السبت ٢٣ - ١١ - ٢٠٢٤
بيانات
التاريخ:
آب ١١, ٢٠١٩
المصدر :
جريدة الشرق الأوسط
الساعات الأخيرة... مخاطر الانتقال الصعب في السودان
البرهان رئيساً لمجلس السيادة وحميدتي نائباً له
الخرطوم: عثمان ميرغني الحسين
نحو ثمانية أيام فقط، هو رصيد ما تبقى من عمر المجلس العسكري الانتقالي في السودان، ليحل محله «مجلس السيادة» الذي يتقاسم مقاعده الـ11 خمسة مدنيون ومثلهم عسكريون، ويختار الطرفان العضو الحادي عشر، على أن يكون مدنياً.
وحسب الجدول الزمني المتفق عليه بين «قوى إعلان الحرية والتغيير» والمجلس العسكري، يحتفل السودان بتوقيع الإعلان الدستوري مباشرةً بعد العيد يوم السبت 17 أغسطس (آب) 2019. وفي اليوم التالي يصدر قرار حل المجلس العسكري الانتقالي وتنصيب مجلس السيادة ليباشر أعماله بعد أداء القسم في اليوم التالي. وتستمر المصفوفة في تكوين هياكل السلطة الانتقالية، فيعلَن اسم رئيس الوزراء، الذي تختاره قوى الحرية والتغيير ويعتمده مجلس السيادة، يوم 20 الشهر ذاته، ويمهل أسبوعاً لإعلان تشكيلة الوزراء.
ورغم أن الشعب السوداني تدفق إلى الشوارع فرحاً بهذا الاتفاق الممهد لتسلم الحكم مدنياً، فإن الألغام المدفونة على جانبي الطريق تبدو واضحة من خلال النظرة البصيرة إلى ما يجري في المشهد الراهن. المخاطر على جانبي الطريق؛ جانب العسكريين، وجانب المدنيين. في الجانب المدني، حتى هذه اللحظة التي تعكف فيها لجنة خاصة من قوى الحرية والتغيير على اختيار «الكفاءات» المستقلة المطلوبة لشغل الوظائف الدستورية، لا يبدو في قائمة الانتظار سوى اسم واحد لرئاسة الوزراء، هو الدكتور عبد الله حمدوك الخبير الاقتصادي الذي ترأس اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة.
وظهرت لفترة وجيزة ترشحات خجولة لآخرين سرعان ما توارت خلف الستار مع اقتراب ميقات حسم الترشيحات. الفشل في إبراز أسماء تتنافس على منصة الترشيح لرئاسة الوزراء يلقي بظلال ثقيلة حول الآلية التي تنقب عن الكوادر المؤهلة لتضعها أمام الرأي العام. ويزيد من بروز هذه الحجة أن حمدوك نفسه لم يظهر في المشهد السياسي السوداني إلا بعد إعلان –وليس ترشيح- اسمه رسمياً وزيراً للمالية في النظام السابق في عهد رئيس الوزراء معتز موسى، فهو بالضرورة «هبة» النظام السابق للملعب السياسي.
وعلى الرغم مما يشبه انفراد حمدوك في قائمة الترشيحات لرئاسة الوزراء فإن لاعبين أساسيين في «قوى الحرية والتغيير» يجهرون باعتراضهم، بالتحديد كتلة «نداء السودان» التي تضم أحزاباً مهمة مثل حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي. ويبنون حيثيات الاعتراض على حجة أن حمدوك لم يرفض علناً تعيينه لوزارة المالية من قِبل النظام السابق، كما أنه طوال أشهر الثورة لم يجهر بموقف داعم لها. لكن المشهد في جانبه المدني لا يقف عند شح الترشيحات، بل يتمدد إلى المواقف الأحادية التي تنبشها بيانات صحافية متوالية صدرت من بعض مكونات «قوى الحرية والتغيير». فالحزب الشيوعي قطع بموقف معارض للاتفاق وأعلن عزمه النأي عن هياكل الحكم خلال الفترة الانتقالية، قائلاً في بيانه إن «اتفاق الخرطوم يكرِّس الثورة المضادة».
أما «الجبهة الثورية»، التي تضم بعض الحركات المسلحة، فأصدرت بياناً رفضت فيه صراحة الاتفاق المبرم بين «قوى الحرية والتغيير» والمجلس العسكري، وقالت في البيان الصادر مباشرةً بعد توقيع الإعلان الدستوري، في الرابع من الشهر الجاري إن «الإعلان الدستوري تجاوز (تجاهل) رؤية السلام العادل». غير أن أكثر المواقف تطرُّفاً هو ما صرح به في حوار صحافي، عبد العزيز الحلو قائد إحدى الحركات المسلحة في جنوب كردفان، بأن الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، يدشن حرباً أهلية جديدة في السودان على أوسع نطاق.
أما في الجانب العسكري، فالأمر يبدو أكثر غموضاً، بعد إعلان المجلس العسكري الانتقالي إحباط محاولة انقلابية دبّرها رئيس هيئة الأركان الفريق أول هاشم عبد المطلب، الذي اعترف في التحقيق المصور والمسرَّب عمداً للإعلام، بأنه على صلة وثيقة بالحركة الإسلامية. وعلى الفور اعتقلت السلطات عدداً من قيادات النظام السابق، منهم على سبيل المثل الفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول للبشير، وأسماء أخرى لفت الانتباه فيها أنها تحاشت تماماً المكوِّن الحركي المحترف داخل الحركة الإسلامية، بينما ركزت قائمة الاعتقال على الأسماء ذات الوقع الرنان على النطاق الجماهيري، كأنما قصد حشد الانتباه والتعاطف الشعبي، بل والتأييد للمجلس العسكري على خلفية الغبن العام في الشارع السوداني ضد الحركة الإسلامية ورموزها. وقبل أن يجف المداد الذي أُعلن به إحباط الانقلاب العسكري أُطلق سراح غالبية الذين طالتهم الاعتقالات «الرنانة».
الرهان على قوة تواثق الشراكة بين العسكريين والمدنيين لإكمال الفترة الانتقالية بنجاح، بات موضع شك كبير لثلاثة أسباب. الأول: أن بعض المكوِّنات الرئيسية لتحالف «قوى الحرية والتغيير» الممثل للحراك الجماهيري، باتت تنحو تدريجياً لتمييز مواقفها بصورة تدعم صورتها الذهنية أمام الجماهير، خصماً على التحالف. ثانياً: أن هشاشة التركيبة التي يتوقع أن تتولى مستويات الحكم الثلاثة، تغري المغامرين بالتخطيط للانقضاض عليها، خصوصاً إذا تراكمت وتطاولت المعضلات المعيشية التي يكابدها الشعب السوداني حالياً. الثالث: ضبابية السياسة الخارجية لدى «قوى الحرية والتغيير» مما قد ينعكس على الحكومة المولودة من رحمها، مع الوضع في الاعتبار أن العزلة الخارجية كانت على صدارة الأسباب التي أطاحت النظام السابق.
ورغم أن الأيام المتبقية حتى تدشين هياكل الحكم الانتقالي حاسمة في تاريخ السودان لارتفاع حالة الترقب والخوف من المفاجآت التي قد تقصم ظهر التحوُّل المدني قبل اكتماله، فإن الخوف أكبر على ما بعد تكوين الهياكل، إذ يظل السؤال مطروحاً: هل تمضي الفترة الانتقالية حتى غايتها بتأسيس حكم ديمقراطي مستقر، أم تكون بداية لفصل جديد من التوتر وربما الاحتراب السياسي؟
البرهان رئيساً لمجلس السيادة وحميدتي نائباً له
مباحثات بين «الجبهة الثورية» المسلحة و{قوى الحرية والتغيير} في القاهرة اليوم
السبت 10 أغسطس 2019
الخرطوم: أحمد يونس - القاهرة: سوسن أبو حسين
أعلن قائد عسكري سوداني بارز تكليف رئيس المجلس الفريق أول «عبد الفتاح البرهان» برئاسة «مجلس السيادة»، وتكليف الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي» نائباً له، وقطع بعدم إضافة اتفاقية «أديس أبابا» بين الجبهة الثورية والحرية والتغيير للإعلان الدستوري، ووصفها بأنها «ضعيفة» لا تحقق كل متطلبات السلام، فيما ينتظر أن تشهد العاصمة المصرية القاهرة مباحثات مهمة بين قادة تحالف الجبهة الثورية المسلح وقادة قوى إعلان الحرية والتغيير لحل القضايا الخلافية بشأن الوثيقة الدستورية وتحقيق السلام.
ونص الإعلان الدستوري الذي وقعه المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، الأسبوع الماضي بالأحرف الأولى، على رئاسة دورية لمجلس السيادة الانتقالي يتولاها العسكريون للفترة الأولى البالغة 21 شهراً، ويتكون المجلس من 5 أعضاء مدنيين و5 عسكريين، إضافة لشخصية أخرى يتم التوافق عليها بين الطرفين.
وقال عضو المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول صلاح عبد الخالق في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، أمس إن رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحالي عبد الفتاح البرهان سيتولى رئاسة المجلس السيادي، وأن يتولى الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي» منصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، وأن يعين الأعضاء الثلاثة الباقين رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان.
وأوضح عبد الخالق أن أسماء أعضاء مجلس السيادة الثلاثة من الجانب العسكري ستعلن عند تشكيل المجلس السيادي في الثامن عشر من أغسطس (آب) الجاري، وفقاً للخريطة الزمنية لتكوين الحكومة الانتقالية.
وحسب «سبوتنك» وصف عبد الخالق «الاتفاقية الدستورية» الموقعة بين المدنيين والعسكريين، بأنه «اتفاق لجميع السودانيين»، وإنها حققت إنجازات استراتيجية «جنبت البلاد ويلات الحرب الأهلية»، وقال: «خرجنا من مستنقع قد مرت عليه معظم الدول التي من حولنا، وذلك بفضل حكمة المجلس العسكري، لأنهم كبار في السن، وبروح وحيوية الشباب، الذين يمثلهم قوى الحرية والتغيير»، وتابع: «لولا هذا التكاتف بين الفئتين كنا لا نعرف كيف نعبر ببلادنا إلى اتفاقية سلمية وأمنه».
وتعهد عبد الخالق بتنفيذ المكون العسكري من مجلس السيادة لكافة بنود الاتفاق خلال الفترة الانتقالية، وأهمها التهيئة لإجراء الانتخابات، وإنجاز عملية السلام خلال فترة الستة أشهر الأولى من الفترة الانتقالية، وإكمال الاتفاقات مع الحركات المسلحة وعودة النازحين، ودمج المحاربين في الحركات المسلحة، للانطلاق بالسودان ليكون «عضوا فاعلا في المجتمع الدولي».
وقطع عبد الخالق بعدم عملية إضافة كل ملاحظات «الجبهة الثورية» للوثيقة الدستورية، وقال: «لا يمكن تضمين وثيقة أديس أبابا بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير، لأن الوثيقة الدستورية صغيرة وفترتها قليلة وليس بالإمكان شمل جميع قضايا السلام في الوثيقة الدستورية»، وتابع: «الوثيقة الدستورية عبارة عن اتفاق سياسي لأجل تشكيل حكومة لفترة انتقالية، لكن موضوع تحقيق السلام هي مسألة شائكة تحتاج لتفاصيل وفترة طويلة أكثر».
ووصف عبد الخالق الاتفاقية الموقعة بين قوى إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية بأنها «ضعيفة» ولم تخاطب جذور المشكلة، بيد أنه عاد للقول: «جميعنا متفقون على أهمية تحقيق السلام، لكن نحتاج لوقت للحديث حول تفاصيل أكثر مما ورد في وثيقة أديس أبابا»، متوقعا أن تحقق السلام الكامل خلال الستة أشهر الأولى من الفترة الانتقالية، بقوله: «زوال النظام السابق سيحل 90 في المائة من مشكلات السودان».
من جهة أخرى، ينتظر أن تشهد العاصمة المصرية القاهرة مباحثات مهمة بين ممثلين عن الجبهة الثورية السودانيين، تحالف قوى إعلان الحرية للتفاوض حول قضايا خلافية بين الطرفين تتعلق بتحقيق السلام ووقف الحرب مع الحركات المسلحة.
وكان من المتوقع مغادرة وفد قوى إعلان الحرية والتغيير السودان أمس، إلاّ أن معوقات تنظيمية ولوجيستية تتعلق بحجوزات الطيران، أدت لتأخير سفر من وفد الحرية والتغيير إلى القاهرة من يوم أمس إلى اليوم.
وقال القيادي في تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير عمر الدقير لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن من المتوقع أن يشارك في الوفد المسافر إلى القاهرة بالإضافة إلى شخصه، كل من علي الريح السنهوري، ومدني عباس مدني، وإبراهيم الأمين، من قيادات الحرية والتغيير.
ووصل وفد الجبهة الثورية المكون من كل من منى أركو مناوى، وجبريل إبراهيم، ومالك عقار، وياسر عرمان، والهادي إدريس، لمصر بانتظار وصول وفد الخرطوم، للتباحث حول تطور العملية السياسية في السودان والعمل وحل القضايا الخلافية.
وتعترض الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية» على الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري الانتقالي وترى أنها لا تتضمن «وثيقة السلام» التي تم الاتفاق عليها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
ويرى الدقير أهمية الوصول لتفاهمات مع الجبهة الثورية قبل الوصول لاتفاق، بينما ترى بعض مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، إن الوثيقة الدستورية تضمنت المبادئ الأساسية لتحقيق السلام في البلاد، وخصصت الستة أشهر الأولى من الفترة الانتقالية للسلام.
وتطالب الجبهة الثورية بتضمين بتأجيل تكوين الحكومة الانتقالية لحين الوصول لاتفاق مع الجبهة الثورية، وإشراكها في هياكل قوى إعلان الحرية والتغيير، قبل التوقيع النهائي على «الإعلان الدستوري» في يوم 17 أغسطس (آب) الجاري.
وفي الوقت الذي تهدد فيه الجبهة الثورية بتأليب الشارع ومؤيديها ضد الحكومة الانتقالية حال عدم الاستجابة لمطالبها، تتناول تقارير صحافية مطالبات من قبلها بـ«حصة في الحكومة الانتقالية»، وهو ما يرفضه الشارع السياسي الذي يتمسك بحكومة كفاءات مستقلة غير حزبية، وما نصت عليه وثيقة «الإعلان الدستوري».
وحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية، فإن اجتماع القاهرة يأتي في إطار «الوقوف على تطورات العملية السياسية في السودان، والعمل على حلحلة القضايا الخلافية». وذكرت مصادر مطلعة أن «الاجتماعات تأتي في إطار مبادرة مصرية لتجاوز خلافات الحرية والتغيير والجبهة الثورية».
وأضافت المصادر المطلعة أن «هذه الخطوة تأتي في إطار المتابعة الشخصية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، لكل التطورات الراهنة على الساحة السودانية، والتأكيد على مساندة مصر لإرادة وخيارات الشعب السوداني الشقيق، في صياغة مستقبل بلاده، والحفاظ على مؤسسات الدولة، والاستعداد لتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في السودان لتجاوز هذه المرحلة بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوداني، بعيداً عن التدخلات الخارجية.
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك
اطبع الكود:
لا تستطيع ان تقرأه؟
جرب واحدا آخر
أخبار ذات صلة
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يبحث «الانتقال الديمقراطي» في الخرطوم
ملاحظات سودانية على مسودة الحلو في مفاوضات جوبا
«الجنائية الدولية» تتعهد مواصلة مطالبة السودان بتسليم البشير
تعيين مناوي حاكماً لدارفور قبل اعتماد نظام الحكم الإقليمي
مقتل سيدة وإصابة 8 أشخاص في فض اعتصام جنوب دارفور
مقالات ذات صلة
وزير داخلية السودان يتوعد «المخربين» بـ«عقوبات رادعة»
تلخيص السودان في لاءات ثلاث! - حازم صاغية
"ربيع السودان".. قراءة سياسية مقارنة - عادل يازجي
"سَودَنة" السودان - محمد سيد رصاص
تعقيدات الأزمة السودانية - محمد سيد رصاص
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة