الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون الأول ٢٩, ٢٠١٩
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
تونس
الجملي يؤجل الإعلان عن تركيبة الحكومة التونسية الجديدة
تونس: المنجي السعيداني
أرجأ الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، الإعلان عن تركيبة حكومة الكفاءات التي قاد مشاوراتها منذ منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دون تقديم توضيحات كافية. لكنه نفى في المقابل وجود أي تعثر على مستوى تشكيل الحكومة، أو أن تكون له اتصالات جديدة مع بعض الأحزاب السياسية بعد الإعلان عن إنهاء المشاورات حول حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة. كما نفى جملة وتفصيلا أن يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد قد ضغط عليه للتشاور مجددا مع حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، اللذين انسحبا من الائتلاف الحاكم، الذي تتزعمه حركة النهضة (إسلامية).

وكان من المفترض أن يعلن الجملي عن تشكيلة حكومته مساء الجمعة، أو السبت (أمس) على أبعد تقدير، وأن يعرضها على أنظار البرلمان أمس، مثلما توقع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان. لكن كل هذه الحسابات سقطت دفعة واحدة، وهو ما جعل التساؤلات تكبر أكثر فأكثر، خاصة بعد أن أعلن الجملي قبل أيام أن حكومة الكفاءات باتت جاهزة تقريبا. وأمام هذا التأجيل غير المتوقع، عاد الشارع التونسي أمس ليتساءل عن أسباب تعطل المسار الحكومي، وإن كانت هناك بالفعل خلافات بين الجملي والغنوشي من ناحية، وبين الجملي ورئيس الجمهورية من ناحية أخرى؟ وكيف يمكن تجاوز هذه الخلافات التي تقف وراء استمرار الفراغ السياسي، الذي يعتبره مراقبون مؤثرا على المستويين الاجتماعي والاقتصادي بالخصوص.

وكان الجملي قد أدلى بتصريحات مفادها أنه يجب التأكد من جميع الشخصيات المرشحة لنيل مناصب وزارية، مشددا على أنه ليس من السهل التثبت في مدى مصداقية ونزاهة هؤلاء المرشحين، وعدم ارتباطهم بأحزاب سياسية، وهو أمر يتطلب، بحسبه، مزيدا من الوقت،

وخلف قرار الجملي تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن كلّ الأحزاب، وإعلان الغنوشي، رئيس حركة النهضة التي رشحته، إنهاء المفاوضات مع الأحزاب وعدم استعداده للتشاور من جديد، خاصة مع حزبي التيار وحركة الشعب، بوادر خلاف حاد بين رئيس الجمهورية والغنوشي، رئيس النهضة ورئيس البرلمان، ذلك أن الغنوشي اعترض على مواصلة المشاورات مع الأطراف السياسية الثلاثة التي أعلنت قبل أسبوع واحد انسحابها من المفاوضات، وترك حركة النهضة وحدها لتشكيل الحكومة التي يقودها الحبيب الجملي. أما قيس سعيد فقد ركز من جانبه خلال اجتماع جمعه مساء الاثنين الماضي بالغنوشي، ويوسف الشاهد عن حركة «تحيا تونس»، وزهير المغزاوي، ممثلا عن «حركة الشعب»، ومحمد عبو ممثلا عن حزب «التيار الديمقراطي»، على دعوة مختلف القوى السياسية إلى الاجتماع على كلمة سواء، للإسراع بتشكيل الحكومة، وشدد سعيد على ضرورة الاعتماد على مقاربة وطنية لمعالجة الوضع، الذي تعيشه تونس. وذكّر الأطراف المشاركة في الاجتماع بأن الأمل يظل قائما في القدرة على تجاوز هذا الظرف، الذي تعيشه البلاد. لكن الغنوشي أبدى اعتراضا على مقترح الرئيس، القاضي بإعادة إطلاق مسار التفاوض بين الأحزاب المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم بغية إنهاء الأزمة، قبل انتهاء الآجال الدستورية منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل.

وإثر تأجيل الإعلان عن تركيبة الحكومة، عادت النقاط الخلافية لتطفو على السطح؛ حيث نبهت أطراف سياسية أخرى إلى أن الرئيس سعيد قد يكون قد اقتنع بوجهة نظر حركة الشعب (قومي) بخصوص خيار «حكومة الرئيس»، وإمكانية اختياره للشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة، وفي هذا الصدد تردد اسم يوسف الشاهد، رئيس حكومة تصريف الأعمال لمواصلة ترؤسه للحكومة.

وكان نور الدين العرباوي، رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، قد انتقد بشدة خيار حكومة الكفاءات التي روج لها الجملي، وذلك بعد مرور أكثر من ستة أسابيع من المشاورات المضنية، وطالب باختيار وزراء في الحكومة من حركة النهضة. مبرزا أن نتائج الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أفرزت فوز حركة النهضة بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية (52 مقعدا من إجمالي217)، وهذه النتائج تفترض أن تكون الحكومة مكونة من كفاءات تونسية، ولكن كذلك من كفاءات حزبية على حد تعبيره.

وقال العرباوي في هذا السياق: «لسنا في حكومة أزمة حتى تتشكل فقط من المستقلين»، وطالب بضرورة وجود النهضة في الحكومة، مذكرا في هذا السياق بوجود عقد أخلاقي، وتكليف من قبل حزبه للحبيب الجملي، وأنه من الضروري الأخذ برأي قيادات النهضة في هذا الباب.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
احتجاجات ليلية قرب العاصمة التونسية ضد انتهاكات الشرطة
البرلمان التونسي يسائل 6 وزراء من حكومة المشيشي
البرلمان التونسي يسائل الحكومة وينتقد «ضعف أدائها»
الولايات المتحدة تؤكد «دعمها القوي» لتونس وحزب معارض يدعو الحكومة إلى الاستقالة
«النهضة» تؤيد مبادرة «اتحاد الشغل» لحل الأزمة في تونس
مقالات ذات صلة
أحزاب تونسية تهدد بالنزول إلى الشارع لحل الخلافات السياسية
لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟ - حازم صاغية
محكمة المحاسبات التونسية والتمويل الأجنبي للأحزاب...
"الديموقراطية الناشئة" تحتاج نفساً جديداً... هل خرجت "ثورة" تونس عن أهدافها؟
حركة آكال... الحزب الأمازيغيّ الأوّل في تونس
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة