الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون الأول ٢٣, ٢٠١٩
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
لبنان
الحراك اللبناني يرفض محاورة رئيس الوزراء المكلف
لبنانيون يوقفون دفع الديون للمصارف
بيروت: نذير رضا
أثار استقبال رئيس الوزراء اللبناني المكلف حسان دياب لشخصيات من الحراك، أمس، رفضاً واسعاً في أوساط المنتفضين الذين أكدوا أن تلك الشخصيات لا تمثل الحراك، كما أعلنوا رفضهم الحوار مع دياب الذي يفترض أن يبدأ تحركاته العملية اليوم لوضع هيكلية للحكومة وتأليفها، بعد إنجاز المشاورات البروتوكولية مع رؤساء الحكومة السابقين والكتل النيابية في البرلمان الأسبوع الماضي.

وبعد لقاء بين الرئيس المكلف و4 شخصيات حُسبت على الحراك، تجمع عدد من المحتجين أمام منزل دياب في تلة الخياط، احتجاجاً على «ادعاء البعض تمثيل الحراك» و«رفضاً لأي موعد للحوار» معه.

وأفيد بوقوع مشادة كلامية مع شابات من الحراك المدني أمام المنزل، وشدد أحد المشاركين في اللقاء على أنه أتى بصفته الشخصية، وأنه لا يمثل جميع المنتفضين في الساحات.

غير أن مصادر مطلعة على موقف الرئيس المكلف كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن عدد من التقاهم دياب أكثر من أربعة، إذ تواصلت اللقاءات حتى المساء، على أن تُستكمل مع شخصيات أخرى خلال الأيام المقبلة.

وأكدت أن «باب الرئيس مفتوح لأي شخصية فاعلة في الحراك للقائه» على ضوء أن المجموعات كثيرة، ويناهز عددها 108. وجرى الاتصال ببعض المجموعات التي تلتقي مع بعضها أو تتقاطع على بعض العناوين.

وقالت المصادر إن اللقاءات «لاستمزاج الآراء ومعرفة مطالب الحراك وهواجسه ورؤيته للخروج بالبلد من الأزمات»، وهي حوارات يُنظر إليها على أنها «ضرورية ويجب أن يستمع إليها الرئيس المكلف حول عناوين مهمة ورؤية واضحة عن وجع الناس ومطالبهم»، لافتة إلى أن الجلسات في جزء منها «كانت مفيدة»، وطالت مستويات مختلفة مرتبطة بالأزمة وحال البلاد، وهي «لقاءات مفيدة جداً، ومن شارك فيها هم أشخاص ضليعون ويمتلكون منهجية بالكلام». وأضافت أن «الأشخاص الذين التقاهم دياب قالوا إنهم ليسوا ممثلين عن كل الحراك، بل يمثلون مجموعات أو يمثلون أنفسهم».

ونفت المصادر أن يكون هناك أي طرح جرى لتوزير بعض الأشخاص، لافتة إلى أنه حتى الساعة «لم يبدأ الرئيس المكلف بعد بوضع أي اسم»، مشددة على أن التوجه هو لتشكيل حكومة من الاختصاصيين، يستبعد أن يكون فيها تمثيل سياسي.

وبموازاة المعلومات عن انقسام الشخصيات الفاعلة في أوساط المنتفضين إزاء الحوار مع دياب أو لقائه أو منحه فرصة لتشكيل الحكومة والبناء على نتيجتها، عمّ رفض اللقاء مع الرئيس المكلف ساحات الحراك في المناطق، إذ صدر عن «هيئة تنظيم جل الديب» البيان رقم 10 الذي أكدت فيه أن «لا قائد، لا ممثل ولا متكلم باسم الثوار، خصوصاً في جل الديب، ولا مفاوضات في ظل تحديدنا من اليوم الأول مطالبنا بشكل واضح وصريح».

ورأت الهيئة أن «طريقة تكليف الدكتور حسان دياب وتسميته من قبل أحزاب السلطة التي لطالما حاولت وتحاول قمع الثورة، تثير الريبة، إضافة إلى كونه وزيراً (سابقاً) ومن المنظومة الحاكمة التي نطالب برحيلها اليوم ثم مساءلتها تحت شعار (كلن يعني كلن)، واستبعادها حتى يعود الشعب ويقرر من يختار ليمثله عبر إجراء الانتخابات المبكرة».

وأصدر الحراك في صيدا بياناً قال فيه: «لم يمضِ على التكليف الجديد بضعة أيام حتى بدأت هذه السلطة بممارسات مكشوفة لا تختلف عن سابقاتها، إذ قامت بالاتصال بعدد من (الناشطين) في آخر الليل لدعوتهم إلى لقاء الرئيس المكلّف بحجة معرفة مطالب الساحات واطلاعهم على خطة عمله... ولن نشارك في حفلة العلاقات العامة هذه، ولن نسهم في تلميع صورة الرئيس المكلف».

وأضاف البيان: «مع علمنا أن الهدف المباشر من اللقاءات هو خرق صفوف الحراكات ومحاولة تطويعها، فإننا نؤكد أن معظم الذين تمت دعوتهم أعربوا عن رفضهم اللقاء والتفاوض احتراماً وانسجاماً مع رغبة الشارع، ومن ينجر إليها لا يمثل إلا نفسه».

وشدد على أن «من يبحث عن شرعية الشارع، لن يحصل عليها إلا عندما ينفذ مطالب الشارع، ومن أراد التفاوض فلينزل إلى الساحات ليسمع صوتنا وليعلم أننا باقون وثورتنا مستمرة، حاضرة تراقب وستحاسب».

وفي ساحات وسط بيروت، تجددت الاعتصامات ووصلت حشود كبيرة إلى ساحة رياض الصلح، من ضمنها محتجون وصلوا من طرابلس على متن حافلات، كما سُجل إشكال بالعصي بين متظاهرين في ساحة الشهداء وتدخلت قوات مكافحة الشغب لفضّه، بحسب ما أفادت تقارير محلية.

واحتج متظاهرون كانوا يتوجهون من طرابلس في شمال لبنان إلى بيروت للمشاركة في الاعتصام الذي أقيم في وسط بيروت، أمس، على إجراءات للجيش اتخذتها عناصره في منطقة المدفون في الشمال، ما تسبب بزحمة سير خانقة.

وبعد اتهامات للجيش بمنع الحافلات التي تنقل المحتجين إلى بيروت من العبور، عبرت الحافلات، فيما نُقل عن مصادر عسكرية نفيها أن يكون الجيش قد أقفل الطريق أو منع أي أحد من العبور، «بل قام بعمليّة تفتيش ثمّ سمح لهم بالمرور انطلاقاً من حرصه الدائم على حريّة التعبير عن الرأي بسلميّة».

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن موقع حاجز الجيش عند جسر المدفون «شهد زحمة سير خانقة، نتيجة عمليات تفتيش وتدابير أمنية مشددة اتخذها الجيش، ما تسبب بامتداد أرتال السيارات لمسافات بعيدة أثناء عبور مواكب باصات تنقل المتظاهرات من الشمال إلى بيروت». ولفتت إلى أن المتظاهرين «رفعوا صرخة احتجاج مطالبين بتسهيل مرورهم وحصل تلاسن بينهم وبين عناصر الجيش، وما لبث أن فض الإشكال وتم تسريع حركة السير». ولاحقاً، عبرت الحافلات الآتية من طرابلس جسر المدفون بعد توقفها.

وعلق رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل عبر «تويتر» قائلاً: «بعد جدران الفصل في بيروت، حاجز المنع في المدفون. وين بعدكن عايشين (أين ما زلتم تعيشون)؟ اتركوا الحرية للناس بالتعبير».

وكانت مجموعات عدة في الحراك الشعبي وجهت دعوات للتظاهر أمس، من أجل المطالبة بحكومة إصلاح سياسي واقتصادي.

وذكرت مجموعة «لحقي» أنها تطالب بالتظاهر من أجل «حكومة يرأسها ويشكلها شخص قادر(ة) على مواجهة المنظومة الحاكمة ولا يخضع لإملاءاتها، ليقدر على مواجهة وإدارة الأزمة الاقتصادية الأكبر منذ 30 عاماً».

سياسياً، رأى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن «الامتحان الأول للرئيس المكلف هو النجاح في جمع فريق من الأشخاص يكون منسجماً ومتعاوناً بين أعضائه المستقلين عن تدخلات الأحزاب السياسية ونفوذها، وعندئذ تستطيع تلك المجموعة المتضامنة فعلياً أن تعالج المشكلات السياسية والاقتصادية والمالية والإدارية التي كانت بالفعل نتيجة التقاعس على مدى أكثر من 20 عاماً، لجهة عدم القيام بالإصلاحات ومعالجة الخلل نتيجة عدم احترام الدستور واتفاق الطائف». وقال في حديث لقناة «دي إم سي» المصرية إن «الملابسات سيتبينها اللبنانيون بعد الاستشارات وما ستنجم عنه عملية التأليف. كُلف الدكتور حسان دياب بمهمة تأليف الحكومة، وهذه المسؤولية كبرى وتتطلب برأيي أشخاصاً ممن كانت لهم خبرة عملية في الحكم وأداء متميزاً وخبرات متعددة، يتمكنون استناداً إلى ذلك، من أن يقوموا بهذا العمل بشكل فعال».

وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائب فادي علامة، أن ترشيح دياب لرئاسة الحكومة «كان ضمن الخطة (باء) بعدما فشلت كل المساعي لعودة الرئيس سعد الحريري»، مشيراً إلى أن «معظم مجموعات الثورة قررت إعطاء فرصة للرئيس المكلف كي يشكل حكومته وفق ما يرتضيه الشارع».

وفي حديث إذاعي، دعا علامة دياب إلى «تأليف حكومة طوارئ إنقاذية جامعة تأخذ بعين الاعتبار حجم الكتل النيابية المنتخبة والشارع المنتفض منذ أكثر من شهرين»، معتبراً أن «الحكومة الجديدة التي يجب أن تشمل الجميع يجب أن تتألف من اختصاصيين حتى لو كانت لديهم توجهات سياسية».

لبنانيون يوقفون دفع الديون للمصارف
بسبب الضائقة المعيشية واعتراضاً على «حجز أموالهم» في البنوك

بيروت: حنان حمدان
يمتنع موسى منذ شهرين عن سداد أقساط قرضه لأحد المصارف اللبنانية، مبرراً هذا الأمر بأنه رد فعل على إجراءات المصارف التي منعت الناس من سحب أموالها بالدولار ووضعت سقوفاً على السحوبات الأسبوعية حتى بالليرة اللبنانية منها، وصلت في أحد المصارف إلى 200 دولار فقط في الأسبوع.

ويقول موسى لـ«الشرق الأوسط» إن «الدفعات المستحقة لتسديد القرض، بالدولار، وفي حال أردت دفعها، فإنني سأضطر للجوء إلى الصرافين الذين سيبيعونني الدولار بسعر مرتفع (2000 ليرة مقابل الدولار الواحد كأقل تقدير)، وبالتالي سأتكبد خسائر إضافية أنا بغنى عنها راهناً، في ظل الأزمات المالية التي عصفت بنا».

وكما موسى، فعل حسين الذي يؤكد أن هناك أشخاصاً كثيرين من عائلته وأصدقائه يمتنعون عن سداد قروضهم منذ بدأت قيود المصارف. ويقول: «لدي قرض شخصي كان يفترض أن أنتهي من سداده بعد عام، لكنني توقفت عن الدفع منذ أن بدأت قيود المصارف. فمن غير المنطقي أن المصارف التي جعلتنا في الأيام الماضية نشحذ أموالنا وتمتنع عن تسليمنا وديعتنا، هي نفسها تطالبنا بسداد دفعات مستحقة لها».

ويضيف حسين: «سنعاود دفع الأموال المستحقة علينا، بمجرد إفراج المصارف عن أموال الناس، وعندما تعيد المصارف جدولة الدفعات المكسورة علينا شرط إعفاء المقترضين من غرامات التأخير».

هذا الأمر دفع بكثيرين من اللبنانيين إلى التخوف من تبعات هذا التمنع، إذ إن جزءاً كبيراً منهم لا يزال يدفع للمصارف مستحقاتها الشهرية. لكن هذا الخيار في الدفع أو عدمه لم يعد متوافراً لدى آلاف اللبنانيين الذين فقدوا أعمالهم ووظائفهم ولم يعد بمقدورهم تلبية حاجات عائلاتهم الأساسية، وبالتالي لم يعد بمقدورهم سداد قروضهم، مثلما حصل مع فئة كبيرة من الأفراد الذين يتقاضون نصف راتب، وهو مبلغ لم يعد يكفي تكاليف حياتهم في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار الجنوني.

ويقول مازن لـ«الشرق الأوسط»: «منذ توقفت عن العمل لم يعد بمقدوري سداد القرض للمصرف. أبحث راهناً عن فرصة عمل جديدة، وفي حال وجدت سأعاود دفع أموال المصرف». وأضاف: «لا أعتقد أنهم سيلحقون بي ضرراً، طالما أن هناك كثيرين مثلي».

من هنا ينطلق تحالف من مجموعات مختلفة، بينها «تحالف وطني» و«المرصد الشعبي»، في تحرك سيجري أمام جمعية المصارف في وسط بيروت يوم الخميس المقبل، لإطلاق حملة عصيان مدني على دفع القروض المصرفية، رداً على قيود المصارف وبهدف التضامن مع أشخاص غير قادرين على سداد قروضهم، وحمايتهم بوجه أي إجراءات تعسفية، في حال أصبح عدم سداد القروض حالة عامة، إلى أن تعود الأمور إلى طبيعتها وتجري المصارف تسوية عامة وتعيد جدولة القروض من دون أي فوائد أو غرامات إضافية، وفق ما يقوله المحامي علي عباس لـ«الشرق الأوسط».

من جهة أخرى، ينفي عباس وجود أي تبعات قانونية على المقترضين لهذا الامتناع. وينطلق في تعليله هذا الأمر من أن الامتناع أتى كردة فعل على إجراءات غير قانونية تقوم بها المصارف، من دون أن تستند إلى أي نص قانوني صريح، لا سيما أن قانون النقد والتسليف لم يأتِ على ذكر أي نص بهذا الصدد، ما يوجب تشريع ذلك عبر قانون يصدر من مجلس النواب يجيز تقييد حسابات الزبائن، وهذا الأمر لم يحصل.

ويضيف عباس أن «الأكثر من ذلك، أن المصارف استندت إلى تعاميم جمعية المصارف، وهي جمعية خاصة لا ترعى علاقة المواطن مع المصارف وإنما علاقة المصارف فيما بينها وعلاقتها مع الدولة. وفي الواقع أن هذه الصلاحية تعود إلى لجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان. وبالتالي في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ووسط إجراءات المصارف غير القانونية ليس بمقدور المصارف تنفيذ القرض واعتبار كل السندات مستحقة».

ويميز الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة بين فئتين من الناس، فئة الناس غير القادرة على سداد قروضها، ومصرف لبنان تمنى على جمعية المصارف إعادة جدولة ديونهم مع الأخذ في الاعتبار الظروف التي يمرون بها. وهناك الفئة الثانية التي يزداد عددها تدريجياً كعصيان مدني، ما يعني أن الناس ترفض دفع القروض حتى لو لديها القدرة على ذلك.

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «لمثل هذه الممارسات، أي حصراً ممارسات الفئة الثانية، تبعات اقتصادية سيئة جداً على لبنان. فعلى صعيد المصارف، ستتراجع حتماً إيرادات المصارف وبالتالي تتراجع أصولها. وفي حال تفشي هذا النوع من العصيان المدني الذي يشبه كرة الثلج، وطال مجالات أخرى فإنه سيعم الخراب في البلد».

وأضاف أن «المشكلة الأساسية تكمن في أن الناس الممتنعة عن دفع قروضها، تعمل على تخزينها في منازلها، وهذه الأموال أصبحت خارج الدائرة الاقتصادية نتيجة هذه الممارسات، وبالتالي حتماً سيكون لهذا الأمر مفعول سلبي على الاقتصاد ككل. وفي حال كبر حجم هذه الفئة فإننا ذاهبون إلى أزمة كبيرة جداً، لكن باعتقادي أن هذه الظاهرة لا تزال ضئيلة حتى الآن».

يُذكر أن ناشطين أطلقوا أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي وسم (هاشتاغ) «مش دافعين» لدعوة اللبنانيين إلى عدم دفع الضرائب والفواتير، كشكل من أشكال التصعيد للضغط على السلطات لتحقيق مطالب المتظاهرين الذين خرجوا منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى الشوارع بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة