الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
بيانات
التاريخ:
أيار ١٦, ٢٠١٩
المصدر :
جريدة الشرق الأوسط
جدل قانوني حول تصوير متهمين بـ«التآمر على الجيش» الجزائري
تنديد بـ«تشويه السمعة» و«اعتماد مقاييس مزدوجة» مع الشهود
الجزائر: بوعلام غمراسة
يثير تصوير شخصيات جزائرية عامة، يشتبه بتورطهم في قضايا فساد و«التآمر على الجيش»، جدلا قانونيا وسياسيا كبيرا في البلاد، بعد أن بث التلفزيون الحكومي صورا لهم بأوامر من الجيش، دون علمهم. لكن استثني من التصوير وزير دفاع سابق لأنه تحالف مع القيادة العسكرية الحالية لاعتقال وسجن ما أضحى يسمى «رؤوس النظام البوتفليقي».
فقد دخل وزير الدفاع سابقا اللواء خالد نزار، المحكمة العسكرية بالبليدة (جنوب العاصمة)، أول من أمس كشاهد، وخرج منها من دون أن يتعرض لأي تهمة تقوده إلى السجن، بعكس لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال» اليساري، التي غادرتها نحو السجن الخميس الماضي، بعدما دخلتها في نفس اليوم كشاهدة. والفرق بينهما أيضا أن كاميرات وزارة الدفاع، صورت حنون وهي تمشي لتدخل المحكمة، حيث مكتب قاضي التحقيق العسكري، على خلاف نزار. وبعد ذلك تم بث الصور على نطاق واسع في نحو 10 فضائيات خاصة، وكنتيجة لذلك احتج قياديون في «حزب العمال» على التقاط صور لأمينته العامة دون إذن منها، وعابوا على الجهات العسكرية، التي تتابعها قضائيا، بـ«تجاوزات أخلاقية وسياسية بحقها»،
ولاحظ مسؤول من حزب العمال «اعتماد مقاييس مزدوجة» في تعامل القضاء العسكري مع حنون وخالد نزار، الذي حضر إلى المحكمة كشاهد إثبات في قضية اتهام السعيد بوتفليقة، ومديري المخابرات سابقا، الجنرالين بشير طرطاق ومحمد مدين، بـ«التآمر على الدولة وسلطة الجيش». وتواجه حنون نفس التهمة، وترتبط بنفس القضية، حيث تقول المؤسسة العسكرية إن الأربعة عقدوا لقاءات نهاية مارس (آذار) الماضي، بغرض تنحية قائدها الفريق أحمد قايد صالح.
وجرى تصوير السعيد وطرطاق ومدين بنفس الطريقة، وهم يلتحقون في وقت واحد بالمحكمة العسكرية في الخامس من مايو (أيار) الجاري. وكانوا لحظة دخولهم إليها محل شبهة، لكن غادروها إلى السجن وهم يحملون تهمة «التآمر» الثقيلة.
ويقول محامون إن القانون لا يسمح بتصوير المتهمين دون علمهم، فيما يقول مراقبون إن وزارة الدفاع تصرفت بهذه الطريقة في محاولة لإزالة شكوك عبر عنها ملايين المتظاهرين ضد النظام، ومفادها أن الملاحقات والمتابعات بحق رموز نظام بوتفليقة «محض خيال». وبذلك، سعت الجهات العسكرية إلى إثبات أن محاسبة هؤلاء «قضية جادة».
واستعمل نفس الأسلوب في القضاء المدني، عندما أودعت محكمة الجزائر العاصمة رجل الأعمال الكبير يسعد ربراب السجن في 21 من أبريل الماضي، إذ تم تصويره من طرف فضائيات خاصة، وهو يدخل المحكمة بغرض استجوابه. وقد أفسحت السلطات المجال للمصورين عمدا لأخذ هذه الصور، في سياق حالة هيستريا عامة في البلاد، تصر على «إنزال أشد العقوبات بالعصابة»، مع أن ربراب كان معارضا لنظام بوتفليقة، وهو متابع بتهمة «تضخيم فواتير» يخص عتادا صناعيا استورده من الخارج، ولذلك احتج محاموه على سجنه «من أجل نزاع تجاري بين إحدى شركاته والجمارك الجزائرية».
الجزائر: القضاء يستدعي وزير دفاع سابقاً كشاهد ضد شقيق بوتفليقة
آلاف الطلاب يتظاهرون في العاصمة للمطالبة برحيل «اللصوص» المرتبطين بنظام الرئيس المستقيل
الأربعاء 15 مايو 2019
استدعى القضاء العسكري الجزائري وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار، الذي وضع بين يدي المحكمة العسكرية أمس معلومات كتبها في تصريح صحافي نهاية الشهر الماضي، جاء فيها أن السعيد بوتفليقة طلب رأيه في تنحية قائد أركان الجيش، وذلك خلال لقاء تم بينهما في 30 من مارس (آذار) الماضي، وحينها كانت البلاد على كف عفريت.
ونقل نزار عن شقيق الرئيس السابق أنه متخوف من «انقلاب قايد صالح على الرئاسة». وأكد أنه اقترح على السعيد أن يتنحى شقيقه عن الرئاسة، وهو ما تم فعلا في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد أن أمرته القيادة العليا للجيش بالاستقالة. فيما يرجح مراقبون أن استدعاء نزار للمحكمة العسكرية تم لتثبيت التهمة ضد السعيد.
وبعد هذا الاستدعاء الذي طال وزير الدفاع السابق، بات واضحا في الأزمة، التي تمر بها الجزائر حاليا، أن المؤسسة العسكرية تشن حربا كبيرة ضد أي شخص له علاقة بالسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس المستقيل ومدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين. ذلك أن غالبية رجال الأعمال ورموز الدولة والشخصيات السياسية، الذين يوجدون في السجن، تابعتهم المحاكم المدنية والعسكرية بتهم مرتبطة باستغلال النفوذ الذي كان يمارسه الرجلان في الدولة خلال 20 سنة من الحكم.
وقالت مصادر على صلة بحملة الملاحقة القضائية المكثفة الجارية حاليا لـ«الشرق الأوسط»: تلقى القضاء العسكري والمدني توجيهات من قيادة الجيش باستدعاء واستجواب أي شخص يرد اسمه في التحقيقات الجارية مع سعيد بوتفليقة والجنرال مدين (توفيق)، المسجونين منذ 10 أيام، بتهمتي «التآمر على الدولة»، و«التآمر على سلطة الجيش».
وأول من «دفع الثمن» رجال الأعمال الأربعة الإخوة كونيناف، الذين اتهمتهم محكمة مدنية بالفساد، والتربح غير المشروع. علما بأن عائلة كونيناف معروفة بقربها الشديد من عائلة بوتفليقة، وخاصة بالسعيد الذي حصلوا بفضله على قروض خيالية من مصارف حكومية، دون ضمان، سمحت لهم بإطلاق مشروعات كبيرة في الأشغال العمومية.
وبعد ذلك سجنت نفس المحكمة رجل الأعمال الثري يسعد ربراب، مالك أكبر مجموعة للصناعات الغذائية، وأحد أكبر الأثرياء في شمال أفريقيا، وهو يواجه تهمة مرتبطة بتضخيم فواتير خاصة بعتاد مستورد، تفوق قيمته 200 مليون دولار. وتحوم حوله شبهات فساد تعود للمرحلة الأولى لرئاسة «توفيق»، لجهاز الاستخبارات العسكرية. ويشاع بأنه هو أيضا حصل على قروض مصرفية حكومية كبيرة بفضل نفوذ وتدخلات الجنرال توفيق لدى البنوك.
ومن رموز الدولة الذين يوجدون في السجن أيضا حميد ملزي، وهو مدير شركة سياحية حكومية مكلفة تسيير إقامات كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، تابعة للدولة. ومعروف عنه أنه من «أتباع» محمد مدين، وعلاقته قوية بالسعيد بوتفليقة. وقد كان، حسب قيادة الجيش، على دراية بما سمي «اجتماعات مشبوهة» جرت نهاية مارس الماضي، نظمها «توفيق» والسعيد بغرض تنحية رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح. كما سجن القضاء العسكري أيضا الجنرال بشير طرطاق، مدير «المصالح الأمنية» والمستشار الأمني بالرئاسة سابقا، وهو الآخر يواجه نفس التهمتين اللتين تلاحقان «توفيق» والسعيد. كما تلاحق نفس التهمة ونفس الوقائع لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال»، المسجونة منذ الخميس الماضي بتهمة المشاركة في «الاجتماعات المشبوهة»، وقد وجه لها القضاء العسكري تهمة «التآمر بغرض المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية»، و«التآمر لتغيير النظام»، التي تصل عقوبتها للإعدام.
وفي سياق الحراك الذي تشهده المدن الجزائرية كل يوم ثلاثاء، تظاهر أمس الكثير من الطلاب في الجزائر العاصمة ومدن جامعية أخرى للمطالبة برحيل «اللصوص» و«الخونة» المرتبطين بنظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وردّد الطلاب المتظاهرون شعار (أكلتم البلاد أيها اللصوص)، خلال توجههم نحو المجلس في مسيرتهم الثانية منذ بداية رمضان، وشعار «الخونة» ضد جبهة التحرير الوطني، الموجود بالسلطة منذ الاستقلال.
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك
اطبع الكود:
لا تستطيع ان تقرأه؟
جرب واحدا آخر
أخبار ذات صلة
انطلاق «تشريعيات» الجزائر اليوم وسط أجواء من التوتر والاعتقالات
بعد عامين من اندلاعه... ماذا تبقى من الحراك الجزائري؟
لوموند: في الجزائر.. انتخاباتٌ على خلفية القمع المكثف
انتخابات الجزائر... الإسلاميون في مواجهة {المستقلين}
انطلاق حملة انتخابات البرلمان الجزائري وسط فتور شعبي
مقالات ذات صلة
فَراغ مُجتمعي خَانق في الجزائر... هل تبادر النُخَب؟
الجزائر... السير على الرمال المتحركة
"الاستفتاء على الدستور"... هل ينقذ الجزائر من التفكّك؟
الجزائر وفرنسا وتركيا: آلام الماضي وأطماع المستقبل - حازم صاغية
الجزائر بين المطرقة والسندان - روبرت فورد
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة