال الأعمال التونسيين «لم يرفضوا المساهمة في توفير موارد مالية للدولة، ولم يرفضوا قرارات الدولة؛ بل عبروا عن تخوفهم من تعطيل البيروقراطية لحملة المساهمات في توفير موارد لفائدة الدولة».

وكان عدد من السياسيين المنتمين إلى المعارضة قد انتقدوا تلويح الرئيس سعيد بمعركة قوية مع بعض من رجال الأعمال المحسوبين على نظام بن علي، بعد أن خيَّرهم بين دعم خزينة الدولة عن طيب خاطر، بهدف مقاومة وباء «كورونا»، أو اللجوء إلى استخدام سلاح القانون. وذكَّر في هذا السياق بقائمة رجال الأعمال المتورطين في قضايا فساد مالي مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وقد قدرت مصادر حكومية المبالغ التي تصرَّف فيها نحو 400 رجل أعمال تونسي، دون سند قانوني، بأكثر من 10 مليارات دينار (نحو 3.6 مليار دولار).

في السياق ذاته، نفى الشواشي ما اعتبره «إشاعات مغرضة حول مصادرة أموال رجال أعمال تونسيين»، قائلاً إن ما يتم ترويجه لا يعدو أن يكون «مجرد معركة وهمية مفتعلة تضرُّ بالمصلحة الوطنية في هذا الظرف الدقيق» على حد قوله.

مورو: مؤسسات الدولة التونسية تعاني من غياب الانسجام

تونس: كمال بن يونس
أعرب عبد الفتاح مورو، رئيس برلمان تونس سابقاً، عن تخوفه مما اعتبره «غياب الانسجام والتوافق داخل مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والحكومة والبرلمان»، وهو ما يؤكد، بنظره، ما يروّج له عدد من المواطنين وبعض السياسيين عن وجود «خلافات عميقة» بين الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) وأنصارهم.

واعترف مورو في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه الخلافات «ليست جديدة على المشهد السياسي والإعلامي التونسي»، حيث برزت في عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي (2015 - 2019)، لكنه سجل أن الأعوام الخمسة الماضية عرفت سلاسة في سير مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية لأسباب عديدة، أبرزها فوز حزبين كبيرين، هما «نداء تونس» و«حركة النهضة»، بأكثر من ثلثي مقاعد البرلمان السابق. غير أن نتائج انتخابات الخريف الماضي أفرزت «فسيفساء حزبية وسياسية متشرذمة، حيث أوصلت إلى الحكم شخصيات ومجموعات سياسية، لديها كتل برلمانية صغيرة، لا يمكن أن تضمن السير العادي لعمل البرلمان والحكومة وبقية مؤسسات الدولة»، بحسب تعبيره. ومع ذلك توقع مورو أن «يتغير المشهد السياسي الحالي المتأزم» في أقرب وقت، وبمجرد انتهاء الصراع مع وباء «كورونا» المستجد.

في سياق ذلك، أوضح رئيس البرلمان السابق والمرشح البارز لرئاسيات سبتمبر (أيلول) الماضي أن تونس وأغلب الدول العربية والنامية «باتت مهددة بخطر داهم على عدة مستويات»، وتوجه بنداء إلى قادة الدول المغاربية للتشاور، واتخاذ قرارات جريئة وفورية لتجنيب الشعوب، ودول المنطقة مخاطر أمنية وسياسية واجتماعية اقتصادية كثيرة، بما «يحتم تفعيل آليات الاتحاد المغاربي فوراً».

وتوقع مورو أن يستفحل الفقر والبطالة في تونس والدول المغاربية، وأن يتراجع الرهان على الحريات والديمقراطية، وأن تبرز في المقابل «ديكتاتوريات جديدة» على أنقاض النخب السياسية الحالية، التي تعمقت ثقة الشباب والشعوب فيها، مبرزاً أن وباء «كورونا» كشف انعدام شعبية أغلب السياسيين، وهشاشة البنيات الأساسية والمنظومة الطبية والصحية العمومية في تونس، والدول المغاربية والعربية أيضاً.

كما توقّع مورو أن تشهد الأنظمة الديمقراطية والتعددية، وبينها النظام التونسي، انتكاسة بسبب اقتناع مزيد من المواطنين والسياسيين بأن المستفيدين من الشعارات السياسية الديمقراطية هم أساساً ممثلو أطراف شعبوية، ولوبيات تهريب وفساد مالي وسياسي، عجزت عن تحسين واقع الشعب، وضمان مشاركة الشباب في الشأن العام والانتخابات والحياة السياسية.

وفي هذا السياق، دعا مورو السياسيين في تونس والدول المغاربية إلى إعادة النظر في أولوياتهم المحلية والإقليمية والدولية، والرهان أكثر على الأمن الغذائي، والزراعة والاقتصاد التضامني، وتنويع شراكات البلاد للاستفادة من فرص انفتاح بعض البلدان الأوروبية، مثل ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والدول الصاعدة على دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، وبينها تونس والدول المغاربية.

من جهة ثانية، سجل مورو أن نحو ثلثي القضايا التي تنظر فيها المحاكم التونسية والعربية تتعلق بنزاعات عائلية، وقضايا طلاق ونفقة، وعنف لفظي ومادي بين الأقارب، وخلافات حول توزيع تركة الأب والأم، وهو ما يؤكد تعمق أزمة الثقة داخل الأسرة والمجتمعات العربية، وتراكم الأسباب التي تدفع إلى العنف والفوضى والتحركات الفوضوية، التي يستفيد منها المتمردون على مؤسسات الدولة، وعلى المنظومة الإعلامية والسياسية والاقتصادية الحالية.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
احتجاجات ليلية قرب العاصمة التونسية ضد انتهاكات الشرطة
البرلمان التونسي يسائل 6 وزراء من حكومة المشيشي
البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»
الولايات المتحدة تؤكد «دعمها القوي» لتونس وحزب معارض يدعو الحكومة إلى الاستقالة
«النهضة» تؤيد مبادرة «اتحاد الشغل» لحل الأزمة في تونس
مقالات ذات صلة
أحزاب تونسية تهدد بالنزول إلى الشارع لحل الخلافات السياسية
لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟ - حازم صاغية
محكمة المحاسبات التونسية والتمويل الأجنبي للأحزاب...
"الديموقراطية الناشئة" تحتاج نفساً جديداً... هل خرجت "ثورة" تونس عن أهدافها؟
حركة آكال... الحزب الأمازيغيّ الأوّل في تونس
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة