يدير المحرّك (أو الميسّر) لقاءات التداول ويقوم بالتحضير لها إنطلاقاً من إلمامه بمضمون الكتيّب الذي يعرض الموضوع المطروح والخيارات القائمة للتعامل معه، وانطلاقاً أيضاً من معرفته بفلسفة اللقاء التداولي وبمنهجيته.
ويمكن للمحرّك أن يستعين بمساعد له يدوّن الافكار المطروحة خلال اللقاء ويضبط الوقت ويوزّع الاستمارات التي تبيّن اتجاهات الحاضرين وخياراتهم قبل بدء اللقاء وإثر انتهائه لإجراء تقييم لاحق لما تبدّل أو ترسّخ في أذهانهم من أمور.
ويعتبر كثر أن تسجيل الأفكار خلال لقاءات التداول يُشعر المشاركين بأهمّية ما يقولون وبأخذه على محمل الجد والاهتمام من قبل المنظّمين.
ثمة مراحل خمس يمرّ خلالها العمل الذي يديره المحرّك.
1- المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل اللقاء
وهي تتطلّب:
- معرفة خلفية الحضور ومستوى المشاركين الثقافي فيه (ولو تقريبياً).
- معرفة عدد المشاركين وتوزيعهم التقريبي جنسياً وفئات عمرية.
- تصوّر الشكل التنظيمي للقاء (مدّته، طبيعة المكان وشكل الجلسة، والتعاون خلاله مع المساعد أو العمل وحيداً).
2- المرحلة الثانية: افتتاح اللقاء
وهي تتطوّر على النحو التالي:
- تعارف بين الحضور وتعريف بالبرنامج وبمنهجيته وبفكرة التداول بوصفها إفساحاً في المجال للجميع بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم والإصغاء لآراء ومواقف غيرهم بعيداً عن فكرة التناظر أو عن مبدأ المبارزة لتسجيل النقاط على \'الطرف الآخر\'.
- توزيع إستمارة الأسئلة التي تتلمّس آراء المشاركين واتجاهات خياراتهم قبل التداول.
- توزيع الكتيب وترك مجال زمني لاطّلاع المشاركين عليه، مع القول لهم إن الهدف ليس الاقتناع بمضمونه أو الانحياز فقط الى أحد الخيارات التي يطرحها، بل الاطّلاع على مختلف الاتجاهات والنقاط الواردة فيه واستيعاب معنى تناقض المصالح القائم في المجتمع.
3- المرحلة الثالثة: بدء التداول
وهي تتمّ على أساس:
- تقديم الموضوع وطرح عدد من الأسئلة حول التجارب الشخصية للمشاركين المرتبطة به وبإشكالياته.
- استكمال طرح الافكار والمعطيات الموجودة في مقدمة الكتيب التي لم تغطّها تجارب المشاركين المعروضة.
- بعد استكمال الأمثلة والتجارب، التمهيد للخيارات المطروحة بما تمثّله من اتجاهات ثمة تناقض أو اختلاف في ما بينها (قد يكون اختلافاً على الأولويات)، والانتقال الى أول خيار.
4- المرحلة الرابعة: شرح الخيارات
ينبغي شرح كل خيار بإسهاب، على أساس:
- الانتقال من الواحد الى الآخر بعد تشجيع الجميع على إبداء قناعاتهم أو تساؤلاتهم تجاه كل خيار، والسعي لإظهار الحاجة للمزيد من البحث في الموضوع، ولضرورة تفهّم المصالح والقيم المختلفة التي تتطلب اعتماد رؤى متعددة.
- إحترام تساوي الوقت المعتمد لكل خيار.
- إظهار الحياد تجاه الخيارات الثلاثة (أو الأربعة) عبر إعطاء نفس الوقت للسلبيات والإيجابيات بعد كل خيار وطرح أسئلة حول هواجس من هم غير ممثّلين في الجلسة من فئات المجتمع.
5- المرحلة الخامسة والاخيرة: الخلاصة
يختتم اللقاء بعد:
- عرض مضمون خلاصة الكتيب وربطها بمعنى \'الفعل الاختياري\' في السياسة وصعوبة هذا الفعل وما تتطلبه من مقايضات و\'كلف\' وقبول بعدد من التسويات.
- تشجيع المشاركين على استخلاص العبر من التمرين التداولي الذي خاضوه في اللقاء.
- توزيع نفس الاستمارة التي وزّعت في بداية اللقاء مع أسئلة حول ما الذي تغيّر بعد اللقاء والتداول والإطّلاع على آراء المواطنين المختلفة والمتضاربة.
بعض الملاحظات من خلال تجارب سابقة
- أهمية الإكثار من طرح الأسئلة على الحاضرين لتفعيل مشاركتهم وتشجيعهم على عرض تجاربهم الشخصية.
- توجيه الأنظار الى الجميع خلال عرض القضية لإشعارهم بأهمية حضورهم.
- عدم التحوّل الى محور للجلسة من خلال تشجيع المشاركين على التوجه الى بعضهم وليس الى المحرك.
- عدم إحراج أحد من الذين يبدون منطوين أو مستمعين أكثر منهم متحدّثين.
- عدم تمكين أحد من السيطرة على الجلسة واستقطاب الحديث.
- التذكير الدائم بأن المحرّك ليس بالضرورة خبيراً في الموضوع المطروح، بل هو مجرّد مطّلع عليه، ويريد لعب دور يفعّل التداول في الموضوع لتحفيز جميع المعنيّين على المشاركة المواطنية الفاعلة في بناء الخيارات وبلورة المواقف الخاصة بهم بعد معرفة مواقف الآخرين.
- التأكيد على أن الاستمارات المملوؤة قبل الاجتماع التداولي وبعده مأخوذة على محمل الجدّ من المنظّمين، لأنها ستساعدهم على فهم نظرة \'الرأي العام\' الى القضية المطروحة. |