الأربعاء ٢٧ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: آب ١١, ٢٠١٩
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
العراق
الحكومة العراقية تواجه انتقادات مرجعية النجف والكتل السياسية
تحالف «سائرون» لا يستبعد استجواب رئيسها تمهيداً لسحب الثقة منها
بغداد: فاضل النشمي
واجهت حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في اليومين الأخيرين، موجة انتقادات غير مسبوقة من قبل مرجعية النجف الدينية والكتل السياسية الحليفة لها في البرلمان العراقي، على خلفية إخفاقها في الإيفاء ببرنامجها الانتخابي وإقدامها على تعيين 7 مفتشين عمومين جدد.

وكان عبد المهدي الذي لم يترشح في الانتخابات العامة الماضية حاز على ثقة البرلمان رئيساً للوزراء في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018 بعد التوافق عليه بين الكتل والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان.

وفيما يرى مراقبون أن الخطبة التي ألقاها ممثل المرجعية الدينية في النجف أحمد الصافي، أول من أمس، تمثل نقطة تحول جديدة بينها وبين حكومة عبد المهدي، يعتقد آخرون أن «نقمة القوى السياسية على عبد المهدي تأتي في سياق الابتزاز والضغط للحصول على المناصب». لكن مصادر برلمانية ترجّح انتهاء «شهر العسل» بين عبد المهدي والقوى السياسية ولا تستبعد إمكانية سحب الثقة عن حكومته في حال أصرّ على التقاطع مع التوجهات النيابية.

وأحدثت خطبة ممثل المرجعية الدينية، أول من أمس، جدلاً عراقياً واسعاً، سواء على مستوى المواطنين العاديين أو الكتل السياسية، واعتبر بمثابة «فرصة أخيرة» أو تحذير شديد لحكومة عبد المهدي. وتساءل ممثل المرجعية بمرارة قائلاً: «أين ذهبت أموال البلاد بأرقامها المرعبة، ولماذا ما زالت معاناة الشعب العراقي مستمرة، في كل يوم نسمع عن الفساد، وعن أرقامه الكبيرة والمهولة، لماذا ما زال الفساد موجوداً في مؤسسات الدولة؟ أين المسؤولون؟ أين المتصدون؟ أين أموال البلد؟ أين تذهب؟». وأضاف الصافي أن «شباباً عراقيين يمتلكون طاقات كبيرة، ولا يمتلكون أكثر من 5 آلاف دينار في جيوبهم، وأن هنالك من يتخرج ولا يجد فرصة عمل بعد أن قضى من عمره في الدراسة أكثر من 16 عاماً».

بدوره، يرى عضو مجلس النواب عن تحالف «سائرون» أمجد هاشم العقابي أن «رئيس الوزراء كشر عن أنيابه مؤخراً وقام بخرق القانون مرتين، الأولى من خلال التعديل على مشروع الموازنة لإضافة درجات خاصة، والثانية مداورته للمفتشين العمومين وتعيين جدد لأول مرة على هيئات ومؤسسات حكومية رغم إرادة البرلمان». ويرى العقابي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تصرفات عادل عبد المهدي تدل على استخفافه بمجلس النواب، وذلك ناجم عن غيرته الشديدة من البرلمان، لأنه غالباً ما يسبقه بعدة خطوات».

وحول إمكانية قيام المجلس باستجواب عبد المهدي تمهيداً لطرح الثقة في حكومته، ذكر العقابي أن «الفصل التشريعي الجديد سيشهد عمليات استجواب لخمسة وزراء، وهناك نية برلمانية لاستجوابه شخصياً، تمهيداً لسحب الثقة عن حكومته، في حال ظل متمسكاً بخياراته الحالية».

من جانبه، يستبعد القيادي في تيار «الحكمة الوطني» المعارض محمد حسام الحسيني إمكانية الإطاحة بحكومة عبد المهدي في المرحلة الحالية، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الإطاحة بالحكومة سيعقد الأمور ومن الصعب الاتفاق على رئيس وزراء جديد كما حدث في المرات السابقة، ثم إن بعض الأطراف في جبهة الموالاة لا تريد ذلك، لأنها تعتقد أن الامتيازات التي حصلت وتحصل عليها في ظل هذه الحكومة، لن تحصل عليها في أي حكومة بديلة». وعن موقف مرجعية النجف الأخير، يرى الحسيني أن «موقفها واضح جداً، هي غير راضية عن الأداء الحكومي منذ سنوات، لكنها لا تتدخل عادة في التفاصيل السياسية، إنما فقط في الأمور العامة التي تتعلق بأمن البلاد والانتكاسات الكبيرة التي قد تتعرض لها الدولة». ويعتقد الحسيني أن «الفشل في أداء حكومة عبد المهدي، يرتبط أساساً بالمعادلة السياسية التي أنتجت حكومته ولا يتحمله رئيس الوزراء بشكل شخصي».

من ناحيته، يعتقد رئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري أن «حديث ممثل مرجعية النجف يمثل نقطة تحول جوهرية في المشهد السياسي، وحديثه عن العجز في إيجاد الحلول ربما ينقل الخيار إلى الشعب». ويضيف الشمري في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الأسئلة التي طرحتها المرجعية، إنما هي دعوة ضمنية للمساءلة الشعبية في ظل عجز الدولة ومؤسساتها وبرنامج الحكومة في إيجاد الحلول للمشكلات القائمة». ويؤكد أن «خطاب المرجعية كان ذا وقع كبير على الجماعة السياسية، لذلك نرى أن الجميع يسعى إلى التملص من المسؤولية ويضعها في عنق رئيس الوزراء». وأشار الشمري إلى أن «طبيعة الانتقادات الواسعة على ملف المفتشين العموميين، تمثل بما لا يقبل الشك بداية الخريف السياسي بين البرلمان والحكومة، وربما يكشف عن سيناريوهات مقبلة تبدأ باستجواب الوزراء، وتنتهي بسحب الثقة عن الحكومة وإسقاطها».

خلاف حاد بين الحكومة العراقية والبرلمان حول المفتشين العموميين
مجلس النواب يريد إلغاء هذه المناصب ويؤكد مسؤوليته عن مراقبة السلطة التنفيذية

السبت 10 أغسطس 2019
بغداد: حمزة مصطفى

تسبب قرار للحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر (2003 - 2004) بخصوص مكاتب المفتشين العموميين بخلاف حاد بين الحكومة والبرلمان، إثر قرار اتخذه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإعادة تدوير مفتشين سابقين بين الوزارات، وتعيين مفتشين جدد لوزارات وهيئات مستقلة.

واستند عبد المهدي إلى قرار لا يزال ساري المفعول لرئيس سلطة الائتلاف المؤقتة الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، بوصفه تشريعاً لا تزال له قوة القانون. ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الأول رفضا قرار عبد المهدي، انطلاقاً من قرار للبرلمان ألغى من حيث المبدأ مكاتب المفتشين العموميين، لكنه لم يتحول إلى قانون كونه لا يزال ينتظر التصويت عليه من قبل البرلمان.

وفي بيان له، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قال رئيس البرلمان إن مجلس النواب صوَّت في شهر مارس (آذار) الماضي على صيغة قرار من حيث المبدأ لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين، مؤكداً التزام المجلس بما تم التصويت عليه. وأضاف الحلبوسي أن «مكاتب المفتشين العموميين ما زالت تعمل بأمر سلطة الائتلاف المنحلة الصادر من الحاكم المدني بول بريمر رقم (57) لسنة 2004»، مشيراً إلى أن «هذه المكاتب لم تتمكن في السنوات السابقة من إيقاف هدر المال العام، ولا بدَّ من تفعيل دور هيئة النزاهة والرقابة المالية».

وتابع الحلبوسي أن «من اختصاصات مجلس النواب، وفقاً للمادة 61 من الدستور، الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، ولا يجوز أن يستمر عمل مكاتب المفتشين العموميين بالشكل الذي يتيح للحكومة مراقبة نفسها من خلال عمل تلك المكاتب، وهذا ما يتعارض مع مهام السلطة التشريعية»، ودعا «الحكومة إلى الالتزام بقرارات مجلس النواب».

كان رئيس الوزراء قد أصدر، الخميس الماضي، أمراً ديوانياً باستحداث مكاتب للمفتشين العموميين في 7 هيئات وجهات حكومية. وفي هذا السياق، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» إن «مكاتب المفتشين العموميين جاءت نتيجة أمر بريمر رقم 57 منذ عام 2004، وهذه المكاتب لا تزال تتصدر المشهد منذ ذلك اليوم حتى اليوم»، مبيناً أن «العراق، وبسبب مكاتب المفتشين العموميين، يتصدر بلدان العالم في عدم محاربة الفساد، وليس العكس».

وأضاف العبادي أن «أمر رئيس الوزراء باستحداث مكاتب مفتشين جدد قد زاد الطين بلة، في وقت يعمل فيه البرلمان على تشريع قانون بإلغائها، علماً بأنه أصدر قرارا بإلغائها من حيث المبدأ»، وبيّن أن «وضع البلد ومستويات الفساد تتطلب في الواقع إلغاء مكاتب المفتشين العموميين، وليس العكس، على أن يحصر أمر محاربة الفساد في هيئة النزاهة حصراً والرقابة المالية».

من جهته، هاجم السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر تجربة المفتشين العموميين في العراق، قائلاً إن «الفاسدين أعاقوا حتى الإجراء الصحيح، ليثبتوا جدارتهم في مهمتهم». وتساءل الشابندر: «ماذا يعني العودة لذات التجربة، وإن فشلت لسنين عجاف خلت؟»، مضيفاً: «منذ اختراع بريمر لنظرية المفتش العام لمراقبة الأداء الإداري والمالي في الدولة، الفساد لم ينته».

أما رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي هيثم الجبوري، فقد أكد، في بيان، أمس، أن اللجنة «تبدي استغرابها الكبير من تعمد الحكومة العراقية خرق استقلالية البنك المركزي، والإصرار على التدخل في سياسته وإدارته، مخالفة بذلك نص المادة 2 من قانون البنك المركزي الذي نص على عدم السماح بتدخل أي شخص أو الحكومة بعمل البنك أو سياسته النقدية، وأخضعه لرقابة مجلس النواب فقط».

وأضاف الجبوري: «إننا نذكر لحكومة بأن هذا المنصب كان موجوداً سابقاً في البنك المركزي، وتم إلغاؤه سنة 2008 لتعارضه مع قانون البنك النافذ». ودعا الجبوري إلى «الإيقاف الفوري لهذه الخطوة»، محذراً من تداعياتها الخارجية، وانعكاساتها السلبية على الاتفاقيات والتقييمات الدولية.

وأظهرت وثيقة صادرة عن رئاسة الحكومة، مؤخراً، أمراً ديوانياً يقضي باستحداث مكاتب مفتشين عموميين في البنك المركزي العراقي وهيئة الاستثمار ومفوضية الانتخابات ومفوضية حقوق الإنسان والمصرف العراقي للتجارة وهيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني.
 


 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
الرئيس العراقي: الانتخابات النزيهة كفيلة بإنهاء النزيف
الرئيس العراقي: الانتخابات المقبلة مفصلية
«اجتثاث البعث» يطل برأسه قبل الانتخابات العراقية
الكاظمي يحذّر وزراءه من استغلال مناصبهم لأغراض انتخابية
الموازنة العراقية تدخل دائرة الجدل بعد شهر من إقرارها
مقالات ذات صلة
عن العراق المعذّب الذي زاره البابا - حازم صاغية
قادة العراق يتطلّعون إلى {عقد سياسي جديد}
المغامرة الشجاعة لمصطفى الكاظمي - حازم صاغية
هل أميركا صديقة الكاظمي؟ - روبرت فورد
العراق: تسوية على نار الوباء - سام منسى
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة